لندن- تواصل كل من الولايات المتحدة وبريطانيا ضرباتهما في اليمن على ما تصفانه بأهداف عسكرية لجماعة أنصار الله الحوثيين، وبينما تظهر واشنطن قائدة هذه العمليات، فإن لندن -هي الأخرى- تدافع وبحماسة عن الضربات وتعدها "شرعية" مثلما عبر عن ذلك رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أمام برلمان بلاده.

وبينما نأت جل الدول الغربية بنفسها عن هذه العمليات واكتفت بالتأييد عبر التصريحات ومنها من اختار الصمت، فإن لندن تصر على المشاركة فيها لتأمين البحر الأحمر من هجمات الحوثي، ولا يخشى سوناك كلفة هذه المشاركة السياسية التي ظهرت أنها محط إجماع سياسي -على الأقل- بين حزبي المحافظين والعمال.

لكن حالة الانشغال ربما توجد لدى القادة العسكريين البريطانيين الذين يعلمون أكثر من غيرهم أن وضع الجيش البريطاني الحالي لا يسمح لهم بالانسياق كثيرا وراء العمليات الأميركية، بالنظر لإمكانياته المتراجعة خصوصا من حيث عدد الجنود ومدى جاهزية القطع البحرية القادرة على المشاركة في عمليات تأمين البحر الأحمر.

أمجاد الماضي

دائما ما يحرك القرار السياسي وأحيانا حتى العسكري في لندن، رغبة استرجاع شيء من أمجاد "الإمبراطورية البريطانية"، وعادت هذه الرغبة بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي تحت شعار "بريطانيا العالمية" التي أصبحت عقيدة سياسية وعسكرية الهدف منها تأكيد عودة البلاد وبقوة للساحة الدولية.

ولهذا الغرض، رفعت بريطانيا إنفاقها العسكري وبشكل تدريجي إلى أن تجاوز هذه السنة 2.5% من الناتج الداخلي الخام، ليكون بذلك من بين الأعلى في أوروبا.

لكن هذا السخاء في الأموال يقابله نزيف في الرجال، حيث يعاني الجيش البريطاني من أزمة في توظيف الجنود، ويبلغ عددهم حاليا 76 ألف جندي، وحسب بعض التقديرات، قد يصل هذا الرقم إلى 52 ألفا خلال السنوات العشر المقبلة، علما أنه في سنة 2003 (سنة غزو العراق) كان العدد حوالي 103 آلاف جندي.

وتواجه الجيش البريطاني معضلةُ إقناع الشباب بالانخراط فيه، بسبب تدني الرواتب والخدمات وحالة الصدمة التي مازلت مستمرة منذ حربي العراق وأفغانستان.

غردت وزيرة الدفاع البريطانية السابقة بيني موردنت -هذا الأسبوع- تحذر من تراجع حجم الأسطول البحري البريطاني، وأن بلادها قد تخسر قوتها أمام دول مثل روسيا والصين.

"أسطول صغير"

وأرفقت الوزيرة السابقة تحذيرها مع إحصائية تتحدث عن تراجع هذا الأسطول من 232 قطعة خلال الحرب العالمية الثانية إلى حوالي 68 قطعة خلال السنوات الأخيرة من بينها حاملتا طائرات حديثة وآخرها حاملة الطائرات "الملكة إليزابيث".

تراجُع الأسطول ليس العقبة الوحيدة أمام قيام الجيش البريطاني بالتحركات العسكرية التي يريد في أي مكان في العالم، بل هناك عامل الجاهزية، وذلك بعد حادثة اصطدام سفينتين بريطانيتين تشاركان في عمليات تأمين البحر الأحمر وخروجهما عن الخدمة، لتبقى سفينة واحدة تشارك في العمليات.

وكشفت صحيفة "تلغراف" البريطانية أن لندن غير قادرة على تحريك حاملة الطائرات "الملكة إليزابيث" إلى البحر الأحمر، لعدم وجود فريق قادر على تحريك سفينة الدعم " فورت فيكتوريا" التي تكون مهمتها تأمين الذخيرة والوقود، وكل ما يلزم من حاجيات حاملة الطائرات والسفن الحربية المصاحبة للأسطول المشارك في أي عملية قتالية.

وبحسب الصحفية، فإن الجيش البريطاني يواجه صعوبة في توظيف الأطقم العسكرية المناسبة، وحاليا توجد حاملتا الطائرات "الملكة إليزابيث" و"أمير ويلز" في ميناء "بورس موث" في الجنوب البريطاني.

ومنذ خروجها من الاتحاد الأوروبي، أعلنت بريطانيا عن أكثر من عملية بحرية مع التركيز على البحر الأسود لمواجهة -ما تقول لندن- إنه تنامي التهديد الروسي، إضافة إلى التحرك بالغواصات النووية نحو المحيط الهادي صحبة الأميركيين.

كما أمّنت بحر الشمال مع اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية، وانضافت لها حاليا عملية تأمين البحر الأحمر، وكلها عمليات ضخمة وتحتاج لأسطول يبدو أنه -الآن- غير متوفر لدى بريطانيا.

التصاق بالأميركيين

لم يخطئ رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون عندما قال في خطاب توديعه للبرلمان "نصيحتي لرئيس الوزراء الذي سيأتي بعدي أن يبقى ملتصقا بالأميركيين"، فهذه هي سياسة لندن على الدوام، وخصوصا فيما يتعلق بالجانب الأمني والعسكري.

وهذا ما يفسر أن بريطانيا هي الوحيدة التي شاركت مع الولايات المتحدة في الضربات الجوية الموجهة ضد الحوثيين في اليمن، وترى لندن في هذه العملية فرصة أخرى لتثبت للأميركيين أنهم الحليف العسكري الأقرب والأقوى والقادر على التحرك وبسرعة متى استدعت الضرورة أو -بالأحرى- متى رأت واشنطن أن الأمر يستدعي التحرك.

كما تريد بريطانيا أيضا إيصال رسالة للأوروبيين أن قرارها العسكري والسيادي أصبح في يدها بعد أن خرجت من الاتحاد الأوروبي، وبات بإمكانها اتخاذ قرارات مهمة وبسرعة دون الحاجة لانتظار قرارهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: تأمین البحر الأحمر الجیش البریطانی

إقرأ أيضاً:

وزارة البيئة تطلق الفيلم الوثائقي الترويجي لمحميات جزر البحر الأحمر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت وزارة البيئة في بيان لها عن اطلاق،   الفيلم الوثائقى الترويجى لمحميات جزر البحر الأحمر، وكان عنوان الفيلم ومقدمته، تتمثل في هذا الجمال الذي لم يحكِ أسراره بعد.. مرحبا بكم في محميات جزر البحر الأحمر بمصر .

قبلة الغواصين

وجاء في الفيلم: فلنغوص في الجانب البكر من البحر الأحمر .. حيث الجزر الخلابة، وأماكن الغوص بمواصفات عالمية.. الجمال الطبيعي البكر يمتعنا بمغامرة لا تنسى .

السباحة بين الشعاب المرجانية المليئة بالحياة.. والاسترخاء على الشواطئ الهادئة.. والاستمتاع بالمياه الكريستالية الصافية.

محميات جزر البحر الأحمر قبلة الغواصين ومحبي الطبيعة.. وراغبي الابتعاد عن الروتين اليومي والتواصل مع كنوز الطبيعة.

حدد وجهتك إلى جواهر مصر الخفية .. جزر دايدالوس ، أبو رمادة، أبو منقار، الجفتون، مجاويش، روكي، زبرجد، سانت جونو.. وغيرها الكثير.

سواء تمضي عطلتك في السباحة بين المناظر الطبيعية النابضة بالحياة، أو الابحار عبر المياه الهادئة، أو مجرد الاستمتاع بأشعة الشمس .. كل جزيرة من جزرنا تدعوك لاكتشافها بمسئولية والاتصال مع واحدة من أكثر النظم البيئية المميزة في الكوكب.

تذكر! حماية الطبيعة تبدأ بتجربة جمالها.. محميات جزر البحر الأحمر تناديك فهل انت مستعد لتجربة غير اعتيادية ؟!

Uncharted Waters. Untamed Beauty. Welcome to Egypt’s Red Sea Islands.

Dive into the wild side of the Red Sea—where breathtaking islands, world-class dive spots, and unspoiled natural beauty merge into an unforgettable adventure.

Imagine gliding through coral reefs bursting with life, lounging on tranquil shores, and soaking in crystal-clear waters. These islands are a sanctuary for divers, nature lovers, and anyone yearning to disconnect from the everyday and reconnect with the wild wonders of our planet.

Set your course for hidden gems like Daedalus, Umm Gamar, Abu Ramada, Abu Monqar, Giftun, Magawish, Rocky, Zabargad, St. John, Big Hanish—and so many more.

Whether you’re snorkeling through vibrant underwater landscapes, sailing across serene seas, or simply soaking up the sun, each island invites you to explore responsibly and engage with one of the planet’s most extraordinary ecosystems.

Remember, protecting nature starts with experiencing its beauty. The Red Sea is calling—are you ready to answer?

مقالات مشابهة

  • حذرت من ارتفاع الأمواج.. الأرصاد تصدر إنذارًا بحريًا بشأن حالة البحر الأحمر
  • ما هي الورقة التي حذر “الحوثي” من تفعيلها ان مضت واشنطن في حماقتها 
  • تحليل استراتيجي يكشف أدوار إيران في تعزيز الوجود الحوثي بالسودان وإريتريا وجيبوتي
  • وزارة البيئة تطلق الفيلم الوثائقي الترويجي لمحميات جزر البحر الأحمر
  • المبعوث البريطاني يدعو القادة السودانيين لإعادة بناء المجتمع والنظام السياسي مع اقتراب الحرب من إكمال عامها الثاني
  • قناة اسرائيلية تكشف المدة التي سيبقى فيها الجيش الاسرائيلي بجنين وطولكرم
  • جماعة الحوثي تعلن مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وأميركية
  • قائد الجيش عرض والسفير البريطاني سبل التعاون
  • لكل مسعف قصة.. قافلة رفح التي قتلتها إسرائيل بدم بارد
  • خرائط الطقس تكشف ذروة التقلبات الجوية.. الأرصاد تحذر من انخفاض حاد في درجات الحرارة.. إنذار بحري بسبب اضطراب حالة البحرين الأحمر والمتوسط.. خبيرة تقدم نصائح مهمة لمرضى الحساسية الصدرية