سودانايل:
2025-03-17@16:58:05 GMT

بابنوسة القِميرة !!

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

بقلم: محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)

●إن ما يجري الآن من معارك طاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة بابنوسة ومقتل العشرات وتشريد الآلاف من المواطنين، قد وقعت من قبل بمدن سودانية أخرى ، وبسط الطرف المنتصر فيها سيطرته وهيمنته، فهذه هي مآسي الحرب وآلامها من قتل وتشريد ونهب للمتلكات وتدمير للمرافق العامة.



●إن بنية الدولة السودانية مختلة تاريخياً وتحتاج إلى تغيير جذري شامل وبناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيين والإجابة على كافة الأسئلة التي قادت إلى الحروبات وعدم الإستقرار السياسي منذ أول تمرد إندلع في السودان بمدينة توريت في عام 1955م، ولكن الحرب ليست الوسيلة المثلي طالما توفرت وسائل سلمية وأقل كلفة مادية وبشرية، فإن حركات الكفاح الثوري المسلح قد أضطرت إضطراراً لحمل السلاح ضد الحكومات التي ظلت ترفض المساواة والعدالة بين أبناء وأقاليم السودان المختلفة، وفك سيطرة أقلية صفوية على مقاليد الأمور وفرض مشاريع سياسية أحادية في وطن متعدد ومتنوع ثقافياً وعرقياً ودينياً.

●إن هذه الحرب وسابقاتها قد خلقت تشوهات عميقة في جسد المجتمع السوداني، وضاعفت من حدة الأزمات والتباينات العرقية والمناطقية التى كانت موجودة أصلاً بفعل ممارسات وسلوك الحكومات المتعاقبة، وفرضت واقعاً جديداً ومتغيرات عسكرية وسياسية وأمنية وقانونية وأوضاعاً إنسانية وإجتماعية حرجة ومعقدة تحتاج لجهود وطنية مضنية وصادقة لتجاوزها.

●إن المؤسف حقاً وما يدعو للفزع من كل وطني غيور وصادق في إنتمائه لهذا التراب، إن كرة الصراع قد صارت تتحدرج بسرعة نحو خلق إصطفافات جديدة ذات طبيعة مناطقية وعرقية وتسميم المشهد بخطابات عنصرية متخلفة تعبر بجلاء عن أمراضنا الإجتماعية وضعف إنتماءنا الوطني ، ومثل هذه الأفعال قد تعصف بكيان الدولة المهتريء والمأزوم، ومكمن الخطورة في أن مسرح الحرب الأهلية الشاملة قد بات جاهزاً، فقط ينتظر عود ثقاب حتى يحترق السودان ومن فيه.

●إن الدول لا تُبني بالمرارات والغبائن والأحقاد والثأرات القديمة، ويتطلب من جميع فرقاء السودان تقديم كافة التنازلات مهما كانت مؤلمة من أجل سلامة بلادهم وشعبهم.

●هنالك دولاً وشعوباً من حولنا قد مروا بنفس تجربتنا بل أسوا منها، ولكن توفر لديهم قادة عظام، تناسوا كل المرارات والخلافات والدماء التي سالت، وقادوا بلدانهم نحو المصالحة الشاملة والسلام، ودفعوا كلفة الإنتقال من مربع الحرب والدمار إلى مربع الإستقرار والنماء والتداول السلمي للسلطة.

●دونما شك أن السودان لا يخلو من قادة عظام من عيار نيلسون مانديلا وبول كاغامي، ولكن لم تتاح لهم الفرصة أو يُسمع لما يقولونه من أفكار وآراء وإجتراح للحلول ، وقد تسيد المشهد عاطلو المواهب والرجرجة والدهماء، الذين ينظرون للوطن من خلال منظار مصالحهم الضيقة، وصدورهم المحشوة بالإنتقام والثأر، إرضاءًا لغرورهم المريض ولو على جثة وطن يتداعي للسقوط!.

●متى ينهض شعبنا من سباته العميق ويشكل وعي جمعي حقيقي وكيان وطني عريض على إمتداد السودان، رافض للحرب وخطابات الكراهية والعنصرية التي ما فتئت تفت من عضد الدولة والوجدان الوطني المشترك، عبر الأفعال وليس الأقوال وحدها، ويفرض شروط إيقاف وإنهاء الحرب والتحول المدني الديمقراطي عبر كافة الوسائل السلمية الممكنة، وبأعجل ما يكون حتى لا نبكي على وطن فرطنا فيه بتخاذلنا أو تواطوءنا؟!.

