مخاوف من الحرب الأهلية بعد انتشار السلاح بين السودانيين
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية أكملت شهرها التاسع في البلد العربي الإفريقي، لتمتد إلى 9 ولايات في الوسط والغرب من أصل 18، دون أن تفضي إلى حسم عسكري أو سلام مأمول.
إذ انطلقت منتصف أبريل الماضي، شرارة الحرب من العاصمة الخرطوم، وانتهى بها الأمر لتنتقل للمرة الأولى في شهرها الثامن إلى ولاية الجزيرة (وسط) المتاخمة للعاصمة والمعروفة بكثافتها السكانية وأهميتها الاقتصادية والزراعية، فضلا عن كونها أوت آلاف النازحين من الصراع.
وبعد انضمام «الجزيرة» إلى خريطة تمدد الصراع التي كانت تضم ولاية الخرطوم و5 ولايات في دارفور (غرب) و3 ولايات بكردفان (غرب)، باتت ولايات أخرى مهددة باندلاع القتال فيها بعد تعرضها لقتال متقطع بين الجيش و»الدعم السريع» مثل ولايات النيل الأبيض (جنوب) وسنار (جنوب شرق) ونهر النيل (شمال).
غير أن الحرب بين الطرفين شهدت انعطافا بارزا بانتشار «الدعم السريع» في ولاية الجزيرة وسيطرتها على عاصمتها الشهيرة «ود مدني» في 18 ديسمبر الماضي، بعد معارك مع قوات الجيش استمرت نحو 4 أيام، انتهت بإعلان الأخير انسحاب قواته من المدينة.
بعد إعلان «الدعم السريع» سيطرتها على ولاية الجزيرة وعاصمتها، ازداد الرفض السياسي والشعبي لنقل الصراع بين الطرفين إلى الولاية، كما انطلقت دعوات شعبية في «الجزيرة» والولايات المتاخمة لـ»حماية الأرض والمال والعرض» بمسميات عديدة بينها «المقاومة الشعبية المسلحة».
مقاومة شعبية
أثارت «الانتهاكات المستمرة» المنسوبة لأفراد «الدعم السريع» المزيد من الغضب الشعبي، لترتفع وتيرة الدعوات لحمل المواطنين السلاح لحماية أنفسهم وممتلكاتهم، لا سيما في ولايات بينها نهر النيل والشمالية (شمال)، والنيل الأبيض (جنوب)، وكسلا والقضارف والبحر الأحمر (شرق)، وسنار (جنوب شرق).
ومنذ سيطرة «الدعم السريع» على مدينة ود مدني، شهدت هذه الولايات حشودا شعبية و»تعبئة عامة» لمواجهة القوات شبه العسكرية التي باتت تصنفها السلطات الرسمية «منظمة إرهابية»، وهي خطوة قوبلت بمباركة الجيش السوداني وإشرافه.
ففي 5 يناير الجاري، قال البرهان إن «الشعب السوداني كله يقف مع الدولة ومع قواته المسلحة ويحمل السلاح للدفاع عن الوطن»، مضيفا: «نحن لن نتوانى في تدريب وتسليح كل قادر على حمل السلاح».
مخاطر التسليح
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني عثمان فضل الله، أن «مجريات الحرب الحالية موجهة للمواطن بشكل رئيسي، فحوادث النهب والسلب والانتهاكات والاعتداءات الجنسية في الخرطوم ومن بعدها ولاية الجزيرة، أشاعت حالة من الرعب وسط سكان الولايات المهددة بانتقال الحرب إليها».
ووفق فضل الله الذي تحدث للأناضول، فإن تسليح المواطنين لحماية ممتلكاتهم وأعراضهم من الانتهاك في حالة عدم قدرة الجيش على حمايتهم «أمر لا غبار عليه بل تفرضه الضرورة».
وتابع: «بالنظر إلى ما يجري على الأرض، فإن تسليح المواطنين لحماية أنفسهم أصبح حملة تحشيد وتسليح بغرض جعل المواطن جزءا من الاصطفاف السياسي الماثل، وهي محاولات تتخذ من مخاوف المواطن وقودا لإشعال المزيد من نيران الحرب».
وأبدى فضل الله، خشيته من أن «حملات التسليح الشعبي تمضي في ولايات وإثنيات بعينها»، باعتبار أن هذا الأمر «مؤشر على أن البلاد ستنزلق إلى شقاق مجتمعي وتدفع دفعا إلى حرب أهلية».
ومحذرا من مخاطر «الخطاب التعبوي والشعبوي للمواطنين»، قال المحلل السياسي السوداني إن «مشكلة هذا الخطاب أنه قد يقوم على ضلعين غاية في الخطورة وهما العنصرية والخطاب الديني المتطرف».
أما الكاتب والمحلل السياسي السوداني عمار الباقر، فيرى أن «دعوات التسليح التي يتبناها طرفا الصراع الهدف منها مصادرة الحريات والصوت المدني المناهض للحرب».
وقال الباقر إن «الشعب السوداني قد يلجأ إلى الدفاع عن نفسه، وذلك لدرء الخطر الناجم عن دخول المليشيات (الدعم السريع) إلى المدن والقرى الآمنة، ولكن لن يتطور الأمر إلى أبعد من ذلك».
