بقلم: د. معتز محي عبد الحميد
مدير المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية ..

ان حركات التحرر في العالم كانت مستهدفة دوما من قوى غاشمة تستبيح القتل والتنكيل للشعوب التي تؤمن بالحرية والاستقلال..والخلاص من الزعامة الدكتاتورية ..التي ترفض دومامبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها..ان تاريخ الأمم مزيج من المآسي الحزينة والمناسبات السعيدة كالانتصارات والانجازات، ورغم تبوء أذربيجان لمكانة اقليمية ودولية هامة وتحقيق انجازات سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة خاصة بعد استقلالها الثاني عام 1991 الا ان المآسي في تاريخها واقعة أيضا.


وطوال القرن العشرين عانت أذربيجان من مذابح ومجازر عديدة على أيدي الأرمن راح ضحيتها عشرات الآلاف من أبنائها، الا أن مأساة عشرين يناير عام 1990 كان لها وقع خاص علي قلوب الشعب الأذربيجاني.
وفي منتصف ليلة العشرين من شهر يناير 1990 قامت القوات السوفيتية بالهجوم على باكو من كافة الاتجاهات، وذلك في محاولة فاشلة لإنقاذ النظام الشيوعي ودحر الكفاح الوطني التحررى الأذربيجاني. وكان هجوم القوات السوفيتية هذا أمرا غير مسبوق من حيث اعتدائه على مواطنين مسالمين غير مسلحين في أذربيجان السوفيتية، الأمر الذى خلف موجات من الشعور بالصدمة في كافة أرجاء الجمهورية.
ففي باكو؛ وبحجة “إعادة النظام إلى المدينة”؛ اقتحم الجيش السوفيتي المدينة بوحشية بالغة محاولا سحق حركة التحرر التي كانت تحظى بالتأييد وبالزخم. وقد تم تنفيذ العملية العسكرية التي أُطلق عليها “الضربة”، ضد الحركة المعادية للسوفييت، والمؤيدة للديمقراطية والتحرر في أذربيجان، وذلك بموجب حالة الطوارىء التي أعلنتها اللجنة التنفيذية الدائمة العليا لعموم الاتحاد السوفييتي ووقع عليها الرئيس جورباتشوف، وتم تطبيقها حصريا على جمهورية أذربيجان، بعد أن رقد قتيلا في الشوارع أكثر من مئة وثلاثين مواطنا، فضلا عن أكثر من سبعمئة جريحا.
والسبب الآخر والأهم هو احتجاج الشعب الأذربيجاني ضد الأعمال التخريبية والاستفزازية من قبل الأرمن المتواجدين في أراضي أذربيجان وحرق الغابات في منطقة شوشا الأذربيجانية وقام الشعب الأذربيجاني باحتجاجات ومظاهرات مطالبة ومساءلة قيادة النظام السوفييتي حول التصرفات التخريبية الأرمينية. ولم يكن مخفيا، أن النظام الشيوعي كان ينحاز لأرمينيا ضد أذربيجان.
ولم تكن أوامر ميخائيل جورباتشوف باستخدام القوة ضد المدنيين الأبرياء إلا محاولة يائسة لوقف تفسخ الحكم الشيوعي في أذربيجان.
ومن قبيل السخرية والتناقض التام أن ميخائيل جورباتشوف، رئيس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، قد حظي بإعجاب الغرب باعتباره “ديمقراطيا” و”محبا للسلام” وأنه رُشح في أكتوبر 1990 للحصول على جائزة نوبل بسبب “دوره القيادى في عملية السلام”، وهو نفسه كان مسئولا شخصيا عن هذه المأساة وعن قتل الأبرياء من الناس.
وأشارت منظمة هيومان رايتس واتش (مراقبة حقوق الإنسان) في تقريرها حول الأمر بعنوان “يناير الأسود في أذربيجان” إلى أنه: “لم يكن العنف الذى استخدمه الجيش السوفيتي ليلة 19-20 يناير متكافئ بأى حال مع المقاومة التي أبداها الآذريون، حتى أنه تحول إلى ممارسة للعقاب الجماعي. ولأن المسئولين السوفييت قد أعلنوا على الملأ أن هدف تدخل القوات السوفيتية هو الحيلولة دون إسقاط حكومة جمهورية أذربيجان التي يسيطر عليها الشيوعيون من قِبل المعارضة غير الشيوعية ذات التوجه الوطني، فيمكن اعتبار العقاب الذي أُنزل بباكو على يد الجنود السوفييت إنذارا للحركات القومية ليس فقط في أذربيجان، بل أيضا للجمهوريات الأخرى للاتحاد السوفيتي”.
وفي جلسة تاريخية عقدت في الثامن عشر من أكتوبر لعام 1991، أصدر المجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان بالإجماع، القانون الدستورى “حول استقلال الدولة في جمهورية أذربيجان”. وتلي هذا القرار استفتاء وطني في جمهورية أذربيجان في 29 ديسمبر 1991. وضمت ورقة الاقتراع في هذا الاستفتاء سؤالا واحدا هو: “هل تؤيد القانون الدستورى لاستقلال الدولة في جمهورية أذربيجان؟” وصوت شعب أذربيجان بالإجماع تأييدا لتجديد وضع استقلال الدولة.
ولم تقل من عزم الشعب الأذربيجاني على بناء بلد ديمقراطي مستقل ومزدهر فظائع “يناير الأسود” وما تلاها من عدوان أرمينيا ضد أذربيجان، واحتلالها لمساحة 20% من أراضيها ونزوح أكثر من مليون أذربيجاني، فضلا عن الصعوبات السياسية الاقتصادية التي كانت تمتد جذورها إلى الأيام الأولى لاستقلال البلاد.
وبالسلام والمفاوضات والوساطات والقوانين الدولية حاولت القيادة الأذربيجانية استعادة الأرض المحتلة؛ لكن دون جدوى.
فمنذ العام 1992 جرت المفاوضات مع أرمينيا وأذربيجان على تسوية النزاع، واستطاعت أذربيجان أن تحصل على أربع قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة(822،853،874،884)، والتي تم الاعتراف من خلالها بحق أذربيجان في استعادة أراضيها؛ لكن دون جدوى.
ثم منذ العام 1994 توسطت مجموعة “منسك” التي ترأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا، وهي (منظمة تابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية)؛ لكن دون جدوى أيضًا.
وليت الأمر توقف عند هذا الحد، وإنما استغل النظام الأرميني هذا النزاع كلما عانى داخليًا من أزمة سياسية أو اقتصادية. فكان يتم الاعتداء على الحدود الأذربيجانية واستفزاز الجيش الأذربيجاني للرد، حتى يبدأ النظام الأرميني في استنفار الأرمن داخليًا وخارجيًا باسم الدين والعرق، في عنصرية اعتاد عليها.
ودولة مثل أذربيجان لم يكن بوسعها الصبر على محتل أكثر من ٢٨ عامًا…! فسريعًا حسمت قيادة أذربيجان أمرها، فاستردت معظم أراضيها المحتلة بقوة جيشها الباسل من وطأة العدو الغاشم خلال 44 يوما، ثم ركنت العدو وأرغمته على الاستسلام العسكري، فبعد ذلك تمكنت من استعادة باقي أراضيها بالتفاوض والسياسة.
وفي يوم 20 يناير من كل سنة يزور شعب أذربيجان “مرقد الشهداء” للإشادة بمن ضحى بحياته من أجل استقلال البلاد وحريتها وتطورها المزدهر.

