القاهرة- لا يزال أنصار ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 يبحثون في ذكراها الـ13 عن حقوق الضحايا، وينتظرون تنفيذ مساري جبر الضرر والمحاسبة عبر تفعيل مادة العدالة الانتقالية في الدستور، وفق مراقبين تحدثوا للجزيرة نت، منتقدين التجاهل الحكومي لتنفيذ الاستحقاق الدستوري.

تنص المادة 241 من دستور البلاد، الصادر عام 2014، على أن "يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون العدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا وفق المعايير الدولية".

وفشلت البرلمانات المتلاحقة بعد الثورة في إقرار القانون، لكن ظهر أول مشروع متكامل له في عام 2016، عن طريق النائب السابق محمد أنور عصمت السادات وآخرين، في حين رفضت الحكومة مناقشته.

أيادي مصرية سمرا ليها في التمييز
ممدودة وسط الزئير بتكسر البراويز#ثورة_25_يناير #مصر ❤️???????? pic.twitter.com/TGWi03ZmbM

— Ibrahim Zayat (@IbrahimAZayat) January 25, 2024

ولادة متعثرة

وبرر السياسي المعارض محمد جمال حشمت، وكيل لجنة العلاقات الخارجية في أول برلمان بعد ثورة 25 يناير، عدم إصدار مجلس النواب بعد الثورة قانون العدالة الانتقالية بما اعتبره "نفاد الوقت" تحت ضغوط الأزمة السياسية التي انتهت بالإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي.

وقال حشمت للجزيرة نت "شاركت في مناقشات داخل أروقة البرلمان منذ اللحظات الأولى حول ملامح وتفاصيل قانون العدالة الانتقالية، ولكن لم يسعفنا الوقت لتمريره، والذي كان من شأنه محاسبة القتلة وإنصاف الضحايا ونقل مصر من مرحلة القتل بلا حساب إلى مرحلة الحساب دون عراقيل".

ويتوقع ألا يرى القانون النور في الفترة الحالية لعدم قدرة النظام الحالي على إدانة نفسه باعتباره ضمن المتهمين في استهداف ثوار 25 يناير، وهو ما تنفيه بشدة عادة السلطات المصرية، وفق تصريحه.

وعلمت الجزيرة نت -من مصدر خاص- أن مؤسسات الدولة أغلقت حاليا ملف قانون العدالة الانتقالية تماما، وترفض مناقشته في مجلس النواب، وتعتبر التوقيت الخاص بمادة العدالة الانتقالية في الدستور استرشاديا وليس إلزاميا، وأن ظروف البلد لا تحتمل الآن.

وكان وزير العدالة الانتقالية السابق المستشار الراحل محمد أمين المهدي، صرح في وقت سابق أنه سيتم إقرار هذا القانون في مجلس النواب خلال عام 2015، لكن القاهرة ألغت وزارة العدالة الانتقالية في العام نفسه بعد أقل من سنة على تمرير الدستور.

كما صرح وزير الشؤون البرلمانية والقانونية الأسبق مجدي العجاتي، سنة 2016، بأن الحكومة المصرية لديها 3 قراءات في قانون العدالة الانتقالية، ولكن لم يتم التوصل إلى الشكل النهائي للمشروع.

حاجة وحق

من جهته، أكد رئيس مجلس النواب السابق علي عبد العال، في الوقت نفسه تقريبا، أن هذا القانون بحاجة إلى حوار مجتمعي واسع، وأن إقراره يحتاج لنقاشات موسعة قبل أن تتم داخل أروقة البرلمان.

من جانبه، يرى ياسر صديق حسين المتحدث الإعلامي باسم مجلس أمناء ثورة 25 يناير (جهة شعبية مناصرة للثورة) -في حديثه للجزيرة نت- أن الصعوبة في تفعيل العدالة الانتقالية في الوقت الحالي وأن السبيل الوحيد لتطبيقها هو الانتظار لحين مجيء حكومة لا تكون في خصومة مع ثورة 25 يناير.

ويؤكد حسين أن ضحايا الثورة ما زالوا في حاجة إلى العدالة بعد مرور 13 سنة، وأن العدالة الانتقالية حقهم، ولكن الأزمة أن "هؤلاء الضحايا مجرمون في نظر السلطة الحالية، وسبب خراب البلد"، حسب تعبيره.

وتعتبر دراسة صادرة في مايو/أيار 2023 بعنوان "مقاربة متمحورة حول الضحايا في شأن العدالة الانتقالية بمصر"، أن فشل القاهرة في إنصاف الضحايا منذ ثورة 25 يناير يقف خلفه إخفاقها في إنشاء آلية لتعميم المحاسبة، وإجلاء الحقيقة عبر مسار العدالة الانتقالية.

وشددت الدراسة الصادرة عن "المبادرة العالمية للعدالة والحقيقة والمصالحة"، وهي تحالف من 9 منظمات دولية، على ضرورة اعتماد مقاربة متمحورة حول الضحايا تهتم باحتياجاتهم وتجاربهم، وتشركهم في تحديد أولوياتهم واحتياجاتهم، وفي تخطيط إستراتيجيات العدالة الانتقالية وآلياتها وتنفيذها على حد سواء.

