الجزيرة:
2024-10-04@23:49:34 GMT

الإستراتيجية الأميركية إلى أين؟

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

الإستراتيجية الأميركية إلى أين؟

ليس هناك شكّ في أن "طوفان الأقصى" قد أجبر الولايات المتحدة على التخلّي عن كثير من المسلّمات الإستراتيجية بشأن منطقتنا، ولعلّ أهمها ما يتعلّق بدور "الوسيط النزيه"، الذي وفّر لها مكانة متميزة على مدى عدة عقود، وكأنها كانت بالفعل تضبط ميزان العلاقة بين العرب وإسرائيل كلما مالت كِفته! وهو دور نموذجي مرّرت من خلاله الكثيرَ من أدوارها بالمنطقة، وحققت كثيرًا من أهدافها.

لكن الأمر لم يقفْ عند هذا الانغماس في الصراع إلى جانب إسرائيل ومؤازرتها والوقوف معها كتفًا بكتف، بل عملت الولايات المتحدة على تهديد كل الأطراف بكل أنواع التهديد؛ لمنعها من التدخّل في الصراع بأي شكل من الأشكال، ورفعت شعار: "عدم توسيع الحرب" كمظلة تنفرد من خلالها إسرائيل بغزّة، وتصبّ عليها كل أنواع القذائف الأميركية، وتفتح عليها أبواب الجحيم الذي قرنه الخبراء بالحروب العالميّة.

تغيرات مهمة

حتى جاء انخراط الولايات المتحدة في الحرب مع الحوثي باليمن من خلال الضربات الجوية والصاروخية بالشراكة مع سلاح الجو البريطاني؛ ليكسر شعار: "عدم توسيع الحرب" ويفتح الباب أمام انخراطات جديدة وشيكة- صغرت أم كبرت- وليصبح من المؤكد أننا بصدد تغيرات مهمة في الإستراتيجية الأميركية بالمنطقة، ومن ثم تغيرات مهمة على مستوى إستراتيجيتها الكونية التي تضطرها للتخفّف من الانغماس في منطقتنا، إلّا لو قامت بتأجيل بعض خطوات الصراع مع الصين الأكثر إلحاحًا.

من المؤكد أن الضربات الموجهة للحوثي ستزيد الأمر تعقيدًا في البحر الأحمر، والأرجح أنها قد تؤدي إلى إغلاقه أو تعطيل الملاحة فيه بشكل كبير، وهو ما قد يكون أحد الأهداف اللازمة لعسكرته أميركيًا، وذلك في اتجاه تعطيل أو عرقلة المشروع الصيني "الحزام والطريق"، لكن هذا لن يغفر لها أنها في الحقيقة تصيب الملاحة العالمية بعطب مؤثر.

نتائج ذات دلالة

ولهذا فإن القليل من التأمل الإستراتيجي في هذا الانخراط، يعطي نتائج بالغة الدلالة على تردي العقل الإستراتيجي الأميركي أو غيابه بالكامل – ويبدو أن هذا يكون صحيحًا إذا تعلق الأمر بإسرائيل فلذة الكبد والطفل الوحيد المدلل! ـ فلا هذه الضربات الموجهة للحوثي ستقضي عليه، ولا يمكنها بحال أن تمنعه من استمرار العمل على استهداف السفن الإسرائيلية.

فضلًا عن أن ذلك يعطيه فرصة تاريخية لشرعية داخلية وإقليمية كان يبحث عنها، فالضربات – بالكاد – أعلنت أن البحر الأحمر أصبح ساحة حرب مفتوحة، وهي أسوأ رسالة للملاحة البحرية يمكن أن تصلها.

صراع جوهري

وعلى هذا يبدو أنَّ الولايات المتحدة – المحمومة بالصراع على سقف العالم والعمل على تقويض نفوذ كل من يطمح لهذه المنافسة – تعمل في الوقت ذاته على توظيف الصراع المفتوح في منطقتنا لذات الغرض، حتى لا يضيع الوقت سدى، فلا يعني حضورها بقوة للوقوف إلى جوار إسرائيل- التي تقوم بحملة خارجة عن كل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني- أنها على استعداد للتخلي عن الصراع على سقف العالم، وإن أسمته مؤخرًا إدارة التنافس مع الصين، فهو صراع جوهري وضروري في سبيل التربع على قيادة العالم لقرن آخر.

