في شمال قطاع غزة الذي سحقته الضربات الإسرائيلية وأصبح من الصعب الوصول إليه، تهجم حشود من فلسطينيين جوعى وبائسين على شحنات المساعدات الشحيحة، ويقول عمال الإغاثة إنهم يرون أناسا في حالة هزال يتضورون جوعا وهو ما يتبين من شكل أعينهم الغائرة.

وينشب الجوع مخالبه في قطاع غزة بأكمله الذي يعيش فيه 2.3 مليون شخص تحت القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر بعد اندلاع الحرب مع حماس.

وحذرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من أن جيوبا في المنطقة تواجه خطر المجاعة.

ويقول عمال إغاثة إن المناطق القريبة من الحدود المصرية تحصل على إمدادات محدودة من المواد الغذائية المستوردة، لكن هناك كارثة يواجها الناس في شمال ووسط القطاع حيث يدور أشرس قتال.

وقال شون كيسي، منسق فريق الطوارئ الطبي بمنظمة الصحة العالمية في غزة، إن "الوضع الغذائي في الشمال مروع تماما. ولا يتوفر أي طعام تقريبا وكل من نتحدث إليهم يلتمسون الحصول على الطعام".

ولا تتوفر بيانات شاملة عن الجوع في غزة لأن وكالات الإغاثة تجد صعوبة في الانتقال والتواصل في غمرة القتال. وتعتزم الوكالات تقييم سوء التغذية عن طريق قياس محيط أذرع الأطفال بحثا عن علامات على الهزال وفقدان كتلة الجسد.

وقال تقرير مدعوم من الأمم المتحدة في ديسمبر إن جميع سكان غزة يواجهون الجوع بمستويات الأزمة وخطرا متزايدا من حدوث مجاعة.

وتحدث مسعفون في مستشفيات غزة عن أطفال يولدون مرضى لأمهات يعانين من سوء التغذية وعن رضع يفقدون الوزن، وأمهات جفت أثداؤهن وعجزن عن إرضاع أطفالهن طبيعا وعن مصابين أضعفهم الجوع لدرجة لا تمكنهم من مقاومة العدوى.

وفي جناح بمستشفى رفح، أشار طبيب الأطفال جبر الشاعر إلى طفل انخفض وزنه إلى 5.5 كيلوغرام بعد أن كان يزن 7.5 كيلوغرام قبل شهر ونصف الشهر.

وقال الطبيب "طبعا الطفل هذا كان قبل شهر ونص وزنه سبعة كيلو ونص خلال شهر ونص فقد حوالي اثنين كيلو. الحين (الآن) وزنه خمسه كيلو ونص. طبعا سوء تغذية للأم وسوء تغذيه للطفل ما فيش حليب متوفر طبعا كله بيأثر هذا على نمو الطفل خلال شهر ونص يفقد اتنين كيلو. هذا شيء سيء بيأثر طبعا على مناعة الطفل بخليه دايما عنده التهابات في صدره دايما نزلات معوية".

وليس لدى والدته، شروق شعبان التي ترضع طفلها من ثديها، إلا القليل من الطعام الذي تقتات عليه. ومثل معظم الآخرين في جنوب غزة، تعيش الآن على القليل من الخبز والأغذية المعلبة.

سوء التغذية

تتوقع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن أكثر من عشرة آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الهزال ونقص الوزن غير الطبيعي خلال الأسابيع المقبلة، وهو أحد أخطر نتائج سوء التغذية الذي قد يعيق نمو البدن والدماغ.

وقال نيك ماينارد، وهو جراح بريطاني عمل في وسط غزة في ديسمبر وأوائل يناير مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين "رأينا أشخاصا كثيرين في هزال شديد يجلسون ويحملقون في الفراغ ويبدو عليهم الضعف والإرهاق... هناك أدلة شديدة الوضوح على وجود أشخاص يعانون الآن من سوء التغذية".

وقال أياديل ساباربيكوف، الطبيب في منظمة الصحة العالمية الذي زار شمال غزة في الآونة الأخيرة، إنه رأى أطفالا وكبارا تظهر عليهم علامات الهزال ونقص الوزن غير الطبيعي. وتحدث عن أشخاص يأتون يتسولون الطعام ويرفعون أيديهم إلى أفواههم في استجداء طلبا للغذاء.

