رسالة مفتوحة إلى الحكام والأثرياء العرب
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
بداية أنا مواطن مصرى عربى لا يملك من حطام الدنيا الفانية إلا العقل والقلم وقد عاش حياته أسيراً لحلم أن يرى أمته العربية مستقلة القرار كاملة السيادة على أرضها ينعم مواطنوها بالأمن والسلام ككل شعوب الأرض، لكن مضى العمر وما زالت تتكالب على هذه الأمة كل أشكال الاستعمار والهيمنة لتفقدها الثقة فى النفس وليشعر أهلها دوماً بالعجز وعدم القدرة وليظلوا متفرقين مشتتين متحاربين عاجزين عن التوحد والتنعم بثرواتهم واستغلال إمكاناتهم الهائلة مادية كانت أو معنوية لصنع الرخاء والتقدم لأنفسهم!!
وما يحزننى حقاً أن كُتابنا ومفكرينا قاموا على مر السنين الماضية وإلى الآن بدورهم فى التنوير والتحذير من كل ألاعيب الأعداء وكشف مخططاتهم وقدموا الحلول تلو الحلول والمشاريع تلو المشاريع لوحدة ونهضة أمتنا العربية بل والإسلامية وبيان كيفية التغلب على هذا الهوان والتشتت الذى نعانيه والتبعية التى استسلمنا لها! ولا أحد يقرأ أو يستجيب لما يقال أو حتى يناقشه بجدية ورغبة فى الاستفادة والتنفيذ!! وللأسف فهذا لا يزال هو حالنا! أصحاب الفكر وصُناع الرأى والكلمة فى واد وأصحاب القرار والتنفيذيون فى واد آخر!!
وكم يحزننى ويحزن كل عربى شريف بل وكل إنسان حر الآن أننا وصلنا إلى حد أننا نرى أهلنا فى فلسطين يبادون وتنتهك حرماتهم وحرماتنا الدينية فى القدس والمسجد الأقصى ونقف متفرجين عاجزين عن التدخل، عاجزين حتى عن مساندة الدولة الوحيدة التى تركناها فى مواجهة كل التحديات وكل مؤامرات هؤلاء الأعداء وهى تعانى أزمة اقتصادية طاحنة بفعل عوامل كثيرة منها الداخلى التى تتحمل مسئوليته بلا شك الحكومة وسياساتها الخاطئة، وأكثرها خارجى بفعل الأزمات الدولية المتتالية من أزمة كورونا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، إلى الحرب الإسرائيلية على غزة.
إن الدولة التى تتحمل كل هذه الأزمات والتحديات هى مصر التى سميناه جميعاً وعرفناها جميعاً بأنها قلب العروبة النابض، إنها الدولة التى حمت العروبة والإسلام على مدار التاريخ الطويل وتكسرت على أبوابها وبفضل جيوشها وقادتها - أياً كنت جنسيتهم الأصلية وفى كل المراحل التاريخية السابقة - كل طموحات وأطماع المستعمرين والغزاة!
لكم يحزننى ويحز فى نفس كل عربى واع حر أن يرى مصر تواجه كل هذه المؤامرات من كل النواحى الاقتصادية والأمنية والسياسية وخاصة من إسرائيل وحليفاتها الغربيات وعلى رأسهم الطاغوت الأمريكى، وكذلك من المؤسسات الاقتصادية الرأسمالية الغربية – التى لم توجد إلا لحصار وتجويع وتركيع الدول التى وصموها بالتخلف لمجرد أنها الدول الأفقر - على الرغم من أنهم هم من أفقروها بالاستيلاء على ثرواتها المادية أثناء فترة الاستعمار البغيضة بل ولا يزالون يفعلون ذلك بربطها بعجلة اقتصادهم الأعرج الذى لولا هذا الربط الالزامى لسقط معنا فى دوامة الجوع والتخلف!!
والسؤال الآن هو: هل سيظل الحكام والأثرياء العرب يقفون متفرجين والاقتصاد المصرى والعملة المصرية تتهاوى فى ظل ما تواجهه مصر من تحديات على حدودها الأربعة وما تتحمله من أعباء ومسئوليات تجاه أكثر من عشرة ملايين عربى أصبحوا يعيشون على أرضها وهى تعاملهم كمواطنين كاملى الحقوق ودون أن تصفهم باللاجئين؟! إلى متى تتحمل مصر مسئولية حماية أمنها وأراضيها ومسئولية الحفاظ على الأمن القومى العربى ككل، دون أن يتشارك كل العرب بصدق وجدية فى حمل الأمانة؟! إلى متى ذلك وهم يشاهدون تعمد الكيان الإسرائيلى بقياداته الكارهة لكل ما هو مصرى وعربى إيذاء مصر وتأليب الغرب ومؤسساته الاقتصادية عليها؟! إلى متى تظل الأموال العربية تذهب للدول الغربية للاستثمار فى بنوكها وشركاتها بل وشراء عقاراتها ونواديها ولاعبيها؟!
ومع مَن تتعامل وتنافس الدول العربية بثرواتها واستثماراتها هناك، هل يتصورون أن أصحاب تلك البلاد ملائكة بأجنحة سيحافظون على تلك الأموال لأصحابها دون أن يفكروا يوماً فى الاستيلاء عليها ومصادرتها اذا قرروا ذلك؟! إلى متى يتصور المستثمرون والحكام والأثرياء العرب أن مصلحتهم مع أمريكا والغرب متناسين التاريخ الأسود للغرب وحروبه وصراعه الذى لا يتوقف مع مصر والعرب؟! إلى متى سيظل العرب مخدوعين بالحديث الغربى المعسول عن السلام والحوار والتسامح، بينما هم فى واقع الحال يزيدون كل يوم من عوامل قوتهم الفتاكة والتهديد المستمر لكل دولة أخرى تريد أن تنمى ذاتها وتخرج عن عباءة الهيمنة والسيطرة الغربية المقيتة وتستقل بمواردها وتسعى لرخاء شعبها وإسعاد مواطنيها؟!
كم مرة قلنا ونقول إن أمن العرب لن يدافع عنه فى النهاية إلا العرب ولن يحميه إلا أصحابه! وينبغى ألا ننسى أو نتناسى أن كل ما نعانيه من مصائب وأزمات وحروب هو صنيعة الغرب الأوروبى وأمريكا فى الأصل!! فكيف تتصورون أن من سرقنا وصنع كل أزماتنا يمكن أن يكون هو حليفنا أو حامينا؟؟
أفيقوا يا عرب!! فنحن أمام تحدى وجود ولن ننجو منه إلا باتحادنا ووقوفنا مع مصر ومعا، وليس بالكلام والمؤتمرات إنما بالأفعال والمساندة الحقيقية!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نحو المستقبل مواطن مصرى أمته العربية النفس إلى متى
إقرأ أيضاً:
سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!
من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.