الفصائل الفلسطينية: قصف منتظري المساعدات في غزة “جريمة حرب وإبادة جماعية”
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
الجديد برس:
نددت فصائل المقاومة الفلسطينية بالجريمة البشعة، التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق آلاف المدنيين المحاصرين، والذين تجمعوا في انتظار قوافل المساعدات الإغاثية، جنوبي مدينة غزة، والتي تسببت باستشهاد وإصابة العشرات منهم، بعد استهدافهم بالقذائف المدفعية والصواريخ، مؤكدةً أنها جريمة حرب وإبادة جماعية.
ودعت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع الدولي إلى محاسبة قوات الاحتلال على جريمتها الجديدة، والتي نفذتها الخميس، مؤكدةً أن هذه المذبحة الجديدة “جريمة حرب مكتملة الأركان ترتكبها قوات الاحتلال النازي، استمراراً لجرائمها في التطهير العرقي والإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة”.
وحملت لجنة المتابعة الأمم المتحدة وكل الأطراف الدولية والإقليمية مسؤولية الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في تأخير المساعدات وتعقيد دخولها وحرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم في الحياة.
الجهاد الإسلامي: الجرائم تستدعي مواقف جريئة
وشدّدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، في بيانٍ، على أن هذه الجريمة، التي راح ضحيتها أعداد مضاعفة من الشهداء والجرحى، تفضح سياسة التجويع والحصار التي تستهدف الأطفال والنساء والشيوخ في غزة، مؤكدةً أنها “دليل آخر على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال ضد الأبرياء في غزة”.
وأشارت الحركة إلى أن هذه الجرائم تستدعي مواقف جريئة من المنظمات والدول والحكومات العربية والإسلامية، على وجه الخصوص، والتي تقع عليها مسؤولية أساسية من أجل كسر الحصار وإدخال المساعدات وفتح المعابر، بعيداً عن شروط الاحتلال وفرض القيود التي تفاقم الأزمات والمآسي الإنسانية، التي يعيشها الأهالي في قطاع غزة.
حماس: الاحتلال يستخف بحياة البشر والقوانين الدولية
بدورها، قال حركة المقاومة الإسلامية، حماس، في بيانٍ مقتضب نشرته بشأن جريمة الاحتلال الجديدة، إن “هذه الجريمة النكراء تكررت عدة مرات من جانب الجيش الإسرائيلي الفاشي في قطاع غزة”، مُشيرةً إلى أن ذلك “يعبر عن سادية الاحتلال واستخفافه بحياة البشر والقوانين الدولية”.
ولفتت الحركة إلى أن الاحتلال ينتهك القوانين الدولية “بغطاءٍ وضوءٍ أخضر أمريكيين”، داعيةً منظمة الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها في اتخاذ مواقف حازمة لوقف هذه الجرائم المروعة، ومحاسبة مرتكبيها من قادة الاحتلال النازي.
ونشرت حركة المجاهدين الفلسطينية بياناً أكدت فيه أن الجريمة الإسرائيلية البشعة، عبر قصف آلاف المواطنين بالمدفعية والصواريخ في أثناء انتظارهم المساعدات، تمثل “استهتاراً جديداً بكل المنظومة الدولية، واستخفافاً بملايين العرب والمسلمين”.
ولفتت إلى أن هذه الجرائم تؤكد مضي العدو في مجازر الإبادة الجماعية بسبب الغطاء الأمريكي والغطاء الدولي اللامحدود لجرائمه الوحشية ضد أهالي غزة الصامدة.
ودعت حركة المجاهدين إلى تصعيد كل أشكال المقاومة في مختلف الجبهات، مؤكدة أن هذا العدو لا يرضخ إلا تحت ضربات المقاومة، ولا يفهم إلا لغة الحراب.
وصباح الخميس، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بحق آلاف الجائعين، والذين كانوا ينتظرون المساعدات عند دوار الكويت، جنوبي مدينة غزة، أدت إلى ارتقاء أكثر من 20 شهيداً وإصابة 150 آخرين، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، التي رجحت ارتفاع حصيلة هذه المجزرة.
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”
منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.
راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.
عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.
هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.
• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.
كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.
حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.
فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.
اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.