الجزيرة:
2025-04-24@14:01:15 GMT

التهجير الصامت.. كابوس يلاحق شباب القدس

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

التهجير الصامت.. كابوس يلاحق شباب القدس

القدس المحتلة- في حي الجعابيص ببلدة جبل المكبر جنوبي القدس، أنهك مشهد ركام المنزل المهدوم صاحبه ثائر جعابيص، الذي أُجبر على هدمه بيده بعدما عاش فيه 18 عاما، أسّس خلالها أسرته المكونة من 7 أطفال، فقدوا بين ليلة وضحاها مأواهم ودفيئتهم.

بنى ثائر منزله عام 2006 دون الحصول على التراخيص اللازمة من بلدية الاحتلال في القدس، لأنه لا يقوى على دفع تكاليفها الباهظة، لكنه بدأ قبل 10 سنوات بإجراءات استصدارها، ودفع مقابل ذلك نحو نصف مليون شيكل (135 ألف دولار) إلا أن منزله الذي بُني على مساحة 100 متر مربع ظلّ مهددا بالهدم، وهذا ما أُجبر عليه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري.

يقول جعابيص للجزيرة نت "هدمتُ أحلامي وذكرياتي بيدي، لأن البلدية هددتني بدفع تكاليف عمل جرافاتها وقواتها التي ستؤمن عملية الهدم إذا أقدمت هي على ذلك، ولأنني مثقل بالديون والمسؤوليات اضطررت لهدم المنزل، رغم طلبي المتكرر بإمهالي مزيدا من الوقت للحصول على التراخيص اللازمة".

"البيت مبني من 18 سنة وساكن فيه 13 نفرا".. المواطن المقدسي ثائر جعابيص يتحدث عن معاناة أهله وأطفاله في ظل البرد الشديد بعد أن أجبرته بلدية الاحتلال في #القدس على هدم منزله بشكل قسري الكائن في قرية جبل المكبر بالقدس المحتلة pic.twitter.com/PS3O8DKPk8

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 22, 2024

متطلبات تعجيزية

لا تقتصر تكاليف الترخيص على الرسوم البلدية فحسب، بل يضطر المقدسي لدفع تكاليف باهظة أيضا للمحامين والمهندسين الذين يسيرون في طريق استصدار الرخصة، ويقول جعابيص إنه عاجز عن توفير كل ذلك.

ولأن كافة الخيارات أحلاها مرّ، يرفض هذا الشاب استئجار منزل في المدينة، بسبب قلة المنازل المتاحة وارتفاع تكاليفها التي تتراوح بين 1200 و1500 دولار شهريا، كما أنه يرفض فكرة السكن في الأحياء الواقعة خلف الجدار العازل التي تعتبر قيمة العقارات فيها منخفضة مقارنة بالشقق السكنية داخل المدينة.

وعن ذلك قال "الجميع يتمنى أن يعيش لحظة داخل القدس فكيف يمكن لأبنائها مغادرتها؟ لن أترك المدينة، رغم أن أحدا لم يمد لي يد المساعدة منذ هدمتُ منزلي، ولم يقدموا لي حتى خيمة لأنصبها وأصمد في أرضي".

حال هذا الشاب كحال كافة الشبان المقدسيين الذين تعتبر أزمة السكن في المدينة أكبر معضلة تواجههم عندما يصلون إلى سن الزواج، فتكون الحلول إما بالعزوف عنه أو الهجرة طوعيا نحو الأحياء الواقعة خلف الجدار العازل، أو إلى مناطق الضفة الغربية التي قد يكون ثمن الانتقال إليها فقدان حق الإقامة بالقدس، أو يقدم هؤلاء على خطوة استئجار المنازل بأثمان باهظة أو بناء منازل دون تراخيص.

اكتظاظ سكاني في الأحياء التي أخرجها الجدار العازل عن القدس وسكانها مهمشون دون خدمات (الجزيرة) تهجير صامت

يرجع المهندس المقدسي عبد الكريم لافي، في حديثه للجزيرة نت، أزمة السكن في القدس إلى الأيام الأولى من احتلال شرقي المدينة عام 1967، عندما أقدمت الجرافات على هدم حارة المغاربة الملاصقة للمسجد الأقصى وتسوية منازلها بالأرض وإقامة ساحة البراق المخصصة لصلاة اليهود على أنقاضها.

ثم توالت، وفقا للافي، القوانين والسياسات الإسرائيلية الرامية لتعميق أزمة السكن في المدينة ودفع سكانها لهجرتها بشكل صامت وطوعي.

