الأنفاق.. حكايات وأسرار تاريخية
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
الأنفاق.. كلمة سر كبيرة فى المعركة بين اليهود والغزيين، ورقم فاصل فى حسم مصرى المعركة، بل إنها مدرسة جديدة فى تكتيكات الحرب أفقدت إسرائيل صاحبة العتاد والعدة وترسانة الأسلحة العسكرية، التوازن وأطالت أمد المعركة التى باتت على مشارف شهرها الخامس، وكبدت الاحتلال خسائر كبيرة؛ كون جيشه النظامي غير معتاد على الحروب داخل الأنفاق.
أنفاق غزة وليدة العصر الحديث أوجدتها الحاجة والصراعات، ولكن المؤرخين يؤكدون أن هناك العديد من الأنفاق عبر الأزمنة الفائتة، وعلى الرغم من اختلافهم على أقدمها إلا أننا نعرض بعضها خلال السطور التالية، لكن اللافت أن فلسطين مدينة الأنفاق احتلت رقما مميزا فى الصدارة التاريخية ويبدو أن المدينة الباسلة سيبقى اسمها مقرونا بالأنفاق على مر التاريخ حتى وإن اختلفت الأسباب.
«بلعما» يعد أقدم نفق فى العالم وفقا لبعض المؤرخين، ويزين المدخل الرئيسى لمدينة جنين شمال الضفة الغربية، وظل الموقع لسنوات طويلة مكبا للنفايات إلى أن أعيد ترميمه ووضعه على الخريطة السياحية فى فلسطين، ويعد نفق بلعما المائى من أقدم القنوات المائية على مستوى العالم، وتعود حقبته التاريخية لعام 1300 قبل الميلاد، ويبلغ طوله 115 مترا.
فى الصين القديمة استخدمت الهندسة المدنية لبناء الجسور والأنفاق، كما استخدموا تقنية «القطع والتغطية» لبناء الأنفاق، ويتضمن ذلك حفر نفق عبر الصخور الطبيعية أو التربة، ثم بناء هيكل دعم مؤقت لدعم الصرف أثناء حفر النفق، وبمجرد اكتماله تتم إزالة هيكل الدعم وإغلاق النفق، كما استخدم الصينيون القدماء مواد البناء، بما فى ذلك الأخشاب والطوب والحجر، لإنشاء هياكل قوية ومتينة تتحمل لأكبر فترة ممكنة.
وقد لعبت الأنفاق دورا حاسما فى تاريخ البشرية، فكان لها أكثر من استخدام، حيث كانت بمثابة قنوات للنقل والاتصالات والتجارة، كما استخدمت لأغراض عسكرية وطرق هروب سرية أو أماكن للاختفاء.
استخدمت بعض الأنفاق للتنقل مثل سراديب الموتى الشهيرة فى باريس، والتى كانت فى الأصل عبارة عن محاجر ثم تحولت إلى موقع لدفن ملايين الأشخاص، وهناك أنفاق استخدمت للاتصالات فى فيتنام، حيث استخدمها الفيتكونغ أثناء حرب فيتنام للتواصل والاختباء من الأعداء، كما استخدمت بعض الأنفاق لأغراض دينية مثل المعابد الموجودة تحت الأرض فى كابادوكيا بتركيا، والتى تم نحتها فى الصخور البركانية منذ آلاف السنين.
وقد لعبت الأنفاق دورا كبيرا فى تطور الحضارات القديمة، خاصة فى الوصول إلى مصادر المياه والعمل كممرات سرية، كما استخدمت لأغراض دفاعية وقت الحرب وممرات سرية لنقل القوات والإمدادات، فمثلا تحتوى مدينة دير ينكوبو القديمة فى تركيا على شبكة معقدة من الأنفاق كانت تستخدم كملجأ أثناء الحرب.