وهو سلوك اعتمدته الولايات المتحدة في طريقها للانفراد بهذه القيادة منذ العدوان على العراق رغمًا عن مجلس الأمن والقانون الدولي والغضب العارم من كل دول العالم بمن فيهم الأوروبيون، فالسلعة غالية ويجب التضحية بكل شيء في سبيل الوصول إليها!

فراغ إستراتيجي

لكن بعد كل ذلك هل يغيب عن النظر تحكم طهران إلى حد كبير في مجريات هذا الصراع فضلًا عن قدرتها المعهودة على الاستفادة من الأخطاء الإستراتيجية الأميركية التي أصبحت واردة بقوّة، بل أصبح من السهولة بمكان استدراجها في معارك تشتيت إستراتيجي؟

كما أن الملاحظة المهمة التي يجب ألا تغيب عن النظر هي أن العرب تائهون بين طرفي الصراع: الأميركي الذي ينجرف في مسار وجودي لإعادة بناء الردع الإسرائيليّ ولو أدّى الأمر لاستباحة العالم العربي بكامله والذي يعد بدوره مركز الإستراتيجية الأميركيّة بالمنطقة، وبين الإيراني الذي ينجح دائمًا في توظيف أخطاء أميركا، ولا سيما في الإقليم، حيث الفراغ الإستراتيجي الهائل وفقدان التوازن في ضوء عدم وجود أي رؤية عربية، بما في ذلك عدم القدرة على تعريف الذات، وهو ما يجعل المشرق العربي بكامله تحت تأثير المظلة الإيرانية الآخذة في التمدد.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ذا ترينتي تري بود: عبد المهيمن غانم أول طالب ليبي يلتحق بجامعة ترينتي الأميركية

ليبيا – سلط تقرير إخباري نشرته صحيفة “ذا ترينتي تري بود” الطلابية الصادرة عن جامعة “ترينتي” الأميركية الضوء على التحاق أول طالب ليبي بالدراسة فيها.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد أكد أن عملية انتقال الطلاب الدوليين من المدرسة الثانوية إلى “ترينتي” تتم عبر تعزيز التكيف من خلال جعل التحول الثقافي مساحة للاختبار، مبينًا أن عبد المهيمن غانم أو “مو” هو الطالب الأول الملتحق بالجامعة من ليبيا ليحتضن التجربة الفريدة بحماس.

ووفقًا للتقرير فإن غانم سعيد بدخول مشهد جديد من الثقافة والأكاديميين عند وصوله إلى “ترينيتي” خلال عامها المئوي الـ2 فقد كان يعلم لفترة من الوقت أنه يريد مواصلة التعليم ونيل المرونة التي عرضت عليه في الولايات المتحدة ناقلًا عنه مشاعره بالخصوص.

مكتبة جامعة ترينتي

وقال غانم:”بشكل عام لدي الكثير من الحرية للقيام بالأشياء هنا فالمدرسة ليست حياتي كلها وبالولايات المتحدة يمكنني أن أكون طالبًا بدوام كامل ويكون لدي وظيفة وأن أسافر وأتقدم بطلبات التدريب في ذات الوقت وممتن للتعليم الذي تلقيته في ليبيا وأريد التوسع خارج القطاعين العام والخاص المعيقان لفرص العمل في بلادي”.

وبحسب التقرير بدأت رحلة غانم مع الولايات المتحدة في سنته الأخيرة في المدرسة الثانوية مع برنامج التبادل والدراسة للشباب إذ ساعده هذا البرنامج المرعي من الخارجية الأميركية لقضاء عام في ولاية أيوا وفيها عاش مع عائلة مضيفة وشارك في أنشطة خارج المنهج الدراسي.