#قلبي_على_وطني

25 يناير 2024م

elnairson@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

جوهر المشكلة – الحركة الإسلامية

لكل أزمة سبب رئيس هو المرتكز الأساس لحدوثها، الحرب في السودان غطّت سماءها سحب الكذب والتضليل، وأضحى السؤال عمّن أطلق رصاصتها الأولى مثل جدل الدجاجة والبيضة، وكادت أن تضيع ملامح بدايات الحرب، وكيف شاهد وسمع الناس أصوات الرصاص بالمدينة الرياضية وطيبة، وبذات الذاكرة السمكية تبخرت من قبل ذكرى خطيئة انقلاب يونيو 1989، وما تبع الانقلاب من تخلق لنظام حكم الحركة الإسلامية، ونسي الناس أن حرب اليوم لم تـندلع فجأة، وتغافلوا عن إرهاصاتها وعلاماتها التي بدأت مع الانقلاب، الذي قاده العميد الركن عمر حسن كادر الحركة بالجيش، وأصاب الكثيرين الزهايمر فأخذوا ينسبون كل الجرائم والموبقات، التي أتى بها نظام حكم الحركة الإسلامية إلى قوات الدعم السريع حديثة التأسيس، ولم يقدم فقهاء دولة (القرآن) شرحاً للناس عن إمارات ساعة انفجار الحرب، البادئة منذ حروب الجنوب وجبال النوبة وجبل مرة، أن تلك المحطات علامات مرور على الصراط الطويل الموصل لقيامة اليوم، فكل مبتدأ له منتهى، ومنتهى الحرب يكون بإنهاء أثر المتسبب الأول، والبادئ الأظلم، فقد اغتصبت الجماعة الباغية السلطة وتمتعت بها، وأساءت استخدامها، وأشعلت نيران الحروب بآلياتها – أجهزتها الأمنية والعسكرية، فلا يوجد حزب ولا جماعة أخرى بالسودان مسؤولة بصورة مباشرة عن هذه النهايات المأساوية غير الحركة الإسلامية.
إنّ جوهر المشكلة هو هذا التنظيم الأخطبوط والسرطان المتجذر في جسد الدولة والمجتمع، وليس شماعة التمرد المزعوم ولا الاستهداف الخارجي والعملاء (قحت، تقدم، صمود، قمم)، أو الغزو الأجنبي (عرب الشتات)، كما يدّعي اعلام التنظيم المضلل ومعاونوه، إنّ آفة البلاد تكمن في الأذى الجسيم والجرم المتسلسل الذي الحقه التنظيم بسكان السودان، التنظيم الحركي الإسلامي الذي يغالب سكرة الموت، في حربه غير محسوبة العواقب التي أقدم عليها، يقاوم خروج الروح بالصعقات الكهربائية الإقليمية ليفيق من السكرة، التي أصابته جراء التفكيك الأمني والعسكري الذي ألحقته به الضربات القاسية من قوات الدعم السريع، فنشط عبر علاقاته الممتدة مع التنظيم العالمي للنهوض مجدداً بسبب ما تعرض له من هزّة، فهو لا يدين لحلفائه في الداخل بفضل، حتى الذين تصالحوا معه من منطلقات جهوية من بعض الشيوعيين والبعثيين والأنصار والاتحاديين والمتمردين السابقين، لن ينالوا ما يصبون إليه من مطامح سياسية، لأن أولويات الحركة الإسلامية تنظيمية إقليمية وعالمية، وضريبتها المستحقة الدفع تجاه الممولين العالميين باهظة، وعندما يحين موعد سداد الفاتورة لن يجد داعموها من أحزاب وحركات الداخل ما يسدون به الرمق، وبناءً على التسريبات فإنّها باعت معادن الأرض مقدماً، ورهنت موانئ البلاد للسادة أصحاب المصلحة – الممولين العالميين، ولا عزاء للمغفلين النافعين.
إنّ جميع المليشيات الجهوية وحركات دارفور المسلحة، المقاتلة في صفوف الحركة الإسلامية في نسختها الأخيرة التي يقودها علي كرتي، لن يكون لها علو كعب بين مليشيات التنظيم العقائدية – البراء وغيرها، وقد بدأ التذمر يطفو للسطح بين قائد مليشيا قبيلة الشكرية العميل المزدوج، وكتائب التنظيم المالكة للسلاح الحديث، فمعلوم أن تنظيم الحركة الإسلامية منذ يومه الأول بعد اغتصابه للسلطة، استمرأ صناعة المليشيات، والتي من بعد نفاذ الغرض المصنوعة من أجله يقوم بحرقها وكنسها، في ازدراء وتحقير واستعلاء وغرور، دون حسبان لركن ركين من أركان مقاصد الشريعة الإسلامية - الحفاظ على النفس، فجوهر المشكلة يكمن في وجود هذا التنظيم الذي تلاعب بأرواح المواطنين، وتندر وتهكم على موتهم تحت ركام قصف طيرانه الأجير، بإطلاق وصف "المشاوي" و"الكباب" على جثامين الشهداء الفقراء من المسلمين السودانيين، فهذه الحركة الإسلامية ومنذ سطوتها على السلطة ظلت تعمل على شراء السلاح بموارد السودانيين، لتسفك دمهم بنفس السلاح، فلم يجد المواطنون منها خيراً، وقد أدت كل الأدوار القذرة التي أنكرتها فيما بعد وألصقتها بالآخرين – التآمر (مع إيران وتركيا ومصر ضد السودان)، والارتزاق، والزج بالمليشيات الأجنبية وإشعال الحروب، فجوهر مشكلة السودان يكمن في الحركة الإسلامية – النسخة الأخيرة.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت (..)
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (1)
  • اختفاء 2000 شخص فى السودان منذ بدء الحرب
  • السودان الجديد وصورة دوران قري (1-2)
  • جوهر المشكلة – الحركة الإسلامية
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • السلاح والغذاء في حرب السودان
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها