سلط موقع أمريكي، الضوء على حالة الصمت التي تشهدها مدن الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، إزاء حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

وقال موقع "موندويس" الأمريكي، إن هناك تطور في الوضع السياسي لفلسطينيي الداخل المحتل، منذ حركة الاحتجاج المعروفة بـ"انتفاضة الوحدة"، وصولاً إلى الصمت السائد حالياً، مشيراً إلى أنه رغم نضالهم من أجل حقوقهم، إلا أنهم يشعرون بالإحباط تجاه العجز عن تحقيق تقدم ملموس.



وأضاف الموقع، في مقال للكاتب محمد كدان، وترجمته "عربي 21"، إنه رغم ما أثاره الواقع المرير لسفك الدماء في غزة من غضب حول العالم، يبقى هناك تساؤل حول سبب صمت فلسطينيي الـ48، خلال حرب الإبادة الجماعية هذه؛ موضحاً أن الإجابة لا تكمن في "تكتيكات التخويف القوية التي تتبعها إسرائيل، بل أيضاً في المسار التاريخي للفكر والممارسة السياسية الفلسطينية".

صمت مدوي
وذكر أن الإبادة الجماعية الحالية في غزة، والتي بدأت في أعقاب هجوم المقاومة على مستوطنات غلاف غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، شكلت صدمة للحركة السياسية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل، ولكن بدلًا من ترجمة هذه الصدمة إلى أفعال، أدت إلى صمت مدوي حتى بعد أشهر من الإبادة الجماعية، وهذا يعكس التدهور السياسي الذي شهده فلسطينيو الداخل المحتل على مدى عقود.

وتابع الموقع قائلاً: "ترتبط إحدى الإجابات بالأجندة والرؤية السياسية بين فلسطينيي الـ48، وفي السيناريو الذي يعتبرهم جزءً من المعارضة الإسرائيلية"، مؤكدا أن "استراتيجية المعارضة وضعتهم في موقف الرد المستمر على السياسات الإسرائيلية، والقوانين العنصرية التي يحشدون من أجل إلغائها".



ولفت إلى أن إحدى أهم المحطات الحاسمة في هذه القصة، هي الانتفاضة الشعبية في أيار/ مايو عام 2021، عندما تم التخلي عن استراتيجية "المعارضة"، واندلعت "انتفاضة الوحدة" في جميع أنحاء فلسطين التاريخية، وانضم إليها بشكل بار وغير متوقع فلسطينيو الـ48، بعد عقود من التدجين السياسي.

واستدرك: "لكن فشل تلك اللحظة في تطوير حركة سياسة، يساعد في تفسير الصمت الحالي لفلسطينيي الـ48، وهذا أمر مأساوي، لأن الإبادة الجماعية التي تتكشف في غزة، وهي حرب على الوجود الفلسطيني في كل مكان".

رعباً لإسرائيل
وأفاد الموقع بأن وجود الفلسطينيين طالما شكل رعبًا لإسرائيل من منذ قيامها في أيار/مايو 1948؛ حيث أنشأت الميليشيات الصهيونية إسرائيل من خلال السلب والتطهير العرقي للسكان الأصليين عام 1948، بينما فرضت الحكم العسكري على الفلسطينيين الذين بقوا داخل حدود ما أصبح يسمى "إسرائيل".

وقد تم فرض الحكم العسكري لعدة أسباب؛ حيث هدفت إسرائيل إلى اختلاق هوية جديدة، هوية "العربي الإسرائيلي"، وقد أدت هذه الهوية المعاد صياغتها إلى انهيار مجتمع الفلاحين الفلسطينيين وإخضاع سبل عيشهم للدولة، كما سعت إسرائيل إلى إعادة تشكيل القيادة السياسية وولاءات هؤلاء الفلسطينيين، الذين أصبحوا مقيدين بخطوط الدولة وروحها، وتم شرح هذه العملية باستفاضة في الكتاب المبدع لأحمد سعدي، واصفًا إياها بأنها ظاهرة "المراقبة الشاملة".

