إلى العقلاء من الإسلاميين… الآن وقبل فوات الأوان
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
ونحن على بعد شهر من حلول شهر رمضان الكريم فإن الحرب في السودان قد شارفت على دخول عامها الثاني. هذه الحرب التي ظن من أشعلها أنها لن تدوم سوى ساعات فقط يتم فيها ضرب معسكرات الدعم السريع بالطيران ويسحب الجيش ضباطه المنتدبين لدى الدعم السريع ويتم تسريح المنتسبين... كانت الحرب مرسومة هكذا وبكل بساطة في مخيلة متخذ القرار.
إلا أن تلك الحرب الملعونة خالفت المتوقع وتجاوزت قدرة الذين اتخذوا قرار إشعالها وانتفخت كجيفة ملقاة في قارعة الطريق... كبرت كبطن عاهر حملت سفاحا وولدت بؤسا وشقاء وتهجيرا.
وأصبحت ساعاتها أياما وتمددت أيامها إلى شهور وها هي الشهور رغما عن أنف من أشعلها قد أوشكت على أن تكون سنانا عجافا يأكلن ما قدمنا لهن وما ادخرنا.
ولا زالتا نحن السودانيون الصابرون نحلم كل يوم بعام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.
ذلك العصر الشديد الذي عشناه منذ 15 أبريل 2023 حتى تسرب الزيت من بين جنبتنا ولا بواكي لنا. فقدنا النفس والمال والدار والعيال... رأينا البيوت تنهار تحت ضربات الطيران وتنهب من قبل المليشيات. ولا أحد يحرك ساكنا. الجميع فاغر فاه في ذهول ينتظر معجزة السماء... ولكن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
وأتوجه بالسؤال إلى من أشعل هذه الحرب... والإسلاميون ليسوا بريئين من ذلك.
ماذا استفاد السودان والسودانيون بعد مرور عام من اندلاع الحرب؟ وماذا كان سيضير لو أنفذتم الاتفاق الإطاري؟ أو اتفقتم على الدمج في عشر سنين أو تركتم الدعم السريع كقوة منفصلة.
ماذا لو صبرتم وآثرتم السلامة وعملتم بقول المعصوم مداراة المؤمن على نفسه حسنة من أجل البلد.
لقد أعلنتم أنكم فعلتم ذلك من أجل الدين... أي دين يقبل هذا الذي حدث للسودانيين.
عندما جئتم إلى الحكم لم تكن الأوثان موزعة على قارعة الطريق يعبدها الناس من دون الله... لقد وجدتم الحيران في الخلاوي والمصلين في المساجد وحفظة القرآن يجيبون السودان يعلمون الناس الدين. في دارفور وفي الجزيرة وفي كدباسة وفي وقر وتمالان بشرق السودان.
فأي خوف على الإسلام يبيح لكم أن تطلقوا فينا هذه الحرب اللعينة وأي حرص على الدين يمنعكم من مد اليد لإيقافها حتى الآن وقد قال الله تعالى فإن جنح السلم فاجنح لها
لقد شاطر النبي مشركي غطفان على ثلث تمر المدينة ليجنب المدينة الخراب وتكالب الأحزاب
وقد صالح- عليه السلام- في الحديبية
وصالح الصديق في حروب الردة
وصالح عمر في حرب بيت المقدس
وصالح عثمان ثوار المدينة
وصالح عليا في صفين
وما فيكم من هو في إيمان أبي بكر ولا عدل عمر ولا صدق عثمان ولا شجاعة علي... فكيف تحكمون
yousufeissa79@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
عادل الباز يكتب: سياسة ترمب تجاه السودان
1 يترقب العالم ما ستتخذه إدارة ترمب من سياسات في كثير من القضايا التي تثير الجدل في الساحة الدولية، وقد بدأت بعض القرارات التي أصدرها ترمب في أول يوم لتنصيبه تتدفق وتعصف بكثير من السياسات التي كانت إدارة بايدن تتبناها. ما يهمنا هو تلك السياسات التي يمكن أن يتخذها ترمب وفريقه في فترة رئاسته الثانية تجاه السودان وطرق تعامله المنتظرة.
2
بالطبع، ستكون سياسته تجاه السودان ضمن سياساته تجاه أفريقيا، وهي السياسات التي ارتبطت في الفترة الأولى بالمصالح، بعيدًا عن قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والترهات التي لا يؤمن بها ترمب. وقد تم تحقيق تلك المصالح عبر الصفقات بسبب عجز الولايات المتحدة عن منافسة الصين وروسيا والإمارات، كما يقول الكاتب بدورية فورين بوليسي، كين أوبالو، في مقال له في ديسمبر الماضي:
(سياسة ترمب تجاه أفريقيا من المرجح أن تجعل المعاملات قصيرة الأجل من الصعب على الولايات المتحدة التنافس على النفوذ مع الصين أو روسيا أو حتى الإمارات العربية المتحدة. فقد سعت هذه البلدان إلى بناء علاقات طويلة الأجل مع النخب الأفريقية، مما يدل على موثوقيتها. وعلى النقيض من ذلك، فإن التركيز المحتمل لترامب على إبرام الصفقات قصيرة الأجل من شأنه أن يجعل من الصعب على واشنطن تعزيز العلاقات الثنائية أو حل الأزمات في القارة).