وكان يفترض أن لا يُلاحق ويُحاكم المقدسيون بعد مرور 7 أعوام على إنشاء منازلهم، حتى وإن شُيدت دون ترخيص بشرط المضي بالإجراءات، لكن القوانين الجديدة باتت تُلاحق الحجر وتعاقبه فإن لم تتمكن البلدية من ملاحقة الشخص بسبب مرور المدة المحددة، فإنها تُعاقب الحجر لأنه بني دون ترخيص فتهدمه، وفقا للمهندس المقدسي.

النموذج رقم "4" وإثبات تسجيل الأرض في "الطابو" تُضاف إلى قائمة المتطلبات التعجيزية التي تُنهك المقدسيين وتجعل فكرة امتلاكهم لمنزل دون خطر الهدم أمرا معقدا وأحيانا مستحيلا.

ويرى لافي أن الهدم الذاتي بات هو الظاهرة الأخطر في المدينة التي تجلت بشكل واضح في السنوات الست الأخيرة بعدما أحدث الهدم المتكرر بجرافات بلدية الاحتلال ضجة إعلامية، فلجأت الأخيرة للضغط على المقدسيين لهدم منازلهم بأيديهم تجنبا لتكاليف الهدم الباهظة التي يدفعونها مقابل قيام طواقم البلدية بذلك.

تقديرات فلسطينية بوجود 22 ألف مسكن بالقدس صادر بحقها إخطارات هدم (الجزيرة) تراخيص مكلفة

وأكد المهندس المقدسي للجزيرة نت أن الحصول على تراخيص للبناء في القدس زادت تعقيدا بعد الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، وتعثّرت الكثير من الملفات المودعة لدى البلدية قبل هذا التاريخ.

وعن تكلفة استصدار رخصة بناء لشقة سكنية واحدة في القدس، أشار لافي إلى أنها تتراوح بين 50 إلى 70 ألف دولار، وهو المبلغ الذي يستطيع الفلسطيني بناء منزل متكامل فيه بمناطق الضفة الغربية، خارج مدينة القدس.

أما تكلفة شراء شقة سكنية غير مجهزة في القدس بمساحة 110 أمتار مربعة، فتتراوح بين 350 و450 ألف دولار للشقة.

ويصب هذا كله ضمن سياسة التهجير، لأن الشاب المقدسي لا يملك هذه المبالغ في مقتبل العمر، وبالتالي "يضطر للسكن خلف الجدار العازل وهذا هو التهجير الصامت بأن يطرد الإنسان نفسه بنفسه" أضاف لافي.

وختم حديثه للجزيرة نت بالتطرق إلى أن النقص في عدد الشقق السكنية بالقدس قُدّر قبل 3 أعوام بـ30 ألف شقة يتمنى الشبان لو أنهم تمكنوا من شرائها أو بنائها، إلا أن ذلك بات حلما يراودهم، ولا يملكون سوى استمرار العيش في كابوس الهدم أو الإيجار أو الانتقال إلى خلف الجدار العازل، حيث الاكتظاظ والبناء العشوائي والحواجز العسكرية التي تفصلهم عن مركز المدينة وتُعكر سير حياتهم اليومية.

ووفق تقديرات رسمية فلسطينية، بلغ عدد عمليات الهدم في محافظة القدس 337 خلال 2023، إضافة إلى أكثر من 263 إخطار هدم في العام نفسه، فيما قدر إجمالي البيوت المخطرة بالهدم بنحو 22 ألفا حتى منتصف 2023.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت فی المدینة السکن فی فی القدس التی ت

إقرأ أيضاً:

التهجير الناعم.. تحذيرات من حملات إسرائيلية خفية لتفريغ غزة عبر التضليل النفسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تحذيرًا بالغ الخطورة من أساليب إسرائيلية "خبيثة" جديدة، لا تتخذ شكل القصف أو الاجتياح؛ بل تعتمد على التضليل النفسي والتقنيات الاستخباراتية الناعمة، بهدف دفع الفلسطينيين إلى مغادرة وطنهم طواعية، فيما يشبه تهجيراً ناعماً تحت عباءة "الإغراء الإنساني".

الأسلوب الجديد للتهجير.. من الرصاص إلى الرسائل

وفقًا لبيان الداخلية، فإن أجهزة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي بدأت مؤخراً باستخدام أساليب غير تقليدية للتأثير على وعي الفلسطينيين في القطاع.

والرسائل النصية والمكالمات الهاتفية باتت وسيلة للاختراق، حيث يدّعي المتصلون أنهم يمثلون جهات قادرة على "تسهيل سفر المواطنين إلى الخارج"، خصوصاً في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والصحية، وانسداد الأفق أمام سكان القطاع المحاصر.

