أعيدوا الطب إلى دائرة العلم
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
بقلم: خالد الغنام
استثمرت السعودية الحديثة منذ بداياتها في الإنسان السعودي المتعلم، فابتعث للدراسة في بريطانيا منذ ثلاثينات القرن العشرين أعداداً قليلة في البداية، ثم بدأت البعثات إلى الولايات المتحدة في 1952 ومن أعظم البعثات التي أتت ثمارها على نحو ظاهر أكثر من أي حقل آخر، ابتعاث الأطباء السعوديين إلى أعرق جامعات أمريكا وألمانيا وبريطانيا وكندا.
نحن اليوم نفاخر بالأطباء السعوديين لأنهم تفوقوا في هذا المجال تفوقاً منقطع النظير وبزّوا أقرانهم، ونالوا الشهادات والتكريم في المحافل الدولية ولا يزالون كذلك إلى اللحظة.
أخبار قد تهمك الأمير محمد بن ناصر يدشّن مهرجان عسل جازان “التاسع” 26 يناير 2024 - 2:40 صباحًا المجلس الدستوري الفرنسي يرفض أكثر من ثلث البنود الواردة في مشروع قانون الهجرة 26 يناير 2024 - 2:22 صباحًامن نراهم اليوم من أطباء ناجحين هم الجيل الخامس أو السادس من المبتعثين الذين أصبحوا من كبار العلماء، وهناك تاريخ طويل مشرف للطب في بلادنا وهذا التاريخ جدير بالمحافظة عليه مما قد يكدر صفوه.
الداعي لتدبيج هذه المقالة، هو رسالتان وصلتا إليّ نقلاً عن طبيبين سعوديين معروفين، كتب الأول يقول إن شرب الكحول ولو لمرة واحدة، من مسبّبات عدم انتظام نبضات القلب (الرجفان الأذيني)، وكتب الآخر أن بول الإبل يشفي من السرطان، وأن البحوث العلمية تؤكد هذه المعلومة.
ثمة عتب على هذين الطبيبين وغيرهما ممن يسيرون في هذا الاتجاه، مع كل التقدير للطبيبين العزيزين، ومع اعترافي بأن لا ناقة لي ولا بعير بالطب، لكنني أجزم أن ما تفضلا به غير صحيح البتة، فلم يثبت أبداً أن لبول الإبل دور في تخفيف معاناة مريض السرطان، فضلاً عن كونه يشفي من المرض، اللهم إلا أن ينتفع المريض بهذا مثلما ينتفع من يبتلع حبة “البلاسيبو”، وهي قطعة سُكّر مغلفة، من باب الإيحاء، والإيحاء له دور في رفع معنويات المريض، لكنه لا يشفي من هذا المرض الخبيث.
مثل هذا يقال عن شرب الكحول لمرة واحدة أو مرتين، هذا لا يبدو صحيحاً، بل إن الأطباء في طول العالم وعرضه ما زالوا يقولون إن شرب الكحول بكميات معتدلة وبصفة مستمرة لا يمكن أن يكون ضاراً، بل قد يكون نافعاً من الناحية الصحية، يمكن لهذا الطبيب أن يقول إن الكحول خمر، والخمر حرام في الإسلام، وهنا يتحول الطبيب إلى واعظ وينتهي الأمر، مع أن دعوى أن جرعة واحدة في العمر يمكن أن تسبب الرجفان الأذيني، تحتاج إلى إعادة نظر للتحقق من صحتها مع غلبة ظني أنها لا تصح، لأن هذه المعلومة، لو كانت صحيحة، لوجدناها في أوراق علمية تتداولها الجامعات في شرق العالم وغربه، ولوجدناها مستفيضة في نصوص الأطباء الذين يحذّرون من شرب الخمر.
يبدو لي أن هذا النفر من الأطباء ينطلقون أساساً من تديّنهم الشخصي، ولربما أن الخطاب الشعبوي أثر عليهم، ولو كان الأمر مجرد نصيحة لكان الأمر مقبولاً نوعا ما، لكن المشكل أن هذه النصيحة تتسربل بثوب العلم، وتنسب إلى العلم ما لم يقله.
أطباؤنا هؤلاء في كثير من الأحيان ينطلقون من نظرية “الطب النبوي” وهي نظرية قد تطرق إليها الشك منذ فترة مبكرة من تاريخ الإسلام، فقد وجدنا واحداً من أشهر علماء الحديث النبوي، واسمه صالح بن محمد البغدادي (كانوا يقولون له صالح جزرة) ينفي فائدة الحبة السوداء “الشونيز” بعد أن جرّبها لعلاج مرض ألمّ به، وقد ناقش هذه القضية الطاهر بن عاشور، أحد أذكياء فقهاء المسلمين في كل العصور، وخلص إلى أنه لا يوجد شيء اسمه “الطب النبوي” وأن ما ورد على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بأمور الصحة لم يكن وحياً إلهياً، وإنما هي معلومات استفادها من أهل عصره.