3
وتشير كل التحليلات إلى أن أفريقيا ستظل كمّا مهمَلًا في إدارة ترمب، ولن تحظى بأية أولوية خارج فكرة الصفقات السياسية والاقتصادية التي يمكن أن يعقدها ترمب. قد تختلف السياسات تجاه السودان نوعًا ما، إذ يمكن أن يتمتع السودان بقدر من المعاملة المختلفة من إدارة ترمب، فهناك أكثر من عامل يجعله موضع اهتمام.
4
أولها أن ترمب يسعى في ولايته الثانية لإحياء اتفاقيات إبراهام، وهي الاتفاقية التي وقعتها أربع دول عربية، من بينها السودان، في 6 يناير 2021. ويسعي ترمب الان مجددًا لإحياء تلك الاتفاقية، الأمر يجعل السودان ضمن أولويات إدارته، ولذا يمكن أن تتأسس علاقة خاصة مع الخرطوم ليبقى على موقفه السابق.العلاقة مع السودان في ولاية ترمب الأولى شهدت رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بصفقة اقتصادية، إذ دفع السودان مقابل ذلك مبلغ 335 مليون دولار، وجرى ذلك في عهد حمدوك في قضية لا علاقة للسودان بها أصلًا. ولذا، فإن إدارة ترمب لها مصلحة في استمرار السودان ليكون جزءًا من اتفاقية إبراهام،ولذ يمكن ان يحظى بالعناية اللازمة ما دامت تلك الاتفاقيات تحقق مصالح ربيبتها إسرائيل.
5
يطرح ترمب نفسه كصانع سلام عالمي، وهو يراهن الآن على وضع حد للحرب الأوكرانية – الروسية، كما ضغط قبل تسلمه منصب رئيس الولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وقد نجح في ذلك. فقد تغريه تلك الفكرة بالتدخل لإيقاف الحرب في السودان. وفي الأنباء أن ترمب عيَّن مستشاره بيتر لورد مبعوثًا خاصًا مؤقتًا للسودان، خلفًا للسيئ الذكر توم بيريللو.
ما يعيق هذا التدخل أو يجعله صعبًا أو معقدًا هو تقاطعه مع الموقف الذي تتخذه الإمارات من دعم مستمر للمتمردين في الحرب الجارية في السودان. وكان وزير خارجية ترمب الجديد، ماركو روبيو، قد أعلن في إفادة له في الكونغرس الأميركي نهاية العام الماضي أن قوات الدعم السريع ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية.
6
الإمارات تلعب دورًا مركزيًا في تبني وتسويق اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل، وهي الاتفاقيات التي تتمتع بأولوية قصوى في السياسة الخارجية الأميركية، خاصة أن أغلب الوزراء الأساسيين في حكومة ترمب من اليهود الصهاينة. لذا، فإن الضغط على الإمارات لوقف دعمها للجنجويد يبدو أمرًا صعبًا، لأنه يدخل في معادلة الشرق الأوسط المعقدة. أضف إلى ذلك أن الإمارات وتابعيها من رهط “تقدم” يرددون الأكاذيب لإثارة مخاوف الغرب بأوهام عودة الإسلاميين إلى الحكم حال انتصر الجيش، وهذا الادعاء – للعجب – يجد من يصدقه، حتى بين الخبراء الأميركيين، أمثال كاميرون هدسون المهتم بالملف السوداني، فما بالك بالرجرجة من دهماء الكُتَّاب والسياسيين الأميركيين؟.
7
هناك عامل آخر يحفز التدخل الأميركي في السودان، وهو سعي أميركا لتحجيم العلاقات السودانية – الروسية – الايرانية المتنامية، إضافة إلى العلاقة مع إيران. تلك العلاقات تزعج الأميركيين، بالإضافة إلى الأوروبيين وبعض دول الجوار العربية على حد سواء.
ستسعى أميركا لاستعادة دورها في السودان واتخاذ سياسات بعيدة عن تلك التي تبنتها إدارة بايدن بواسطة جنجويد (مولي في، وفكتوريا لنا لاند)، والتي قادت السودان إلى كارثة الحرب.
تلك هي العوامل المحفزة للتدخل الأميركي في السودان ومحاولة فرض سيناريوهات محددة لنهاية الحرب، كما سيُفرض مزيد من الضغوط والإغراءات لمنع تطور العلاقات السودانية – الروسية أو السودانية – الإيرانية. كذلك، ستجري محاولات لهندسة السياسة الداخلية، عبر محاولة استبعاد الإسلاميين وإعادة قحت إلى الساحة مجددًا.
السؤال الذي ينبغي أن يُطرح الآن: هل نحن مستعدون للتعامل مع سياسات ومواقف وصفقات إدارة ترمب؟ وهل هناك أي تصورات وخطط سياسية ودبلوماسية للتعامل مع السياسات التي يمكن أن تطرحها إدارة ترمب، سواء على صعيد الحرب الجارية حاليًا أو السياسات الداخلية أو محاولاتها لفرض توجه معين في علاقات السودان الخارجية؟ أرجو أن تتمكن الحكومة الحالية من اتخاذ التدابير والسياسات اللازمة، حتى لا نفاجأ بقرارات مربكة لم نكن مستعدين لها.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب