الرسول يهدّد ويتوعد فمن يعاند؟

كتب .. #الشيخ_كمال_الخطيب

عن وقّاص بن ربيعة عن المستورد القرشي رضي الله عنه أنه حدّثه أن #النبي ﷺ قال: “من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من #جهنم، ومن كسي ثوبًا برجل #مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة”.

إنه الحديث الشريف به يحذّر النبي ﷺ من ثلاثة أفعال وممارسات مشينة وممقوتة إذا أتاها المسلم وفعلها ولم يستجب لنداء وتحذير الرسول ﷺ، فإنه #التهديد و #الوعيد من #عقوبة شديدة وعاقبة وخيمة ستنزل بصاحبها من الله جل جلاله يوم القيامة.

مقالات ذات صلة تسريبات حول صفقة تبادل أسرى جديدة / تفاصيل 2024/01/26

فمن أكل بمسلم أكلة

فمن أكل برجل مسلم أو امرأة مسلمة أكلة بأن نال من ذلك المسلم بغيبته أو الطعن بعرضه، أو أذاه أو أفشى له سرًا عند عدوه ومن يبغضه ومن يرغب بالنيل منه ومكافأة له على ذلك، فإن ذلك العدو المبغض قد أطعمه طعامًا أو أعطاه مالًا، يكون جزاؤه يوم القيامة من جنس العمل “فإن الله يطعمه مثلها في جهنم”. لكن طعام جهنم ليس كطعام الدنيا، إنه الطعام الذي وصفه الله في آيات كثيرة يجب أن تستوقف كل عاقل، قال الله تعالى في وصف طعام أهل النار: {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ*لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ} آية 6+7 سورة الغاشية، والضريع هي شجرة ذات شوك يابس ليس لها ورق ولا تقربها دابة ولا ترعاها البهائم. وطعام آخر قال عنه سبحانه: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ*طَعَامُ الْأَثِيمِ} آية 43-44 سورة الدخان، والزقوم شجرة خلقت من النار وغُذّت منها، قال ﷺ: “لو أن قطرة قطرت من الزقوم في الأرض لأمرّت على أهل الدنيا معيشتهم، فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره”. وطعام آخر هو الشوب {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ} آية 67 سورة الصافات، فإذا أكلوا الزقوم شديد المرارة فأرادوا أن يشربوا ماء ليذهب مرارته، شربوا من الحميم وهو الماء شديد الحرارة، فأصبح خليط الزقوم والحميم يسمى شوبًا.

وطعام آخر قال عنه سبحانه: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ*وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ*لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} آية 36-37 سورة الحاقة، والغسلين هو صديد أهل النار وقد ارتفعت حرارته فأصبح {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ*كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } آية 45-46 سورة الدخان. فإذا كان ذلك الذي لم يستجب لتحذير وتهديد ووعيد رسول الله ﷺ وقبل أن يأكل بمسلم أكلة فدعي إلى مطعم من ذلك العدو الذي باع له أخاه وهناك عرض عليه لائحة أصناف الطعام (menu) ليختار منها ما لذّ وطاب، فإن عليه أن يتذكر أن عقوبة ذلك ستكون أن يُسحب على وجهه إلى النار وهناك سيجد لائحة طعام أهل النار (menu) التي تتضمن الزقوم والضريع والغسلين والشوب والصديد والطعام ذا الغُصّة {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا*وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} آية 12-13 سورة المزمل.

وفي مقابل ذلك فإن المسلم الذي لا يقبل ويرفض أن ينال من مسلم عند عدو ومبغض ولو كان بذلك سيخسر مالًا بل ولعله سيؤذى، فإن جزاءه عند الله ما قاله رسول الله ﷺ: “من ردّ عن عرض أخيه ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة”. فما قيمة الطعام والمال والمنصب والجاه يحصّله أحدهم ممن يرغب من النيل من عرض أو كرامة أو حرمة أو دم أخيه المسلم مقابل دنيا فانية وعقوبة في نار جهنم دائمة.

ومن كُسِيَ بمسلم كسوة

واما الفعل الثاني المشين والممقوت الذي حذر النبي ﷺ المسلم من أن يفعله وإلا فإنه التهديد والوعيد لمن فعله وارتكبه: “ومن كُسِيَ ثوبًا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم” فمن طعن بأخيه أو أفشى سرّه أو نال من عرضه عند من يسعى للنيل منه فكافأه على ذلك بقميص أو لباس أو بدلة أو حذاء جميل وثمين أو أي جائزة مقابل فعلته تلك، فإن جزاءه سيكون من جنس عمله، إنه سيُكسى كسوة ويلبس ثوبًا من جهنم يوم القيامة “فإن الله يكسوه مثله من جهنم”. ولكن إذا كانت ماركة القميص أو الحذاء من أشهر الماركات العالمية، فإن ماركة ثياب جهنم مما قال الله في وصفها: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} آية 19 سورة الحج، إنها ثياب مصنوعة من النحاس المذاب يصب صبًا يتلبس أجسادهم، حتى أن إبراهيم اليمني كان إذا قرأ هذه الآية قال: “سبحان من قطع من النار ثيابًا”. وقوله سبحانه في وصف لباس أهل النار: {وَتَرَى المجرمين يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأصفاد*سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وتغشى وُجُوهَهُمْ النار} آية 48-49 سورة إبراهيم، إن سرابيلهم، أي قمصانهم من القطران الذي تطلى به جلود الإبل المصابة بالجرب لأجل علاجها من شدة حرارته على الجلد، وهو أسود شديد الاشتعال وهو المعروف بالعامية “الزفت”.

وأما من رفض ذلك العرض وذلك الإغراء ولم ينل من عرض أخيه ولا سمعته ولم يفشِ له سرًا عند عدو مبغض، فإن جزاءه كما قال ﷺ: “من حمى مؤمنًا من منافق بعث الله ملكًا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم”.

سيفضحه الله يوم القيامة

وثالث هذه الأفعال والممارسات المشينة والمقيتة التي هدّد النبي ﷺ وتوعد فاعليها إن لم يستجيبوا للتحذير والنصح بعدم فعلها والإقلاع عنها، فهي قوله ﷺ: “ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة”. إنه ذاك الذي يظهر شخصًا بغير ما فيه، يظهره ويصفه ويمدحه ويتملقه بأوصاف الصلاح والتقوى والعلم والفضل وهو ليس كذلك، من أجل أن ينال بما قاله المال رغم أن كل ما قال فيه كان سمعه ورياء، فإنه يوم القيامة سيجازى من نفس جنس فعله كما قال ﷺ:” فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة، فيأمر الله ملائكة من ملائكته فيُفعل به ومعه بنفس ما فعل ويظهر على رؤوس الأشهاد أنه كذاب أشر”. فمن يقوم بين يدي أهل المال من أجل مالهم وأهل الجاه من أجل جاههم رياء وكذبًا فإن الله سيفضحه يوم القيامة.

تموت الحرة ولا تأكل بثدييها

ما أكثرهم أولئك الذين ملأوا جيوبهم وأرصدتهم وملأوا كروشهم وبطونهم، بل إنهم الذين صُبّت عليهم الأموال صبًا من جهات وجمعيات ودول وحكومات مقابل أنهم الذين نالوا من مسلمين ومن شرفاء وصادقين فأساؤوا إليهم وأفشوا أسرارهم.

ما أكثرهم الذين نالوا مراتب وحازوا مواقع وتبوأوا مناصب وأصبحوا يشار إليهم بالبنان بسبب مواقفهم وسياساتهم وآرائهم التي ضربوا فيها عرض الحائط مصالح أمتهم وثوابتها . ما أكثرهم الذين صُنعوا في مكاتب مخابرات الدول والأنظمة صناعة دقيقة سخرت ماكينة الإعلام لتلميعهم ثم تم تسويقهم أنهم الأبطال والمفكرون والسياسيون والواقعيون، وأنهم الذين يسعون لتحقيق مصالح شعوبهم.

وإذا كانت العرب قد قالت: “تموت الحرة ولا تأكل بثدييها” أي أن الشريفة العفيفة بنت الأصل إذا جار عليها الزمان وأصبحت فقيرة ومحتاجة، إنها تفضل الموت جوعًا على أن تبيع شرفها أو أن تتاجر بعرضها وعفّتها مقابل مال تشتري به طعامًا، إنها تفضل الجوع على العار.

ما أكثرهم الذين احترفوا الزنا السياسي وامتهنوا الدعارة السياسية في حياتهم، وكلّ مرة يطرحون الطروحات ويقفون المواقف التي تتلاءم مع من يدفع الثمن أكثر. ومع الأسف إن من هؤلاء ليسوا فقط سياسيين بل إنهم علماء ومشايخ ودعاة رقصوا على أكثر من حبل وهتفوا لأكثر من سيد. وإذا كانت تلك تبيع عرضها من أجل المال، فإن هؤلاء باعوا دينهم من أجل المال، وإذا بهم قد أكلوا أكلة ولبسوا لبسة قد ألقاها إليهم طاغية وظالم وعدو مقابل أن أساؤوا وتطاولوا وظلموا ونالوا من إخوة لهم، فإن الله سيطعمهم مثلها في جهنم وسيكسوهم مثلها في جهنم.

