لجريدة عمان:
2025-01-19@06:11:37 GMT

الحلفاء يطالبون بموقف واضح من إدارة بايدن

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

أمريكا وسياستها التجارية -

السياسة التجارية هي المجال الحاسم الذي يواجه فيه جو بايدن تحدي التوفيق بين مصالح العمال الأمريكيين من جهة وحلفاء الولايات المتحدة من جهة أخرى. وهؤلاء يشكلون "جماعتيْ المصلحة" المفضَّلتين لديه.

لننظر فيما صرحّت به مؤخرا لايل برينارد كبيرة المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأمريكي حول عرض شركة الصلب اليابانية العملاقة "نيبون ستيل" لشراء شركة الصلب الأمريكية "يو إس ستيل.

" ففي حين يرحب بايدن بمقدَم الصناعيين من حول العالم لبناء مستقبلهم في أمريكا بالوظائف الأمريكية والعمالة الأمريكية تحدثت برينارد عن بايدن قائلة: هو يعتقد أيضا أن شراء هذه الشركة الأيقونة "الرمز" التي تملكها أمريكا بواسطة كيان أجنبي -حتى إذا كان هذا الكيان من بلد حليف- يبدو بحاجة إلى إخضاعه لتدقيق جاد حول تأثيره المحتمل على الأمن القومي وموثوقية سلسلة التوريد." ترجمة أو معنى قولها هذا كالتالي: نعم. لقد أبلغنا الحلفاء كاليابان بأننا نريد أن نقرِّبهم فيما نحن نحاول فك الارتباط مع الصين في مجالات استراتيجية كصناعة الصلب والرقائق الإلكترونية والسيارات الكهربائية وغير ذلك. لكننا لا نزال نشعر بالقلق من أنهم -أي الحلفاء- سيتعاملون مع الصين ويفضّلون إنتاجهم المحلي الخاص في وقت الضيق أو ينقلون وظائف صناعة الصلب إلى ولايات متدنية الرواتب وتطبق قوانين "الحق في العمل" بحيث يصعب فيها تكوين النقابات العمالية. وهذا يجعل الرئيس يبدو خيارًا سيئًا "للناخبين" حين يكون دونالد ترامب على وشك بدء حملته الانتخابية استنادًا إلى سياسة "أمريكا أولا" التجارية المتشددة. هذه مخاوف مشروعة. ففي مقابلة على قناة "فوكس نيوز" شجب الصفقة روبرت لايتهايزر الممثل التجاري السابق للولايات المتحدة في عهد إدارة ترامب والذي من المحتمل أن يتولى هذا المنصب مرة أخرى إذا أعيد انتخابه. لقد سبق أن نجح لايتهايزر في الضغط على اليابان للحد من صادرات الصلب والسيارات والسلع الأخرى حين كان نائبا لوزير التجارة في إدارة ريجان. وهو الآن يعبر عن فكرة يتفق حولها عديدون في اليسار والمنظمات العمالية. فثمة تباين متجذر بين سياسة حرية التجارة الحرة "سياسة دعه يعمل" والتي تفترض فرصا متساوية وتنافسا نزيها بدون دعم حكومي أو مصالح أمن وطني وبين اقتصادات تديرها الدول وتفترض عكس ذلك.

اقتصاد اليابان على خلاف الصين لا تديره الدولة. لكنه من بعض النواحي يشكل تحديا أكثر تعقيدا للمسؤولين عن الإجراءات التنظيمية في لجنة الاستثمار الأجنبي بالولايات المتحدة والذين سيدرسون صفقة نيبون.

