لماذا سميت خطبة الحاجة بهذا الاسم؟.. علي جمعة يوضح سنة منسية
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
لماذا سميت خطبة الحاجة بهذا الاسم؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
لماذا سميت خطبة الحاجة بهذا الاسم؟وقال علي جمعة في بيان لماذا سميت خطبة الحاجة بهذا الاسم؟: ها هو رجب الفرد الأصم الأصب الحرام يهيئ لنا رمضان ومعنا في خطبة الحاجة التي نستهل بها كلامنا في يوم الجمعة تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي يرويها عنه عبد الله ابن مسعود ويقول ( كان يعلمنا خطبة الحاجة كما يعلمنا القرآن ) أي أنه كان يعيدها عليهم صلى الله عليه وآله وسلم حتى يحفظوها، يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتلو علينا من سورة آل عمران ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ وهي آية تعد أعظم آية في القرآن من حيث العمل .
وتابع: إذن وكأن الآية تطالبنا ألا نغفل عنه سبحانه وتعالى طرفة عين ولا أقل من ذلك فتكون بذلك أعظم آية من حيث العمل وندعو الله أن يخفف عنا لقصورنا وتقصيرنا وما جبلنا عليه من نسيان وغفلة وندعو الله أن يغفر لنا هذه الغفلة التي تحجبنا عنه سبحانه وتعالى .
وإذا ما تأملنا في هذه الآية وجدناها وكأنها تأمرنا بأن نحول العادات إلى عبادات، والحاصل في حياتنا ولإلف الإنسان على العمل ولكثرته إذا ما أكثر منه أن يألف العمل فتصير العبادة عادة .. يصلي وينسى في صلاته ويذكر بلسانه وذهنه شارد في أمور أخرى لأن العبادة تحولت عنده إلى عادة.
علي جمعة: نصر أكتوبر فيه معانٍ عظيمة أهمها الدعاء والثقة بالله نوع من الظلم احذره في شهر رجب.. علي جمعة يوضحوتحول العبادة إلى عادة أول الفساد في الأمم لأن العبادة حينئذ لا تؤدي وظيفتها التي أراده الله سبحانه وتعالى لها ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ فنرى المصلي لا تنهاه صلاته لا عن فحشاء ولا عن منكر لأنه قد حول العبادة إلى عادة.
وهنا في هذه الآية العظيمة يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى بمقاومة أنفسنا لا في أن نؤدي العبادة على وجهها وحسب بل أيضا أن نحول العادات إلى عبادات.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء: تميز السلف الصالح والصحابة الكرام بأنهم استطاعوا أن يحولوا العادات إلى عبادات وذلك لما صدروا في أنفسهم قول الرسول المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) فجعلوا نياتهم جميعا لله سبحانه وتعالى جعلوا نياتهم جميعها لله سبحانه وتعالى في حلهم وترحالهم .. في قولهم وسكوتهم .. في تركهم وفعلهم حتى صاروا عبادا ربانيين إذا ما مدوا أيديهم إلى السماء (يارب) استجاب الله لهم، فهل يمكن أن نهيئ نفسنا لرمضان وأن نتقي الله حق تقاته وأن ننقل أنفسنا بإذنه من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه وأن نحول عباداتنا إلى إخلاص لرب العالمين وأن ننقل عاداتنا إلى دائرة العبادة له سبحانه وتعالى وحده..
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطبة الحاجة الدكتور علي جمعة هيئة كبار العلماء الأزهر سورة آل عمران صلى الله علیه وآله وسلم سبحانه وتعالى علی جمعة
إقرأ أيضاً:
عودة: حان وقت إنهاء المغامرة بهذا البلد من أجل أهداف لا تخصه
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل قال في عظة: "سمعنا في المقطع الإنجيلي أن إنسانا دنا إلى يسوع مجربا، قائلا له: «أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟» سؤال هذا الإنسان مهم، لأنه ينتظر جوابا بهدف الخلاص، لكن المشكلة كانت في سبب طرحه. يقول النص إنه قصد الرب «مجربا له»، منتظرا منه أن يقول شيئا مخالفا لتعاليم اليهود وللناموس ليشتكي عليه بشهادة السامعين. لكن «العارف مكنونات القلوب» عرف أفكار الشاب وأجابه: «لماذا تدعوني صالحا وما صالح إلا الله وحده؟». عند اليهود، صفة «صالح» لا تطلق إلا على الله، لذلك سأل الرب الشاب عن سبب دعوته صالحا، كأنه يقول له: إما أنك تعترف بأني الله، أو إنك لا تعرف ناموسك. كان هدف الشاب أن يسمع من المسيح إلغاء للوصايا، لكن الرب ثبتها، وذكره بها معددا القسم الثاني منها. كان اليهود يعتبرون أن اللوح الأول من لوحي العهد كان يحوي الوصايا التي تتحدث عن علاقة الإنسان بالله، أما الثاني فيحمل الوصايا التي تحدد علاقة الإنسان بالآخر. لافت أن الرب ذكر الوصايا الموجودة في اللوح الثاني: «لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأمك».