ولأن بوصلة هؤلاء قد انحرفت، ولأن هويتهم قد تشوهت فإنهم يظنون أنهم بأكلة أو كسوة بها باعوا وفرّطوا في إخوة لهم، أن هذا من أسباب سعادتهم، فإنها في الحقيقة من أسباب شقائهم في الدنيا والآخرة، كما قال الشاعر:

قالوا السعادة في الغنى فأخو الثراء هو السعيد

قالوا السعادة في النفوذ وسلطة الجاه العتيد

قالوا السعادة في السكون وفي الخمول وفي الخمود

قل للذي يبغي السعادة هل علمت من السعيد

إن السعادة أن تعيش لفكرة الحق التليد

لعقيدة كبرى تحل قضية الكون العتيد

للناس أرباب ولكن ربّه ربّ وحيد

لا ينحني إلا له عند الركوع أو السجود

لا يلتوي كالأفعوان ولا يطأطئ كالعبيد

وإذا أريد على الدنية قال: لا أريد

ومن جلس بالإسلام جلسة

وإذا كان النبي ﷺ قد هدّد وتوعّد من باع وفرّط بأخيه المسلم من أجل أكلة أو من أجل كسوة لينال بذلك حظوة عند حاسد أو حاقد أو عدو متربص، فكيف بمن باعوا وفرّطوا وليس بشخص، بل إنهم باعوا شعبًا بأكمله، باعوا غزة بأطفالها ونسائها وشيوخها، باعوا غزة بمساجدها ومدارسها ومشافيها ومقابرها؟ فكيف بمن باعوا القدس وباعوا الأقصى والصخرة وباعوا الحرم والمسرى، باعوا شقيق المسجد الحرام ومسجد النبي ﷺ؟ كيف بقادة وزعماء ورؤساء وملوك وأمراء؟ كيف برئيس فلسطين ينخرس بل وفي داخله كان يتمنى سرعة سقوط غزة من أجل أن يتربع على كرسي رئاسة لا يستحقها، ومن أجل أموال تهبه إياها الدول الغربية وتهبه إياها حكومة إسرائيل التي قتلت أطفال شعبه ونساء شعبه، وهو ما يزال يقوم بمهمته وتقديم الخدمات لمن يحتل أرضه ويقتل شعبه.

وكيف برئيس مصري خنق مليونين من العرب والمسلمين لهم عليه حق الجيرة وحق العروبة وحق الإسلام ولم يقم بالحد الأدنى من واجبه الإنساني لإطعامهم ولا لإشفائهم وعلاجهم، وكل ذلك من أجل هبات وعدته بها أمريكا وإسرائيل لضمان بقائه على كرسي الحكم في مصر التي انقلب فيها على رئيس شرعي هو الشهيد محمد مرسي كرمال عيون إسرائيل وأمريكا؟

وكيف بزعماء عرب ومسلمين من أبطال مشاريع التطبيع الذين انخرسوا وصمتوا عما يجري في المسجد الأقصى المبارك من انتهاكات وتدنيس وتهديد خطير بهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه وهم الذين سبق وأعلنوا وفق اتفاقية أبراهام التي وقّعوها أن من حق كل من هو من سلالة إبراهيم من غير المسلمين، أي اليهود والنصارى، الصلاة في المسجد الأقصى، وهم يعلمون أن النصارى لا يطالبون بذلك وإنما كانت تلك العبارات لتبرير حق مزعوم لليهود في المسجد الأقصى.

ما أكثرهم الذين أكلوا بشعوبهم أكلة ولبسوا بالإسلام لبسة فكان جزاؤهم على حرب شعوبهم وحرب الإسلام كراسي وعروش يجلسون عليها أوصلها إليهم أعداء الإسلام، وهم من يقومون على حمايتهم وتثبيت أركان حكمهم. فليس أن هؤلاء سيفضحهم الله في الدنيا ويخزيهم ويهدد ويهدّ عروشهم، وهو آت في ربيع إسلامي قادم وقريب إن شاء الله تعالى.

