أوصى الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز، إمام وخطيب المسجد الحرام، بليلة المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه، وتجنب مساخطه ومناهيه.

العقل أصل المعرفة ومادة الفهم

وقال خطيب المسجد الحرام  في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: العقلُ أصلُ المعرفة، ومادةُ الفهم، وينبوعُ العِلم، ومَرقاةُ الأدب، به تَظهرُ الحقائق، وتَلُوحُ الخَفِيات، وتُوزَنُ الأمور، وتُكتسبُ الفضائل، وهو نعمةٌ يُنعِمُ اللهُ بها على مَن أراد كرامتَه مِن عباده، وقَضى له بحُسن العاقبة في مَعاده، قال تعالى: (لآيات لقوم يعقلون) وقال تعالى: (إن في ذلك لآيات لأولي النهى) وقال تعالى: (هل في ذلك قسم لذي حجر) أي: لذي العقل والنُّهى، كما أن العقلُ نورٌ في القلب كنور البصرِ في العين، يَنقُصُ ويزيد، ويذهبُ ويعود، يُدرِكُ به المرءُ الأشياءَ على ما هي عليه مِن ماهية مَبانيها، وصحةِ مَعانيها، ويُصيبُ الرأيَ الصواب، ويُدركُ البيان، ويمتنعُ عما لا يَجْمُل، فهو في سَداد ورَشاد وإمداد، حيث قال عمرُ رضي اللهُ عنه: (أصلُ الرجلِ عقلُه) وقيل لعبدِالله بنِ المباركِ رحمه الله: (ما خيرُ ما أُعطيَ الرجل؟ قال: غريزةُ عقل) وقال الحسنُ البصريُّ رحمه الله: (ما تمَّ دينُ عبدٍ قطُّ حتى يَتِمَّ عقلُه).

وأضاف خطيب المسجد الحرام؛ للعقل أماراتٌ على صاحبه، وصفاتٌ تدُل عليه، فأولُ صفاتِ العاقلِ العقلُ عن الله تعالى في أمره ونهيه، والإيمانُ به، والاتباعُ لرُسُله، قال تعالى: (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى) وقال تعالى عن أصحاب النار عِياذًا به منها: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير). والعاقلُ لا يُقدِّمُ عقلَه على النقل، ولا يُخضِعُ الشرعَ تبعًا لرأيه، فلا يَسلَمُ إسلامُ العبدِ إلا بالتسليمِ التامِّ لنصوص الوحيين الشريفين، والإذعانِ لهما، والعملِ بهما، حيث قال الزُّهريُّ رحمه الله: (مِن الله الرسالة، وعلى رسول الله ﷺ البلاغ، وعلينا التسليم) وقال ابنُ القيم رحمه الله: (كلُّ مَن له مِسْكةٌ من عقل يعلمُ أن فسادَ العالمِ وخرابَه إنما نشأ من تقديم الرأي على الوحي، والهوى على العقل). والعاقلُ يتأمُّلُ في مُلك الله وملكوته، ويتدبرُ آياتِه ودلائلَ قُدرته، قال تعالى: (إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين*وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون*واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون)

خطيب المسجد الحرام: العقل نعمة من الله لمن أراد تكريمه خطيب المسجد الحرام: ليس كل أحد يحيا في هذه الدنيا حياة ذات قيمة

وأردف في خطبته قائلاً: "العاقلُ لا يُؤثِرُ اللذةَ العاجلة، ولا يُقدِّمُ المتعةَ الزائلة؛ لأنه يعلمُ أن الدنيا ظِلُّ غَمام، وحُلُمُ مَنام، لا تُبقي على حالة، ولا تخلُو من استحالة، السكونُ فيها خَطَر، والثقةُ بها غَرَر، والإخلادُ إليها مُحال، والاعتمادُ عليها ضلال”، حيث قال تعالى: (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون) وقال تعالى: (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون). كما من صفات العاقل حُسْنُ السمت، وطولُ الصمت، وعدمُ الابتداءِ بالكلام إلا حينَ السؤال، وعدمُ الجوابِ إلا عند التثبُّت. والعاقلُ لا يَستحقرُ أحداً، ولا يَخفى عليه عيبُ نفسِه؛ لأن مَن خَفِي عليه عيبُه خَفِيت عليه محاسنُ غيره. والعاقلُ إذا عَلِم عَمِل، وإذا عَمِل تواضع، وإذا نظرَ اعتبر، وإذا صَمَت تفكر، وإذا تكلم ذَكر، وإذا أُعطيَ شكر، وإذا ابتُليَ صبر، وإذا جُهِل عليه حَلُم، وإذا سُئل بَذل، وإذا نطق صدق.

