محمد الباز: كتاب «إمام التفكير» ينتصر لحرية الفكر والتعبير
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
في ثاني أيام الدورة الـ55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، نظمت قاعة «فكر وإبداع» مناقشة حول كتاب «إمام التفكير» للإعلامي الدكتور محمد الباز، بمشاركة الدكتور محمد سالم عاصي، وأدار الندوة الدكتور محمد عبد العزيز.
وفي كتابه «إمام التفكير» يرصد الدكتور محمد الباز أهم المحطات التي عبرها المفكر الإسلامي الراحل نصر حامد أبو زيد.
يذكر الدكتور محمد الباز سبب تسمية الكتاب بـ«إمام التفكير» فهو ليس إماما في المنتج الفكري بقدر ما هو إمام أمام إصراره على التفكير والتضحية بكل شيء من أجل الانتصار لأفكاره الحرة، موضحا أن هناك 3 مراحل لنصر حامد أبو زيد، فهناك «نصر» أستاذ الجامعة وهي مرحلة تستطيع أن تقول إنه كان في هدوء، والمرحلة الثانية فيما بعد الأزمة كان فيها تطور كبير في رد الفعل، وكان هذا طبيعيا أمام ما تعرض له من هجوم شرس من منتقديه، أما المرحلة الثالثة بعدما ترك مصر وقدم دراسات وهو خارج مصر من أفضل ما كتب أبو زيد.
وقدم «الباز» شرحا لدوافعه نحو توثيق رحلة «أبو زيد» لما له من حق الإنصاف الذي لم يحصل عليه في حياته لدرجة أنهم قاموا بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة ابتهال، ولم يمنح الفرصة الحقيقية لطرح أفكاره حتى أنه عندما تقدم بأبحاث للترقية في الجامعة أُطلقت حملة شرسة قادها قامات فكرية ذات ثقل لدى الجمهور لشيطنة أفكار نصر أبو زيد، وهذا ما دفعني لكتابة هذا الكتاب.
مناقشة النصوص المقدسة بمرونةوعن الكتاب، أبدى الدكتور محمد سالم عاصي بعض التحفظ على العنوان، ولكن استرسل في التأكيد على بعض الأفكار المهمة في الكتاب، مثل محاولة مناقشة النصوص المقدسة بمرونة واستعرض مثال عن الإمام الرازي قائلا لماذا يرث الرجل ضعف ما ورثته المرأة، ولكن الرواية التي تذكر لتبرير ذلك لا علاقة لها بالمنطق، وأنا مع القرآن، ولكن يجب أن ندرس قضية في غاية الأهمية وهي أن الخلاف في الأحكام تكويني أم خلاف مجتمعي.
وتابع: فهل جعل الله الرجل قواما على المرأة على مستوى التكوين الشكلي أم المسئولية عنها ولهم أسباب كثيرة أيضا، ولذلك يأخذ ضعف شقيقته، وربما يبدو تعليل منطقي لكن ماذا لو تبدل الحال فأصبحت من تنفق هي المرأة ولم يعد الرجل يدفع مهر.. فإذا قلنا إنها أحكام تكوينية علينا دراسة الأحكام الفقهية ومناقشتها وتعود بنا لدراسة الجندرة، فليس هناك شخص مقدس لكن القرآن هو المقدس، فرفض التفكير جعل العامة يحجرون عليك بسبب سيطرة الجماعة المتسابقة في حصر الدين في القرون السابقة.
وأضاف: هناك قضية في المنطق تقول “الجميع والمجموع” حيث هناك فرق بين الحكم على الجميع والحكم على المجموع .. فهم يستندون لمقولة "خير القرون قرني" ولكن لابد أن نحدد في ماذا حددت الخير في قرن السلف.
كتاب البازواستطرد: أتفق مع د. الباز في أن فقه سيدنا عمر كان يراعي المصلحة وأيضا هناك عبارة اليقين الذهني والحسم الفكري في القضية الذي يتحدث به تيار السلفيين فهو عنده رأي واحد فقط يجزم به حتي لو هناك رأي لشيوخ آخرين، ولكنه يرفض ويفرض رأي على الآخرين.
وقال الدكتور عاصي إنه سيعيد قراءة كتب نصر حامد أبو زيد مرة أخرى بعد انتهاءه من كتاب الباز الذي يعترض على عنوانه "إمام التفكير" وقد أعجب كثيرا بالكتاب الذي أنهى قراءته في ليلة واحدة.
