لبنان ٢٤:
2025-04-23@07:10:59 GMT

سؤال برسم جبران باسيل

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

سؤال برسم جبران باسيل

يلومني البعض في كل مرّة أبدأ مقالاتي بتساؤل أو بسؤال. وعلى رغم هذا اللوم، وأنا أعرف أن مقصد بعض الذين يلومون بريء، فيما لا تخلو غاية البعض الآخر من الخبث المبطّن، سأبدأ مقالتي اليوم بتوجيه سؤال محدّد إلى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي هدّد في كلمته بمقاطعة جلسات مناقشة موازنة العام 2024 مع أعضاء تكتل "لبنان القوي"، باستثناء رئيس لجنة المال والموازنة وعضوين آخرين من اللجنة، إذا لم يأخذ رئيس مجلس النواب نبيه بري بما اقترحه عليه بشأن اقتراح القانون الذي تقدّمت به كتلته النيابية بالنسبة إلى الموازنة العامة.

 
السؤال محدّد وواضح: كم أستلزم النائب باسيل من وقت حتى يخلص إلى نتيجة كان من المفترض أن تسبق الفراغ الرئاسي، وقبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وهي، أي النتيجة، أنه بـ "الحوار الثنائي والثلاثي وبعدة اشكال يمكن التوصل إلى تفاهم على اسم (مرشح رئاسي) اصلاحي وجامع وملتزم ّ بالدفاع عن لبنان في وجه اسرائيل، وبعدم ضرب عناصر قوته من داخله لصالح الخارج.  ويجب أن يطمئن الذين يريدون لبنان دولة حق ّ قويّة، وكذلك الذين يريدون لبنان مقاومًا وقويًا. وليس صعبًا أن نتفق على اسم ملتزم يلتزم بهذين الأمرين. وما عدا ذلك ففوضى وخراب وانهيار على الجميع". 
ردّ الرئيس بري "الحاضر ناضر" جاء كالعادة فوريًا، وقاطع كلمة باسيل عندما قال له"هيدي أول شغلة إيجابية بتقولها منذ أن بدأت كلمتك". 
وقد قصد الرئيس بري بكلامه هذا أنه لو أخذ باسيل بما سبق لرئيس المجلس أن اقترحه يوم دعا إلى حوار السبعة أيام والمحصور تحديدًا بالأزمة الرئاسية لما كانت البلاد تعيش اليوم في فراغ رئاسي، خصوصًا أنه ضمّن دعوته هذه الذهاب فورًا إلى دورات متتالية لمجلس النواب تفضي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. أمّا أن يقول باسيل إنه ليس "صعبًا علينا أن نتفق على اسم يلتزم بما يريده قسم من اللبنانيين من أن يكون لبنان دولة حق قوية، أو أولئك الذين يريدونه مقاومًا وقويًا" ففيه اعتراف صريح بأنه هو وفريقه السياسي من عطّل هذا الاستحقاق خمسة عشر شهرًا حتى الآن، وذلك برفضه مبدأ الحوار على الأسس الأولية، التي تسبق مرحلة إسقاط ما تتفق عليه جميع المكونات السياسية على الأسماء، التي يمكن أن تصلح لهكذا مشروع "يجمع ولا يفرّق"، كما قال. 
وقد توقفّت أوساط نيابية عند الموقف الذي خلص إليه باسيل في كلمته، التي حاول فيها أن "يلعب على أكثر من حبل"، وبالأخصّ على "حبل الناقض والمنقوض" عندما غمز من قناة "حزب الله"، واعتبرت أن تمرير الرسائل المشّفرة، التي هي حمّالة أوجه، من شأنها أن تزيد الشرخ شرخًا، خصوصًا عندما توجّه في نهاية كلامه إلى الرئيس بري بالقول: "القرار عندك إذا بتكون هالجلسة مناسبة جمع او انقسام، وهيدا طبعا مؤشر للمرحلة المقبلة.  نحنا، من جهتنا، ندعو بكل الاحوال، الى الالتزام بميثاق شرف ان نحل قضايانا بالحوار والتفاهم ّواولها على رئيس الجمهورية. نحنا ضحينا وتنازلنا من اول يوم لنسهل، وقلنا لكم تعالوا نتفاهم سوا. واختم واقول المناكفات والاقصاء والتذاكي خلال 30 سنة خَّربوا وما عملوا دولة، بالعكس هدموها. حّلنا نعرف نعيش سوا باحترام متبادل، ونبني حتى نخلص لبنان سوا". وهذا ما رأت فيه الأوساط النيابية ذاتها محاولة جديدة من قِبل باسيل لإلقاء مسؤولية التعطيل على غيره، وهي مردودة في الشكل والأساس، باعتبار أن الشمس شارقة والناس "قاشعة"، حتى أن ابن خمس سنوات يعرف من يعطّل انتخاب رئيس الجمهورية، ومن يعرقل تنفيذ مشروع استعادة الدولة لمؤسساتها الدستورية.
ومن قال يومًا "اسمع تفرح جرّب تحزن" كان يعرف أن ثمة أشخاصًا سيتولون في غفلة من الزمن بعضًا من مسؤولية، ويعتقدون أن أحجامهم السياسية هي عكس ما تعكسه وجهة الشمس، صباحًا أو ظهرًا أو مساء، فيكتشفون أن أحجامهم السياسية في نهاية النهار لا تسمح لهم بأكل بقرة كما يتوهمّون عندما يكون ظلّهم عند الصباح بحجم مارد (جان دو لا فونتين).
رحم الله امرَأً عرف حدّه فوقف عنده.     
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون

 

عائشة بنت سالم المزينية
هناك أشخاص حين تلتقي بهم، تشعر أنك لم تلتقِ بشخص، بل بدعاء سكن قلبك يوما، ولبّاه الله لك دون أن تدري. أولئك الذين يشبهون الدعاء لا يمرّون مرور الكرام في حياتنا، بل يزرعون شيئا ناعمًا في الروح، شيئًا لا يُرى بالعين، ولا يُقاس بالكلمات، لكنه يبقى. يبقى كأثر المطر على الأرض، وكطمأنينة السجود بعد ضيق.
ولأنهم يشبهون الدعاء، فإن حضورهم لا يكون صاخبا، بل هادئا يشبه نسيم الفجر، يدخل القلب دون استئذان، ويُضيء العتمة دون أن يُشعل ضوءًا. هم أولئك الذين يكفون عن الكلام حين يحين وقت الإصغاء، ويُحسنون الظن بك حين تعجز عن تبرير صمتك. وجودهم لا يعتمد على قرب المسافة، بل على نقاء النية، وصدق الشعور، وسخاء القلب.
وفي كل مرحلة من مراحل العمر، لا بد أن تصادف شخصًا واحدا على الأقل، يُعيد ترتيبك من الداخل. لا يطلب شيئا، لا ينتظر رد الجميل، لا يسعى لفرض حضوره، فقط يكون هناك حين تحتاج، كأن قلبه يرنّ مع ألمك، وكأن نفسه لا تهدأ حتى يطمئن عليك. هؤلاء لا يُنسَون، لأنهم ببساطة يشبهون تلك اللحظات التي بُثّت فيها أمنياتنا إلى السماء.
ولذلك، حين تتقاطع دروبنا مع أشخاص بهذه الروعة، فإننا نكسب شيئا أكبر من مجرد علاقة، نحن نكسب امتدادا روحيا لا يشيخ، لا يتغير بتقلبات المزاج، ولا يتبدد مع الزمن. وفي الحقيقة، ليست الصداقات التي تدوم هي الأطول عمرا، بل هي الأصدق أثرا. هؤلاء، هم أولئك الذين تجد آثارهم في كل لحظة فرح أو حزن، في كل إنجاز أو سقطة، كأنهم يرافقونك سرا حتى حين لا يكونون بجانبك.
ومن اللافت أن هؤلاء الأشخاص لا يبحثون عن أن يكونوا مميزين، هم فقط يعيشون ببساطة، ولكنهم يحملون قلوبا أكبر من العالم. تراهم في كلماتهم، في طريقة إنصاتهم، في تلك التفاصيل الصغيرة التي لا ينتبه لها أحد سواهم. هم يصغون أكثر مما يتحدثون، ويمنحون أكثر مما يأخذون، ويبتسمون رغم ما يخبئونه من أثقال.
ومع مرور الزمن، تكتشف أن أجمل العلاقات هي التي لا تحتاج إلى إثبات دائم. الذين يشبهون الدعاء لا يجعلونك تشك في محبتهم، لا يُربكونك بتقلّباتهم، لا يجعلونك تُرهق نفسك بتأويل كلماتهم. هم ببساطة نعمة، ومن رحمة الله بالقلوب أن يرزقها بأمثالهم في الوقت الذي يكون فيه الإنسان بأمسّ الحاجة ليد خفيفة على كتفه، أو لصوت صادق يقول له: "أنا هنا".
وعلى الرغم من أن الحياة تمضي، والوجوه تتغير، والأيام تأخذنا في دوّاماتها، إلا أن أولئك الذين يتركون فيك هذا الأثر الطيب، يبقون في القلب كأنهم تعويذة راحة، كأنهم غيمة طيبة تظلل عليك كلما اشتد الحر، كأنهم سكينة أُهديت لك في لحظة حيرة.
