رفض معاملة الفلسطينيين كبشر!
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
إن النخب السياسية والإعلامية فى الغرب متواطئة فى كابوس غزة. لقد فقدت أى بقايا من السلطة الأخلاقية إلى الأبد. لقد قدم جو بايدن بياناً بمناسبة مرور مائة يوم منذ بدء الرعب الحالى، أظهر فيه تعاطفه مع محنة الرهائن وأسرهم المصابة بالصدمة. وللأسف لم يكن هناك أى ذكر للفلسطينيين.
والحقيقة أن هذه الظاهرة ليست جديدة، وهذه التداعيات أصبحت محسوسة الآن بعنف، ولو لم تتجاهل الدول القوية فى العالم بهذه الوقاحة ثلاثة أرباع المليون فلسطينى الذين طردوا من ديارهم قبل 76 عاماً، مصحوبين بما يقدر بنحو 15 ألف شخص يعانون الموت العنيف، لما تم زرع بذور الحصاد المرير اليوم.
ولو كان هناك بعض القيمة المرتبطة بالحياة الفلسطينية، لربما لم تكن لتحدث عقود من الاحتلال والحصار والاستعمار غير القانونى والفصل العنصرى والقمع العنيف والمذابح الجماعية. يصبح قمع الآخرين أمرًا صعبًا عندما يتم قبول إنسانيتهم. وحتى البعض الذين استسلموا للامبالاة الغربية تجاه حياة الفلسطينيين ربما توقعوا أنه بعد هذه المذبحة القاتلة، سوف ينهار السد فى نهاية المطاف. من المؤكد أن 10000 طفل يعانون من الموت العنيف، أو 10 أطفال يتم بتر إحدى ساقيهم أو كلتيهما كل يوم، غالبًا بدون تخدير، من شأنه أن يثير مشاعر قوية. ومن المؤكد أن 5500 امرأة حامل تلد كل شهر والعديد منهن يخضعن لعمليات قيصرية دون تخدير، أو وفاة الأطفال حديثى الولادة بسبب انخفاض حرارة الجسم والإسهال، من شأنها أن تثير اشمئزازاً لا يمكن إيقافه. من المؤكد أن التوقعات بأن ربع سكان غزة قد يموتون، فى غضون عام واحد، بسبب تدمير إسرائيل لنظام الرعاية الصحية وحده، من شأنها أن تؤدى إلى مطالب طاغية بشىء، أى شىء، لإنهاء هذه الفحش. من المؤكد أن القصص التى لا نهاية لها عن عمال الإغاثة والصحفيين والمسعفين الذين يتم ذبحهم مع العديد من أقاربهم، أو حتى عائلاتهم بأكملها، بسبب صاروخ إسرائيلى من المفروض أن تؤدى فى النهاية إلى إثارة ثورة ساحقة فى المجتمع الغربى.
إن التقليل من قيمة الحياة الفلسطينية ليس افتراضاً، بل هو حقيقة إحصائية. ووفقاً لدراسة جديدة للتغطية فى الصحف الأمريكية الكبرى، فإن مقابل كل وفاة إسرائيلية يتم ذكر ثمانى مرات أو 16 مرة أكثر من وفاة الفلسطينيين. ووجد تحليلاً لتغطية بى بى سى أجراه متخصصا البيانات دانا نجار وجان لييتافا تفاوتاً مدمراً مماثلاً، وأن المصطلحات الإنسانية مثل «الأم» أو «الزوج» كانت تستخدم فى كثير من الأحيان لوصف الفلسطينيين، فى حين أن المصطلحات مثل «مذبحة» لا تستخدم إلا على القتلة الإسرائيليين.
لقد قام الغرب بتسليح إسرائيل ودعمها فى حين فرض الموت الجماعى على غزة من خلال القنابل والرصاص والجوع والعطش وتدمير المرافق الطبية، لن يستمع أحد غير السذج إلى مثل هذه الادعاءات مرة أخرى.
لقد رأينا كيف أن رفض معاملة الفلسطينيين كبشر جعل الكابوس الذى نعيشه اليوم أمرًا لا مفر منه. يمكننا أن نرى كيف يتم تمزيق الادعاءات الأخلاقية المستخدمة لتبرير الهيمنة الغربية على العالم بشكل دائم، ويتزامن ذلك جنبًا إلى جنب مع آلاف الجثث الفلسطينية مجهولة الهوية المدفونة تحت الأنقاض.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى محمود النخب السياسية والإعلامية الغرب متواطئة السلطة الأخلاقية من المؤکد أن
إقرأ أيضاً:
تجمع الأطباء الفلسطينيين بأوروبا يدعم طلبة الطب في غزة
تمكّن تجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا "بال ميد" (PalMed) من جمع أكثر من 150 ألف دولار لدعم ورعاية طلبة الطب في غزة، ضمن مبادرة أكاديمية "جيم" ([GEM] Gaza Education Medical). جاء ذلك خلال يوم أكاديمي متكامل عُقد في الكلية الملكية للطب في لندن، يوم السبت الماضي، بمشاركة نخبة من الأطباء والخبراء الدوليين.
إحياء التعليم الطبي في غزةناقش المؤتمر، الذي حمل عنوان "إحياء التعليم الطبي في غزة.. التحديات والحلول"، العقبات الكبيرة التي تواجه التعليم الطبي في القطاع نتيجة الحصار المستمر والدمار الممنهج للمرافق الصحية والتعليمية. وتخلل المؤتمر جلسات نقاشية وعروض أكاديمية تناولت أهمية الابتكار والشبكات الدولية لدعم هذا القطاع الحيوي.
وقال حسام الدين عدوان، الجراح الاستشاري في مستشفى وريل الجامعي بالمملكة المتحدة ورئيس لجنة مؤتمر أكاديمية "جيم": من خلال مشاركتكم اليوم، أنتم تغذّون شعلة الأمل، ليس فقط للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، بل لكل سكان غزة.
تجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا يجمع أكثر من 150 ألف دولار لدعم ورعاية طلبة الطب في قطاع غزة (الجزيرة) استثمار في مستقبل غزةسلط البروفيسور محمود اللوباني، استشاري جراحة القلب والصدر ورئيس أكاديمية "بال ميد" (PalMed Academy)، الضوء على أهمية هذه المبادرة قائلا "الأموال التي جمعناها اليوم ستُخصص لدعم طلاب الطب في غزة ضمن برنامج "جيم" (GEM). هذا البرنامج يُعد استثمارا في مستقبل غزة بأكملها، حيث يهدف إلى الحفاظ على استمرارية التعليم الطبي وتأهيل كوادر طبية تخدم المجتمع في ظل هذه الظروف الصعبة".
وأضاف اللوباني أن المبادرة، التي أُطلقت في يونيو/حزيران 2024، تمكنت من تسجيل أكثر من 2100 طالب وطالبة بمساهمة ما يزيد على ألف متطوع دولي يقدمون المحاضرات والدعم عبر منصة تعليمية متكاملة.
ركزت جلسات المؤتمر على الوضع الحالي لكليات الطب في غزة (الجزيرة) تحديات التعليم الطبي في غزةركزت جلسات المؤتمر على الوضع الحالي لكليات الطب في غزة، حيث تواجه جامعتا الأزهر والإسلامية تحديات كبيرة، أبرزها تدمير البنية التحتية ونقص الموارد الأساسية اللازمة للتعليم والتدريب الطبي. وبلغ عدد الطلاب المسجلين في كليات الطب قبل الحرب الأخيرة نحو 2500 طالب وطالبة.
وفي هذا السياق، قال عميد كلية الطب في الجامعة الإسلامية بغزة أنور الشيخ خليل "الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للتعليم الطبي لا يهدد فقط مستقبل الطلبة، بل مستقبل النظام الصحي بأكمله في غزة".
رسالة تضامن عالميةشهد المؤتمر حضور عدد من الشخصيات الدولية البارزة، مثل البروفيسور مادس جيلبرت الطبيب النرويجي المعروف بدعمه الإنساني لقطاع غزة، وسفير فلسطين لدى المملكة المتحدة حسام زملط الذي أكد أهمية التعليم بوصفه وسيلة للصمود الفلسطيني. كما أشاد رئيس المجلس الاستشاري لتجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا رياض مشارقة بصمود طلبة الطب في غزة وإصرارهم على مواصلة تعليمهم رغم التحديات.
وشارك طلبة من قطاع غزة عن بُعد عبر تقنية الفيديو، حيث تحدثت الطالبة لينا أبو هين عن الصعوبات اليومية التي يواجهها الطلبة بما في ذلك المخاطر التي تعترض طريقهم للوصول إلى المستشفيات لممارسة التدريب السريري. كما أكد الطالب طارق عبد الجواد، رئيس لجنة مشاركة الطلاب في برنامج "جيم"، أن الدعم الدولي يمثل مصدر إلهام للطلبة ويمنحهم الأمل لمواصلة تعليمهم وخدمة مجتمعهم.
عشاء خيري لجمع التبرعات لدعم ورعاية طلبة الطب في غزة (الجزيرة) عشاء خيري لجمع التبرعاتاختُتم اليوم الأكاديمي بفعالية عشاء خيري، شهدت جمع التبرعات لدعم المبادرة. وأسفرت الجهود عن جمع أكثر من 150 ألف دولار لدعم طلبة الطب في غزة، في أجواء من التضامن والإصرار على تحقيق أهداف البرنامج.
"بال ميد".. رؤية للتعليم الطبي المستدامتُعد أكاديمية "بال ميد" الذراع التعليمية لتجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا. تأسست عام 2022 بهدف رفع مستوى الرعاية الصحية للفلسطينيين من خلال التعليم والتدريب، وتعمل على توفير مواد تعليمية وبرامج تدريبية متقدمة بالتعاون مع جامعات ومؤسسات دولية.
من خلال هذه الجهود، يسعى تجمع "بال ميد" وشركاؤه إلى الحفاظ على التعليم الطبي في غزة بوصفه أحد أعمدة الصمود الفلسطيني، في ظل التحديات الهائلة التي يفرضها الاحتلال والحصار المستمر.