اليابان حليف، لكن شركة نيبون مثلها مثل شركات عديدة في البلدان الحليفة للولايات المتحدة لديها عمليات لفروعها في الصين. وهذ يثير تساؤلا حول المدى الذي ينبغي أن يتقيد به الحلفاء بالسياسة الداخلية لواشنطن تجاه الصين لممارسة الأعمال بالولايات المتحدة في القطاعات الاستراتيجية. ما هو أكثر من ذلك في حين تتبنى اليابان ظاهريا اقتصاد حرية السوق إلا أن نظام "كيريتسو" الياباني الذي يتسم بتداخل ملكية أسهم الشركات وعلاقات الأعمال وينحو إلى تفضيل الشركات المحلية يشكل تحديا. (حسب هارفارد بيزنس ريفيو كلمة كيريتسو مصطلح ياباني يشير إلى شبكة من الشركات المختلفة التي تعمل في مجالات متمايزة ومكملة لبعضها البعض كشركات الصناعة والتوريد والتوزيع والمؤسسات المالية. وتتميز الشبكة بملكية الأسهم المتبادلة حيث تمتلك العديد من الشركات أسهما في الشركات الأخرى- المترجم) الإدارة الأمريكية الحالية ملتزمة بموجب أحكام المادة 232 من قانون التوسع التجاري بزيادة إنتاج الصلب المحلي في الأجل الطويل. هل يمكن حقا ضمان قيام شركة متعددة الجنسية في آسيا بذلك؟ فإذا كانت هنالك على سبيل المثال كارثة طبيعية أو حرب عطلت سلاسل التوريد العالمية ماهي الجهة التي ستكون لها الأفضلية في الحصول على إنتاج شركة نيبون من الصلب داخل الولايات المتحدة؟ هل هي اليابان أم أمريكا؟

هذه الأسئلة يمكن بالطبع التعامل معها بحنكة عبر اتفاقيات قانونية في حال تم السماح باندماج الشركتين نيبون ستيل اليابانية ويو إس ستيل الأمريكية. لكن هنالك قضية أعمق على المحك. فما السياسة التجارية لإدارة بايدن بالضبط؟ وكيف تختلف عما يمكن أن تكون عليه سياسة ترامب التجارية إذا أعيد انتخابه في نوفمبر القادم؟

يريد حلفاء أمريكا أن يعرفوا ذلك. ويمكن التماس العذر لهم إذا شعروا أنهم يتلقُّون رسائل متناقضة حول ذلك. فمن المفترض أن يشمل نقل الصناعة الأمريكية إلى الأصدقاء دولًا صديقة كاليابان مثلا. لكن عندما يتعلق الأمر بالصناعات الاستراتيجية البالغة الأهمية مثل الصلب ربما تلك ليست هي الحال. أو ربما يمكن أن تكون تلك هي الحال إذا تعهدت الشركة المعنية بتشغيل العمال المنظمين نقابيا وعدم العمل في الصين.

من يعلم! وتلك هي المسألة هنا. فالعالم يحتاج بشدة إلى المزيد من الوضوح من جانب الولايات المتحدة حول التجارة. لماذا لم يأت هذا التوضيح حتى الآن؟ أحد أسباب تلك الاختلافات في الطريقة التي يتصور بها المسؤولون عالمَ فك الارتباط (بين اقتصاد الولايات المتحدة والصين).

يتلهف البعض في قطاعي التجارة والأمن إلى عقد صفقات تجارية جديدة مع الحلفاء لمواجهة نفوذ الصين الاقتصادي خصوصا في آسيا. وآخرون مثل الممثلة التجارية للولايات المتحدة كاثرين تاي يدافعون عن نموذج تجارة ما بعد كولونيالي "تجارة مرحلة ما بعد الاستعمار" يرتكز على مقاربة مشتركة بين الدول تجاه العمل والبيئة. تقرُّ هذه الاستراتيجية بأن نظام السوق الحالي ببساطة لا يمنح العمل والبيئة الأولوية والمؤسسات من شاكلة منظمة التجارة الدولية ليس الغرض من إنشائها أن تفعل ذلك.

أنا أتفق مع ذلك على الرغم من أن بعض الحلفاء كالاتحاد الأوروبي لا يوافقون عليه. كما يمكنني أيضا المحاجَّة بأن البيت الأبيض لن يكون قادرا على إقناع باقي العالم بهذه المقاربة ما لم يوضح بجلاء أكثر وبالتفصيل الكيفية التي تختلف بها سياسات بايدن التجارية عن سياسات ترامب ولماذا هي أفضل من السياسات الأخرى. هنالك حجة قوية يمكن الدفع بها. مثلا القول بأن نظام دعم الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة يمكن أن يخدم بشكل أفضل بلدان جنوب العالم مقارنة بآلية الاتحاد الأوروبي لتعديل ضريبة الكربون الحدودية خصوصا إذا عُرِض نقلُ التكنولوجيا من الولايات المتحدة في مقابل ضمان أمن سلاسل التوريد والموارد. ويبدو أن بعض البلدان الصاعدة اقتنعت بمقاربة إدارة بايدن حول نمو الاقتصاد من أسفل إلى أعلى ومن الوسط إلى الخارج لدعم العاملين من خلال السياسة الاقتصادية. (تشير عبارة من أسفل إلى أعلى في هذه المقاربة إلى السياسات التي تخص بالأولوية مساعدة من يقبعون في أسفل السلم الاقتصادي كأصحاب الأجور الضعيفة من الأفراد والعائلات فيما تركز عبارة من الوسط إلى الخارج أو الأطراف على تقوية الطبقة الوسطى - المترجم.)

