إيران: الحرب بالوكالة وفوضى الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
أعلن الحرس الثوري الإيراني مؤخرا تنفيذ ضربات صاروخية على عدة أهداف في سوريا والعراق وباكستان. وجاءت التصريحات الإيرانية الرسمية بأن الهجمات قد استهدفت مقرات تجسس معادية لإيران وأهدافا إرهابية في سوريا ومنطقة كردستان العراق، ورغم ذلك لم يُقتل أحد سوى المدنيين والنساء والأطفال، وهكذا تتلاشى مصداقية إيران.
كما أن هجمات إيران على إقليم بلوشستان الباكستاني غير منطقية، ولكن إذا دققنا النظر في أهمية المنطقة وما يتعلق بها من خطط اقتصادية وصراعات على السلطة، فسنتمكن من إدراك سبب هذا التحرك الإيراني المفاجئ. موقع بلوشستان الجغرافي زاد من أهميتها الاستراتيجية، ففي هذه المنطقة ظهرت الصين والهند -القوتان الأكثر أهمية في آسيا- لجذب المشاريع الاقتصادية ذات القيمة العالية، والسيطرة عليها. وتقع بلوشستان في عمق مبادرة مشروع "حزام واحد، طريق واحد" الذي أُعلن عنه في 2013، والذي سيربط الصين بالأسواق الغربية، بنطاق استثماري إجمالي يتجاوز تريليوني دولار ويغطي 65 دولة.
يبدو أن إيران تحاول الدخول في مراوغة ضمن "صراعات الشرق الأوسط" التي تصاعدت مؤخرا، بهدف إنقاذ الكاريزما الإيرانية منذ أن قال الرئيس الأمريكي السابق ترامب بأن ادعاء إيران الانتقام لقاسم سليماني كان مجرد مسرحية
ومن الواضح أن أمريكا هي التي تعارض هذا المشروع، وحاولت تطوير مشاريع بديلة في المنطقة. والسؤال الذي لا يزال بحاجة إلى إجابة هو: كيف يمكن لإيران أن تعارض العديد من المشاريع التي تعارضها أمريكا في نفس الوقت، وترى تلك المشاريع تهديدا لوجودها؟ ولنضع هذا السؤال جانبا الآن ونعود إلى قضية بلوشستان.
ماذا تريد إيران؟ ولماذا؟
يبدو أن إيران تحاول الدخول في مراوغة ضمن "صراعات الشرق الأوسط" التي تصاعدت مؤخرا، بهدف إنقاذ الكاريزما الإيرانية منذ أن قال الرئيس الأمريكي السابق ترامب بأن ادعاء إيران الانتقام لقاسم سليماني كان مجرد مسرحية. ولو نظرنا في القضية من عدة زوايا فسنحصل على صورة أوضح.
في أعقاب الربيع العربي، زادت إيران بشكل كبير من نفوذها في الشرق الأوسط، خاصة مع الاستراتيجيات الناجحة لفيلق القدس وقائده قاسم سليماني.
وبعد الغزو الأمريكي، انتقلت إيران بالقوة التي اكتسبتها في العراق إلى سوريا بعمليات ناجحة ثم إلى اليمن ومساعدة الحوثيين، وأصبحت لاعبا مُهمّا بالوكالة في صراعات القوة وفي منافسة مع تركيا والسعودية.
بعد أحداث غزة، فإن حزب الله، التابع بشكل مباشر للأيديولوجية الإيرانية وبشكل غير مباشر للإدارة الإيرانية، قد اتخذ موقفا نشطا، ولم تتمكن إيران من اتخاذ أي إجراء حقيقي، وتجاهلت الإشارات لكونها مسؤولة عن الأحداث، لا سيما مع تصريحات مسؤوليها بأن هجمات القسام جاءت ردا على مقتل قاسم سليماني، وهذا ما نفته القسام على الفور.
ضربات قوية لصورة إيران محليّا وخارجيّا
وكذلك لم تحرك إيران ساكنا تجاه إسرائيل، رغم إعلانها أن إسرائيل مسؤولة عن الهجوم الذي وقع خلال مراسم إحياء ذكرى قاسم سليماني، وعن مئات الأشخاص الذين لقوا حتفهم.
مع أن إيران لم تتلق ردّا على هجماتها على العراق، فقد اتخذت باكستان خطوة تاريخية ووجهت هجوما شديدا على إيران؛ فباكستان عسكريّا وحكومة ليست مثل العراق وسوريا. ولذلك فإن الخاسر الحقيقي في هذه الأحداث كان بالتأكيد إيران، ولأول مرة منذ عام 1988، تعرضت أراضي إيران لهجوم صاروخي ما يعني أنها فتحت جبهة جديدة للحرب
والآن، ومع أن إيران لم تتلق ردّا على هجماتها على العراق، فقد اتخذت باكستان خطوة تاريخية ووجهت هجوما شديدا على إيران؛ فباكستان عسكريّا وحكومة ليست مثل العراق وسوريا. ولذلك فإن الخاسر الحقيقي في هذه الأحداث كان بالتأكيد إيران، ولأول مرة منذ عام 1988، تعرضت أراضي إيران لهجوم صاروخي ما يعني أنها فتحت جبهة جديدة للحرب.