وأضاف الموقع أن أحد الأهداف الاستعمارية للحكم العسكري بين عامي 1948 و1966 هو ما سمي بـ"إستراتيجية الاستيعاب" للفلسطينيين، وربطهم ماديًا ورمزيًا بدولة إسرائيل من خلال خلق سردية خاصة بهم منفصلة عن بقية الشعب الفلسطيني، وقد اشتملت هذه الرواية على ماضٍ وحاضر ومستقبل منفصل، ما دفعهم إلى إنشاء برنامج ورؤية سياسية، وكانت الرؤية السياسية الوحيدة المسموح بها في تلك الفترة هي التي يقودها الحزب الشيوعي الإسرائيلي.

ومن المؤكد أن هذا لم يكن من دواعي سرور الصهاينة، الذين فضلوا تقويض وجود الشيوعيين كقوة سياسية معارضة، ولكن بما أن الخطاب الشيوعي تم تصميمه بعناية ليتناسب مع المعايير الصهيونية المتمثلة في الاعتراف بالوطن اليهودي وحقهم السياسي في إقامة دولة في فلسطين، فقد تمكن الشيوعيون من دخول الحياة السياسية الإسرائيلية.



وتابع الموقع أن البرنامج السياسي للحزب الشيوعي الإسرائيلي اعتمد على ركيزتين أساسيتين، كانت الأولى هي "النضال من أجل المساواة" كأقلية قومية داخل إسرائيل؛ حيث كان الشعار السياسي الأساسي للحزب في العقدين الأولين يدعو إلى "وقف السياسة القمعية الوطنية" للدولة، واقتصرت مطالبه على التغييرات داخل دولة إسرائيل وبنيتها، وكان الدور الشرعي الوحيد للعمل السياسي يُنظر إليه على أنه النضال من أجل المساواة في الحقوق داخل إسرائيل، وقد أعاقت هذه الرؤية السياسية المصغرة أي مستقبل سياسي مناهض للصهيونية يمكنه مواجهة أسس الدولة العرقية الدينية.

وتضمنت الركيزة الثانية للبرنامج السياسي للحزب الشيوعي التعبير عن الهوية العربية الفلسطينية من خلال وسائل ثقافية محدودة؛ حيث دعا الحزب الشيوعي بعد تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948 إلى إنشاء دولة عربية إلى جانبها على أساس خطة التقسيم التي أصدرتها الأمم المتحدة في عام 1947، متغاضيًا عن طبيعتها الاستعمارية الاستيطانية والتطهير العرقي الذي حدث في الفترة من أواخر عام 1947 إلى عام 1949.

وأكد الموقع أن هذا التركيز على إظهار الهوية العربية الفلسطينية مع الإيمان بحق الصهيونية في إقامة دولة عرقية قومية أدى إلى توتر بين التعبير عن تلك الهوية الثقافية والإطار السياسي للمواطنة الإسرائيلية، فقد أدى هذا الالتزام المزدوج إلى ظهور مثقفين وروائيين وشعراء، مثل محمود درويش، الذي عبر عن الهوية العربية الفلسطينية مع تمسكه بالخط الحزبي، لكن التوتر الناتج عن تلك الازدواجية أدى أيضًا إلى انشقاق بعض هؤلاء المثقفين، وأبرزهم درويش الذي ترك الحزب الشيوعي للانضمام إلى الحركة الوطنية الفلسطينية في بيروت.

فهم التاريخ السياسي
واستمر هذا التوتر في التفاقم داخل الحزب، وبرز ذلك من خلال هيمنة القوى العربية المعارضة على الحزب الشيوعي العراقي في عام 1965 وما تلا ذلك من تشكيل "القائمة الشيوعية الجديدة" (راكاح)، ووصلت هذه التوترات إلى ذروتها عندما انفصلت مجموعة عربية عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي بسبب خلاف حول المواقف السياسية لحركات التحرر الوطني العربية والحركات القومية العربية المعارضة للصهيونية والإمبريالية، وشمل ذلك الخلافات حول دعم الناصرية في مصر، وجبهة التحرير الوطني في الجزائر، والثورة العراقية، وغيرها، ووصف فصيل من قادة الحزب الشيوعي اليهوديين هذه الحركات والأنظمة الثورية المختلفة بأنها معادية للسامية وعارضت موقف الاتحاد السوفييتي المناهض للصهيونية، وأدت هذه الخلافات إلى انقسام في الحزب عام 1965؛ حيث احتفظ الفصيل اليهودي الصهيوني باسم الحزب الشيوعي الإسرائيلي، بينما احتفظ الفصيل القومي العربي باسم "راكاح"، ولكن بحلول أواخر الثمانينيات، اختفى الصهاينة اليهود التابعون للحزب الشيوعي الإسرائيلي، وهكذا استعاد "راكاح" اسمه القديم.