وقال "رأيت أطفالا في الشوارع يعانون من سوء التغذية بوضوح من خلال النظر في وجوههم. كان هزالهم واضحا. وكانت أيديهم نحيفة وأعينهم غائرة". وقال إنه يعتقد أن اثنين أو ثلاثة من كل 10 أطفال رآهم ينطبق عليهم هذا الوصف.

في بداية الحرب، وبعد هجوم حركة حماس الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص، أعلنت إسرائيل أنها قطعت جميع الإمدادات عن غزة. ووافقت في وقت لاحق على السماح بدخول المساعدات الإنسانية، لكن ما يدخل إلى الجيب الساحلي الآن أقل بكثير مما كان عليه قبل السابع من أكتوبر.

وتقول السلطات الصحية في القطاع الذي تديره حماس إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة أسفرت عن مقتل 25900 فلسطيني على الأقل منذ السابع من أكتوبر.

وتقول وكالات الإغاثة إن عمليات التفتيش الإسرائيلية تعرقل توصيل المساعدات إلى غزة وإن الجيش يمنع توزيعها خارج المنطقة الجنوبية المحيطة برفح.

ونفى إيلون ليفي المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية فرض قيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وأرجع أي مشكلات إلى قدرة الأمم المتحدة على التوزيع.

لكن عبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، قالت إن هناك "قيودا منهجية" على وصول المساعدات إلى الشمال، ونقلت عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قوله إن إسرائيل لم تسمح إلا بدخول نحو ربع شحنات المساعدات التي كان من المعتزم وصولها هناك.

اليأس

وتعتقد جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن نحو 200 ألف شخص ما زالوا في الشمال. وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي تحققت منها رويترز، مشاهد فوضوية مع اندفاع حشود من الأشخاص اليائسين نحو المساعدات.

ووصف ماينارد، الجراح البريطاني، طفلا في السابعة أو الثامنة من عمره يقترب منه في المستشفى ويطلب الطعام. وأضاف أن الطفل "قال إن جميع أفراد عائلته قتلوا ولم يأكل منذ ثلاثة أيام".

وحتى في الجنوب، يفتقر الناس إلى ما يسد رمقهم، ويقول سكان غزة إنهم لجأوا إلى طحن علف الحيوانات لإنضاج خبز جاف لا يستطيعون قضمه تقريبا.

وقال فلسطينيون أجرت رويترز مقابلات معهم إنهم غالبا ما يمضون أياما دون تناول الطعام أو إنهم لا يستطيعون تناول الطعام إلا مرة واحدة في اليوم. والطعام المتاح تجاريا لا يمكن تحمل كلفته تقريبا.

=وقالت هيذر ستوبو من منظمة العمل ضد الجوع إن التهديد الأكبر في غزة هو سوء التغذية الحاد الشديد الذي يحدث حين لا يحصل الناس على الفيتامينات والمعادن والبروتينات التي تمكن الجسم من القيام بوظائفه. والأطفال يكونون في هذه الحالة أكثر عرضة لخطر الموت.

وقبل الحرب، كانت مريم من مدينة غزة تطعم عائلتها وجبة إفطار مكونة من البيض والحليب والجبن والفاصوليا والفلافل والحمص والطماطم والخيار والخبز. والآن، في أحسن الأحوال، لا يجدون إلا قطعة خبز مع بعض الزعتر المطحون. والغداء أو العشاء هو الآن جزء صغير من السردين المعلب أو التونة يتقاسمه عدد كبير من الناس. ويضطرون للاكتفاء بوجبتين.

