هل تقود نيران البحر الأحمر اقتصاد العالم نحو المؤشرات الحمراء؟
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
يبدو أن الاقتصاد العالمي على موعد قريب مع أزمة ستعيده إلى المربع الأول بعد دورات انتعاش صعبة خاضها خلال العامين الماضيين تخلص منها ولو جزئياً من أعباء جائحة كورونا وتكلفة الحرب الروسية على أوكرانيا.
ومع تصاعد التوترات في البحر الأحمر ومضيق "باب المندب" بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية تضامناً مع قطاع غزة الذي يواجه حرب إبادة جماعية تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي عليه منذ أكثر من 100 يوم.
هذه التوترات تكاد تعطل 15% من حركة الشحن العالمية بشكل كامل، ومن ضمن ذلك 30٪ من حركة تجارة الحاويات العالمية التي تمر عبر قناة السويس المصرية.
تحذيرات دولية
وتتوالى التحذيرات الدولية من تداعيات تصاعد العمليات في البحر الأحمر بعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بعمليات عسكرية ضد جماعة الحوثي باليمن.
ويرى الخبراء أن هذه التوترات المتصاعدة تهدد بشكل حقيقي سلاسل التوريد العالمية المنهكة أصلاً من جراء جائحة كورونا والحرب الروسية والإغلاقات التي شهدتها العديد من المصانع العالمية، خاصة في الصين منذ العام 2020.
كل ذلك يقود لعودة قوية لموجة التضخم وارتفاع أسعار السلع، خاصة مع القفزة في أسعار النفط الخام وخطط خفض الإنتاج التي تتبناها مجموعة "أوبك+" بشكل جماعي، والسعودية، أكبر مصدر للنفط، حتى منتصف العام الجاري.
ويُعد مضيق "باب المندب" أحد أهم المسارات المائية في العالم لشحنات السلع العالمية المنقولة بحراً، وخاصة النفط الخام والوقود من الخليج المتجه إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس، بالإضافة إلى السلع المتجهة إلى آسيا، ومن ضمن ذلك النفط الروسي.
يذكر أن 12٪ من إجمالي النفط المنقول بحراً في النصف الأول من 2023، وكذلك 8٪ من تجارة الغاز الطبيعي المسال مرت من باب المندب وقناة السويس.
وقفزت أسعار النفط، يوم الجمعة 12 يناير الجاري، بعد يوم واحد من قيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هجوماً على اليمن، لتسجل ارتفاعاً بنسبة 4%، متجاوزة 80 دولاراً للبرميل.
وحذر محللو بنك أوف أميركا في مذكرة في اليوم نفسه، من أن الاضطرابات في البحر الأحمر وقناة السويس، وتباطؤ المرور في قناة بنما، تهدد كلها بتأخير الانخفاضات المنتظرة في التضخم.
وكتبوا في المذكرة: "قد يتضاءل نطاق المزيد من الانخفاضات جزئياً بسبب ارتفاع تكاليف الشحن، مع تزايد مشكلات البحر الأحمر".
وفي هذا السياق، حذرت شركة "TESCO"، أحد كبار مسؤولي سلاسل المتاجر البريطانية، من تضخم الأسعار نتيجة اضطرابات حركة الشحن في البحر الأحمر.
وقال كين ماربي، الرئيس التنفيذي لهذه الشركة البريطانية، في تصريحات نقلتها مجلة " إيكونوميست" البريطانية، إن الأزمة الحالية تطيل أوقات شحن البضائع وترفع تكلفتها وتكلفة تأمينها.
وأكد أن معظم منتجات الشركات تتأثر بأزمة الشحن في البحر الأحمر بشكل عميق.
توقف شحنات "باب المندب"
وفي 13 يناير الجاري، قالت مجموعة الشحن الفرنسية (سي.إم.إيه سي.جي.إم) إنها أوقفت عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر في أعقاب الهجمات على سفن تجارية في المنطقة.
وقالت المجموعة في بيان: "الوضع يتدهور أكثر، والمخاوف بشأن السلامة تتزايد".
وأضافت: "لذلك قررنا إصدار تعليمات لجميع سفن الحاويات التابعة لمجموعة (سي.إم.إيه سي.جي.إم) في المنطقة التي من المقرر أن تمر من البحر الأحمر بالوصول إلى مناطق آمنة وإيقاف رحلاتها في مياه آمنة فوراً حتى إشعار آخر".
وقبل ذلك بيوم، أي في 12 يناير الجاري، قال متحدث باسم شركة "إيه.بي مولر ميرسك"، إن الشركة ستوقف جميع عمليات الشحن بالحاويات عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
ومنتصف ديسمبر الماضي، أعلنت شركة الشحن الألمانية (Hapag Lloyd)، التي تسيطر على حوالي 7% من أسطول سفن الحاويات العالمي، أنها تدرس إيقاف الإبحار بصورة مؤقتة في البحر الأحمر، قبل أن تعلن بعدها بساعات إيقاف رحلاتها فعلياً.
وعلقت شركة شحن الحاويات العملاقة "ميرسك" استخدام البحر الأحمر وقناة السويس في بداية العام، بعد أن تعرضت إحدى سفنها لهجوم من قبل الحوثيين.
وقالت الشركة في بيان، إنها ستقوم بتحويل جميع السفن حول أفريقيا في "المستقبل المنظور".
وحذرت من عواقب "كبيرة" على النمو الاقتصادي العالمي نتيجة لهذه الاضطرابات.
اختناقات جديدة
وعلى الصعيد نفسه، قال تقرير نشره موقع "أكسيوس" الأمريكي، في 13 يناير الجاري، إن الاضطرابات المتصاعدة في البحر الأحمر تنطوي على العديد من المخاطر الاقتصادية.
وأضاف الموقع أن "الاضطرابات في البحر الأحمر تأخذ منعطفاً نحو الأسوأ، وقد تؤدي إلى اختناقات جديدة في سلسلة التوريد العالمية المتوترة بالفعل".
وبحسب التقرير فقد "أصبح الوضع بمثابة بطاقة غير قابلة للحل بالنسبة للاقتصاد العالمي الذي يعاني على نحو متزايد من عدم الاستقرار".
وذكر تقرير الموقع الأمريكي أن التوترات أدت إلى تعقيد الشحن لعدد من الشركات، ومن ضمنها شركة "تسلا" الأمريكية، وهي أكبر وأشهر منتج للسيارات الكهربائية في العالم، حيث علقت شحناتها وعمليات الإنتاج التي تقوم بها في ألمانيا بسبب مواجهتها مشاكل في سلسلة التوريد.
وأوضح أن أزمة البحر الأحمر تثير المخاوف بشأن نقص السلع الذي إذا استمر فيمكن أن يشعل التضخم من جديد، ويؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار على مستوى العالم.
ويلفت التقرير الى أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني أصلاً من أزمة "سلاسل التوريد الكبرى" التي ضربت العالم خلال العامين 2021 و2022، حيث كانت قد تضافرت أزمة وباء كورونا مع التوترات الجيوسياسية لتخلق نقصاً وتأخيراً واسعي النطاق في إمدادات البضائع، وهو ما فرض ضغوطاً تصاعدية على الأسعار وأدى إلى تضخم السلع المرتفعة بالفعل أصلاً.
وتراجعت حركة السفن بنحو 30% ما بين 1 و11 يناير الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لتصريحات صحفية لرئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع.
وانخفض عدد السفن التي سافرت عبر القناة هذا العام إلى 544 سفينة حتى الآن، وهو انخفاض حاد من 777 سفينة تم تسجيل عبورها خلال نفس الفترة من عام 2023.
عودة للتضخم
ويقرأ المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر هذه التطورات متوقعاً أن يدخل الاقتصاد العالمي في أزمة خانقة جديدة تقود لمزيد من ارتفاع الأسعار والتضخم.
ورأى أبو قمر، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن الولايات المتحدة وأوروبا ستكون أكبر المتضررين من هذه الأزمة في حال تصاعدت، لأنهما دخلتا في معارك حقيقية خلال الأشهر الماضية لمواجهة التضخم ومحاولة خفض الأسعار.
وأوضح أن ارتفاع الأسعار وتعطل سلاسل الإمداد يؤثر تأثيراً كبيراً على اقتصادات الدول التي تعتمد على الضرائب والبلدات الصناعية بالدرجة الأولى ثم على الدول المستهلكة، وأخيراً على الدول النفطية مثل بلدان الخليج العربي.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الإمارات تقود المبادرات العالمية للتصدي لمرض الإنسداد الرئوي المزمن
تقود دولة الإمارات المبادرات العالمية لتوحيد الجهود الصحية للتصدي لمرض الانسداد الرئوي المزمن وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الصحية العالمية من خلال المبادرات التي تعزز الوقاية أولاً.
