قصر تاج محل.. تذكار يخلد قصة إمبراطور مغولي عاشق لزوجته
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
نصب تذكاري ومعلم أثري تاريخي بالهند؛ جمع بين المعمار المغولي والإسلامي والهندي والفارسي، أمر ببنائه الإمبراطور المغولي شاه جهان في القرن الـ17 الميلادي ليكون ضريحا لزوجته "ممتاز محل" تخليدا لذكراها. بات رمزا أسطوريا من رموز الحب والوفاء. أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ضمن لائحة التراث العالمي سنة 1983.
بُنِيَ قصر تاج محل بمدينة أغرة، عاصمة إمبراطورية المغول الإسلامية في العصور الوسطى قديما، وعاصمة ولاية أوتار برادش حديثا، جنوب العاصمة الهندية نيودلهي، والتي تبعد عنها بحوالي 200 كيلومتر.
تبلغ مساحته 170 ألف متر مربع، ويتكون من مسجد ومضافة والعديد من المباني الأخرى، إضافة إلى الضريح الرئيسي الذي يعتبر سبب بناء هذا الصرح الكبير.
التسميةيذهب بعض المؤرخين إلى أن اسم "تاج محل" هو اختصار لاسم الأميرة "ممتاز محل"، في حين يعتقد آخرون أن سكان مدينة أغرة لقبوا الإمبراطورة المتوفية بـ"تاج محل". وفي كل الأحوال، فقد بني لتخليد ذكراها.
سبب البناءفي القرن الـ17 الميلادي تولى شهاب الدين محمد خرام عرش المغول في الهند، وقبل توليه هذا المنصب، كان قد خطب الأميرة محل ممتاز عام 1607، ولكن لم يُسمح لهما بالزواج حتى عام 1612. وما إن جلس على العرش حتى اختارها إمبراطورة للمغول، مطلقا عليها لقب "مليكة جهان" أي "ملكة العالم" أو "ملكة العصر".
كانت مستشارة له في شؤون الحكم والسياسة، إذ وثق بها كثيرا لدرجة منحها ختمه الإمبراطوري وتصديقها على القرارات والمراسيم التي تهم شؤون الإمبراطورية داخليا وخارجيا. كما اصطحبها معه في جميع حملاته العسكرية ورحلاته، وأنجبت له 14 ولدا (8 أبناء و6 بنات) توفي 7 منهم في سن مبكرة.
ويقول المؤرخون إنه جمعهما حب حقيقي، وهو ما كان غير مألوف بالنسبة للهند في الوقت الذي كانت تتم فيه الزواج عادة لتوريث السلالات. وبعد وفاتها عام 1931، حزن الإمبراطور المغولي كثيرا على فراقها، فاعتزل الناس عاما كاملا، وغزا الشيب شعره، وتأثرت صحته من كثرة الحزن والألم الذي اعتصره. وما إن خرج من عزلته، حتى أمر بنقل جثمانها إلى مدينة أغرة عام 1632، وأصدر أمرا ببناء ضريح يضم رفاتها يكون تحفة معمارية يتحدث عنها التاريخ.
تاريخ البناءانطلق بناء القصر عام 1632، وقد استقدم الإمبراطور مهندسين وبنائين وحرفيين من دول عديدة إسلامية وأوروبية، وجلب 40 نوعا من الأحجار الكريمة لتوضع به. وشارك في البناء أكثر من 20 ألف حرفي وعامل، وتعددت الروايات عن المهندسين والمعماريين الرئيسيين للقصر.
وعندما اكتمل البناء عام 1653 نقل رفات الإمبراطورة إليه. ويروى أن شاه جهان كان ينوي في الأصل بناء ضريح آخر عبر النهر يضم رفاته، يكون متصلا بتاج محل بواسطة جسر، لكن ابنه أورنغزيب خلعه من الحكم بعد مرضه وصراع أبنائه الأربعة على خلافته عام 1658، وفرض عليه الإقامة الجبرية في قلعة أغرة إلى حين وفاته سنة 1666، ثم دفن بجانب ضريح زوجته.
هندسته المعماريةدمج المعماريون في بنائهم وهندستهم للقصر بين تصاميم متنوعة، منها الفن المعماري الإسلامي والمغولي والهندي والفارسي والفن الحديث كذلك. وعلَّقَ الشاعر الإنجليزي السير إدوين أرنولد على جمال تلك التحفة بقوله "إن ما يميز تاج محل عن أي صرح معماري آخر هو الشغف الذي بُني به، والذي يعكس عشق الإمبراطور لزوجته"، معتبرا أن جمال "تاج محل" وتميزه كان انعكاسا لجمال "ممتاز محل" وموقعها في قلب الإمبراطور العاشق.
يعد قصر تاج محل شبيها بمجمع موحد، يضم بوابة رئيسية وضريحا بقبة مركزية يصل ارتفاعها إلى حوالي 73 مترا، وحديقة ومسجدا بأربع مآذن -يصل ارتفاع الواحدة منها 37 مترا- في كل ركن من الزوايا الأربع للضريح.
واستعمل في البناء الرخام الأبيض الذي يعكس درجات الألوان حسب ضوء الشمس أو ضوء القمر. ويتكون من 22 قبة بارزة ترمز للمدة التي استغرق بناؤه فيها.
ويحتوي الجزء الداخلي من قصر تاج محل قبرين زائفين، أحدهما لشاه جهان الذي توفي بعد عامين من الانتهاء من بناء القصر، والآخر لزوجته التي بنى لها هذا القصر تخليدا لذكراها.