وعثرت مريم في الآونة الأخيرة على البيض في السوق للمرة الأولى منذ أشهر، ودفعت أكثر من أربعة أضعاف ما كانت تدفعه سابقا. وقالت إن الأطفال تقافزوا فرحا وسرورا حين رأوا البيض.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات القصف الإسرائيلي المجاعة الجوع في غزة سوء التغذية مجاعة يونيسف جمعية العون الطبي للفلسطينيين منظمة الصحة العالمية هجوم حركة حماس المساعدات الإنسانية حماس عمليات التفتيش الإسرائيلية برنامج الأغذية العالمي أونروا إسرائيل حرب غزة حصار غزة مساعدات غزة حماس مجاعة غزة مستشفيات غزة القصف الإسرائيلي المجاعة الجوع في غزة سوء التغذية مجاعة يونيسف جمعية العون الطبي للفلسطينيين منظمة الصحة العالمية هجوم حركة حماس المساعدات الإنسانية حماس عمليات التفتيش الإسرائيلية برنامج الأغذية العالمي أونروا أخبار إسرائيل الأمم المتحدة سوء التغذیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

حماس توافق على مقترح الوسطاء وإسرائيل تصف الخطوة بالحرب النفسية

غزة "وكالات": أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية حماس اليوم موافقتها على إطلاق سراح محتجز أمريكي إسرائيلي إذا ما بدأت إسرائيل محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب بشكل دائم، لكن الكيان الإسرائيلي رفض العرض ووصفه بأنه "حرب نفسية".

وقالت حماس إنها عرضت الإفراج عن إيدان ألكسندر (21 عاما) من ولاية نيوجيرزي الأمريكية والمجند في جيش الاحتلال الإسرائيلي وتسليم رفات أربع محتجزين آخرين، بعد تلقيها مقترحا من الوسطاء بشأن مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال مسؤولان في حماس لرويترز إن موافقة الحركة على إطلاق سراح المحتجز الأمريكي الإسرائيلي وتسليم رفات المحتجزين الأربعة مشروطة ببدء محادثات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار وفتح المعابر ورفع الحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل.

وكشف موقع أكسيوس أن المبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف قدم خلال محادثات الدوحة اقتراحا أمريكيا مُحدَّثا لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عدة أسابيع، واستئناف المساعدات الإنسانية، مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الأحياء وجثث لأموات من قبل حماس.

من جهتها، قالت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة إن تنفيذ إعلان حماس يجب أن يكون بداية لاتفاق يُعيد جميع الأسرى دفعة واحدة وفورية، وطالبت الحكومة الإسرائيلية بإبقاء وفد التفاوض بالدوحة للتوصل لاتفاق.

ميدانيا، استشهد 4 في قصف إسرائيلي على فلسطينيين بحي الزيتون جنوبي مدينة غزة، في حين يواصل الاحتلال منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

ودعت مجموعة السبع اليوم الى استئناف ايصال المساعدات الانسانية لقطاع غزة "من دون معقوبات" والى وقف دائم لاطلاق النار، في بيان ختامي بعد ثلاثة أيام من المباحثات بين وزراء خارجية الدول الاعضاء في كندا.

وفي الضفة الغربية المحتلة، واصلت قوات الاحتلال عدوانها على المدن والبلدات والمخيمات، كما نفذت المزيد من الاعتقالات الجماعية.

يأتي ذلك في وقت فرضت فيه إسرائيل قيودا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة إلى مدينة القدس للصلاة في المسجد الأقصى في ثاني جمعة من شهر رمضان.

مقالات مشابهة

  • لليوم الثاني.. مؤسسة الصالح تواصل دعم الأسر النازحة والمرضى في سقطرى
  • اللجنة المصرية تواصل توزيع المساعدات على أهالى قطاع غزة
  • لليوم الثاني.. مؤسسة الصالح تواصل توزيع المساعدات للأسر النازحة والأيتام في عدن
  • خبير استراتيجي: التصريحات المتناقضة بين حماس وإسرائيل جزء من التكتيك الإعلامي
  • ما جيش تحرير بلوشستان الذي خطف القطار الدامي بباكستان؟
  • ما أفق المفاوضات بعد رد حماس وإسرائيل على مقترح ويتكوف؟
  • حماس وإسرائيل تسلمان ردهما على المقترح الأميركي وترامب يصف الأوضاع بالمعقدة
  • تفاصيل مفاوضات الساعات الـ72 الأخيرة بين حماس وإسرائيل
  • حماس توافق على مقترح الوسطاء وإسرائيل تصف الخطوة بالحرب النفسية
  • أكاديميون: ترامب يعود بالعالم لحقبة الفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي