د. علي عفيفي علي غازي يرصد سيرته.. صالح المانع السكرتير والأديب الخطاط
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
اهتم المسلمون بالخطاطين منذ عصر النبوة، وجعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) افتداء أسرى بدر تعليم المسلمين الكتابة، ثم اتخذ الخلفاء المسلمون من الخطاطين كتبة للرسائل والمكاتبات، وظهرت أولى المؤسسات الإدارية حين قرر الخليفة عمر بن الخطاب (13-24هـ/ 634-644م) تدوين الديوان سنة 20هـ/ 640م، لتحديد العطاء للعرب والجند الإسلامي، وفي عهد الخلافة الأموية (41-132هـ/ 661- 750م) ظهر ديوان الإنشاء أو الرسائل، الذي يتولى تحرير مكاتبات الخليفة، وأوامره إلى الولاة والقوَّاد وكبار الموظَّفين، والرسائل السياسية، وبلغ الخط العربي أوج ازدهاره في العصر العثماني، الذي يُمكن أن نطلق عليه العصر الذهبي للخط العربي، إذ شجع السلاطين الخطاطين، وقربوا منهم العلماء والأدباء والمبدعين، وأغدقوا عليهم المنح والعطايا؛ بل إن بعض السلاطين تتلمذوا على أيدي الخطاطين، وأخذوا عنهم مبادئ الخط العربي وفنونه؛ فقد أقسم الحق سبحانه وتعالى بالخط؛ في قوله: «والقلم وما يسطرون» (سورة القلم ).
وجرت العادة أن يتخذ كل خليفة أو سلطان أو ملك أو أمير أو حاكم، كاتبا خاصا لمراسلاته وفرماناته وقراراته؛ بل إن بعض الخطاطين ابتدعوا خطًا خاصا لكتابة المراسلات الخاصة بالسلاطين، كالخط الديواني، الذي ابتكره الخطاط العثماني إبراهيم منيف في عهد السلطان محمد الثاني (855-886هـ/ 1451-1481م)، بعد فتح القسطنطينية ببضع سنوات، ثم طورها ونشرها أحمد شهلا باشا (ت. 1167هـ/ 1753م)، الصدر الأعظم العثماني في عهد السلطان أحمد الثالث (1115-1143هـ/ 1703-1730م)، وأدخل عليه التحسينات الخطاط مصطفى غزلان (1276- 1356هـ/ 1860-1938م)، خطاط الديوان الملكي في مصر، حتى أصبحت طريقته تُعرف، حتى اليوم، بالديواني الغزلاني.
تميز القلة بإجادة الخط في قطر ما قبل دخول التعليم النظامي، وكان من هذه القلة صالح بن سليمان المانع، الأديب والشاعر، المولود بالكويت في عام 1315هـ/ 1897م، ثم انتقل إلى قطر، موطن عائلته، وتولى رعايته وتنشئته محمد بن عبد اللطيف المانع، وتعلم مبادئ الكتابة والقراءة في الكُتاب، حتى أتقنهما وأجادهما، وأخذ بالتحصيل الدراسي والاطلاع، وتلقى مبادئ العلوم الشرعية على يدي عمه الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع. (1300-1385هـ/ 1882-1965م)، وكان شغوفًا بالقراءة، واسع الاطلاع في التاريخ والأدب، وعلى اتصال وثيق بكبار العلماء والـمـفكرين والأدباء في عصره.
تقلد مناصب إدارية بارزة، ومارس أعمالًا مهمة، فكان سكرتيرًا للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني حاكم قطر (1913-1949)، كما استمر سكرتيرًا للشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، حاكم قطر (1949-1960)، في أولى سنوات حكمه، وكان مفوضًا من الشيخ عبد الله في التعامل مع الشركات الأجنبية العاملة في قطر، وكان يحرر المراسلات المتبادلة بينه وبين حكومات الدول، ورجال الحكم والسياسة، وكان له دور في إبرام الاتفاقيات والمعاهدات، ومنها: امتياز التنقيب عن النفط في الأراضي القطرية مع الشركة الأنجلو فارسية، إذ وقع عليه كشاهد في عام 1935.