وتسعى الإمارات في اليوم العالمي للانسداد الرئوي المزمن، الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام إلى تقديم خارطة طريق مبتكرة لمستقبل الصحة العامة، مع التركيز على تعزيز الوعي الصحي وتعليم الأجيال القادمة أهمية حماية صحة الرئتين، حيث تواصل بذلك ترسيخ مكانتها كداعم رئيسي للمبادرات الصحية العالمية والمساهمة الفاعلة في تحسين الصحة العامة على المستوى الإقليمي والدولي.
والانسداد الرئوي المزمن هو مرض رئوي يؤدي إلى انسداد تدفق الهواء تدريجياً، ما يجعل عملية التنفس أكثر صعوبة مع مرور الوقت حيث ينتج غالباً عن عوامل مثل التدخين، والتلوث البيئي، والعوامل الوراثية، ما يؤثر بشكل كبير على جودة حياة المصابين ويحد من قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية.
وتركز الدولة في إطار جهودها المستمرة لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن، على تعزيز البحث والتطوير في مجال الأمراض التنفسية من خلال التعاون مع الجامعات ومراكز البحث العالمية بهدف تحسين أساليب التشخيص والعلاج.
وقال البروفيسور أشرف حسن حميدان الزعابي، استشاري أمراض الرئة في مستشفى زايد العسكري بأبوظبي رئيس جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر وأستاذ الطب بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات في تصريح لـ «وام» بهذه المناسبة، إن هناك عوامل إضافية تزيد من مخاطر الإصابة حيث أن الأشخاص المصابون بالربو غير المعالج أو الذين عانوا من التهابات متكررة في الجهاز التنفسي أثناء الطفولة يواجهون احتمالات أعلى للإصابة بالمرض كما أن الأفراد الذين يعانون من نقص وراثي في بروتين «ألفا-1 أنتيتريبسين»معرضون للمرض، حتى إذا لم يكونوا مدخنين.
أخبار ذات صلة حمدان بن محمد يشهد توقيع اتفاقية لإطلاق بطولة عالمية في الفنون القتالية «أبوظبي للقوس والسهم» ينظم المهرجان المجتمعيوأشار إلى أن التمارين الرياضية المنتظمة تعزز قدرة الرئتين وتقلل من مخاطر المضاعفات التنفسية، حيث يمكن لأنشطة بسيطة مثل المشي لمدة 30 دقيقة يومياً أن تحدث فارقاً كبيراً في الصحة العامة العامة للأفراد.
من جانبه، أوضح البروفيسور بسام محبوب، رئيس قسم الأمراض الصدرية والحساسية في مستشفى راشد نائب رئيس جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر، أن الانسداد الرئوي المزمن يشكل تهديداً كبيراً للحياة، إذ يؤدي إلى تدهور تدريجي في وظائف الرئة.
وأضاف أن التدخين يعتبر السبب الرئيسي للإصابة بالانسداد الرئوي المزمن، لكنه لا يعد العامل الوحيد حيث تشمل العوامل البيئية الأخرى المسببة للمرض التعرض للتدخين السلبي، والمخاطر المهنية الناتجة عن استنشاق الغبار أو المواد الكيميائية، بالإضافة إلى تلوث الهواء.. لافتاً إلى أن التعديلات التي يقوم به الأفراد على نمط الحياة تلعب دوراً محورياً في الوقاية، من خلال تجنب التعرض للملوثات البيئية الداخلية والخارجية، والحفاظ على نظام غذائي متوازن، والمشاركة في النشاط البدني المنتظم.
وتؤكد جمعية الإمارات للأمراض الصدرية على أهمية الاستثمار في التكنولوجيا الطبية المتطورة، مثل تقنيات الكشف المبكر عن أمراض الصدر والرئة، لتوفير حلول علاجية أكثر فعالية وتحقيق تحسينات ملموسة في جودة حياة المرضى،وتعزيز برامج التعليم والوقاية طويلة المدى من خلال التعاون المستمر مع المؤسسات الصحية وصناع القرار والمنظمات الدولية.
المصدر: وام