وأوضح الموقع أن هاتين الركيزتين اللتين يقوم عليهما الحزب الشيوعي الإسرائيلي لهما أهمية حاسمة في فهم التاريخ السياسي اللاحق لفلسطينيي الـ48، وتشكيل معظم التيارات السياسية داخل مجتمعهم، وخاصة تلك التي تعمل داخل الكنيست الإسرائيلي.

ومع ذلك، فإن بعض حركات فلسطينيي الـ48 لم تخضع لهاتين الركيزتين اللتين تسببتا في تحجيم مساحات واسعة من المخيلة السياسية لفلسطينيي الـ48، لكن هذه الحركات التي تتعارض مع النهج السائد للحزب الشيوعي الإسرائيلي تعرضت للاضطهاد والحظر في إسرائيل؛ حيث تم حظر حركة الأرض في عام 1959، ومنظمة الجبهة الحمراء في عام 1973، والحركة الإسلامية الشمالية في أواخر عام 2015.

وأفاد الموقع بأنه رغم وجود هذه التيارات المعارضة، إلا أن ركائز الحزب الشيوعي الإسرائيلي تغلغلت في الخطاب السياسي لفلسطينيي الـ48، وتجاوزت الحزب الشيوعي وأصبحت جزءًا من أطر العديد من الأحزاب السياسية "العربية الإسرائيلية".

وأحد الأمثلة على ذلك هو حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، والذي رغم تعرضه للاضطهاد في عام 2016، إلا أنه لم يُحظر أو يخضع للمحاكمة، وهو ما يمكن إرجاعه إلى مواقف الحزب السياسية المرنة واعترافه بالخطاب السياسي الإسرائيلي، ومن الجدير بالذكر أن الحزب وافق باستمرار على مفهوم تقرير المصير اليهودي في فلسطين، وهو ما يتماشى مع النهج الذي اتبعه الحزب الشيوعي الإسرائيلي، رغم أن برنامجه يسعى إلى تحويل إسرائيل إلى ديمقراطية لجميع مواطنيها.



إن هذه المعاملة التمييزية للأحزاب السياسية الفلسطينية من قبل الدولة الإسرائيلية، بما في ذلك الحظر المنهجي للحركات التي لا تتوافق مع الحدود السياسية الصهيونية، تعدّ إحدى الطرق التي تم من خلالها ترسيخ هذه الحدود وإنفاذها. ثم طالبت الدولة بألا تعمل الأحزاب السياسية العربية إلا داخلها، وإلا فإنها ستتعرض للقمع. وطالما شاركت الأحزاب السياسية العربية في نظام يتطلب الولاء المسبق لدولة عرقية دينية تنزلها إلى مرتبة مواطنين من الدرجة الثانية، فقد انتهى بها الأمر إلى إضفاء الشرعية السياسية على إخضاعها.

التحول في أيار/ مايو 2021
وأشار الموقع إلى أنه مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق التاريخية التي أدت إلى حالة الشلل السياسي الحالية بين فلسطينيو الـ 48، دعونا نعيد النظر في انتفاضة الكرامة، أو "انتفاضة الوحدة" في أيار/ مايو 2021، لفهم عقلية المتظاهرين؛ حيث فاجأ الفلسطينيون في إسرائيل الدولة الاستعمارية الاستيطانية عندما اندلعت أعمال شغب ضد مراكز الشرطة، وأحرقوا وهاجموا ما تسميه الدولة "المدن المختلطة" مثل عكا وحيفا واللد، التي شهدت "أزمة أمنية"، مما يشكل تحديًا لسيادة الدولة من الداخل، لأول مرة منذ تأسيسها. وتجلى ذلك في المقاومة الشرسة للتوسع الاستيطاني، وهدم منازل الفلسطينيين، وعملية إبعادهم عن وطنهم عبر العنصرية الممنهجة في كل المجالات.