ومن المهم أن نعي، أنه كما نُرزق بهؤلاء الأشخاص، فإن علينا أيضا أن نسعى لنكون نحن من يشبهون الدعاء للآخرين. أن نُخفّف، لا أن نُثقل. أن نستمع، لا أن نحكم. أن نترك أثرا طيبا، حتى لو لم نعد موجودين. فالحياة لا تُقاس بعدد الأصدقاء، بل بجودة القلوب التي مرّت بنا.
وهنا، لا بُد أن نتأمل: من الأشخاص الذين يأتون إلى ذاكرتنا حين نكون في قاع الحزن؟ من أولئك الذين نشعر بوجودهم حتى وهم بعيدون؟ من الذين نُرسل لهم في سرّنا دعاءً خالصا لأننا لا نملك إلا أن نحبهم دون مصلحة؟ هم بلا شك الذين يشبهون الدعاء، أولئك الذين نحتفظ بهم في دعائنا لأنهم نادرا ما طالبوا بشيء، لكنهم أعطونا كل شيء.
ولعلّ أجمل ما في هذا النوع من البشر، أنهم لا يتبدلون حين تتبدل الظروف، ولا يخذلون حين يشتد التعب. هم الثابتون حين يتغيّر كل شيء. تراهم في رسائل بسيطة، في مكالمة مفاجئة، في دعاء صامت، في نصيحة غير متكلّفة، في وقفة لا يُرجى منها مقابل.
وما أجمل أن نكون مثلهم، أن نمرّ في حياة الآخرين كنسمة طيبة، لا تُؤذي، لا تُثقل، لا تُحاكم، بل تُساند، وتبتسم، وتدعُو في ظهر الغيب. إن الذين يشبهون الدعاء لا يحتاجون إلى مقدمات طويلة، ولا إلى تبريرات عند الغياب، لأن حضورهم يكفي ليملأ القلب رضا، وذكراهم تكفي لتسند الروح حين تتعب.
وهنا، تأكد أن الحياة لا تحتفظ بكل من مرّ بك، لكنها لا تنسى أبدا من شابه الدعاء في حضوره، وأثره، ونقائه. فلا تكن من أولئك الذين يعبرون الحياة بأصواتهم المرتفعة، بل كن من الذين يعبرونها بأثرٍ لا يُمحى، ومن أولئك الذين إذا ذُكروا، سبقتهم دعوة صادقة من قلب أحبهم بصدق.
فالذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون، لأن الله وحده هو من وضعهم في دروبنا، في اللحظة التي كنّا فيها بأمسّ الحاجة لهم.
 

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني: أي موضوع خلافي في لبنان يحل بالحوار
  • تنسيقية الدكاترة العاملين مستاءة من تماطل وزارة التربية الوطنية
  • الرئيس عون: لا أحد في لبنان يريد العودة إلى الحرب
  • الرئيس عون اطّلع من رئيس الجامعة الأميركية على أوضاعها
  • الذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون
  • باسيل عزّى بالبابا فرنسيس: نفتقده مدافعًا عن لبنان ومناضلًا من أجل العدالة والسلام بين الشعوب
  • عاجل | رئيس الشاباك للمحكمة العليا: لا أعرف ما هي الأسباب التي دفعت إلى إقالتي من منصبي على يد الحكومة
  • التقدمي معزيا الجيش: لضرورة وقف العدو لكل انتهاكاته وانسحابه من النقاط الخمس التي احتلّها
  • ‏رئيس الحكومة اللبنانية يدعو الأجهزة الأمنية لمواصلة جهودها لإحباط المخططات المشبوهة التي تسعى لتوريط لبنان بالمزيد من الحروب
  • الصمد في عيد الفصح: آمل أن يتجاوز الوطن الأزمات التي يعاني منها