بين بقاء وخروج القوات الأمريكية.. مواقف عراقية متباينة
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
الجمعة, 26 يناير 2024 5:15 م
بغداد/ المركز الخبري الوطني
e4eb25e7-4763-47a7-b70e-9a5b6148277f
المصدر: المركز الخبري الوطني
إقرأ أيضاً:
مواقف دول الجوار من حرب السودان (2)
مواقف دول الجوار من حرب السودان (2)
____________________________________
ثالثاً : تشاد
=======
تشاد تجاور السودان من الناحية الغربية و تمتد الحدود بينهما لأكثر من 1400 كيلومتر ، و توجد في البلدين قبائل مشتركة كثيرة أبرزها : الزغاوة ، المحاميد ، السلامات ، أولاد راشد ، التنجر ، الفلاتة ، البني هلبة ، الداجو ، الوداي ، الخزام ، و غيرها !!
بحكم هذا الجوار و التداخل و تحركات القبائل المشتركة فإن الحدود بين البلدين تعتبر حدود مفتوحة خاصة و أنه لا توجد بينها حواجز و موانع طبيعية ، و بسبب هذا الوضع فقد انطلقت معظم قوى المعارضة التشادية التي نجحت في استلام السلطة من مناطق عمقها القبلي و الإجتماعي في دارفور ، و كانت آخرها قوات (جبهة الإنقاذ الوطنية) بقيادة إدريس ديبي و التي نجحت فى الإطاحة بحكومة الرئيس (حسين حبري) بدعم من ليبيا و السودان في ديسمبر 1990 .
و قد استمر (ديبي) في الحكم حتى مقتله في العشرين من أبريل 2021 متأثراً بإصابته في اشتباكات مع قوات المعارضة شمالي تشاد .
في العام 2006 قامت قوات (الجبهة المتحدة للتغيير الديمقراطي) في تشاد بقيادة محمد نور عبد الكريم بهجوم مباغت علي العاصمة أنجمينا و كادت أن تستلم القصر الرئاسي قبل أن تتراجع بسبب خلافات نشبت بين الفصائل السياسية المكونة للجبهة ، الحكومة التشادية من جانبها إتهمت السودان بأنه يقف وراء الهجوم و محاولة تغيير نظام الحكم .
و من جانب آخر فإن تشاد ظلت تمثل عمقاً لحركات التمرد المسلحة خاصة تلك التي تنتمي إلى قبيلة آلزغاوة ، و ظلت كذلك تقدم لها الدعم العسكري و اللوجستي ، و قد إتهم السودان تشاد بأنها كانت تقف وراء عملية الذراع الطويل التي قامت بها قوات حركة العدل و المساواة و استطاعت أن تصل فيها حتى أمدرمان في مايو 2008 .
تحركات المعارضات المسلحة بين البلدين و الإتهامات المتبادلة ظلت تمثل عنصر شد في العلاقات بينهما خاصة و أنهما يجاوران ليبيا المضطربة و أن بعض الفصائل المعارضة فيهما متورطة في الصراع الليبي ، و تتلقى الدعم من الجهات الليبية التي تقاتل إلى جانبها !!
عندما بدأت حرب السودان الأخيرة بعد تمرد المليشيا كان الموقف التشادي في البداية متحفظاً بل و أقرب إلى المساند للحكومة الشرعية و الجيش لأن تشاد تدرك تماماً بأن أمن السودان من أمنها و استقراره من إستقرارها .
و لكن فجأة و بعد زيارة قام بها محمد إدريس ديبي إلى أبوظبي في يونيو 2023 (بعد أقل من شهرين من إندلاع التمرد و الحرب) و وقع خلال زيارته هذه إتفاقية تعاون عسكري بين البلدين و تلقى دعماً مالياً مباشراً بمبلغ مليار و نصف دولار تغير الموقف التشادي إلى موقف داعم للمليشيا ، و تمثل ذلك الدعم في الآتي :
١/ منح الإمارات حق تشغيل مطار أم جرس في شرق البلاد و التي بدورها حولته إلى قاعدة جوية لإمداد المليشيا بالسلاح والذخائر و العتاد (مقابل إيجار تتلقاه) !!
٢/ سمحت بتجنيد عشرات الآلاف من مواطنيها للإنخراط في القتال مع قوات المليشيا !!