وذكر أن انخراط فلسطينيي الـ48 في أحداث أيار/ مايو 2021 برفض الإطار "المعارض" السائد للعمل السياسي. ولم يكن لدى الأحزاب السياسية الفلسطينية المشاركة في الكنيست الإسرائيلي أجندة لخلق بديل للنظام السياسي الصهيوني، ما قوّض رؤيتها لمستقبل سياسي خارج إسرائيل على الدعوة إلى العودة الدورية إلى الوضع الراهن.

وأدى ذلك إلى ضمور المؤسسات السياسية الفلسطينية وانخفاض نسبة المشاركة في الفعاليات التي نظمتها الأحزاب – وحتى خارج الأحزاب السياسية الرسمية، كانت المسيرات التضامنية مع القدس والشيخ جراح التي دعت إليها لجنة المتابعة العليا واللجان الشعبية، لديها إقبال متواضع يتراوح بين 30 إلى 50 فردا. ثم، في 10 أيار/ مايو 2021، حدث تحول كبير. ما الذي أثار هذا التغيير؟

في ذلك الصباح المشؤوم، بدأت القوات الصهيونية توغلًا في المسجد الأقصى، بهدف تطهيره مما يعتبرونه "مخربين وإرهابيين". وأعقب ذلك مواجهات أدت إلى إصابة أكثر من 300 شخص، مما أثار استياءً عميقًا لدى كافة الأوساط والمجتمعات الفلسطينية. وساهم رفض إسرائيل وقف أعمالها العدائية في القدس في تصعيد المقاومة الفلسطينية في غزة، وأعقبه عدوان شامل على القطاع الساحلي.

وتابع الموقع قائلا: "هذا الحدث أدى إلى زيادة التوترات مع فلسطيني الـ 48، وبلغت ذروتها في بدء احتجاجات واسعة النطاق ومظاهرات حاشدة واشتباكات في وقت لاحق من ذلك اليوم. قاد الاحتجاجات في المقام الأول شباب غير منظمين وغير حزبيين، وهم جيل كامل حُرم من هويته السياسية الفلسطينية، لكن مشاعره الدينية والوطنية دفعته إلى مواجهة الشرطة. وتباينت مدة هذه الاشتباكات بين المدن، حيث استمرت حوالي أربعة أيام حسب الظروف المحلية".



واستمرت المواجهات التي يقودها الشباب مع مراكز الشرطة في الانتشار كالنار في الهشيم. وبدأت مظاهر "الثورة الحقيقية" تظهر في الشوارع، تضامنًا مع القدس وضحايا القصف الوحشي في غزة. وهو ما لم يرضِ الأحزاب العربية "المنضبطة" مثل الحزب الشيوعي الإسرائيلي ، والتي لم تؤيد بعضها ما أسمته "أعمال العنف غير المجدية" التي تجاوزت نهج "المعارضة فقط".

وبدلاً من ذلك، قادت أصوات الشباب المظاهرات، ثم الإضراب، ثم الأنشطة الشعبية – كل ذلك تحت عنوان الوحدة السياسية للفلسطينيين من النهر إلى البحر وما وراءه. بعبارة أخرى، بدأنا نشهد مجموعة فلسطينية  تؤسس لمشاعر سياسية تقترب من "التحرير"، والتي ارتبطت بفلسطينيي الضفة الغربية وغزة والشتات. ولهذا السبب نطلق عليها اسم "انتفاضة الوحدة".

ولفت الموقع إلى أنه على الجانب الآخر؛ انحرف الحزب الإسلامي الجنوبي، بقيادة منصور عباس، عن موقف "المعارضة فقط" من خلال الدعوة إلى الاندماج الكامل في الدولة الصهيونية. وكانت تصريحات عباس، بما في ذلك الاعتراف بشرعية "يهودية" دولة إسرائيل والتعبير عن التضامن مع "مأساة" المحرقة، بمثابة خروج عن معالجة المحنة التاريخية التي يعيشها عرب اللد منذ نكبة سنة 1948، دون أي اعتبار لما تبقى من الفلسطينيين الذين يعانون عقودًا طويلة من المعاناة.