وتحدث غانم عن تجربته في تقديم عروض حول ليبيا لزملائه في الفصل والمشاركة قي الأطعمة الثقافية عبر القول:” كانت تجربة مثيرة للاهتمام حقًا ولقد تمكنت من الانغماس في حياة المدرسة الثانوية في الولايات المتحدة ومشاركة ثقافتي أيضًا وأقدر حقًا مدى اهتمام الجميع”.

وأضاف غانم قائلًا:” وكان من المثير للاهتمام أن أحضر ثقافتي هنا وأرى الناس يتفاعلون معها وعندما انتهى البرنامج عدت إلى ليبيا على أمل العودة إلى أميركا قريبًا” في وقت بين فيه التقرير إن غانم تقدم على مدار العام التالي بطلب وتم قبوله في “ترينيتي”.

وأوضح التقرير أن غانم اختار الجامعة لأن من أجرت معه المقابلة كان لديها شغف عميق بها ما ألهمه للالتحاق بها ليقرر بعد التحدث معها وأستاذ الهندسة عدة مرات التقدم بطلب القبول المبكر ناقلًا عنه قوله:”كانت الساعة نحو الـ2 والنصف صباحًا عندما فتحت الطلب ورأيت أنني قد تم قبولي”.

وتابع غانم بالقول:”كنت أصرخ حرفيًا فقد كنت مقتنعًا تمامًا أنني لن يتم قبولي وأيقظت والدي لإخبارهما وخرجنا واحتفلنا في اليوم التالي وكان كل شيء بعد تلك اللحظة يتعلق بالاستعداد للانتقال إلى الولايات المتحدة” في وقت أشار فيه التقرير إلى أن غانم الآن في سنته الـ2.

وأضاف التقرير أن غانم يقوم حاليًا بعمل مسؤول تجنيد الطلاب أي ما فعله من أجرى المقابلة من أجله وممتن للغاية لأنه نشأ في بلده حيث العلاقات الأسرية قوية وهناك طموح للوصول إلى النجوم لتكون المفاجأة عندما وصل إلى” ترينيتي” ويعرف أنه أول طالب من ليبيا.

وتابع التقرير إن هذا كان بمثابة حافز له ليكون قدوة للطلاب الليبيين الآخرين الذين قد يشعرون بأن التعليم الأميركي بعيد المنال مضيفًا بقوله:” والدي يقدم لي النصيحة وأحمل قطعة من بلدي في كل مكان أذهب إليه في الروح وأتطلع إلى ترك بصمتي هنا في ترينيتي ليمكن نظرائي الآخرين أن يأتوا إلى هنا وهذا هو الهدف”.

واختتم التقرير بالإشارة إلى تمكن غانم من العثور على مجتمع رائع مع طلاب دوليين آخرين وهو ممتن لمسؤولي الطلاب الدوليين “كاثرين كلير” و”ماريا ديان” وكل من جعل التجربة لا تصدق وحتى لو كان بعيدا عن ليبيا فقد قال أنه لا يشعر أنه بعيد جدا عن منزله.

ترجمة المرصد – خاص

مقالات مشابهة

  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • مقال لبلينكن حول الإستراتيجية الأميركية من أجل عالم جديد
  • أين تتمركز القوات الأميركية في الشرق الأوسط؟ .. 19 موقعا بـ12 دولة
  • ذا ترينتي تري بود: عبد المهيمن غانم أول طالب ليبي يلتحق بجامعة ترينتي الأميركية
  • مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني تكشف عن المستهدفات الإستراتيجية لمبادرتي سمو ولي العهد العالميتين لحماية الطفل وتمكين المرأة في الأمن السيبراني
  • العراق يُبلغ الولايات المتحدة بقرب بدء المفاوضات مع الكويت
  • قطارات الاتحاد” تكشف هويتها المؤسسية الجديدة التي تشمل تحديث اسمها وشعارها التجاري ورؤيتها الإستراتيجية
  • كيف يمكن تطوير الابتكار في العالم العربي؟ خبراء يجيبون الجزيرة نت
  • ميلانيا تدافع عن الإجهاض وترامب يترك الأمر لقرار الولايات
  • تباين حاد في نهج السياسة الخارجية الأميركية بين هاريس وترامب