٣/ فتحت حدودها لمرور المرتزقة الذين يتدفقون من عدة بلدان أفريقية للإلتحاق بصفوف المليشيا !!
٤/ سمحت بدخول المسروقات و المنهوبات من سيارات و ممتلكات و أموال الشعب السوداني إلى أراضيها و سمحت بمرور بعضها إلى بعض دول غرب أفريقيا !!
٥/ في الأشهر الأخيرة و دعماً للمليشيا للإستيلاء على الفاشر سمحت بإطلاق الصواريخ و الطائرات المسيرة من داخل أراضيها كما كشفت ذلك الجهات السودانية !!
٦/ آوت و ما تزال تؤوي قيادات المليشيا المتمردة و تسمح لهم باستخدام أراضيها و مطاراتها في التنقل من و إلى السودان !!
الموقف التشادي الداعم للمليشيا تأثر بفرنسا التي تشارك الإمارات في الحرب على السودان بغية تحقيق هدفها الإستراتيجي المتمثل في البحث عن وطن بديل لعربان الشتات المنتشرين في مستعمراتها القديمة أو التخلص منهم في محرقة الحرب حيث أنهم باتوا يشكلون خطراً على مصالحها مع صعود تأثيرهم السياسي !!
السودان من جانبه و بعد توفر كل الأدلة و الإثباتات المادية و التقارير الأممية التي تثبت تورط تشاد في الحرب تقدم بشكوى رسمية ضدها إلى مجلس الأمن و تبادل معها طرد الدبلوماسيين !!
إستمرار الدور السالب للجارة تشاد و دعمها للمليشيا ربما يدفع السودان لتطبيق مبدأ (التعامل بالمثل) !!
رابعاً : أفريقيا الوسطى
==============
تقع أفريقيا الوسطى في الجنوب الغربي للسودان و يبلغ طول الحدود بينهما حوالي 174 كيلومتر .
و تعتبر أفريقيا الوسطى من البلدان التي لها تأريخ طويل مع الإضطرابات و عدم الإستقرار و قد بدأت فيها الحرب الأهلية منذ العام 2003 عندما استولى الجنرال (بوزيزيه) على السلطة بدعم من تشاد و السودان ، فتمرد عليه في العام 2004 (إتحاد القوى الديمقراطية من أجل الوحدة) في شمال شرق البلاد بقيادة (ميشيل جوتوديا) و الذي نجح في إستلام السلطة في مارس 2013 ثم ما لبثت أن تحولت الأوضاع فيها إلى حرب أهلية مدمرة تفاقمت بصورة كبيرة في الفترة بين عامي 2012 ـ 2014 ، ثم شهدت البلاد فترات إنتقالية أجريت بعدها إنتخابات فاز بها الرئيس الحالي (فوستان آرشانج) في مارس 2016 و الذي فاز بدورة أخرى في 2020 .
أفريقيا الوسطى من مستعمرات فرنسا التي ما تزال تتمتع فيها بسيطرة و نفوذ كبير رغم توجهات الرئيس الحالي الذي انفتح على روسيا و منحها إمتيازات للتعدين كانت تديرها شركة فاغنر الأمنية و التي تقوم أيضاً بحماية النظام الحاكم .
الأوضاع الهشة في أفريقيا الوسطى و تأثير (فاغنر) و الإمارات بالإضافة إلى وجود مليشيا (د . س) المتمردة التي كانت مسئولة عن تأمين الحدود و وجود بعض المجموعات (المستعربة) في حدودها الشرقية جعلها تصبح واحدة من دول الجوار الداعمة للمليشيا في حربها ضد الدولة السودانية !!
و قد أصبحت منطقة (أم دافوق) الحدود مركزاً كبيراً لتجميع المرتزقة من عدة دول أفريقية و تدريبهم و إعدادهم ثم الدفع بهم للإلتحاق بصفوف المليشيا و ما يزال هذا العمل السالب مستمراً حتى اليوم برضا حكومة أفريقيا الوسطى و تحت مرأى و مسمع فرنسا و في الأشهر الأخيرة إنسحبت منه (فاغنر) ربما بإيعاز من الحكومة الروسية !!
يبدو أن السودان أيضاً سيضطر للتعامل مع حكومة أفريقيا الوسطى بمبدأ (المعاملة بالمثل) !!
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
21 ديسمبر 2024