وتأتي هذه الحملة في سياق استغلال المعاناة الإنسانية، وتوجيهها نحو هدف سياسي واضح: تفريغ غزة من سكانها تدريجياً، في خطوة تُفسَّر على أنها محاولة للالتفاف على القانون الدولي وخلق واقع ديمغرافي جديد يخدم المشروع الصهيوني.

تحذير وتأكيد على الثوابت

في ردها، شددت وزارة الداخلية على ضرورة عدم التفاعل مع هذه الرسائل، محذرة من الوقوع في فخاخ الخداع والمساومة. كما أكدت أنها ستتخذ إجراءات قانونية بحق أي مواطن يثبت تعاونه مع هذه الحملات، في محاولة لردع الاستجابات الفردية التي قد تتحول إلى ثغرات أمنية واجتماعية.

وأشارت الوزارة إلى أن ما عجزت عنه آلة الحرب الإسرائيلية خلال شهور طويلة من القصف والتدمير، تحاول تحقيقه اليوم بطرق نفسية ممنهجة. لكنها أكدت أن "شعبنا الفلسطيني بكل مكوناته قادر على إحباط مخططات الاحتلال"، مكررة الإيمان بالثبات والصمود بوصفهما الخيار الوحيد في وجه محاولات الإبادة والاقتلاع.

جريمة قانونية وإنسانية مزدوجة

تصف وزارة الداخلية هذه المحاولات بأنها "جريمة مركبة"، تنتهك القوانين الدولية التي تجرم التهجير القسري، سواء كان عبر القوة العسكرية أو بالإكراه غير المباشر. كما طالبت المجتمع الدولي بالخروج من دائرة الصمت، والضغط على الاحتلال لوقف هذه الممارسات التي تُعدّ انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية للمدنيين الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، أكدت الداخلية أن "حرية السفر والتنقل حق إنساني مكفول"، ولكن ما يحدث ليس سوى توظيف لهذا الحق بطريقة ملتوية تهدف إلى دفع الناس إلى الهروب من ظروف مستحيلة، صُنعت عمداً لتمهيد الأرض لمشروع التهجير.

مأساة ممتدة ومعبر مغلق

لم يغب الجانب الإنساني عن البيان، حيث دعت الوزارة إلى فتح معبر رفح البري، وتسهيل سفر الجرحى والمرضى، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية العالقة على الجانب المصري، والتي يمكن أن تخفف من حدة الكارثة المتفاقمة. وهذا يعكس فشلاً مزدوجاً، سواء في تخفيف الحصار من قبل المجتمع الدولي أو في الاستجابة الكافية من الدول العربية المجاورة.

خلفية الصراع.. أرقام مأساوية

التحذير من الحملات "الناعمة" يأتي في سياق استئناف العدوان الإسرائيلي في 18 مارس الماضي، بعد هدنة مؤقتة. ومنذ ذلك التاريخ، قُتل ما لا يقل عن 1827 شخصاً، ما يرفع حصيلة القتلى الإجمالية منذ بدء الحرب إلى أكثر من 51 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين، وفق وزارة الصحة التي تديرها حركة "حماس".

هذه الأرقام تعكس مدى الكارثة الإنسانية التي يعانيها القطاع، وتقدم بيئة مثالية لمخططات الاحتلال، التي باتت تدير الحرب بمزيج من السلاح والمعلومة والضغط النفسي.

مقالات مشابهة

  • رجل يلاحق زوجته بدعوى حبس بعد تعديها عليه بالضرب
  • التهجير من غزة: جريمة صامتة بأدوات ناعمة وصمت دولي
  • أحمد أبو الغيط: خطط التهجير أعطت للاحتلال الإسرائيلي الذريعة لقتل المدنيين في غزة
  • هل يتحول حلم ترامب بإحياء الصناعة الأميركية إلى كابوس؟
  • الرئيس الفلسطيني: نطالب برفع الحصار عن غزة ووقف التهجير القسري
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ
  • غزة : تجمع عوائل الشهداء يدعو للتشبث بالأرض ويحذر من إشاعات التهجير
  • محافظ أسوان: التنسيق مع التنمية المحلية للسيطرة على سيارات النقل التى تتحرك ليلًا دون لوحات
  • التهجير الناعم.. تحذيرات من حملات إسرائيلية خفية لتفريغ غزة عبر التضليل النفسي
  • محافظة أسوان تطلق حملة مكثفة لمواجهة سيارات النقل المخالفة وتُشدد على مصادرة المخلفات العشوائية