جيوبوليتيكال فيوتشرز: هجمات الحوثي تعيد تشكيل العلاقات الهندية الإيرانية
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
اعتبر تحليل لموقع جيوبوليتيكال فيوتشرز أن الصراع الأمريكي-الإيراني الجاري في منطقة الشرق الأوسط على خلفية حرب غزة، قد يكون بمثابة نعمة للهند، لكنه يحمل في طياتهم أيضا تحديات كبيرة لنيودلهي.
وذكر الموقع أن هجمات جماعة الحوثي اليمنية، المدعومة من إيران، والتي استهدفت السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، ومؤخرا الأمريكية، والتي تسببت في تعطيل الشحن العالمي؛ تسمح لنيودلهي بتعزيز قدراتها على نشر قوتها البحرية في شمال غرب المحيط الهندي.
لكن في المقابل، فإن الهجمات التي تشنها إيران في البحر الأحمر وبحر العرب يمكن أن تسبب في عرقلة هذا التقدم الهندي في هذا الصدد.
ووفق التحليل فإن ثمة تصادم بين المصالح الهندية والإيرانية على نحو متزايد في هذه المياه، نظراً لجهود كل منهما للظهور كلاعبين يسعون إلى تشكيل الجغرافيا السياسية في غرب آسيا.
واعتبر التحليل أن في الفترة من 11 إلى 15 يناير/كانون الثاني، حدث تطوران مهمان بمشاركة الولايات المتحدة والهند وإيران، لكنهما لم يحظيا بالقدر المستحق من الاهتمام.
وفي تلك الفترة، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره الهندي سوبرامانيام جيشانكار عبر الهاتف؛ لمناقشة الأمن البحري في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن وسط هجمات الحوثيين المستمرة التي عطلت سلاسل التوريد العالمية.
وجرت المكالمة في نفس اليوم الذي بدأت فيه واشنطن وحلفاؤها ضربات جوية على منشآت الحوثيين في اليمن وقبل أيام من زيارة كبير الدبلوماسيين الهنديين لطهران في رحلة تستغرق يومين.
وفي اجتماعات مع كبار المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك وزير الخارجية الإيراني، ناشد جايشانكار طهران إقناع الحوثيين بالتراجع عن هجماتهم، واتفقوا على إطار طويل الأجل لدور الهند في تطوير ميناء تشابهار الإيراني ومشروع ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الأوسع، والذي يهدف لربط روسيا بالمحيط الهندي عبر إيران والخليج العربي.
اقرأ أيضاً
ريسبونسابل ستيتكرافت: اقتناص الحوثي دعم أعدائها يزيد صمودها أمام الضربات الأمريكية
وبحسب التحليل فإن المحادثتين المختلفتين للغاية تسلطان الضوء على صعوبة حفاظ الهند على علاقات متوازنة لا سيما فيما يخص الولايات المتحدة وإيران.
وباعتبارها قوة صاعدة تتمتع بعلاقات متنامية مع واشنطن، يتعين على نيودلهي أن تتأكد من أن سلوك طهران في الشرق الأوسط لا يقوض مصالحها - على الرغم من أنها ترى أنها يمكنها تحقيق أهدافها الاستراتيجية عبر إيران.
ومثل كل اللاعبين الجيواقتصاديين الصاعدين، فإن لدى الهند مصلحة عميقة في التحول إلى قوة بحرية، بالفعل تعتبر نيودلهي شريك رئيس تعتمد عليه الولايات المتحدة للحفاظ على الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ولكن قبل أن تتمكن من المشاركة في الملاحة الرئيسية في تلك المنطقة، يجب عليها أولاً أن تكون القوة المهيمنة في المنطقة المجاورة لها.
وذكر التحليل أن الهند ومنذ استقلالها كانت منشغلة بالتهديدات الموجودة على جانبيها الغربي والشمالي، مما منعها من بسط نفوذها البحري على طول جناحها الجنوبي الشاسع.
ورغم أن باكستان، المنافس التاريخي للهند، أصبحت تشكل تحدياً أمنياً أقل مما كانت عليه من قبل، إلا أن الصين زادت على مدى العقد الماضي من ضغوطها العسكرية على الهند على طول حدودهما المشتركة في منطقة الهيمالايا.