كان الطاهر بن عاشور يفرّق بين محمد النبي ومحمد الإنسان، وهذا هو فعلاً الطريق الصحيح لفهم كثير مما ورد عنه.
خاتمة العتب، هي أنني أرجو لإخوتنا الأطباء أن يفصلوا بين تدينهم الخاص وبين العلم، فالطب يجب أن يبقى محفوظاً في عالمه الخاص، لا عيب إطلاقا في أن تكون متدينا وأن تحترم دينك، لكن نصوص الدين ليست نصوصاً في الفيزياء ولا الكيمياء ولا الأحياء ولا الطب، هي نصوص في العقيدة والإيمان، فلا تدخلها في معمعة مجهولة، أما العلم فشيء آخر، ومن طبيعته ألا يتطور إلا بعيداً عن الوصاية الدينية، العلم شيء مادي تجريبي، بمعنى أنه سيظل يقوم على التجربة والتصحيح على طريقة العلماء، هكذا يمكن أن تحافظ على العلم والدين في وقت واحد، بأن تفض الاشتباك بينهما وتبقي كل واحد منهما في دائرته.
* كاتب سعودي
* نقلاً عن: majalla.com
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: صباح ا
إقرأ أيضاً:
خلى بالك.. هل الكتب الخارجية جزء من المصروفات التعليمية الملزم بسداها الأب؟
تزداد المعارك حول النفقات التعليمية مع بداية كل عام دراسى، ليتحول الصراع بين الزوج والزوجة حول من هو الملزم بالنفقات وتحديد المسئوليات الواجبة على الزوج، وأنواع النفقات وخصوصا المستحدثة من كتب خارجية ودروس خصوصية ومصروفات باص وزى مدرسى وغيرها، ويلجأ الطرفين إلى ساحات محاكم الأسرة لحسم النزاع القائم بينهما.. وخلال سلسلة (خلى بالك) نرصد أبرز الأخطاء التى إذا ارتكبها شريكى الحياة تهدد بفقدان حقوقهم الشرعية، ونرصد الإجراءات القانونية الصحيحة اللازم اتخاذها لاسترداد الحقوق المهدرة لطرفى النزاع القضائى حال تخلف أى من الطرفين عن سدادها.
- أقر قانون الأحوال الشخصية وجوب نفقة التعليم على الأب وتعليم أولاده الصغار ما يجب تعليمه.
- نفقة التعليم فى هذه الحالة نوع من حضانة ورعاية الأب الواجبة لأبنائه أى كانت حالته المالية، وتستحق نفقة الأولاد على أبيهم من تاريخ امتناعه عن الإنفاق عليهم، ومن ضمنها "مصروفات التعليم".
- القانون رقم 139 المعدل بأن الأب ملتزم بكافة مصاريف التعليم بداية من مراحل التعليم الإجبارى.
- لا يلزم الأب بإلحاق أبنه بالتعليم الخاص أو الأجنبى إلا إذا كانت حالته المالية تسمح بذلك.
- الأب ملزما بدفع المصاريف، وفقا للتعديل المستحدث بقانون الطفل رقم 12 لسنة 1999 بالقانون رقم 129 لسنة 2008، حيث أعطى الولاية التعليمية على الصغير "الحاق الصغير بالتعليم واختيار نوعه"، للحاضنة بدلا من ولی النفس.
- تشمل مصروفات التعليم ما لا يمكن تحصيل العلم بدونه وتدخل من ضمنها الدروس الخصوصية والكتب والمراجع الخاصة إذا ثبت الاحتياج لها.
- حال إذا كان لا يتسنى لطالب العلم الوصول إلى مدرسته أو جامعته إلا باستخدام وسيلة مواصلات خاصة إلتزم الأب بسداد أجرتها.
- الملابس المدرسية يلزم الآباء بأدائها وتدخل فى نفقة ملبس الصغير أيضا.
- إلحاق الابن بالتعليم يعد من واجبات الأب نحو أولاده طالما كان استعداد الصغير يسمح بذلك، بأن يكون الولد رشيدا فى تعليمه أن ذلك لا يتكرر رسوبه أو يثبت عدم انتظامه فى تحصيل العلم.
- قد يتيسر للأب الأنفاق على التعليم خلال فترة زمنية ثم يعسر الأب فيرتفع عنه الالتزام وعند الخلاف على ما تحقق به المصلحة الفضلى بشأن تعليم الصغير يرفع الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيا للأمور الوقتية.
- تشمل الخطوات القانونية لتحصيل النفقات التعليمة للأبناء داخل محاكم الأسرة بإرفاق الأم المستندات الدالة على المصاريف المطلوبة دفعها للمدرسة عند رفع الدعوى، وشهادة ميلاد الطفل، ووثيقة الطلاق، أو وثيقة الزواج فى حال كانت ما تزال على ذمته، وتحريات تتضمن المبالغ المالية التى يتحصل عليها الزوج، ويقدم مصادر دخل الزوج الأخرى وممتلكاته.
مشاركة