وهكذا تحاول إيران فتح مجالات جديدة للصراع تفيد القوى الإمبريالية في خططها تجاه الشرق، وتبذل قصارى جهدها لتقويض كل مشروع يمكن أن يساعد في تنمية بلدان المنطقة. والحقيقة أن معارضة الاستقرار الإقليمي ليست خطوة جديدة في تاريخ إيران، فعندما ندرس التاريخ الحديث، نجد أن إيران بلد سعى كثيرا لنشر الفوضى في المنطقة؛ لأن الجميع في الشرق يدرك أن إيران تتغذى على الفوضى وسياسة فرِّق تسد.
وعلى النقيض من إيران، تسعى تركيا وغيرها من الدول القوية في المنطقة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي. فعقلية الدولة التركية تؤمن بأنه لا يمكن مقاومة أي خطة إمبريالية دون تحقيق التنمية الإقليمية ككتلة واحدة، أي التنمية التي تغطي المنطقة بأكملها؛ لذلك فإن الاستقرار هو الهدف الأكثر أهمية لدى تركيا الدولة قاربت الألف عام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيراني الباكستاني تركيا غزة إسرائيل إيران إسرائيل تركيا غزة باكستان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط أن إیران
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري: مصر استطاعت أن تتخطى مؤامرات الشرق الأوسط الجديد بفضل جيشها الوطني
قال الإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، إن « بنيامين نتن ياهو خرج بعد طوفان الأقصى قائلا «نحن أمام شرق أوسط جديد»، جاء ذلك اليوم الأربعاء، في ندوة عامة بكلية الدراسات العليا للبحوث الإحصائية بجامعة القاهرة تحت عنوان «التحديات الراهنة في المنطقة وتأثيرها على الأمن القومي المصري»، حيث عقدت الندوة بقاعة الدكتور حسن حسين، تحت رعاية الدكتور أحمد عصام عميد الكلية، والدكتور أحمد أمين الشيخ، وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
وتابع أن "المخطط الذي يعملون على تحقيقه الآن في سوريا هو تقسيمها لجزء في الشمال الشرقي، والساحل المتوسط، وحلب، ودمشق، على أن يتم تقسيمها بذلك دينيًا، فبدأنا نرى الأكراد في منطقة الساحل تود أن تستقل وكذلك العلويين والسنة، لذا، فالشعب السوري يمر بأزمة حقيقية وأوضاع اقتصادية غير مستقرة، وذلك عملا بالمخطط الذي طرحه برنارد لويس سابقًا وهو «تقسيم المقسم وتفتيت المفتت»، والهدف هو الوطن العربي، فخريطة تقسيم الوطن العربي كان أساسها «الفوضى الخلاقة»، وهذا ما وجدناه في كل المناطق العربية في ثورات الربيع العربي، فما يحدث في الوطن العربي اليوم هو الفترة الثانية للربيع العربي».
وأوضح «مصطفى بكري»، أن « مصر استطاعت أن تتخطى فترة ما يسمى الربيع العربي بفضل جيشها الوطني، فبعد 25 يناير ووقت اجتماعنا مع المشير طنطاوي وبالرغم من التعدي على قوات الأمن المصري كان دائما يقول لي لابد أن نصبر لأننا 100 مليون لا يجب أن ندخل في حرب، فمصر هي «قلب المنطقة» إذا سقطت، سقطت المنطقة كلها»، وأضاف أن «إسقاط سوريا هو أمن قومي لمصر، فما حدث في سوريا هو أمن قومي لمصر، وما يحدث في السودان هدفه إسقاط مصر، كذلك ما يحدث في مضيق باب المندب أيضا يستهدف مصر، فنحن بلد مستهدف، لذا لابد أن يعي الشباب أن دوره الحقيقي يكمن في الدفاع عن وطنه ليس فقط بالسلاح بل بالكلمة».
وأكد عضو مجلس النواب، أنه «بعد طوفان الأقصى خرج نتنياهو ليؤكد أننا أمام شرق أوسط، فالشغل الشاغل لهم هو إخضاع الجميع أمام إسرائيل، وعُرض هذا الأمر على الرئيس عبد الفتاح السيسي إلا أنه رفض وقال لن أبيع الأرض المصرية ولو بمليارات الدولارات ولن أشارك في تصفية القضية الفلسطينية».
اقرأ أيضاًمصطفى بكري: إلغاء التجنيد الإجباري في سوريا يكشف زيف شعارات الميليشيات الإرهابية
مصطفى بكري: «نبيل الحلفاوي» كان إنسانا بمعنى الكلمة وقيمة إبداعية ووطنية عظيمة
«القادم أخطر وأفظع».. مصطفى بكري: «انتظروا زيارة أيمن الظواهري لـ دمشق قريبا»