وأوضح خطيب المسجد الحرام؛ بأن العقلُ نعمةٌ من الله كُبرى، ومِنحة عُظمى، حقيقةٌ بشُكرِ الله وحَمْده، ومِن شُكره سبحانه حفظُه مما يُكدِّرُ صَفوَه وصَفاءَه، ويُعكِّرُ نورَه ونقاءَه، ومِن ذلك الهوى، فهو للعقل مُضاد، وللخير صاد، وهو مَركبٌ ذميمٌ يسيرُ بالإنسان إلى ظُلُمات الفتن، ومَرْتَعٌ وخيمٌ يُقعِدُه في مواطن المحن، حيث قال تعالى: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة خطیب المسجد الحرام وقال تعالى رحمه الله قال تعالى حیث قال ن الله

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس جامعة الأزهر: القرآن تحدث عن معجزة الإسراء والمعراج بخطاب يناسب العقل

قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام للأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حينما يحتفلون بذكرى الإسراء والمعراج ، إنما يحتفلون بذكرى تكريم نبيهم، لأن المولى عز وجل كرم نبيه بهذه المعجزة الخالدة، كما أن هذه الرحلة تحمل الكثير من الرسائل إلى الأمة الإسلامية؛ منها عدم اليأس والقنوط لأن قدرة الله فوق كل شيء، ولكن كل ما عليهم هو اللجوء إلى المولى سبحانه وتعالى وحسن التوكل عليه، تأسيا بنبيهم، الذي لجأ إلى الله في كل شيء فما كان من الحق سبحانه وتعالى إلا أن أكرمه بهذه الرحلة المباركة.

من جانبه بين الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن التساؤلات التي تطرح حول معجزة الإسراء والمراج، وكيفية حدوثها، وكيف عاد الرسول إلى مكانه الذي كان فيه؟ نقول لهم: إن الله سبحانه وتعالى عندما قال: (بعبده) أخرج بذلك الرسول الكريم من حيز القدرة البشرية وأدخله في القدرة الإلهية التي تقول للشيء كن فيكون، كما أن ذكر لفظ العبودية في قوله "سبحان الذي أسرى بعبده" دليل على أن الذي يأتي بعدها لطف ومنة وكرم من الله سبحانه وتعالى، ومحاولات إنكار أحداث رحلة الإسراء والمعراج هي في أصلها محاولات لهدم السنة، ومن ثم إنكار القرآن الكريم من خلال التشكيك فيه.

كما أوضح الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر، أن القرآن الكريم عندما تحدث عن  معجزة الإسراء والمعراج تحدث عنها  بخطاب يناسب العقل، ليكون قاطعًا لكل الشكوك التي قد تثار حول هذه الرحلة المباركة، فعندما قال سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده"، فلفظ "سبحان" هو للتعجب من أمر خارق للعادة، كما أن لفظ "أسرى" تطلق على السير ليلا، والسير يكون بمجموع الروح والجسد، كما أن تحديد المسافة لا يكون إلا عن رحلة كاملة للعبد بالروح والجسد معًا "من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"، لأن التحدي لا يكون إلا عن حقيقة كاملة، ولقد أتت  رحلة الإسراء والمعراج تسرية للنبي ﷺ بعد ما مر به من أحداث عظيمة، حتى أطلق على هذا العام "عام الحزن".

وأكد الدكتور جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، أن رحلة  الإسراء والمعراج ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي رحلة مستمرة فينا وفي قلوبنا من خلال ما حملته لنا من الدروس والعبر، فهي خارطة طريق للإيمان تمنحنا دروسًا قيمة في التوكل على الله والصبر وحسن اللجوء إليه.  

ونظمت إدارة الجامع الأزهر احتفالية بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج في رحاب الجامع الأزهر، بالظلة العثمانية عقب صلاة عصر الاثنين 27 من رجب 1446 الموافق 27 يناير 2025، بهدف تعميق الوعي الديني لدى المسلمين، جاء ذلك بحضور نخبة من علماء الأزهر الشريف، على رأسهم فضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر، وأ.د سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وأ.د محمد الجندي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أ.د عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، وا.د/جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر

مقالات مشابهة

  • ضيوف برنامج ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة: نقضي أجمل اللحظات بجوار البيت الحرام
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة
  • ‏قائد المنطقة الشمالية في إسرائيل: حزب الله هُزم وإذا حاول الرد فسنقضي عليه وعلى قيادته
  • آيات قرآنية عن شكر الله عز وجل
  • الفرق بين سجود الشكر وصلاة الشكر
  • الإسراء والمعراج
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: القرآن تحدث عن معجزة الإسراء والمعراج بخطاب يناسب العقل
  • بلمهدي يستقبل خطيب المسجد الأقصى المبارك
  • صفات الملائكة وأعمالهم في حياة الإنسان
  • هل غدًا صيام؟.. فضل ليلة الإسراء والمعراج