تمكن باحثون من ابتكار مجموعة بوليمرات تستطيع قتل البكتيريا دون أن تسبب مقاومة ضد المضادات الحيوية، الأمر الذي يعد خطوة كبيرة في الحرب ضد البكتيريا المقاومة "superbug".
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة تكساس إيه آند إم في الولايات المتحدة الأميركية، ونشرت في مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي في مجلة "بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز" (Proceedings of the National Academy of Sciences)، وكتب عنها موقع "سينس دايلي" (ScienceDaily).
وتعد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية من التهديدات النامية بشكل متسارع لصحة البشر. وفي كل عام تحدث ملايين حالات العدوى، ومن دون المضادات الحيوية سيصبح من الصعب علاج هذه الحالات حتى البسيطة منها.
تمكن العلماء من الاقتراب خطوة إضافية نحو النصر في حربهم ضد البكتيريا، حيث قادت المجموعة البحثية تطوير عائلة من البوليمرات القادرة على القضاء على البكتيريا دون المساهمة في زيادة مقاومتها وذلك من خلال إحداث ثقب في جدار الخلية لهذه الكائنات الحية الدقيقة.
التهاباتيقول الدكتور كوينتين ميشوديل الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء وقائد الفريق البحثي إنه من خلال هذا البوليمر الجديد الذي تم تصنيعه يمكن محاربة مقاومة البكتيريا عبر تزويد المضادات الحيوية بمركبات تعمل وفق آليات لا يبدو أن البكتيريا تستطيع تطوير طرق لمقاومتها.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن مقاومة المضادات الحيوية تحدث بشكل طبيعي، لكن وتيرة عمليتها تتسرع بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها للإنسان والحيوان.
وقد بات علاج عدوى الالتهابات المتزايدة العدد -من قبيل الالتهاب الرئوي والسل والسيلان- أصعب بعد أن أصبحت المضادات الحيوية التي درجت العادة على استعمالها لعلاجها أقل نجاعة.
وبطبيعة الحال فإن مقاومة المضادات الحيوية تؤدي إلى تمديد فترة الرقود في المستشفى وتسهم في ارتفاع التكاليف الطبية وزيادة معدل الوفيات.
وبالعمل من خلال الكيمياء العضوية وعلم البوليمرات تمكن الباحثون في مختبر ميشوديل من تصميم البوليمر الجديد.
والبوليمر الذي صمم بعناية يمتلك شحنة موجبة تمكنه من الالتصاق عدة مرات ليتكون مركب كبير مكون من نفس المركب مكررا. ويتم ذلك من خلال استخدام محفز مختار بعناية يسمى أكواميت (AquaMet).
وبعد صناعة البوليمر قام الباحثون بتجريبه على نوعين من البكتيريا المقاومة الإشريكية القولونية والمكورات العنقودية الذهبية التي تعرف اختصارا بـ"إم آر إس إيه" E. coli and Staphylococcus aureus (MRSA)) وذلك بالتعاون مع باحثين في جامعة ماساتشوستس أمهيرست.
كريات الدم الحمراءفي الوقت الذي كان الباحثون ينتظرون فيه نتائج تجاربهم على البكتيريا قاموا أيضا باختبار على كريات الدم الحمراء حيث أوضح الدكتور ميشوديل أنه من المشاكل الشائعة في البوليمرات التي تعمل كمضادات الحيوية أنها لا تستطيع التمييز بين الخلايا البشرية والخلايا البكتيرية عند مهاجمة جدار الخلية.
وأشار أيضا إلى أن مفتاح النجاح هو تحقيق التوازن الصحيح بين تثبيط نمو البكتيريا بشكل فعال وقتل عدة أنواع من الخلايا دون تميز.
وسيقوم الفريق البحثي الآن بالتركيز على تطوير نشاط هذه البوليمرات ضد البكتيريا خصوصا ما يتعلق بقدرتها على التميز بين الخلايا البشرية والخلايا البكتيرية قبل الانتقال لاختبار هذه البوليمرات على البشر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المضادات الحیویة من خلال
إقرأ أيضاً:
بعد تدميرها القطاع هل تستطيع إسرائيل تهجير الغزيين؟
اعتمدت إسرائيل في حربها غير المسبوقة على قطاع غزة سياسة التدمير الممنهج لمختلف مدنه وبلداته وبنيته التحتية، وهو ما يرى محللون أنه يتخطى مفهوم تدمير كافة مقومات الحياة في القطاع المحاصر إلى التهجير.
ويقول المحاضر في العلوم السياسية مهند مصطفى إن هدف الحرب القادمة بالنسبة لإسرائيل هو تحويل غزة إلى مكان غير صالح للسكن بشكل أكبر مما هو عليه الوضع حاليا، مما يعني عمليا المضي قدما بتهجير الغزيين.
وأشار مصطفى إلى أن التدمير الذي أحدثته إسرائيل في القطاع ممنهج باعتراف جنود وضباط إسرائيليين، مؤكدا أنه يندرج في إطار تحويل غزة إلى مكان غير صالح للسكن.
بدوره، استبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة أن يكون خطر التهجير القسري لا يزال ماثلا بمعناه الدقيق، لكنه أقر بوجود طرق بديلة لتحقيق ذلك من وجهة النظر الإسرائيلية.
ووفق الحيلة، فإن إسرائيل قد تتحكم بعملية خروج وعودة الفلسطينيين من وإلى القطاع، إذ قد لا تسمح بعودة من خرج منه بالعودة إليه لاحقا.
ولفت مصطفى إلى وجود تصور إسرائيلي يتم تداوله حاليا يربط إعادة الإعمار في قطاع غزة بالجانب السياسي، مما يعني الربط عمليا بين الشأنين الإنساني والسياسي، في إشارة إلى تحكمها بعملية إعادة الإعمار.
إعلانوتعتبر إسرائيل -حسب مصطفى- إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار القطاع بمثابة موارد سلطوية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تستطيع أن تستعملها لإعادة بناء ذاتها سياسيا، واصفا ذلك بأنه ابتزاز إسرائيلي للفلسطينيين فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة.
وتحولت أحياء بأكملها في غزة إلى أنقاض، مما جعل مئات الآلاف من الغزيين يعتمدون على المساعدات الإنسانية من أجل المأوى والبقاء على قيد الحياة، فضلا عن تدمير البنية التحتية، وهو ما يسلط الضوء على التحديات الهائلة التي تواجهها غزة في إعادة البناء.
وأعرب مصطفى عن قناعته بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية، لكنه يفكر أيضا بإمكانية فرض حل سياسي على الفلسطينيين من خلال التعاون مع الولايات المتحدة.
وأظهرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوادر تشجع إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب، مثل إلغاء العقوبات على المستوطنين، مؤكدا أن إنهاء حكم حماس في غزة يمثل مفهوم الانتصار عند إسرائيل.
أما الحيلة فشدد على أن اتفاق وقف إطلاق النار بغزة لا يمنح إسرائيل السيادة على معبر رفح، لكنها تريد سلب الفلسطينيين أحد المظاهر السيادية على القطاع، والتحكم بكل من يدخل ويخرج منه.
وخلص الحيلة إلى أنه "ليس بالضرورة أن كل ما يريده الاحتلال يمكن أن ينجح ويتحقق"، مستدلا بسحب إسرائيل قطاعاتها العسكرية من غزة دون أن تحقق أهداف الحرب.
وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فإنه حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول 2024 تضرر أو دمر ما يقارب 69% من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170 ألفا و812 مبنى.