الحرب الاستباقية الإسرائيلية على لبنان: من منع الجنون؟
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
الحرب الاستباقية الإسرائيلية على لبنان: من منع الجنون؟
التقارير تتباين في الجهة التي منعت الحرب على لبنان. فبعض التقارير أشار إلى نتنياهو، وبعضها ينسب الإنجاز إلى الرئيس الأميركي جو بايدن.
كما حدث بعد حرب تموز، ستكشف الأوراق الإسرائيلية، بعد حرب غزة، كثيراً من الحقائق عن تلك الحرب وما قبلها، والإخفاق الإسرائيلي فيها.
بغضّ النظر عن من منع الحرب الاستباقية لـ"إسرائيل" على لبنان، كخيار جنوني ومكلف، ولن تخرج منها "إسرائيل" منتصرة، لقد وفّرت على الأميركيين الانجرار إلى حرب.
أكد آيزنكوت أنّ "إسرائيل" كانت على وشك "ضرب حزب الله، رغم أنّه لم يطلق النار بعدُ على "إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "أقنع المسؤولين في حكومة الحرب بالتأجيل".
* * *
يوماً بعد يوم، تتكشّف الحقائق بشأن حرب غزة، إن كان من ناحية عدد الشهداء الذين قتلتهم "إسرائيل" عمداً، أو خطط التهجير القسري للفلسطينيين، أو خطط الضربات الاستباقية، التي قال عضو كابينت الحرب الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، إنه من خلال وجوده في حكومة الحرب، منع "إسرائيل" من ارتكاب خطأ استراتيجي فادح في مهاجمة حزب الله في الأيام التي تلت هجوم 7 أكتوبر.
وأكد آيزنكوت أنّ "إسرائيل" كانت على وشك "ضرب حزب الله، على الرغم من أنّ الأخير لم يطلق النار بعدُ على "إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "أقنع المسؤولين في حكومة الحرب بالتأجيل".
يلاحَظ، في هذا الإطار، أن التقارير تتباين في الجهة التي منعت الحرب على لبنان. فبعض التقارير أشار إلى نتنياهو، وبعضها ينسب الإنجاز إلى الرئيس الأميركي جو بايدن.
واليوم، يخرج آيزنكوت لينسب هذا الأمر إلى نفسه، متفاخراً بأنه منع حرباً على لبنان. ولا شك في أن هذا التفاخر له مبرراته، في وقت تتخبّط "إسرائيل" في حربها على قطاع غزة، بحيث إنه بعد مرور أكثر من 100 يوم لم تحقق الأهداف المعلنة، التي تحدثت عنها، بل إنها لم تحقق أيضاً أهدافاً فرعية تُعَدّ أساسية لتحقيق الأهداف الأكبر، والمطلوب تحقيقها من الحرب العدوانية على غزة.
وعليه، إذا كان الإسرائيليون لم يستطيعوا تحقيق أي أهداف أساسية يمكن البناء عليها لتحقيق إنجازات وفرض تصوراتهم لما يسمى اليوم التالي، فإن كشف الحقائق عن نيات إسرائيلية في الهجوم على حزب الله، الذي يمتلك أسلحة دقيقة ويتمتع بقدرات تنظيمية وعسكرية أكبر كثيراً من قدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصَر منذ عام 2007، يشي بأن قيادات "إسرائيل" إمّا بالغت في تقدير قوتها واستخفت بقدرات أعدائها، وإمّا أنها أرادت أن تستغل الدعم، أميركياً وغربياً، ووجود حاملات الطائرات الأميركية في شرقي المتوسط، لتفتح حرباً ضد لبنان.
مع العلم بأن التصريحات الأميركية، التي تحدثت عن وجود حاملات الطائرات لردع أعداء "إسرائيل"، ومنهم حزب الله وإيران، قد تكون "أغرت" نتنياهو باستغلال الحرب على غزة لتحقيق هدف إسرائيلي مستمر منذ ما بعد حرب تموز/يوليو 2006، وهو الانتقام من لبنان.
أمّا بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، والتي كانت أعلنت أن أولويتها التفرغ لاحتواء الصين وروسيا، فهي تعرف جيداً تكلفة الانخراط في حروب مكلفة في الشرق الاوسط، وخصوصاً تكاليف الحروب الاستباقية، أو الوقائية، والتي قام بها جورج بوش في العراق، علماً بأن تلك الحروب محظورة في القانون الدولي.
وكان جورج بوش استخدم مبدأ الضربة "الوقائية" في حربه على العراق، على الرغم من أن مفهوم "الحرب الوقائية"، أو حق الدفاع الوقائي عن النفس، عمل محظور في القانون الدولي العام، ويتناقض كلياً مع ميثاق الأمم المتحدة.