النشاط الثقافي والسياحيتعرض هذا المعلم التاريخي للإهمال بعد انهيار حُكم المغول، وبقي كذلك إلى أن أمر اللورد كرزون، نائب الملك البريطاني في الهند، بإعادة ترميمه في بداية القرن الـ20 من باب حفظ التراث.
زادت شهرة القصر بعد تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) له سنة 1983 ضمن مواقع التراث العالمي، إذ بات "تاج محل" بعد ذلك من أهم الوجهات السياحية في العالم.
يحج إليه سنويا ملايين السياح من كل بقاع الأرض، خاصة في أشهر أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني وفبراير/شباط، حيث يكون الجو في الهند معتدلا، ويزوره يوميا نحو 70 ألف زائر حسب الإحصاءات قبل انتشار وباء كورونا (كوفيد-19).
ومن حين لآخر يشوش الصراع الطائفي عليه، بعدما سعت الجماعات القومية الهندوسية لنفي رمزيته الإسلامية، والإصرار على أنه رمز ثقافي هندي خالص، رغم أن الحقيقة على أرض الواقع والمعمار.
فقد طالب الهندوس بالحق في الصلاة في الضريح بحجة أنه بني في موقع حرم قديم مخصص لما يسمونه الإله "شيفا"، وبناء على ذلك قدّم أحد أعضاء حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم التماسا لإجبار وكالة الآثار الهندية على فتح 20 غرفة في "تاج محل" بدعوى احتوائها على تماثيل هندوسية، الأمر الذي رفضته الهيئة والمحكمة معا.
وقد تعرضت بعض معالم الضريح للتغيير في العقود الثلاثة الأخيرة جراء تلوث الهواء الناجم عن الانبعاثات من المسابك والمصانع المجاورة. فبدأ عام 1998 برنامج ترميم لتاج محل حيث تم تركيب آليات لمكافحة التلوث، وإقامة منطقة عازلة حول الضريح وحظر المرور بالقرب منه.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
محافظ أسيوط يحذر من البناء على الأراضي الزراعية
عقد اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، اجتماعًا موسعًا بديوان عام المحافظة، ضم وكلاء الوزارات المختلفة ورؤساء المراكز والمدن، لمتابعة تنفيذ خطط التنمية ومواجهة التعديات والمخالفات، والتأكيد على تطبيق القانون بكل حسم وحزم.
جاء ذلك بحضور الدكتور مينا عماد، نائب المحافظ، والمحاسب عدلي أبو عقيل، سكرتير عام المحافظة، وخالد عبد الرؤوف، السكرتير العام المساعد.
محافظ أسيوط يحذر من البناء على الأراضي الزراعيةوخلال الاجتماع، وجه محافظ أسيوط تحذيرًا شديد اللهجة بشأن البناء على الأراضي الزراعية، مؤكدًا أن أي بناء يتم تشييده على أرض زراعية دون ترخيص سيزال فورًا، أيًّا كانت الجهة المالكة أو المنفذة، مشددًا على أن حماية الرقعة الزراعية من أولويات الدولة، ولن يسمح بإهدارها تحت أي ظرف.
كما تطرق المحافظ إلى ملف المتغيرات المكانية، مشددًا على ضرورة رصد وإزالة أي متغيرات غير قانونية، ومحاسبة المسئولين عن التراخي أو التقصير في تنفيذ الإزالات أو الإبلاغ عنها، مؤكدًا أن المتابعة الميدانية المستمرة ضرورة للحفاظ على هيبة الدولة وسيادة القانون.
في سياق متصل، وجه اللواء هشام أبو النصر بتشديد الإجراءات الخاصة بتحصيل رسوم الهدم ورفع الأنقاض الناتجة عن مخالفات البناء والتعديات على أملاك الدولة، مطالبًا باتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين.
وعلى صعيد الاستدامة البيئية، شدد المحافظ على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الوقائية لمواجهة مخاطر الحرائق، خاصة في المواقع التي تحتوي على مخلفات ورقية، مؤكدًا ضرورة تدوير تلك المخلفات بالتعاون مع الجهات المختصة.
كما أكد ضرورة تدوير الأقمشة غير المستغلة بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي، ليتم توزيعها على الأسر الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية، بالإضافة إلى تدوير الأخشاب لصالح الجهات الحكومية بهدف تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة.
وفي إطار متابعة المشروعات التنموية، كلف المحافظ مديرية الزراعة بمتابعة تنفيذ مشروع "الصوب الزراعية الكربونية" الجاري التنسيق بشأنه مع البنك الزراعي المصري، لما له من أهمية في دعم الاقتصاد الأخضر وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل.
كما وجه مديرية الطب البيطري بتكثيف الحملات الوقائية في القرى والمراكز، لمواجهة أي أمراض أو أوبئة، مؤكدًا أهمية التوعية المجتمعية ورفع درجة الاستعداد في الوحدات البيطرية.
وفي ختام الاجتماع، كلف محافظ أسيوط مديرية الموارد المائية والري بتكثيف أعمال تطهير الترع والمجاري المائية، لضمان انسيابية المياه وتحسين كفاءة الري بالمحافظة، في إطار الاستعداد للموسم الزراعي الجديد.
وأكد المحافظ أن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر كل الجهود والعمل بروح الفريق الواحد، لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في جميع ربوع المحافظة.