والغرض الصيني من ذلك، وفقا للتحليل هو إرغام الهند على تحويل مواردها إلى حدودها الشمالية، وبالتالي الحد من مدى قدرة نيودلهي على بناء قدراتها البحرية، وخاصة وسط النكسات التي منيت بها الصين في حوض المحيط الهندي.
وفي العام الماضي فقط، وكجزء من عملية إصلاح شاملة لقواتها المسلحة، أعلنت الهند عن خطط لتطوير قواتها البحرية بشكل جدي، ومن المتوقع أن يستغرق تطوير هذا الأمر بعض الوقت وأن تركز الحكومة بشكل أساسي على شراء أجهزة جديدة.
ورأي الموقع أن الصراع في الشرق الأوسط، وخاصة هجمات الحوثيين على الشحن البحري، يمنح الهند فرصة ذهبية لتطوير مساعيها الرامية لكي تكون قوة بحرية.
ومن غير المستغرب أن تنشر الهند في الأسابيع الأخيرة عدة سفن وطائرات استطلاع في بحر العرب وخليج عدن، حتى أنها استجابت لنداء استغاثة من سفينة كانت مستهدفة من قبل الحوثيين.
ومن المهم أن الهند لا تقف فقط إلى جانب الولايات المتحدة ضد إيران، إذ أنه تمشيا مع خط سياستها الخارجية المستقلة، لم تنضم الهند إلى التحالف متعدد الجنسيات الذي تقوده الولايات المتحدة والذي أعلنته واشنطن الشهر الماضي لحماية الشحن الدولي.
ولم تكن نيودلهي مستعدة أبدًا لدعم الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين، وبدلاً من ذلك، تحاول الهند وضع نفسها كمزود أمني مستقل في بحر العرب.
ومن بين الآثار المهمة لذلك أن الهند سوف تكون قادرة على اكتساب ميزة على الصين، التي تحاول تعزيز مصالحها في مواجهة الصين، كما يتضح من تطويرها لميناء جوادار الباكستاني وانتخاب حكومة مؤيدة لبكين في جزر المالديف في مواجهة الهند.
ولكن إذا نجحت الهند في أن تصبح لاعباً رئيسياً في بحر العرب الأوسع، فيتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار مصالح إيران ــ وعلى وجه التحديد جهودها الرامية إلى تغيير البنية الأمنية في المنطقة، وسوف تتعارض ضرورات الأمن القومي للهند مع طموح إيران إلى التحول إلى القوة الإقليمية المهيمنة.
ولفت إلى أن الهند تتمتع بعلاقة وثيقة للغاية مع دول الخليج العربية الغنية بالطاقة وإسرائيل؛ وستجد نيودلهي صعوبة في التعامل مع الجهود الإيرانية لتعزيز مجال نفوذها، الأمر الذي سيأتي بالضرورة على حساب الإسرائيليين والعرب.
اقرأ أيضاً
زعيم الحوثيين: أطلقنا 200 مسيرة و50 صاروخا في معركتنا بالبحر الأحمر
المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الهند هجمات الحوثي الولایات المتحدة أن الهند
إقرأ أيضاً:
شادية أبو غزالة تعيد تشكيل شخصية المرأة الفلسطينية المناضلة
أول شهيدة فلسطينية، بعد نكسة 1967، وأول شهداء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، استشهدت في بيتها بنابلس خلال التحضير لعملية مسلحة.
كانت متفوقة في دراستها، جدية، صامتة، وكانت تحب أن تردد بيت الشعر "أنا أن سقطت فخذ مكاني..
يا رفيقي في الكفاح" والذي كتب على ضريحها فيما بعد.
ولدت شادية أبو غزالة في البلدة القديمة في مدينة نابلس عام 1949، لعائلة فلسطينية لجأت من يافا، وتوفيت والدتها بعد ثلاث سنوات من ولادتها.
تلقت شادية تعليمها الابتدائي والثانوي في مدارس نابلس، ثم التحقت عام 1966 بجامعة عين شمس في القاهرة، قسم علم الاجتماع وعلم النفس.
درست سنة واحدة في الجامعة ومن ثم عادت إلى فلسطين في الطائرة الأخيرة الّتي هبطت في مطار القدس/قلنديا، وقالت يومها: "لا فائدة للشهادة الجامعية إن لم يكن هناك جدارا تعلقها عليه". وأكملت دراستها في جامعة النجاح الوطنية في نابلس في تخصص علم الآثار. أحبت قراءة الأدب والشعر، وقرأت في علم النفس وفي الفلسفة، وتأثرت بسارتر وفكره الوجودي الاشتراكي.