وتابع: «غالبا سوف يلجأ الشعب إلى أساليب المقاومة الشعبية عبر الأدوات السلمية كما حدث في ولاية الجزيرة، حيث قام السكان المحليون بإغراق الأراضي بالمياه لتعطيل مركبات مليشيا الدعم السريع من الوصول إلى قراهم».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: السودان قوات الدعم السريع الجيش السوداني الحرب الأهلية ولایة الجزیرة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
عاجل - الجيش السوداني يعلن تطهير مناطق غرب أم درمان من الدعم السريع ومأساة نزوح جديدة تضرب الفاشر
أعلن الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، استعادة السيطرة الكاملة على مناطق غرب أم درمان بعد طرد قوات الدعم السريع منها، مؤكدًا تحقيق "انتصارات نوعية" ضمن عملياته العسكرية في القطاع الغربي.
وجاء في بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أن "قوات العمل الخاص بالقطاع الغربي التقت بقوات المرخيات في منطقتي قندهار ودار السلام، وتم تطهيرهما من مليشيا دقلو الإرهابية"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي".
"أطباء بلا حدود" تدين الهجوم على مستشفى تابع لها في جنوب السودان: "انتهاك صارخ للقانون الدولي" انتصارات للجيش.. ماذا يحدث في السودان؟وأضاف البيان أن الجيش ضبط أموالًا مزورة وعددًا من المعدات العسكرية المتقدمة، بينها منظومات تشويش وطائرات مسيّرة ومدافع، كانت قد خلفتها قوات الدعم السريع أثناء انسحابها من المنطقة.
هجوم بمسيّرات في مجمع الصفوة والجيش يتصدىفي المقابل، كشف مصدر عسكري سوداني أن قوات الدعم السريع شنت هجومًا بمسيّرة انقضاضية استهدفت مواقع للجيش السوداني في مجمع الصفوة السكني، الواقع غربي أم درمان، دون الكشف حجم الخسائر.
وتأتي هذه التطورات بعد إعلان سابق للجيش في نهاية مارس الماضي عن طرد قوات الدعم السريع من جميع مناطق العاصمة الخرطوم، لكن آثار الدمار في المدينة ما زالت تتكشف تباعًا.
الشرطة: تدمير مؤسسات الدولة يقدّر بمليارات الجنيهاتمن جانبه، صرّح العميد أمير عباس مدني من قوات الشرطة السودانية أن قوات الدعم السريع دمرت عددًا كبيرًا من المرافق العامة والمؤسسات الرسمية، أبرزها دار الشرطة وسط الخرطوم، مشيرًا إلى أن الأضرار المادية الناتجة عن الحرب تقدّر بمليارات الجنيهات السودانية.
ويأتي هذا التصريح تزامنًا مع الذكرى الثانية للحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي خلّفت حتى الآن أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فيما رجحت دراسات صادرة عن جامعات أميركية أن عدد القتلى قد يصل إلى 130 ألف شخص.
93 ألف نازح من الفاشر ومأساة إنسانية تتكشفوفي غرب البلاد، تعيش مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور أوضاعًا مأساوية، حيث تشهد موجة نزوح جماعي جديدة.
وأعلن آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور، أن نحو 93 ألف نازح من مخيم زمزم توجهوا خلال الساعات الماضية إلى منطقة طويلة التي تبعد 60 كيلومترًا عن الفاشر.
وأشار رجال إلى أن النزوح يجري وسط ظروف إنسانية قاسية، إذ يعاني النازحون من نقص حاد في الماء والغذاء والرعاية الصحية، ما أدى إلى وفاة العديد من الأطفال والنساء بسبب الجوع والعطش والأمراض والصدمات النفسية.
ودعا رجال المنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لتقديم خدمات الطوارئ، محذرًا من أن المنطقة المنكوبة لا تملك أي مقومات لاستقبال هذا العدد الضخم من النازحين.
قصف عنيف في الفاشر وتمشيط أمني واسعميدانيًا، واصلت القوات المسلحة السودانية قصفها المدفعي على مواقع الدعم السريع في أطراف مدينة الفاشر، موقعة خسائر بشرية ومادية في صفوف المليشيا، حسب مصادر عسكرية تحدثت للجزيرة.
وأكدت المصادر أن الجيش نفذ حملات تمشيط في الأحياء الجنوبية للمدينة، أسفرت عن اعتقال متسللين من قوات الدعم السريع وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بالإضافة إلى تدمير طائرات مسيّرة حاولت مهاجمة الدفاعات العسكرية للجيش.
صور أقمار اصطناعية تكشف حجم الدمار في دارفوروفي سياق متصل، أظهرت صور أقمار اصطناعية، التقطت بين 10 و15 أبريل الجاري، تصاعد أعمدة الدخان في مناطق متفرقة من مدينة الفاشر، نتيجة القصف المدفعي وهجمات المسيّرات التي نفذتها قوات الدعم السريع.
وتُظهر الصور آثار حرائق واسعة في مخيمي زمزم وأبو شوك للاجئين، وهو ما يعكس حجم المأساة التي يعيشها المدنيون في إقليم دارفور، الذي يقطنه أكثر من 1.5 مليون نسمة.
السودان في مواجهة أسوأ أزمة إنسانيةفي ظل استمرار الحرب وغياب أي حلول سياسية في الأفق، يواجه السودان أسوأ أزمة جوع في العالم حسب الأمم المتحدة، إضافة إلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، وغياب الدولة عن إدارة الشأن العام.
وبينما يستمر القتال على الأرض، تتصاعد الدعوات المحلية والدولية للتهدئة وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى مزيد من التصعيد، مما يُنذر بتفاقم الكارثة في البلاد التي كانت تُعد من أكبر الدول الإفريقية من حيث الإمكانات الزراعية والمائية.