د. معتز محي عبد الحميد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات جمهوریة أذربیجان فی أذربیجان أکثر من

إقرأ أيضاً:

مصر تسجل “آلة السمسمية.. العزف عليها وتصنيعها” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي

نجحت جمهورية مصر العربية في تسجيل عنصر “آلة السمسمية: العزف عليها وتصنيعها” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو، جاء هذا الإنجاز نتيجة التعاون المثمر بين وزارتي الثقافة والخارجية خلال اجتماع اللجنة الحكومية الدولية لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي المنعقد في باراجواي.

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة: “بتسجيل السمسمية، يصل عدد العناصر التراثية المصرية المسجلة إلى 10 عناصر، مما يعكس غنى التراث المصري وأهميته على الساحة العالمية.

وأضاف: “تعد آلة السمسمية رمزًا ثقافيًا حيًا يعبر عن الهوية المصرية، حيث صاحبت المصريين في أفراحهم ونضالهم، خاصة في منطقة قناة السويس، وحملت معاني الكفاح والبهجة”.

وأشار الوزير إلى أن هذه الآلة أصبحت مصدر إلهام لجيل جديد من الأطفال الذين يتعلمون فنونها على أيدي الفنانين المهرة، مما يضمن استمرار هذا التراث عبر الأجيال.

 

وأكد أن لجنة صياغة ملف السمسمية استغرقت عامين من العمل الدؤوب بقيادة الأستاذ الدكتور محمد شبانة، أستاذ الموسيقى الشعبية بأكاديمية الفنون ومقرر لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للثقافة.

كما شارك في هذا الجهد جهات ثقافية متعددة، منها الهيئة العامة لقصور الثقافة، وصندوق التنمية الثقافية، والمركز القومي للسينما، في إطار حرص الدولة على صون تراثها الثقافي.

من جانبها، قالت الدكتورة نهلة إمام، مستشار وزير الثقافة للتراث الثقافي غير المادي ورئيسة الوفد المصري المشارك في اجتماعات لجنة اليونسكو في باراجواي:”أتوجه بالشكر لكل عازف وصانع للسمسمية الذين حافظوا على تراثهم بالرغم من التحديات، واليوم هو يوم للاحتفال والفخر بهذه الآلة المحببة، والاعتزاز باعتراف اليونسكو بهذا الإرث الثقافي الفريد”.

وتابعت: هذا الإنجاز يؤكد التزام مصر بالحفاظ على تراثها الثقافي كجزء أصيل من هويتها الوطنية وكنز إنساني مشترك للعالم أجمع.

بوابة روز اليوسف

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الخازن زار دريان: لتكون جلسة 9 كانون الثاني محطة جدية لانتخاب رئيس
  • شايبي: “تركيزنا حاليا على هدفنا الثاني وهو تصفيات كأس العالم”
  • حذيفة عبد الله: سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى
  • مصر تسجل “آلة السمسمية.. العزف عليها وتصنيعها” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي
  • “اللافي” يبحث مع سفير جمهورية ألمانيا مستجدات العملية السياسية في ليبيا
  • “موارد الشارقة” : 1 يناير عطلة رأس السنة الميلادية
  • إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية.. فيديو
  • إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي أودت بحياة مئات الآلاف
  • ضيوف خادم الحرمين الشريفين من “الجبل الأسود” يشيدون بجهود المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين
  • ضيوف خادم الحرمين للعمرة من “الجبل الأسود”: يشيدون بجهود المملكة في خدمة الإسلام المسلمين