وبالإضافة لعمله الرسمي، كان طواشًا (تاجر لؤلؤ) من أشهر الطواشين في قطر، إذ كان يشتري اللؤلؤ من سفن الغوص، وكان يملك سفينة يستخدمها لهذا الغرض، ونظرًا لكثرة أعبائه ومسؤولياته ومهامه الرسمية، فقد انشغل عن الأدب، ومواصلة عطائه الشعري، فكان إنتاجه قليلًا، وضاع معظم شعره، ويتضح مما عُثر عليه من شعره أنه ذو موهبة فطرية، كما أنه أديب واسع الثقافة، كثير المطالعة في المجلات الأدبية، أمثال: المنار، العمران، والهلال.
وهو أول أديب قطري ينشر مقالاته في المجلات العربية.
وجمعته صداقة أدبية مع أديب البحرين إبراهيم العريض (1908-2002)، وكان يُراسل مجلة «صوت البحرين»، ويكتب فيها المقالات والأشعار، ونشر مقالًا عن القهوة في مجلة الهلال المصرية في سنة 1340هـ/ 1921م، وراسل مجلة العمران لصاحبها عبد المسيح الأنطاكي (1875-1922)، ونشر فيها أول مقال لأديب قطري في عام 1909، وكان أديبًا واقعيًا، يحب الناس والأصدقاء، ويحس بأحاسيسهم، ويتألم لآلامهم، ويفرح لفرحهم، وكان يعتقد أن الإنسان الحق؛ هو الذي يشارك أخاه، ويتألم لمحنته، ويبادله أحاسيسه وشعوره. وقد عاش في أواخر حياته في لبنان وتوفى فيها. وعرف المانع برجاحة العقل، وسداد الرأي، وقوة المنطق والبيان، وجمال الخط والإجادة فيه.
المصدر: العرب القطرية
إقرأ أيضاً:
من هو أشر الناس الذي حذرنا منه سيدنا محمد؟.. «لديه 3 صفات»
قال الشيخ السيد عبد الباري، من علماء الأزهر الشريف، إن الإنسان لا يعيش في هذه الدنيا بمفرده، بل هو جزء من مجتمع، وله تأثير على من حوله، وفي حديث نبوي نجد تحذيرًا من العزلة والتقوقع، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «شراركم الذين ينزلون وحدهم ويجلدون عبيدهم ويمنعون رفدهم»، مشيرًا إلى أن هذا الشخص الذي يعيش منفردًا، لا يهتم إلا بنفسه ولا يتفاعل مع الآخرين، هو من أسوأ الناس.
وأكد الشيخ السيد عبد الباري، خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين، أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن أسوأ الناس هم أولئك الذين لا يُرجى منهم خير ولا يؤمن شرهم، وتحدث عن من لا يحبهم الناس ولا يحبونهم، والذين لا يقبلون المعذرة ولا يغفرون الأخطاء، لافتا إلى أن هؤلاء الأشخاص هم أشخاص متقوقعون على أنفسهم، بعيدون عن المعاملة الطيبة والتفاهم مع الآخرين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا إن الأسوأ من هؤلاء هم الذين لا يصدقون شرهم على الخلق، وإذا رآهم الناس ارتجفوا منهم، لأنهم مصدر خوف وقلق للآخرين.
وفي المقابل، أوضح الشيخ عبد الباري أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن لنا أن من أفضل الناس أولئك الذين يذكرون الله ويذكرهم الناس بالخير، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «الذين إذا ذكر الله إذا رؤوا ذكر الله»، هؤلاء الأشخاص الذين تكون رؤية حضورهم مصدرًا للخير والبركة، لأنهم قريبون من الله في كل أوقاتهم.
وأضاف أن المسلم الذي يعيش مع ربه ويعمل لمرضاة الله يكون مصدرًا للخير أينما حلّ، مضيفا أن الحديث الذي تحدث فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن أهمية عمل الخير وعدم التوقف عن بذل الجهد في الأرض، حتى في أصعب الظروف.
وأضاف أن العمل الصالح لا يتوقف فقط على الأعمال البدنية أو العقلية، بل يشمل جميع أنواع الأعمال، بما في ذلك الأعمال الروحية والنفسية، وإذا لم يكن الإنسان قادرًا على القيام بأعمال بدنية أو عقلية، فيمكنه أن يكف عن الشر ويقي نفسه شر الناس، فذلك يعد عملًا صالحًا أيضًا.