وبدلاً من تأطير أحداث أيار/ مايو باعتبارها استجابة متجذرة في المظالم التاريخية، بدا أن نهج عباس ينحرف عن القيم المشتركة، والمواطنة، والاندماج. وكان تحالفه مع الحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بينيت ويائير لابيد، اللذين رفضا الحق الفلسطيني في إقامة دولة على أساس حدود سنة 1967، بمثابة تحول كبير. وقد وُصف بينيت، على وجه الخصوص، بأنه مؤيد فاشي لضم المنطقة (ج) في الضفة الغربية.

وقدم عباس رؤية سياسية متميزة تتجاوز الركائز المذكورة أعلاه، مع إعطاء الأولوية للاحتضان الكامل للمواطنة الإسرائيلية والتوافق مع الأجندة السياسية، دون إعطاء الاعتبار الواجب لهويته العربية الفلسطينية. وقد أدى هذا النهج إلى نزع التسييس بين العرب، حتى في القضايا المتعلقة بمطالب المساواة الاجتماعية في إسرائيل، بما في ذلك الفرص الاقتصادية والتخطيط الحضري والإسكان والتعليم.

عكس حظوظ انتفاضة الوحدة
واعتبر الموقع أن تشكيل "القائمة العربية الموحدة" بقيادة منصور عباس في حزيران/ يونيو 2021، بعد شهر واحد فقط من انتفاضة الوحدة بعد قمعها العنيف من قبل السلطات الإسرائيلية، كان بمثابة خطوة كبيرة إلى الوراء في الوعي السياسي الفلسطيني. في جوهر الأمر، أدى نهج القائمة الموحدة إلى الإخلال بالتوازن السياسي الذي أنشأه الحزب الشيوعي الفلسطيني في سنة 1965، والانتقال من الحفاظ على الهوية العربية الفلسطينية والاستقلال إلى الاستيعاب الكامل.

وقد تجلى ذلك بشكل ملموس في تشكيل الحكومة الائتلافية المناهضة لنتنياهو، والتي تم التوقيع عليها مع رئيسين للوزراء: نفتالي بينيت، المعروف بآرائه اليمينية والضمية، ويائير لابيد، وهو سياسي من يمين الوسط من النخبة الإسرائيلية. وكلا الزعيمين لا يعترفان بالحقوق الفلسطينية ويدعمان استمرار الاحتلال.

وكان من المقرر أن تكون تلك الحكومة الائتلافية قصيرة الأجل، حيث عاد نتنياهو إلى السلطة بحلول نهاية سنة 2022 في الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. وفي الوقت نفسه، ظلت الأحزاب السياسية العربية في حالة من الضمور السياسي، حيث يعكس اتجاه منصور عباس عجز إستراتيجيات "المعارضة فقط" التي عفا عليها الزمن للحزب الشيوعي العراقي عن تقديم برنامج سياسي قابل للتطبيق للمجتمع الفلسطيني. وفي غياب مثل هذا المشروع السياسي، فإن صعود القائمة العربية الموحدة ليس بالأمر المفاجئ.

وفي كثير من النواحي، عكست انتفاضة الوحدة استياء الشباب غير المسيس وغير المنظم من هذا الوضع، ولكن بما أن الثورة الشعبية لم تسفر عن تشكيل أي حركة سياسية أساسية أو منظمة جماهيرية، فقد تغير المجال السياسي في المجتمع الفلسطيني سنة 1948. ببساطة عادت إلى وضعها الافتراضي. وهذا ما يفسر صمت فلسطينيي 48 اليوم بينما تواصل إسرائيل الإبادة الجماعية فيها في غزة.

وبين الموقع أن العقلية السياسية السائدة لدى الأحزاب العربية الفلسطينية في الكنيست غير قادرة على فهم التداعيات الإستراتيجية لهذه الإبادة الجماعية على جميع الفلسطينيين. إن القوى السياسية التي تدعي أنها تمثل الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية غير قادرة بشكل مأساوي على إدراك أن ما يحدث في غزة سيكون له صدى لدى جميع الفلسطينيين، بما في ذلك "مواطني" إسرائيل. وقد وثّق مركز "عدالة" بالفعل مدى ضعف الفلسطينيين في إسرائيل منذ بدء حرب الإبادة الجماعية.

واختتم الموقع تقريره بالقول إن الحرب على غزة تعدّ في الأساس حربًا على الوجود الفلسطيني في كل مكان، وهي تنطوي على إعادة هيكلة الحدود لكل فصيل فلسطيني من خلال أساليب مثل الطرد القسري، أو الاستيعاب، أو طمس هويته السياسية. والنتيجة النهائية هي القضاء على الشعب الفلسطيني. وفي غياب رؤية سياسية بديلة تقاوم عملية التصفية الاستعمارية الصهيونية، فإن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل سيواجهون نفس المصير الدنيء مثل إخوانهم وأخواتهم الفلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الفلسطيني الإبادة الجماعية الاحتلال غزة الداخل المحتل فلسطين غزة الاحتلال جرائم الإبادة الجماعية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهویة العربیة الفلسطینیة الحزب الشیوعی الإسرائیلی السیاسیة الفلسطینیة السیاسیة العربیة الإبادة الجماعیة الأحزاب السیاسیة للحزب الشیوعی الفلسطینی فی دولة إسرائیل فی إسرائیل إسرائیل من بما فی ذلک الموقع أن من خلال مایو 2021 فی أیار فی عام إلى أن فی غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

هل تمهد التحقيقات التركية الجارية لنهاية إمام أوغلو السياسية؟

أنقرة- في واحدة من أكثر اللحظات إثارة في السياسة التركية مؤخرا، أوقفت السلطات رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو عن العمل، وأمرت بسجنه مؤقتا على ذمة تحقيقات تتعلق باتهامات بالفساد وتشكيل منظمة إجرامية، وذلك ضمن قضية أثارت اهتماما واسعا داخل البلاد وخارجها.

جاء ذلك بالتزامن مع إعلان حزب الشعب الجمهوري -أكبر أحزاب المعارضة في تركيا- ترشيح إمام أوغلو رسميا لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2028، بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب التي جرت الأحد الماضي، وكان المرشح الوحيد فيها.

لكن التطورات الأخيرة فتحت بابا واسعا للتساؤل حول مستقبل إمام أوغلو السياسي، وما إذا كانت هذه الإجراءات القضائية ستشكل تحولا حاسما قد يُقيده سياسيا، أم أنه قادر على تجاوز هذه المرحلة واستعادة موقعه كلاعب أساسي داخل المعارضة؟

التظاهرات في إسطنبول مستمرة بشكل يومي منذ اعتقال أكرم إمام أوغلو (غيتي) عزل مؤقت

بدورها أعلنت وزارة الداخلية التركية عزل إمام أوغلو من منصبه، بعد صدور قرار قضائي بحبسه على ذمة التحقيق في اتهامات تتعلق بالفساد، وتأسيس منظمة إجرامية، وتلقي رشاوى، والتلاعب في المناقصات، وتسجيل بيانات المواطنين بشكل غير قانوني.

وفي السياق نفسه، تم أيضا عزل مراد تشاليك رئيس بلدية بيليك دوزو في إطار التحقيقات ذاتها، بينما عُزل رسول إمره شاهان رئيس بلدية شيشلي، الموقوف أيضا بتهم تتعلق بالإرهاب، وتم تعيين قائم مقام المنطقة وصيا على البلدية مباشرة دون تصويت.

وقد دعت ولاية إسطنبول مجلسي بلديتي إسطنبول الكبرى وبيليك دوزو إلى عقد جلسة يوم غد الأربعاء، لانتخاب وكيلين لرئاسة البلديتين، وذلك استنادا إلى المادة 45 من قانون البلديات، بعد أن تم تعليق مهام إمام أوغلو وتشاليك مؤقتا من قبل وزارة الداخلية.

إعلان

وتأتي هذه التطورات بعد أن رفضت المحكمة حبس إمام أوغلو بتهمة "مساعدة تنظيم إرهابي مسلح"، رغم إعلان النيابة وجود "شبهات قوية" في هذا الملف، وهو ما حال دون تصنيفه كموقوف في إطار جرائم إرهابية، وبالتالي استُبعد خيار تعيين وصي حكومي على بلدية إسطنبول، وتم الاكتفاء بخيار انتخاب وكيل رئيس بلدية من داخل المجلس، كما ينص عليه القانون في مثل هذه الحالات.

مآلات محتملة

وفي تعليقها على التطورات، ترى الباحثة السياسية، إسراء أويار في حديث للجزيرة نت، أن "الإجراءات القضائية المتخذة بحق أكرم إمام أوغلو قد تعني -بشكل أو بآخر- نهاية فعلية لمهامه كرئيس لبلدية إسطنبول"، مشيرة إلى أن بطء المسار القضائي في تركيا قد يُطيل أمد القضية لسنوات، وهو ما قد يُبقي الرئيس البديل -الذي سيُنتخب من قبل المجلس البلدي- في موقعه حتى موعد الانتخابات المحلية المقبلة.

ومن جانبه، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي علي فؤاد جوكشه أن التحقيقات الجارية بحق أكرم إمام أوغلو لا تُشكل في الوقت الراهن نهاية لمسيرته السياسية، إذ لم يصدر بحقه أي حكم قضائي بعد، لكن في حال إدانته، فإن مستقبله السياسي سيكون فعليا قد انتهى.

ويضيف في حديث للجزيرة نت، أن "العائق الحقيقي أمام ترشحه للرئاسة هو قرار إلغاء شهادته الجامعية، وهو ما يجرده دستوريا من أهلية الترشح لهذا المنصب، على الرغم من أن ذلك لا يمنعه من مواصلة العمل السياسي في مواقع أخرى، شرط ألا يُفرض عليه حظر سياسي كنتيجة للتحقيقات الجارية".

وفيما يتعلق بخلفيات القضية، يشير جوكشه إلى أن "التحقيقات بدت في بدايتها وكأنها خطوة سياسية مباشرة، لكن ما يلفت الانتباه هو أن الشكاوى التي أطلقت هذه العملية القضائية مصدرها في الأساس شخصيات من داخل حزب الشعب الجمهوري".

بلاغات داخلية

أفادت وسائل إعلام تركية، نقلا عن تسريبات متداولة، بأن شهادات وبلاغات تقدم بها أعضاء في حزب الشعب الجمهوري كانت من بين الأسباب التي دفعت السلطات القضائية إلى فتح التحقيقات الجارية بحق إمام أوغلو، وعدد من مساعديه، والتي انتهت بقرار سجنه مؤقتا على ذمة اتهامات تتعلق بالفساد وتشكيل منظمة إجرامية.

إعلان

تزامن ذلك مع تحقيق منفصل يواجهه الحزب ذاته، يتعلق باتهامات بشراء أصوات خلال انتخاباته الداخلية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حيث ذكرت تقارير محلية أن من أبلغ عن هذه المخالفات أيضا كانوا من داخل الحزب، في مؤشر على تصاعد الانقسامات الداخلية.

من جانبه، يعتبر الأكاديمي علي فؤاد جوكشه، أن الانقسامات الداخلية التي خلفها مؤتمر الحزب الأخير لم تُحلّ بعد، وقد تكون الشكاوى انعكاسا لتصفية حسابات داخلية بين الأجنحة المتنافسة، ما يفسّر -بحسب رأيه- تأخر فتح هذه الملفات حتى تجمّعت وتحولت إلى قضية شاملة.

ويخلص جوكشه إلى أن "السلطة القضائية ربما فضلت تأجيل التحرك إلى أن تُعد ملفا متكاملا يشمل جميع الشكاوى والبلاغات المقدّمة بحق إمام أوغلو، لتجنّب الظهور بموقف ضعيف أمام شخصية ذات وزن سياسي وشعبي كبير كرئيس بلدية إسطنبول".

