القدس المحتلة– اتفقت تقديرات المحللين الإسرائيليين على أن الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وإساءة الوزير بتسلئيل سموتريتش إلى دولة قطر، غير مبررة، وقد تعرقل مسار المفاوضات الذي تقودها قطر ومصر بالتعاون مع الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى صفقة تبادل بين إسرائيل وحركة حماس.

وانتقد بعض الكتاب الإسرائيليين نهج نتنياهو وسموتريتش تجاه الدوحة، ومزاعمهما أن قطر تمول حركة حماس وترسانتها العسكرية، بناء على تقديرات تفيد بأن قطر قامت على مدى السنوات الثماني الماضية بتحويل 10 ملايين دولار شهريا إلى قطاع غزة.

وكانت المنحة القطرية قد وزعت على 100 ألف أسرة مدعومة في القطاع، من خلال آلية لم تكن لحماس أي علاقة بها ولا أي تأثير، وهي المنحة التي منعت -باعتراف كثير من الإسرائيليين- تفاقم الكارثة الإنسانية في ظل الحصار.

 

وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش (وكالة الأناضول) الوساطة في خطر

ووجه مراسل الشؤون السياسية في صحيفة هآرتس، يهوناثان ليس، انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو، بسبب انتقاده للدوحة ودور الوساطة الذي تقوم به، والإساءة التي وجها وزير المالية إلى قطر، مؤكدا أن هذا النهج لرئيس الوزراء يعرض حياة المحتجزين الإسرائيليين للخطر.

ورجح الصحفي الإسرائيلي أنه رغم المشاكل التي سببتها تصريحات نتنياهو وسموتريتش، فإن القطريين لن يعرضوا جهود الوساطة للخطر، لافتا إلى أن "القطرين سيواصلون النهج الدبلوماسي، ولن يأخذوا موقفا مناهضا أبدا بسبب خلاف مع شخص واحد".

وبحسب وجهة نظر الصحفي الإسرائيلي، فإنه منذ عام 2012، وعلى مدى ما يقرب من عقد من الزمن، قام نتنياهو بتمكين وتشجيع التدفق التراكمي لأكثر من مليار دولار من دولة قطر من أجل رفاهية وإغاثة سكان قطاع غزة المحاصر.

ولفت إلى أنه بعد الهجوم المفاجئ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يفاجأ أحد على المستوى السياسي الإسرائيلي بقرار نتنياهو اختيار قطر لقيادة الاتصالات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل بشأن صفقات الرهائن والاحتياجات والمساعدات الإنسانية ووقف مؤقت لإطلاق النار.

ويعتقد أن محاولة رئيس الوزراء التنصل من كل ذلك الآن وشن الهجوم من قبل وزرائه على قطر، هي "محاولة خرقاء وسخيفة لدرجة أنه لا يسع المرء في إسرائيل إلا أن يتساءل عما إذا كان هذا النهج لنتنياهو يعرض الآن المحتجزين للخطر، وذلك لمجرد البقاء في السلطة وتبرئة اسمه في أي لجنة تحقيق مستقبلية ستشكل".

حضور قطر

وتعليقا على هجوم نتنياهو وسموتريتش على الدوحة كتب المحلل السياسي، أمير بار شالوم، مقالا في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" قال فيه إن "السحابة الحمضية القطرية تحوم فوق إسرائيل منذ سنوات. حقائب الأموال ذهبت إلى حماس من قطر. وقد وجد كبار مسؤولي حماس منزلا دافئا في قطر".

وأضاف المحلل السياسي "من ناحية مولت قطر حماس، ومن ناحية أخرى حاولت التوسط في جهود تحرير المختطفين الإسرائيليين، كل شيء معروف ومألوف".

وكالعادة، حيث الفوضى بالمشهد السياسي خلال الحرب، يقول بار شالوم "نجد سموتريتش، هائجا كالفيل من المستوطنات، ليسارع في توجه الانتقادات الحادة إلى قطر، دون أن يفكر بتداعيات ذلك، وانعكاس تصريحاته على مساعي الوساطة القطرية لتحرير المختطفين الإسرائيليين، دون أن يأبه حتى بسلامتهم ومصيرهم".