شكوك

ويوضح الحقوقي والمحامي محمد أبو العزم، في حديثه للجزيرة نت، أن التنفيذ العادل والمحايد للعدالة الانتقالية يعطي الأولوية لمصالح الضحايا على المصالح السياسية أو الحزبية، ويشمل تقصي الحقائق الشامل والكشف عنها، ومحاسبة الجناة، وتعويض الضحايا، والاعتراف بالماضي والاعتذار عنه.

كما يشمل معالجة البعد النفسي للضحايا، وصولا إلى إجراء تغييرات في القوانين القائمة وإعادة هيكلة أجهزة الدولة ومؤسساتها لتحقيق نتائج ملموسة.

وعبر أبو العزم عن شكوكه بشأن تحقيق العدالة الانتقالية في ظل الأوضاع الراهنة بمصر، قائلا إن مرحلة الانتقال ما بعد الثورة شابتها عيوب جمة، وكانت مضطربة وعنيفة ساد فيها الصراع على السلطة وغياب الرؤية المشتركة وفقدان الثقة وانعدام التعاون بين مختلف الأطراف السياسية الفاعلة، مما أدى إلى إحباط تقدم البلاد نحو الانتقال الديمقراطي والعدالة الانتقالية.

بدوره، يقول المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار، للجزيرة نت، إن مصر ملزمة بموجب القانون الدولي بتوفير سبل إنصاف ضحايا جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان، ومنهم شهداء ثورة 25 يناير، عبر آليات العدالة الانتقالية لإجلاء الحقيقة ومحاسبة الجناة والتعويض الكامل والفعال للضحايا، مع تقدير ضمانات واضحة تحول دون تكرار الجرائم.

ويشعر العطار "بالأسف" لعدم إيمان الحكومة بأهمية وضع قانون للعدالة الانتقالية، رغم الاستحقاق الدستوري منذ 2014.

وأكد أن عدم إعلاء مؤسسات الدولة حقوق الإنسان بشكل حقيقي، وربط نفسها بنظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحت به الثورة، يحول دون فتح ملفات الضحايا منذ أكثر من 13 سنة، رغم أن الرئيس السابق محمد مرسي أحال للنيابة العامة ملفات لجنة رسمية شكلها لتقصي الحقائق أدانت الشرطة بالعنف ضد المتظاهرين من يناير/كانون الثاني 2011 حتى يونيو/حزيران 2012، ولكن دون جدوى.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العدالة الانتقالیة فی ثورة 25 ینایر مجلس النواب للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

وزيرة التضامن توجه بصرف مساعدة فورية لأسر الضحايا حادث ميكروباص أسيوط

تتابع الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، حادث تصادم وقع بين سيارة نقل محملة بالأسمنت وسيارة ميكروباص على طريق القوصية الزراعى فى محافظة أسيوط، ما أسفر عن مصرع عدد من الحالات وإصابة آخرين.

ووجهت وزيرة التضامن الاجتماعي السيد رئيس الإدارة المركزية للحماية الاجتماعية بالمتابعة مع مدير مديرية التضامن الاجتماعي بأسيوط، وسرعة  التحرك والتواجد الفوري لفرق الإغاثة والهلال الأحمر المصري، مشددة على تكثيف الجهود نحو مساعدة الأهالي، مقدمة التعازى لأسر الضحايا وتقديم الدعم اللازم لهم والمصابين.

وقررت وزيرة التضامن الاجتماعي صرف مبلغ 5 آلاف جنيه لكل أسرة متوفي كمساعدة فورية من مؤسسة التكافل الاجتماعي بأسيوط لحين استخراج المستندات المطلوبة وصرف المساعدات المقررة لأسر المتوفين، والمصاب حسب نسبة الإصابة نتيجة الحادث.

مقالات مشابهة

  • عاجل - زيادة المعاشات يناير 2025.. اعرف الفئات المستفيدة
  • عقل البلبوسي والعدالة الثأرية والعدالة الانتقالية
  • المحكمة العليا الأمريكية تنظر الطعن على قانون حظر تيك توك 10 يناير
  • نحو تحقيق العدالة.. مؤسسة «قضايا المرأة المصرية» تتبنى مشروع قانون للأحوال الشخصية
  • بعد المرحلة الانتقالية.. دعوة أممية لانتخابات "حرة وعادلة" في سوريا
  • وزيرة التضامن توجه بصرف مساعدة فورية لأسر الضحايا حادث ميكروباص أسيوط
  • صندوق لدعم المعتقلين المحررين.. التفاوض السورية: العدالة الانتقالية ليست خيارا
  • متقاعدو السليمانية.. طوابير طويلة بازدحام وبرد بانتظار رواتبهم المتأخرة (صور)
  • منظمة بدر:قانون العفو العام “يعطل العدالة”!
  • حادث مرور تيارت.. ارتفاع عدد الضحايا إلى 5 قتلى