وإنما هم الذين سيكون جزاؤهم يوم القيامة من جنس عملهم حيث ستكون مجالسهم ومواقعهم ومساكنهم ليست إلا كما قال الله سبحانه: {إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلْأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} آية 145 سورة النساء. وما قاله رسوله ﷺ: “وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة”، في إشارة إلى تضخم جسم الكافر والمنافق “ومن أكل بمسلم أكلة أو أجلسه جلسة”. وكلما كان الجسم ضخمًا كان العذاب أكثر إيلامًا.

ما أشقاهم أولئك الذين يتهددهم ويتوعدهم رسول الله ﷺ، ويظلّون في غيّهم سادرين.

ما أشقاهم الذين يبيعون دينهم بدنيا غيرهم. ما أتعسهم الذين سيكون خصمهم يوم القيامة ليس إلا رسول الله ﷺ {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} آية 42 سورة النساء.

ارفع رأسك فأنت مسلم.

نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا .

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الشيخ كمال الخطيب النبي جهنم مسلم التهديد عقوبة یوم القیامة رسول الله ﷺ أهل النار فإن الله النبی ﷺ کما قال من جهنم من أکل من أجل طعام ا ما قال

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شعبان يكتب: نظرية العصر الإسرائيلي

لا خلاف في أن ما يمر بالمنطقة العربية من تطورات خلال العام الأخير، ومنذ انطلاق طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023، جد خطير وغير مسبوق، وإذا قلنا إنه خريف عربي مفعم بالمآسي والأزمات فلن نبتعد كثيرا عن واقع الحال.


والحاصل، أن طوفان الأقصى الذي انطلق لتوجيه لطمة لإسرائيل على ما أتصور، ومقايضتها بآلاف الأسرى الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية، وإحداث "تحريك" في الملف الفلسطيني بعد أكثر من 17 عاما من الجمود التام وعقب سيطرة حركة حماس على القطاع، قد انقلب إلى كارثة كبرى أو سيل يجرف أمامه البلدان العربية، وأول ضحاياها قطاع غزة نفسه، الذي يشهد حتى اللحظة، أكبر مهزلة إنسانية في التاريخ، بعشرات الآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين ودمار ليس له نظير ووضع على حافة المجاعة.


لكن قضيتنا اليوم، ليست فيما حدث في غزة وهو وضع بالغ الصعوبة وكارثة يراها العالم بأجمعه، ولا يمكن استمراره أكثر من هذا، وإنما المقصود بمقال اليوم هو تداعيات هذا "الطوفان"، والأطراف التي استغلت هذه اللحظة على الأمن القومي العربي والتداخلات الغريبة في المنطقة، والتي من المنتظر أن تشهد تدخلات أكبر وأكثر شراسة مع قرب بدء ولاية ترامب واستلام مهام منصبه رسميا في يناير.


ويمكن إجمال ما حدث من هزّة شديدة في الأمن القومي العربي انطلاقا من دراما غزة في نقاط شديدة الوضوح كالتالي:-
-قطاع غزة تعرض لدمار شديد، ولم ينجح الطوفان في إحداث اللطمة التي كانت مطلوبة لمقايضة الأسرى والتحريك، ولكنه ساعد إسرائيل على مد يدها الطويلة لتمزيق القطاع إربا إربا  والتصريح علانية باستمرار القوات الإسرائيلية فيه، يعني إعادة احتلاله بشكل كامل، ونسف كل ما سبق من تفاهمات بعد قيام إسرائيل باغتيال صف كامل من قيادات حماس بدأت بإسماعيل هنية وحتى يحيى السنوار، فالطوفان أطلق يد إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وأصبح حلم الدولة الفلسطينية نفسه على المحك، ومع وصول ترامب وتأييده الشديد لخطوات إسرائيل فإن هذا الحلم قد أصبح بعيدا جدا.


-جاءت تداعيات الطوفان على لبنان، بعدما تدخل حزب الله في المعادلة، وقال إنه يدافع عن غزة أو يقوم بعملية إسناد جبهة غزة، وكانت النتيجة كارثية أيضا، فلم ينجح حزب الله بانتماءاته الإيرانية المعروفة في وقف الحرب على غزة، بل لم ينجح في الدفاع عن نفسه، وتعرض للتدمير شبه التام واغتيال كامل قيادة التنظيم وأولهم حسن نصر الله، والأسوأ أن تدخل حزب الله في الحرب، أطلق يد إسرائيل في لبنان، ما أدى لسقوط 4 آلاف عنصر ودمار شديد في جنوب لبنان ودمار مروع في بيروت، واستمر ذلك حتى وقف اطلاق النار قبل ثلاثة أسابيع، مع ضمان حق اسرائيل في القصف والضرب حال مخالفة حزب الله أو حكومة لبنان ما تم الاتفاق عليه.


