الجزيرة:
2025-02-21@11:24:47 GMT

الإستراتيجية الأميركية إلى أين؟

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

الإستراتيجية الأميركية إلى أين؟

ليس هناك شكّ في أن "طوفان الأقصى" قد أجبر الولايات المتحدة على التخلّي عن كثير من المسلّمات الإستراتيجية بشأن منطقتنا، ولعلّ أهمها ما يتعلّق بدور "الوسيط النزيه"، الذي وفّر لها مكانة متميزة على مدى عدة عقود، وكأنها كانت بالفعل تضبط ميزان العلاقة بين العرب وإسرائيل كلما مالت كِفته! وهو دور نموذجي مرّرت من خلاله الكثيرَ من أدوارها بالمنطقة، وحققت كثيرًا من أهدافها.

لكن الأمر لم يقفْ عند هذا الانغماس في الصراع إلى جانب إسرائيل ومؤازرتها والوقوف معها كتفًا بكتف، بل عملت الولايات المتحدة على تهديد كل الأطراف بكل أنواع التهديد؛ لمنعها من التدخّل في الصراع بأي شكل من الأشكال، ورفعت شعار: "عدم توسيع الحرب" كمظلة تنفرد من خلالها إسرائيل بغزّة، وتصبّ عليها كل أنواع القذائف الأميركية، وتفتح عليها أبواب الجحيم الذي قرنه الخبراء بالحروب العالميّة.

تغيرات مهمة

حتى جاء انخراط الولايات المتحدة في الحرب مع الحوثي باليمن من خلال الضربات الجوية والصاروخية بالشراكة مع سلاح الجو البريطاني؛ ليكسر شعار: "عدم توسيع الحرب" ويفتح الباب أمام انخراطات جديدة وشيكة- صغرت أم كبرت- وليصبح من المؤكد أننا بصدد تغيرات مهمة في الإستراتيجية الأميركية بالمنطقة، ومن ثم تغيرات مهمة على مستوى إستراتيجيتها الكونية التي تضطرها للتخفّف من الانغماس في منطقتنا، إلّا لو قامت بتأجيل بعض خطوات الصراع مع الصين الأكثر إلحاحًا.

من المؤكد أن الضربات الموجهة للحوثي ستزيد الأمر تعقيدًا في البحر الأحمر، والأرجح أنها قد تؤدي إلى إغلاقه أو تعطيل الملاحة فيه بشكل كبير، وهو ما قد يكون أحد الأهداف اللازمة لعسكرته أميركيًا، وذلك في اتجاه تعطيل أو عرقلة المشروع الصيني "الحزام والطريق"، لكن هذا لن يغفر لها أنها في الحقيقة تصيب الملاحة العالمية بعطب مؤثر.

نتائج ذات دلالة

ولهذا فإن القليل من التأمل الإستراتيجي في هذا الانخراط، يعطي نتائج بالغة الدلالة على تردي العقل الإستراتيجي الأميركي أو غيابه بالكامل – ويبدو أن هذا يكون صحيحًا إذا تعلق الأمر بإسرائيل فلذة الكبد والطفل الوحيد المدلل! ـ فلا هذه الضربات الموجهة للحوثي ستقضي عليه، ولا يمكنها بحال أن تمنعه من استمرار العمل على استهداف السفن الإسرائيلية.

فضلًا عن أن ذلك يعطيه فرصة تاريخية لشرعية داخلية وإقليمية كان يبحث عنها، فالضربات – بالكاد – أعلنت أن البحر الأحمر أصبح ساحة حرب مفتوحة، وهي أسوأ رسالة للملاحة البحرية يمكن أن تصلها.

صراع جوهري

وعلى هذا يبدو أنَّ الولايات المتحدة – المحمومة بالصراع على سقف العالم والعمل على تقويض نفوذ كل من يطمح لهذه المنافسة – تعمل في الوقت ذاته على توظيف الصراع المفتوح في منطقتنا لذات الغرض، حتى لا يضيع الوقت سدى، فلا يعني حضورها بقوة للوقوف إلى جوار إسرائيل- التي تقوم بحملة خارجة عن كل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني- أنها على استعداد للتخلي عن الصراع على سقف العالم، وإن أسمته مؤخرًا إدارة التنافس مع الصين، فهو صراع جوهري وضروري في سبيل التربع على قيادة العالم لقرن آخر.

وهو سلوك اعتمدته الولايات المتحدة في طريقها للانفراد بهذه القيادة منذ العدوان على العراق رغمًا عن مجلس الأمن والقانون الدولي والغضب العارم من كل دول العالم بمن فيهم الأوروبيون، فالسلعة غالية ويجب التضحية بكل شيء في سبيل الوصول إليها!

فراغ إستراتيجي

لكن بعد كل ذلك هل يغيب عن النظر تحكم طهران إلى حد كبير في مجريات هذا الصراع فضلًا عن قدرتها المعهودة على الاستفادة من الأخطاء الإستراتيجية الأميركية التي أصبحت واردة بقوّة، بل أصبح من السهولة بمكان استدراجها في معارك تشتيت إستراتيجي؟

كما أن الملاحظة المهمة التي يجب ألا تغيب عن النظر هي أن العرب تائهون بين طرفي الصراع: الأميركي الذي ينجرف في مسار وجودي لإعادة بناء الردع الإسرائيليّ ولو أدّى الأمر لاستباحة العالم العربي بكامله والذي يعد بدوره مركز الإستراتيجية الأميركيّة بالمنطقة، وبين الإيراني الذي ينجح دائمًا في توظيف أخطاء أميركا، ولا سيما في الإقليم، حيث الفراغ الإستراتيجي الهائل وفقدان التوازن في ضوء عدم وجود أي رؤية عربية، بما في ذلك عدم القدرة على تعريف الذات، وهو ما يجعل المشرق العربي بكامله تحت تأثير المظلة الإيرانية الآخذة في التمدد.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

محكمة الاستئناف الأمريكية تؤكد أن ترامب لا يستطيع إنهاء حق الجنسية بالولادة

رفضت محكمة الاستئناف الأمريكية طلبًا عاجلًا من وزارة العدل لرفع حظر فرضه قاضٍ في سياتل على الأمر التنفيذي للرئيس دونالد ترامب، الذي يسعى إلى إنهاء حق الحصول على الجنسية بالولادة.

ويواجه هذا الأمر التنفيذي عدة دعاوى قضائية من مدعين عامين ديمقراطيين وجماعات حقوق مدنية، معتبرين أنه ينتهك الدستور الأمريكي. من المتوقع أن تصل القضية إلى المحكمة العليا الأمريكية للفصل فيها.

في وقت سابق، أصدر قاضٍ اتحادي في سياتل حكمًا بمنع إدارة ترامب من تنفيذ هذا الأمر التنفيذي، واصفًا إياه بأنه "مخالف للدستور على نحو صارخ".

ورغم إعلان ترامب أن إدارته ستستأنف هذا الحكم، إلا أن محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة في سان فرانسيسكو رفضت طلب وزارة العدل، مؤكدةً أن الوزارة لم تقدم "مبررًا قويًا يدل على أنها ستنجح في الاستئناف".

يُذكر أن التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي ينص على أن "كل الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، هم مواطنون أمريكيون"، مما يعني أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة يصبح مواطنًا أمريكيًا تلقائيًا.


وهذا الحق، المعروف بـ"حق المواطنة بالولادة"، يعتبره ترامب "أمرًا سخيفًا"، واقترح ضرورة أن يكون أحد الوالدين على الأقل مواطنًا أو مقيمًا قانونيًا ليحصل الطفل على الجنسية بالولادة.

وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة وكندا هما من بين الدول القليلة المتقدمة التي تمنح الجنسية تلقائيًا للأطفال المولودين لأجانب على أراضيها. ومع استمرار الجدل القانوني حول هذا الأمر، يبقى حق المواطنة بالولادة موضوعًا حساسًا في النقاشات السياسية والقانونية الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان
  • الولايات المتحدة ترفض قرارا أمميا يدعم أوكرانيا
  • محكمة الاستئناف الأمريكية تؤكد أن ترامب لا يستطيع إنهاء حق الجنسية بالولادة
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
  • مسح شامل: تجميد المساعدات الأميركية يدمر عمليات تنقذ أرواحا حول العالم
  • روسيا متفائلة بعودة قريبة للشركات الأميركية
  • هل تستطيع أوروبا حماية أراضيها بدون الولايات المتحدة؟
  • المساعدات الأميركية لمصر والأردن وغيرهما.. هل هناك بديل؟
  • ترامب: مصانع السيارات سيعاد بناؤها في الولايات المتحدة
  • قانون الخصوصية في خطر.. هل يهدد ترامب مستقبل نقل البيانات عبر الأطلسي؟