كذلك مبدأ الضربة الاستباقية المعروف في العلم العسكري، وسبق أن استخدمته ألمانيا ضد النرويج، خلال الحرب العالمية الثانية، بذريعة منع غزو الحلفاء لألمانيا، لكن محكمة نورمبورغ رفضت الحجة الألمانية وأقرت بعدم شرعيتها، مع العلم بأن الضربات الوقائية تكتفي بتشخيص إمكان خطر قد يأتي من دولة أخرى من أجل شن حرب، وإن قامت دولة ما بشنها منفردة، على عكس الضربة الاستباقية، التي كانت تُعتمد في الحرب في حال وقوع خطر شديد وملموس، وتُستخدم قبل وقوعه لتشل قدرة الخصم.
في جانب آخر، كان قرار مجلس الأمن الدولي، رقم 486، دان بشدة استخدام الضربة الاستباقية ضد مواقع مشكوك فيها لتطوير أسلحة الدمار الشامل، وذلك بعد الهجوم الإسرائيلي ضد مفاعل تموز العراقي عام 1981، ودان أيضاً بشدة خرق "إسرائيل" لميثاق الأمم المتحدة وقواعد سلوك الدول.
وعلى هذا الأساس، وبغضّ النظر عن الجهة التي منعت الحرب الاستباقية لـ"إسرائيل" على لبنان، والتي كانت خياراً جنونياً ومكلفاً، ولن تخرج فيها "إسرائيل" منتصرة، فإنها أيضاً وفّرت على الأميركيين الانجرار إلى حرب مع لبنان، لا مبرر لها، علماً بأن لبنان ليس عدواً للولايات المتحدة، ولها نفوذ كبير فيه، وتتمتع بصداقات قوية مع معظم سياسييه.
في النتيجة، كما حدث بعد حرب تموز، ستكشف الأوراق الإسرائيلية، بعد حرب غزة، كثيراً من الحقائق عن تلك الحرب وما قبلها، والإخفاق الإسرائيلي فيها.
*د. ليلى نقولا أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية
المصدر | الميادين نتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل لبنان بيروت غزة 7 أكتوبر حزب الله نصرالله آيزنكوت الحرب الاستباقية طوفان الأقصى المقاومة الفلسطينية على لبنان حزب الله بعد حرب
إقرأ أيضاً:
المطران عطا الله حنا: يجب أن تتوقف الحرب التي يدفع فاتورتها المدنيين الأبرياء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس اليوم في كنيسة القيامة في القدس القديمة، وفدا كنسيا من كندا، الذين وصلوا في زيارة تضامنية مع شعبنا وبهدف المنادة بوقف الحرب وتحقيق العدالة في الأرض المقدسة.
وقد رحب بهم مثمناً ومقدرًا هذه الزيارة وما تحمله من رسائل إنسانية وروحية وحضارية، لا سيما أن المظالم التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني يجب أن تحرك كل إنسان حر في هذا العالم والكنائس المسيحية في عالمنا يجب أن تنادي دوما بتحقيق العدالة ونصرة شعبنا وتحقيق أمنياته وتطلعاته الوطنية.
ولكن يبقى مطلبنا الأساسي في هذه الأيام العصيبة هو أن تتوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي، والتي تستهدف قطاع غزة ناهيك عن المؤامرات التي تستهدف الضفة الغربية وما تتعرض له مدينة القدس.
وقال إن مدينة القدس مدينة مقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث ومن المفترض أن تكون مدينة للسلام ولكن واقعها اليوم لا يشير إلى أنها مدينة للسلام بسبب سياسات ظالمة تستهدف الفلسطينيين في مقدساتهم وأوقافهم وإحيائهم وكافة تفاصيل حياتهم.
لسنا دعاة حروب وعنف وقتل فنحن لا نؤمن بالحروب والتي نعتقد بأنها شر مطلق وننادي بأن تتوقف الحروب والنزاعات في كل مكان في هذا العالم ، أما في فلسطين فهنالك نزيف لم يندمل منذ عشرات السنين حيث ان هنالك شعبا فلسطينيا يتوق الى العيش بحرية وكرامة وسلام في وطنه وفي أرضه المقدسة .
وهذا الشعب يستحق أن يعيش بحرية وسلام في وطنه مثل باقي شعوب العالم.
وضع الوفد في صورة ما تتعرض له مدينة القدس كما تحدث بإسهاب عن الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها أهلنا في غزة بسبب العدوان، وضرورة العمل على وقف الحرب والتي يدفع فاتورتها المدنيين الأبرياء، كما أجاب على عدد من الأسئلة والاستفسارات.