ليس من قبيل المبالغة أن التقديرات تجمع أنه خلافا لإساءة سموتريتش وإعلانه الحاسم برفض أي حضور للدوحة بغزة بعد الحرب، يقول المحلل السياسي إن "قطر سوف تكون ضالعة وشريكة بشكل كبير فيما يحدث في غزة في اليوم التالي للحرب".

وعزز بار شالوم هذه التقديرات لدور قطر بغزة في اليوم التالي، بالقول "سيتعين على شخص ما أن يمول عملية إعادة الإعمار الضخمة التي ستكون مطلوبة في غزة، ومن الصعب أن نتصور أن عائلة نتنياهو أو سموتريتش ورجاله بمقدورهم أن يمولوها بأنفسهم".

مظاهرة سابقة في تل أبيب لأهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة (رويترز) تساؤلات

الطرح ذاته تبناه مقال لهيئة تحرير الموقع الإلكتروني "واينت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، الذي تساءل عن التوقيت لإقدام رئيس الوزراء ووزير ماليته على مهاجمة قطر، في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن انفراجة في المفاوضات ومرونة بموقف حماس نحو صفقة تبادل محتملة، ووقف إطلاق نار لمدة شهر.

وجاء في مقال هيئة التحرير "في خضم المفاوضات مع حماس للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، يجد نتنياهو نفسه على خلاف مع الوسيطين قطر ومصر، اللذين تربطهما علاقات متينة مع حماس".

وتساءل المقال كيف يمكن إسماع انتقادات وإساءة إلى قطر من مسؤولين بالحكومة الإسرائيلية، في وقت تتواصل فيه جهود الوساطة التي تبذلها الدوحة والقاهرة، إلى جانب الولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق مع حماس، وفي وقت أجرى مبعوث واشنطن الخاص للشرق الأوسط بريت ماكجورك، مباحثات ماراثونية وجولات بين مصر وقطر؟.

وأشار مقال هيئة التحرير إلى أن "علاقة تل أبيب مع القاهرة والدوحة في هذه المرحلة جوهرية، وأمر في بالغ الأهمية لإطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى صفقة لا تكون سيئة قدر الإمكان بالنسبة لإسرائيل".

لكنه رغم اقتناع الجميع في إسرائيل بأهمية الوساطة القطرية والمصرية لتحرير المحتجزين، أوضح الموقع الإلكتروني أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رفض تلقي مكالمة هاتفية من نتنياهو، بينما اتهمت وزارة الخارجية في قطر رئيس الوزراء الإضرار بجهود الوساطة لأسباب سياسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نتنیاهو وسموتریتش رئیس الوزراء فی غزة

إقرأ أيضاً:

محللون: جلسة الكنيست كشفت حدة أزمة نتنياهو واتساع هوة الخلاف الداخلي

وسط أجواء مشحونة داخل الكنيست الإسرائيلي، وجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه أمام موجة من الانتقادات العنيفة خلال جلسة عاصفة، حيث قوبلت كلماته بمقاطعات متكررة من قبل أعضاء المعارضة وصيحات الاحتجاج من عائلات الأسرى الإسرائيليين.

في تلك الأجواء المتوترة، عاد نتنياهو للتلويح بإمكانية استئناف الحرب على قطاع غزة، مؤكدا أن الفجوة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال كبيرة، وأن إسرائيل لن تتوقف عن القتال حتى تحقيق أهدافها.

غير أن هذا الخطاب، وفق مراقبين، لم يكن سوى انعكاس للأزمة العميقة التي تحاصر نتنياهو داخليا، إذ يرى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بات يخضع بشكل كامل لضغوط اليمين المتطرف داخل حكومته، ولا يتردد في التهديد بالتصعيد العسكري للحفاظ على بقائه السياسي.

وأضاف البرغوثي، في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"، أن نتنياهو يحاول التهرب من التزاماته في الاتفاق الأخير مع حماس، الذي نص في مرحلته الثانية على وقف دائم للحرب، عبر افتعال ذرائع جديدة لتعطيل تنفيذ الاتفاق.