وفى العصور الوسطى استخدمت الأنفاق لأغراض الهروب والتهريب وممرات سرية للنبلاء، وأنشئت لتكون طرقا بديلة للتنقل بعيدا عن أعين العدو، كما استخدمت الأنفاق لإخفاء الكنوز والأشياء الثمينة وقت الحرب.
عموما تم اكتشاف العديد من الأنفاق المحفورة فى حقب تاريخية مختلفة، ومؤخرا منذ سنوات اكتشف أقدم نفق للسكك الحديدية فى العالم بإنجلترا، كما شهدت الحضارات القديمة كالبابلية والرومانية إنشاء أنفاق يدوية الصنع منذ آلاف السنين، وكان أول تطور جذرى فى التقنيات المستخدمة قد سجل فى فرنسا، حيث استخدم البارود لعمل نفق مائى عام 1681.
وفى العصر الحديث تطور حفر الأنفاق بصورة مذهلة، عبر استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة لشق شبكات أنفاق متكاملة ومترامية الأطراف تحت المدن للمترو وغيرها.
باختصار.. فكرة الأنفاق قديمة تمتد إلى جذور البشرية وعبر الحضارات والعصور المختلفة من حقبة تاريخية إلى أخرى حتى يومنا هذا، وفى كل الأزمنة يوجد قاسم مشترك وهو استخدامها فى العمليات العسكرية والهروب والمناورة، والهجوم على العدو ومباغتته وهو ما يحدث فى غزة الآن، حيث لعبت الأنفاق دورا مؤثرا فى مسار المعارك، فصاحبها غالبا يكون أكثر ثباتا وقوة فوق الأرض وتحتها ويستطيع أن يحارب فى مسار مزدوج ويوقع خسائر كبيرة فى جيش العدو.
وسوف تثبت الأيام القادمة أن أنفاق غزة الورقة الرابحة فى حربها المشتعلة مع الاحتلال منذ أكثر من 110 أيام، عقب اندلاعها فى السابع من أكتوبر الماضى.
تبقى كلمة.. الأنفاق عالم خفى وحياة مختلفة لا يشعر سكانها بشعاع الشمس ولا ضوء القمر، لكن الحياة داخل الأنفاق التى تصل أحيانا إلى ضيق القبور، تجعل من هؤلاء رجالا أولى بأس وعزيمة أشداء لا يرهبهم الموت ولا يعجزهم جحافل العدو، فأقصى ما يستطيعون فعله هو إرسالهم إلى المقابر التى اعتادوا الحياة فيها، ويعتبرونها ثمنا زهيدا فى مشوار الحفاظ على الوطن.
يذكر أن إجمالى طول الأنفاق داخل غزة وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية حوالى 400 كيلو متر، إلا أن كبار المسئولين العسكريين الإسرائيليين يعتقدون أن طولها الفعلى يتراوح بين 560 و720 كيلومترا، منها 160 كيلو مترا فى خان يونس أنشئت بكلفة قدرت بملايين الدولارات.. نأمل من الله أن تتحول هذه الأنفاق إلى مقابر جماعية لجيش الاحتلال وداعميه الذين دنسوا بقعة مباركة من أطهر بقاع الأرض بأقدامهم النجسة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الانفاق باختصار كلمة سر مدرسة جديدة کما استخدمت
إقرأ أيضاً:
دفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات مترو الأنفاق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صرحت نيابة النزهة بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات مترو الأنفاق بالخط الثالث بمحطة مترو نادي الشمس وأمرت بتفريغ كاميرات المراقبة لكشف ملابسات الواقعة.
وتلقت الأجهزة الأمنية إخطارًا من قيادات أمن محطة مترو نادي الشمس أفاد بسقوط شخص أمام قطار مترو الأنفاق بالخط الثالث.
وعلى الفور انتقلت أجهزة أمن القاهرة إلى موقع الحادث مصحوبة بسيارة إسعاف، وتم رفع جثمان الشاب من شريط السكة الحديد وجرى تسيير الحركة من جديد على الخط الثالث لمترو الأنفاق، وتم تشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الواقعة.