أوزغال: السلطة القضائية في تركيا فقدت استقلالها منذ وقت طويل (الصحافة التركية) رد الحزب

في السياق، قال إلهان أوزغال، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، في حديثه للجزيرة نت، إن الحزب لا ينظر إلى التحقيقات القضائية الأخيرة بحق أكرم إمام أوغلو على أنها "مسار قانوني بحت"، بل يعتبرها "إجراء سياسيا بامتياز".

وأضاف "كلنا نعلم أنه لو لم يكن السيد إمام أوغلو مرشحا محتملا للرئاسة، لما كان اليوم خلف القضبان، وحتى تهمة الإرهاب التي طُرحت في البداية اختفت فجأة من المشهد، كما أن لائحة الاتهام المقدّمة ضعيفة للغاية".

وانتقد أوزغال لجوء الادعاء مجددا إلى ما وصفه بـ"أسلوب الشهود السريين"، قائلا إن "هذا الأسلوب بات معروفا في تركيا كأداة لا تُنتج عدالة، بل تُقوّض مصداقية القضاء".

وأشار إلى أن السلطة القضائية في تركيا "فقدت استقلالها منذ وقت طويل"، وأن "ثقة المواطنين بالقضاء متدنية للغاية، بحسب نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة"، معتبرا أن ما يجري هو "تدخل سياسي بغطاء قانوني".

إعلان

واعتبر أوزغال أن ما يحدث لا يشكل أزمة لحزب الشعب الجمهوري، بل "مشكلة حقيقية للحزب الحاكم"، موضحا أن "الشعب يدرك تماما حجم الظلم الحاصل، وقد عبّر عن ذلك في الانتخابات التمهيدية الأخيرة التي جرت الأحد الماضي، بمشاركة قرابة 15 مليون مواطن، وهو رقم قياسي في تاريخ الحزب".

وأضاف أن الحزب أظهر "وحدة صف استثنائية" في مواجهة ما وصفه بـ"الظلم"، مشيرا إلى أن "جميع الرؤساء السابقين والمرشحين السابقين للحزب وقفوا صفا واحدا ضد ما يتعرض له إمام أوغلو".

وتابع "الإجراءات القضائية لا تزال مستمرة، لكنها لا تمنحنا أي شعور بالثقة"، لافتا إلى أن الحزب قرر عقد مؤتمر استثنائي في السادس من أبريل/نيسان المقبل، في خطوة تهدف إلى "إعادة ترتيب الصفوف واستمرار المسار السياسي".

واختتم بالقول "نحن متمسكون بترشيح السيد إمام أوغلو لرئاسة الجمهورية، ونؤمن بأنه ليس فقط رئيس بلدية ناجحا، بل قائد يمتلك القدرة على هزيمة الرئيس أردوغان".

وفي السياق، تواصلت الجزيرة نت مع نائب رئيس لجنة الانضباط في حزب الشعب الجمهوري للاستفسار حول الادعاءات المتعلقة بوجود انقسام داخلي، وصحة التسريبات ، إلا أنها لم تتلق ردا حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

مقالات مشابهة

  • الأورو متوسطي .. المحكمة العليا الإسرائيلية تشرعن التجويع والإبادة الجماعية في قطاع غزة
  • أردوغان: إسرائيل تواصل سياسة الإبادة الجماعية في شهر رمضان
  • الشيخوخة السياسية والانقلاب الداخلي.. مرحلة جديدة نحو تغيير النظام السياسي
  • الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل 103 فلسطينيين بغزة كل 24 ساعة
  • منذ استئناف الإبادة الجماعية.. المرصد الأورومتوسطي:326 فلسطينيا تقتلهم وتصيبهم إسرائيل يوميا في غزة
  • السيسي: نسعى لتثبيت وقف النار بغزة وتنفيذ باقي مراحله
  • عون يدعو إلى الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
  • ماذا قال حزب الإصلاح في ذكرى تأسيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية وماهي الرسائل السياسية التي بعثها إليهم ؟
  • محللون يحذرون من تبعات الصمت العربي إزاء الجرائم الإسرائيلية بغزة
  • هل تمهد التحقيقات التركية الجارية لنهاية إمام أوغلو السياسية؟