انتسبت في سن السادسة عشرة إلى حركة القوميين العرب التي سيتحول فرعها الفلسطيني لاحقا إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان رمزها الأول جورج حبش، حكيم الثورة، إلى جانب وديع حداد وأبو علي مصطفى وأحمد اليماني أبو ماهر.
تلقت أبو غزالة تدريباتها العسكرية فيها، وتعتبر من المساهمين في تأسيس الجبهة الشعبية وإحدى قادتها.
وحازت شادية احترام زملائها ورفاقها المناضلين لتمتعها بصفات قيادية ظهرت من خلال عملها الصامت، وصوتها الهادئ الرصين. والأهم من كل هذا شخصيتها الديمقراطية، فقد كانت تحترم الآراء المخالفة لها وتناقش أصدقاءها بتفهم وحب واحترام.
وبالرغم من أنها انتمت إلى تنظيم تقدمي طليعي إلا أنها لم تكن فئوية أو فصائلية، وهو الأمر الذي جعلها تتعاون مع غيرها من أبناء التنظيمات المختلفة، ومع المستقلين خدمة للهدف الفلسطيني الـمشترك وهو تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
بعد حرب حزيران/يونيو عام 1967 رفضت شادية العودة إلى الدراسة في مصر وظلت في الأرض المحتلة حيث شاركت في العمل السري في تنظيم الأفراد وتأمين الاتصالات وجمع التبرعات وإخفاء السلاح والمقاومين، وطباعة المنشورات، وشاركت في هجمات مسلحة، يذكر منها عملية تفجير حافلة لشركة "إيجد" الإسرائيلية في تل أبيب.
صورة شادية أبو غزالة في أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي.
شكلت شادية نقطة تحول في نضال المرأة الفلسطينية، والانتقال من العمل الاجتماعي والمقاومة الشعبية المتمثلة في المظاهرات والاعتصامات وكتابة المنشورات التوعوية والتحريضية ضد الاحتلال إلى العمل العسكري المباشر، خاصة أنها كانت تدربت سرا على السلاح والمتفجرات.
وعلى نحو مفاجئ وفي الأول من شهر رمضان استشهدت شادية أبو غزالة في 28 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1968، في منزل عائلتها بانفجار قنبلة كانت قد أعدتها، كان المفترض أن تقوم بتفجيرها في بناية في تل أبيب، وتروي أختها إلهام أبو غزالة الحادثة كالتالي:
"كنا جميعا حول مائدة الطعام، كانت غرفة الطعام في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من بيتنا القديم الكبير، ذي الأقواس العالية والقبب المرتفعة، قرع الجرس قفزت شادية لتفتح الباب، وفي لحظة، انفجر المنزل، واقتحم اللهيب كل مكان من البيت، رأينا ألسنة النيران من كل حدب وصوب، تراكضنا مذعورين لمعرفة ما الذي جرى وسط الظلام الدامس، أخذت الأصوات تتعالى، ابحثوا عن شادية. ابحثوا عن شادية".
آنذاك لم يمهل الاحتلال وجيشها المحتل لنابلس أهل شادية وأقاربها وقتا كافيا لإخراج أثاثهم والبحث عن ابنتهم بين الأنقاض، فداهم الجنود المدججون بالسلاح المنزل في حارة الغرب في البلدة القديمة، وهدموا ما تبقى منه على رأس العائلة وفوق أشلائها المترامية هنا وهناك التي بدأت العائلة في جمع أشلاء شادية تمهيدا لدفنها في مقبرة نابلس الغربية إلى جوار والدتها، ونقشت على القبر أبيات شعرها المفضلة، "أنا إن سقطت فخذ مكاني.. يا رفيقي للكفاح" للشاعر الفلسطيني معين بسيسو.
المصادر
ـ رحاب الخترشي، "شادية أبو غزالة: أول شهيدة فلسطينية بعد النكبة"، مجلة ميم الإلكترونية، 14/12/2017.
ـ "شادية أبو غزالة"، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، 2019.
ـ نبيل السهلي، "شادية أبو غزالة..سيرة أول شهيدة فلسطينية بعد النكسة"، عربي21، 16/10/2021.
ـ- عاطف دغلس، "شادية ورفيقاتها..شهيدات فلسطين وجذوة نضاله"، 25/5/2021، الجزيرة نت.