-تداعيات الطوفان، لم تقف عند حدود لبنان ولكنها انتقلت لسوريا، فبعد الضربات العنيفة التي وجهتها إسرائيل لحزب الله في لبنان وطرق الإمداد السورية لأسلحته وتواصل هذه الضربات ضد معسكراته في ضواحي دمشق وغيرها من المدن السورية، ما أدى لانهيار منظومته في دمشق، فإن هيئة تحرير الشام مدعومة بقوة إقليمية، رأت أن ذلك مناسب للهجوم المضاد في أضعف حالات النظام السابق وترنح حليفه حزب الله، ما أدى لسقوط النظام في دمشق خلال 12 يوما فقط لا غير، ولم تكن هذه المشكلة، ولكن استغلال إسرائيل للوضع الذي تمر بها سوريا كان فادحا، بعدما قامت اسرائيل وبتوجيهات مباشرة من نتنياهو، باقتحام المنطقة العازلة في هضبة الجولان السوري المحتل وأعلن نتنياهو سقوط الاتفاقية والسيطرة على قمة جبل الشيخ الاستراتيجية، وقام سلاح الجو الإسرائيلي بمسح الأسطول البحري السوري من الوجود، وتدمير كافة مواقع وثكنات الجيش السوري تدميرا ممنهجًا وكافة المراكز البحثية، وأصبحت إسرائيل على بعد عدة كيلو مترات من العاصمة دمشق.


نتنياهو، لم يترك الفرصة وإنما اعترف علانية وفي ظل غياب تحرك عربي قوي وموحد أمامه، أن تل أبيب تغير منطقة الشرق الأوسط، وأن لبنان لم يعد لبنان الذي نعرفه، يقصد وقت وجود حزب الله، ولا سوريا التي نعرفها، يقصد وقت وجود الجيش السوري الذي جرى تفكيكه وتدمير أسلحته وطائراته، ولا كذلك قطاع غزة.


المثير للدهشة، أن جماعة الحوثي في اليمن، لم تتعظ من كل ما حدث وكذلك المجموعات الإيرانية المسلحة في العراق، فاشتعلت الصواريخ والمسّيرات القادمة من البلدين نحو إسرائيل، ما ينذر بحملات جوية عنيفة على البلدين انطلقت منها واحدة اسرائيلية بالفعل نحو اليمن، لتكسير مقدرات الحوثي و"الأشياء الضئيلة" التي يمتلكه الشعب اليمني الذي يعيش خارج العصر، منذ الربيع العربي الأسود في عام 2011.


وهو ما يدفع للسؤال مجددا عما تسبب فيه طوفان حماس؟ وعما إذا كان ذلك قد جرنا بالفعل للعصر الإسرائيلي وهيمنة تل أبيب على مقدرات عدة دول عربية وتغيير أوضاعها، وضربها لتحقيق مصالحها المباشرة، وهو ما دفع رئيس وزراءها للقول علانية أن بلاده تقوم بتغيير الشرق الأوسط وستستمر في ذلك؟!!


فهل هذا معقول أو مقبول او يمكن الاستمرار فيه؟! أعتقد أن الدول العربية عبر مؤسساتها الجامعة وفي مقدمتها الجامعة العربية، مطالبة بالتحرك لمواجهة العصر الإسرائيلي وإيقاف نزيف الخسائر والتفتيت والتقسيم عند هذا الحد.

مقالات مشابهة

  • الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
  • أحفاد الرسول الثمانية.. تعرف على جانب من مواقف النبي معهم
  • دعاء قبل الأكل.. ماذا كان يقول الرسول قبل تناول الطعام؟
  • من هم الرجال الستة الذين يظهرون قبل نهاية العالم؟
  • 7 فئات يظلهم الله يوم القيامة.. ومنهم فئة لن تخطر ببالك
  • إبراهيم شعبان يكتب: نظرية العصر الإسرائيلي
  • إيهاب الخطيب يفجر مفاجأة عن واقعة عمر كمال عبد الواحد بالأهلي
  • وصايا الرسول في تربية الأبناء.. فيديو
  • إجتماع عاصف في الأهلي .. وخناقة عمر كمال على طاولة الخطيب
  • لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما