هناك، بين أروقة الذكرى تتهادى المشاهد، طيبها وسيئها، يتداعى ما أكره منها، وينطوى فى ركن قصى من العقل، فيما يلوح لى ما أحب، فيبرز إلى سطح الوعى مؤكدا أن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض، وأما غيره فتذروه الرياح، ويصبح نسيًا منسيًا.
وككل عام، يأخذنى عرسه الثقافى بكليتى، أهفو كطفلة فرحة بثوبها العيدى الجديد، أنطلق إلى أرضه ليس لأحتفل بين الأصدقاء بإصدار جديد لى فحسب، بل لشعورى بأنى العروس الوحيدة لذلك العرس، كل هذا نظم من أجلى أنا.
هكذا كان ومازال شعورى بمعرض القاهرة الدولى للكتاب لحظة انطلاق كل دورة من دوراته، لا يختلف ذلك الشعور على مدار سنى عمرى، كونى قارئة أم كاتبة، أم زوجة كاتب أو شاعر، أو مجرد طفلة يغلبها الفضول نحو حبيب طفولتها الأول.. المعرض.
أقف بين قاعاته المتطورة وشوارع ساحاته، أنظر حولى لكل هذا الترف من مطاعم وكافيهات ومسارح متنقلة، لأبتسم فى حسرة، مستدعية بذاكرتى هذا الشق الأطيب من صباى.. معرض الكتاب فى مكانه القديم بمدينة نصر، والذى كان شاهدا على تفتح أول لقراءاتى، ودهشتى المتأججة نحو هذا الكم من المعرفة والعناوين، لا يؤففنى سوء تنظيم، ولا تردى حال الخيم والأجنحة، ولا ذلك التراب الذى يغطى كل شىء حولنا حتى ملابسنا، بل ننفضه عنا وعما اقتنيا من عناوين ونحن نعبر بوابته بعد انتهاء معركة محببة خضنا غمارها بفرحة... لنباهى أصدقاءنا بما اشترينا..
تسعينيات لم يكن للمحمول بيننا مكان، ولا للكتاب الإلكترونى ظهور، ولا للكتاب المسموع ذكر، فقط أوراق تلاطفها أيدينا ونربت على أغلفتها بحنو، كأنما صارت جزءا منا.. مشدوهين كنا نحو عناوين جديدة، عناوين جادة، صنعت فارقا معرفيا، وزخما وجدالا ثقافيا على مدار سنين طوال، وقت كان من يكتب هم العارفون وليس الهواة، وقت كان النشر صناعة ورسالة، فيأبى القائمون عليه إلا أن تكون رسالته ذات هدف ووعى، لا مجرد هادف لربح مادى، فلا يعنيه ما يُنشر ومن يكتب، حتى صارت هناك آلاف آلاف الكتب، لكنها فى معظمها غثاء لا شىء فيه.. هكذا صار عدد من يكتبون أضعاف من يقرأون!
أزفر فى ضيق وصوت الأغانى الحديثة المنطلق من أحد الكافيهات ذات الاسم الشهير يخترق أذنى، لأفيق ناظرة إلى هذا الكم من الزائرين والذين تفوق أعدادهم أعداد من يدلفون إلى الأجنحة، وأعداد من يقتنون الكتب فعلا، فتنتهى زيارتهم عند الكافيهات والمطاعم فى ساحة المعرض المتطورة..
أدير وجهى فأصدم بطابور لا نهاية له من الصبية والصبايا، من يطلقون عليهم بلغة العصر underege
لأدرك أنهم fans كاتب لم يتخط الثلاثين من عمره وربما أقل بكثير، يكتب ما يشتهون من قصص رعب أو تنمية بشرية، لكنه يبيع آلاف النسخ.. أتساءل بينى وبين نفسى: ترى كم كتابا قرأ ذلك الكاتب ذو الfuns، بل كم من المعارف والخلفيات التى تشبع بها ورأى فى نفسه أحقية أن ينطلق نحو الكتابة؟
أسحب ناظرى بعيدا بعيدا، بينما تحتل مقولة عباس العقاد المساحة الأرحب من ذاكرتى: (لا أحب الكتب لأننى زاهد فى الحياة.. ولكننى أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفينى).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نبضات
إقرأ أيضاً:
خلى بالك.. هل الكتب الخارجية جزء من المصروفات التعليمية الملزم بسداها الأب؟
تزداد المعارك حول النفقات التعليمية مع بداية كل عام دراسى، ليتحول الصراع بين الزوج والزوجة حول من هو الملزم بالنفقات وتحديد المسئوليات الواجبة على الزوج، وأنواع النفقات وخصوصا المستحدثة من كتب خارجية ودروس خصوصية ومصروفات باص وزى مدرسى وغيرها، ويلجأ الطرفين إلى ساحات محاكم الأسرة لحسم النزاع القائم بينهما.. وخلال سلسلة (خلى بالك) نرصد أبرز الأخطاء التى إذا ارتكبها شريكى الحياة تهدد بفقدان حقوقهم الشرعية، ونرصد الإجراءات القانونية الصحيحة اللازم اتخاذها لاسترداد الحقوق المهدرة لطرفى النزاع القضائى حال تخلف أى من الطرفين عن سدادها.
- أقر قانون الأحوال الشخصية وجوب نفقة التعليم على الأب وتعليم أولاده الصغار ما يجب تعليمه.
- نفقة التعليم فى هذه الحالة نوع من حضانة ورعاية الأب الواجبة لأبنائه أى كانت حالته المالية، وتستحق نفقة الأولاد على أبيهم من تاريخ امتناعه عن الإنفاق عليهم، ومن ضمنها "مصروفات التعليم".
- القانون رقم 139 المعدل بأن الأب ملتزم بكافة مصاريف التعليم بداية من مراحل التعليم الإجبارى.
- لا يلزم الأب بإلحاق أبنه بالتعليم الخاص أو الأجنبى إلا إذا كانت حالته المالية تسمح بذلك.
- الأب ملزما بدفع المصاريف، وفقا للتعديل المستحدث بقانون الطفل رقم 12 لسنة 1999 بالقانون رقم 129 لسنة 2008، حيث أعطى الولاية التعليمية على الصغير "الحاق الصغير بالتعليم واختيار نوعه"، للحاضنة بدلا من ولی النفس.
- تشمل مصروفات التعليم ما لا يمكن تحصيل العلم بدونه وتدخل من ضمنها الدروس الخصوصية والكتب والمراجع الخاصة إذا ثبت الاحتياج لها.
- حال إذا كان لا يتسنى لطالب العلم الوصول إلى مدرسته أو جامعته إلا باستخدام وسيلة مواصلات خاصة إلتزم الأب بسداد أجرتها.
- الملابس المدرسية يلزم الآباء بأدائها وتدخل فى نفقة ملبس الصغير أيضا.
- إلحاق الابن بالتعليم يعد من واجبات الأب نحو أولاده طالما كان استعداد الصغير يسمح بذلك، بأن يكون الولد رشيدا فى تعليمه أن ذلك لا يتكرر رسوبه أو يثبت عدم انتظامه فى تحصيل العلم.
- قد يتيسر للأب الأنفاق على التعليم خلال فترة زمنية ثم يعسر الأب فيرتفع عنه الالتزام وعند الخلاف على ما تحقق به المصلحة الفضلى بشأن تعليم الصغير يرفع الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيا للأمور الوقتية.
- تشمل الخطوات القانونية لتحصيل النفقات التعليمة للأبناء داخل محاكم الأسرة بإرفاق الأم المستندات الدالة على المصاريف المطلوبة دفعها للمدرسة عند رفع الدعوى، وشهادة ميلاد الطفل، ووثيقة الطلاق، أو وثيقة الزواج فى حال كانت ما تزال على ذمته، وتحريات تتضمن المبالغ المالية التى يتحصل عليها الزوج، ويقدم مصادر دخل الزوج الأخرى وممتلكاته.
مشاركة