أضاف: "جاء جواب الرب بأن ميراث الحياة الأبدية يكون عبر تطبيق الوصايا حول علاقة الإنسان بالآخر. طبعا، لا يقصد الرب أن علاقتنا بالله ليست مهمة، إنما علاقتنا بالآخر تحدد علاقتنا بالله. هذا ما يؤكد عليه يوحنا في رسالته الأولى حيث نقرأ: «إن قال أحد إني أحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب، لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره؟ ولنا هذه الوصية منه أن من يحب الله يحب أخاه أيضا» (4: 20-21). يأتي جواب الشاب سريعا: «هذه كلها حفظتها منذ حداثتي»، لكن الرب يعقب: «يعوزك أيضا شيء»، وكأنه يقول له إن حفظ الوصايا منذ الحداثة لا يعني العمل بها، لذلك ينقص تطبيقها والعيش بموجبها. لقد أتى الشاب طالبا سبيل الحياة الأبدية، فكان الجواب أن الحياة الأبدية تبدأ بمحبة القريب. لم يكتف الرب بجواب نظري، بل أعطى الشاب حلا عمليا طالبا منه أن يبيع كل ما يملك ويوزعه على المساكين ليكون له كنز في السماء، ثم «تعال اتبعني»، موضحا له كيف يكنز في السماء ويربح الحياة الأبدية. جواب الرب لم يأت كما أمل الشاب الذي «حزن لأنه كان غنيا جدا».
وتابع: "المسيحية لا تجرم الغنى الذي هو عطية من الله. نجد في الكتاب المقدس عدة شخصيات غنية بارة كإبراهيم وأيوب ويوسف الرامي وغيرهم. المشكلة لا تكمن في الثروة بل في محبة المال كما يقول بولس الرسول: «محبة المال أصل لكل الشرور، الذي إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة» (1تي 6: 10). في مجتمعنا، الممتلكات تحدد علاقتنا بالآخرين. مثلا، عندما يتقدم شاب طالبا الزواج، لا يسأله الأهل عن علاقته بالرب، بل عما يملك، وعن عمله ووضعه الإجتماعي. كذلك من يملك ثروة يستحق الإحترام في أعين معظم الناس أكثر من المعدم. لكن الغنى ليس دائما مصدرا للفرح والسعادة إذ قد يشكل سببا للخوف والقلق. فبعض الأغنياء يصرفون العمر في تجميع الثروة والقلق من إمكانية فقدها فلا تكون مصدرا لسعادتهم أو سعادة غيرهم. يشدد آباء الكنيسة على أن كثرة الأموال تنسي الإنسان تدخل الله في حياته، إذ يظن أنها تستطيع تحقيق كل حاجاته. يقول القديس باسيليوس الكبير: «لم يخبرنا أن نبيع ما لنا لأنها أشياء شريرة بطبعها، وإلا ما كانت من صنع الله. لم يأمرنا أن نلقيها عنا كأمور رديئة بل أن نوزعها. لا يدان أحد لأنه يملك شيئا، إنما لأنه يفسد ما يملكه. لهذا، فإننا بحسب وصية الله نلقي عنا ما لنا لغفران خطايانا والتمتع بالملكوت». أما القديس يوحنا الذهبي الفم فيقول: «حتى إن كنت غنيا، فالطبيب قادر أن يشفيك. إنه لن ينزع الغنى، إنما ينزع العبودية للغنى ومحبة الطمع في الربح». غنى الشاب كان مصدرا لحزنه لأنه كان عائقا دون وصوله إلى ما يصبو إليه: الحياة الأبدية. قد يظن من يقرأ إنجيل اليوم أن كلام الرب موجه للأثرياء فقط وهذا ليس صحيحا، لأن كل إنسان لديه ما يتعلق به أو يستغني به. فمن طلب ملكوت الله عليه ألا يدع شيئا يتسلط عليه بل أن يجعل المسيح وحده مبتغاه. لذا نحن مدعوون في فترة صوم الميلاد، كما في سائر أيام حياتنا، إلى التحرر من عبودية المال وسلطته، وجعل الله غنانا علنا نرث الحياة الأبدية ونؤهل لأن نقدم أنفسنا هدايا ثمينة للطفل الإلهي المتجسد من أجل خلاصنا".
وقال: "مرت منذ يومين ذكرى الإستقلال حزينة، فارغة من معناها، لأن معظم اللبنانيين يشعرون بأن وطنهم يضيع واستقلالهم يتقهقر. لبنان مكبل، ضائع، بسبب النزاعات والإختلافات والمصالح والتدخلات وعدم تطبيق الدستور وترك سدة الرئاسة خالية من رئيس هو بمثابة البوصلة والربان. قال الرب: «مرتا مرتا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها» (لو 10: 41). النصيب الصالح هو ما يجب طلبه. لذا على اللبنانيين ألا يصرفوا أنظارهم عن الأمر الوحيد الذي يحميهم وهو وجود دولة قوية عادلة، ديمقراطية، دولة الدستور والقوانين، دولة العدالة والمساواة بين المواطنين، واحترام الحقوق والواجبات. دولة يتولى جيشها القيام بواجباته دون أن يشكك به طرف أو ينتقده آخر. ولكي تتحقق هذه الدولة نحن بحاجة إلى رجال دولة يضعون مصلحة البلد فوق كل المصالح. نحن بحاجة إلى يقظة وطنية لنخلص لبنان من الكارثة. إنقاذه وحمايته تبدآن بانتخاب رئيس يحمل صوت لبنان إلى العالم، وينتزع المبادرة من كل دخيل، ويعمل مع حكومته على تصويب الأوضاع وقيادة المفاوضات ورسم خطة الإنقاذ وبناء المؤسسات وجمع اللبنانيين تحت كنف الدولة التي وحدها تحمي أبناءها وتذود عنهم. لقد حان الوقت لوقف المقامرة بحياة اللبنانيين ومصير أبنائهم."
وختم: "حان وقت إنهاء المغامرة بهذا البلد من أجل أهداف لا تخصه، وإيقاف آلة الموت والدمار. حان وقت القرار الشجاع يتخذه الأمناء لهذا البلد ويعملون على استرجاع الدور كي نستحق استقلالا نحتفل به مرفوعي الرأس، مرتاحي الضمير. فلنتكل على الله الذي لا يخذل محبيه، وعلى ذوي الضمائر الحية والإرادة السليمة".