دافع نائب الوزير الماليزي للاستثمار والتجارة عن وجهة النظر هذه في مدونة على منصة "لينكد أن" قبل شهور قليلة جاء فيها أن مقاربة كاثرين تاي تنطوي على إمكانية إنهاء "السباق نحو القاع" خلال الأربعين عاما الماضية. (تقصد الكاتبة الفترة التي تنافست فيها البلدان والشركات في خفض معايير العمل والضوابط البيئية وقواعد الحماية الاجتماعية لجذب الاستثمار.) لدى ما بعد الليبراليين الجدد " أنصار ما بعد الليبرالية الجديدة" في الإدارة الأمريكية حجة جيدة. لكنهم لم يطرحوها بشكل جيد حتى الآن. يجب السماح لهم بأن يفعلوا ذلك. لا يمكن لأي أحد أن يهزم مقاربة ترامب "أمريكا أولا." وبايدن بحاجة إلى توضيح مقاربته الخاصة به ولماذا هي أفضل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة ما بعد

إقرأ أيضاً:

حمودة: ترامب سيزيد الحروب التجارية ويركز على الحصار التكنولوجي

قال الكاتب الصحفي عادل حمودة إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستؤدي إلى تصاعد الحروب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين، مضيفًا أن ترامب من المرجح أن يفرض رسومًا جمركية مرتفعة على الواردات الصينية، بالإضافة إلى فرضها على واردات دول أخرى مثل كندا والمكسيك، وهدد بفرض رسوم جمركية شاملة تتراوح بين 10 إلى 20% على جميع الواردات، ما قد يدفع بعض الشركاء التجاريين للولايات المتحدة إلى التفاوض لتأمين إعفاءات.

وأوضح حمودة، خلال تقديمه برنامج «واجه الحقيقة»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن ترامب لن يقتصر على الحروب التجارية، بل سيواصل سياسة العداء التي بدأها بايدن ضد الصين، حيث سيستمر في فرض المزيد من القيود على صادرات التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين، خاصة في صناعات أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، كما أن هذه القيود ستصعب على الولايات المتحدة السيطرة على العجز التجاري، ويعد تقليل العجز التجاري هدفًا رئيسيًا لإدارة ترامب الثانية، لكنه سيصر على عدم وصول التقنيات النادرة إلى الصين.

أضاف حمودة أن ترامب سيواصل سياسة بايدن في تقييد الاستثمار في القطاعات التكنولوجية الحيوية، مشددًا على عدم استخدام المعدات الصينية في صناعات معينة، كما لن يبتعد عن سياسة بايدن تجاه تايوان، والتي تهدف إلى تعميق العلاقات الأمنية والعسكرية الأمريكية مع الجزيرة، ومن المتوقع أن تشهد التوترات بين تايبيه وبكين مزيدًا من التصعيد، مع تحفيز الرئيس التايواني «لاي تشينج تي» على مواجهة الصين.

مقالات مشابهة

  • حمودة: ترامب سيزيد الحروب التجارية ويركز على الحصار التكنولوجي
  • بدء أمريكا فرض عقوبات على البنوك التجارية في صنعاء.. ما انعكاسات ذلك على الاقتصاد الوطني والحوثيين؟
  • كيف يمكن أن تتأثر الصين بقرار حظر تيك توك في أمريكا؟
  • تصورات ترامب للنظام الدولي تضع الحلفاء أمام مأزق كبير
  • تيك توك تعلن توقفها غدا في أمريكا.. قرار من بايدن يمكن أن يؤجل ذلك
  • بعد سنوات.. أمريكا تسحب بساط «السلع الفاخرة» من الصين
  • إدارة بايدن: قرار تنفيذ حظر تيك توك يعود للرئيس المنتخب دونالد ترامب
  • غرفة القاهرة يناقش سبلًا جديدة لتطوير الخدمات التجارية والمجتمعية
  • بايدن يكشف كواليس صفقة غزة ويتحدث عن أنفاق حماس التي وصفها بالمذهلة
  • ترامب يبني "أمريكا أولاً" على استراتيجية مواجهة الصين