فيما تساءل أحد الحضور في نهاية الندوة قائلا: "بالنسبة للجوانب الإنسانية المذكورة في الكتاب من حياة أبو زيد هل يمكن أن نراها قريبا في عمل درامي ويرفع الحظر غير المعلن عن أفكار نصر حامد أبو زيد؟
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: معرض الكتاب معرض الكتاب 2024 أرض المعارض التجمع الخامس إمام التفکیر الدکتور محمد محمد الباز
إقرأ أيضاً:
سردية الباز المقلوبة: تأملات في وهم الانتصار وخدعة الحياد
في كتاباته الأخيرة، يشيّد الأستاذ عادل الباز خطابًا يعيد إنتاج سردية مألوفة تنزع إلى التبسيط، وتمارس إخفاءً واعيًا لعناصر أساسية في معادلة الصراع السوداني. فبينما يلوّح بانتصار "الجيش" كحتمية سياسية وميدانية، يبني منطقه على فرضيتين مضللتين: الأولى، أن الحرب أملتها ضرورات عسكرية طارئة لا علاقة لها بمشروع سياسي مضمر. والثانية، أن من حق طرف أن يحتكر الدولة، وأن يُصفى الآخر بالعزل أو الحسم، في مسار خطّي لا يمر عبر صناديق الانتخابات، ولا يعترف بتعدّد القوى الاجتماعية والسياسية.
ما يغفله الباز – وربما يتغافله – هو أن الصراع الحالي لا يمكن عزله عن هندسة إقليمية جرت على مدى سنوات، كان "التحالف الإقليمي" فاعلًا فيها بشكل حاسم. فذلك التحالف لم يتوقف عن إعادة تشكيل السلطة في السودان عبر أدوات دعم غير مرئية أحيانًا، ومكشوفة في أحيان كثيرة، لصالح مراكز نفوذ بعينها. والمفارقة أن الكاتب الذي يفاخر بحرصه على السيادة الوطنية، لا يجد حرجًا في التماهي مع خطوط التدخل نفسها التي تُملى من خارج الحدود، وتُدار بعقلية وصاية تتخطى السودانيين وحقهم في تقرير مصيرهم.
ثمّة مغالطة أخرى في خطاب الباز، وهي تقديم الحرب كضرورة أخلاقية. إذ يصور الجيش كحارس للمدنية، متناسيًا أن ذات المؤسسة ظلت تعرقل كل فرص التحول الديمقراطي منذ الاستقلال. فهل تحققت المدنية يوماً بانقلاب؟ وهل الدفاع عن "الدولة" يقتضي سحق العاصمة، وتدمير البنى التحتية، وتشريد ملايين الناس؟ أليس من الأجدر التساؤل عن الدولة التي نريد حمايتها: هل هي دولة الجميع، أم دولة النخبة العسكرية الأمنية، المصنوعة على أعين التحالف الإقليمي، ووفق مصالحه؟
لقد تجنب الباز، عمدًا، أي مساءلة لمواقف القوات المسلحة حيال عملية الانتقال، وتخندق عند تصور سطحي للثورة لا يرى فيها سوى لحظة عاطفية تم اختطافها. لكنه لا يجيب: من اختطفها؟ هل كان المدنيون وحدهم؟ أم أن "الشراكة" كانت اسمًا مخففًا لتبعية مدنية لمؤسسة عسكرية تتقن صناعة التحالفات في الخارج أكثر من صيانة التوافق الوطني في الداخل؟
إن سردية الباز تنتهي إلى خلاصة بالغة الخطورة: لا مستقبل إلا عبر الإقصاء، ولا حل إلا بانتصار طرف واحد، فيما التاريخ يعلمنا أن أكثر الحروب التي سُميت بـ"الانتصارات" تحوّلت إلى نكبات قومية، وحفرت جراحًا عميقة يصعب التئامها.
ربما آن للباز أن يتأمل في سؤال بسيط: لماذا لا يُترك الأمر للسودانيين ليقرروا شكل دولتهم دون وصاية، لا من "التحالف الإقليمي" ولا من حراس الدولة العميقة؟ ذلك هو التحدي الحقيقي، وما عداه فهو مجرد غبار حرب.
zuhair.osman@aol.com