وأشار البرغوثي إلى أن الإستراتيجية الإسرائيلية تقوم على مواصلة العدوان لإبقاء سيطرتها على غزة، لافتا إلى أن حديث نتنياهو عن تهجير سكان القطاع ليس إلا إحياء لمخططات قديمة، أبرزها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي وصفها البرغوثي بأنها تمثل "جريمة حرب بالمعنى الحرفي للكلمة".

إعلان سياسة التجويع

وأوضح البرغوثي أن إسرائيل مصرة على ممارسة سياسة التجويع الممنهجة بحق سكان قطاع غزة، مما اعتبره جريمة حرب يجب أن يتصدى لها المجتمع الدولي.

وأشار البرغوثي إلى أن نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، قد يقدم على أي جريمة للحفاظ على بقائه في السلطة، محذرا من أن عودة الحرب إلى قطاع غزة ستكون كارثية على إسرائيل، سواء من الناحية البشرية أو الاقتصادية.

في السياق ذاته، يرى الأكاديمي المتخصص في الشأن الإسرائيلي الدكتور محمود يزبك أن خطاب نتنياهو في الكنيست يعكس حالة ارتباك غير مسبوقة، حيث يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي أزمات متراكمة، أبرزها فشل حكومته في إدارة الحرب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشار يزبك إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تكشف عن رفض شعبي واسع لاستمرار القتال، حيث تتراوح نسبة المعارضين بين 60% و75%، مما يضع نتنياهو في مواجهة مباشرة مع ضغوط داخلية متزايدة.

وأضاف يزبك أن نتنياهو يخشى تداعيات أي تحقيق رسمي في إخفاقات الحرب، مما يدفعه لمحاولة تفادي المرحلة الثانية من الاتفاق مع حماس، حيث يدرك أن الإقرار بالفشل قد يعني نهايته السياسية.

تداعيات لجنة التحقيق

واعتبر أن رفضه السماح بلجنة تحقيق رسمية في أحداث الحرب الأخيرة يعكس حجم المأزق الذي يعيشه، سواء على المستوى السياسي أو العسكري.

من جهته، قدم الصحفي الأميركي تيم كونستنتاين نائب رئيس التحرير بصحيفة "واشنطن تايمز"، رؤية مختلفة للوضع، إذ يرى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لم تنجح في تحقيق أي تقدم في ملف غزة على عكس إدارة ترامب التي تمكنت من التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأشار إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يلعب دورا مهما في محاولة إقناع إسرائيل بعدم العودة إلى الحرب، معربا عن أمله في أن يتمكن من تحقيق المزيد من التقدم في الأيام المقبلة.

إعلان

وأبدى كونستنتاين استغرابه من التحليلات التي تتحدث عن تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة، مؤكدا أن الولايات المتحدة لا تزال لاعبا رئيسيا، رغم ما وصفه بـ"الضجيج الإعلامي" حول أزماتها الداخلية.

غير أن البرغوثي يرى أن انتخاب ترامب وفرضه سيطرة مطلقة على البيت الأبيض يعكسان بداية عصر الانحدار الأميركي، معتبرا ردود الفعل الانفعالية للإدارة الأميركية تجاه الأحداث في الشرق الأوسط تعكس حالة من التراجع والضعف.

مقالات مشابهة

  • محللون: جلسة الكنيست كشفت حدة أزمة نتنياهو واتساع هوة الخلاف الداخلي
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خيارا
  • مسؤولون إسرائيليون: تل أبيب توافق على المحادثات مع حماس بشرط واحد
  • محللون: نتنياهو يريد اتفاقا جديدا وهذه خيارات حماس للرد
  • آلاف الإسرائيليين يطالبون نتنياهو باستمرار وقف إطلاق النار بغزة لإطلاق الرهائن
  • إسرائيل توقف دخول المساعدات الإنسانية لغزة وتهدد بعودة الحرب
  • محللون: المقاومة لن ترضخ لمحاولات نتنياهو ابتزاز الفلسطينيين
  • نتنياهو يهدد حماس بشأن الأسرى الإسرائيليين: ستكون هناك تبعات إضافية
  • محللون: نتنياهو يقوم بمناورة تفاوضية وينتظر مجيء ويتكوف
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو أخلّ بالاتفاق مع حماس ويفتعل الأزمات