اعتبر تحليل لموقع جيوبوليتيكال فيوتشرز أن الصراع الأمريكي-الإيراني الجاري في منطقة الشرق الأوسط على خلفية حرب غزة، قد يكون بمثابة نعمة للهند، لكنه يحمل في طياتهم أيضا تحديات كبيرة لنيودلهي.

وذكر الموقع أن هجمات جماعة الحوثي اليمنية، المدعومة من إيران، والتي استهدفت السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، ومؤخرا الأمريكية، والتي تسببت في تعطيل الشحن العالمي؛ تسمح لنيودلهي بتعزيز قدراتها على نشر قوتها البحرية في شمال غرب المحيط الهندي.

لكن في المقابل، فإن الهجمات التي تشنها إيران في البحر الأحمر وبحر العرب يمكن أن تسبب في عرقلة هذا التقدم الهندي في هذا الصدد.

ووفق التحليل فإن ثمة تصادم بين المصالح الهندية والإيرانية على نحو متزايد في هذه المياه، نظراً لجهود كل منهما للظهور كلاعبين يسعون إلى تشكيل الجغرافيا السياسية في غرب آسيا.

واعتبر التحليل أن في الفترة من 11 إلى 15 يناير/كانون الثاني، حدث تطوران مهمان بمشاركة الولايات المتحدة والهند وإيران، لكنهما لم يحظيا بالقدر المستحق من الاهتمام.

 وفي تلك الفترة، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره الهندي سوبرامانيام جيشانكار عبر الهاتف؛ لمناقشة الأمن البحري في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن وسط هجمات الحوثيين المستمرة التي عطلت سلاسل التوريد العالمية.

وجرت المكالمة في نفس اليوم الذي بدأت فيه واشنطن وحلفاؤها ضربات جوية على منشآت الحوثيين في اليمن وقبل أيام من زيارة كبير الدبلوماسيين الهنديين لطهران في رحلة تستغرق يومين.

وفي اجتماعات مع كبار المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك وزير الخارجية الإيراني، ناشد جايشانكار طهران إقناع الحوثيين بالتراجع عن هجماتهم، واتفقوا على إطار طويل الأجل لدور الهند في تطوير ميناء تشابهار الإيراني ومشروع ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الأوسع، والذي يهدف لربط روسيا بالمحيط الهندي عبر إيران والخليج العربي.

اقرأ أيضاً

ريسبونسابل ستيتكرافت: اقتناص الحوثي دعم أعدائها يزيد صمودها أمام الضربات الأمريكية

وبحسب التحليل فإن المحادثتين المختلفتين للغاية تسلطان الضوء على صعوبة حفاظ الهند على علاقات متوازنة لا سيما فيما يخص الولايات المتحدة وإيران.

وباعتبارها قوة صاعدة تتمتع بعلاقات متنامية مع واشنطن، يتعين على نيودلهي أن تتأكد من أن سلوك طهران في الشرق الأوسط لا يقوض مصالحها - على الرغم من أنها ترى أنها يمكنها تحقيق أهدافها الاستراتيجية عبر إيران.

ومثل كل اللاعبين الجيواقتصاديين الصاعدين، فإن لدى الهند مصلحة عميقة في التحول إلى قوة بحرية، بالفعل تعتبر نيودلهي شريك رئيس تعتمد عليه الولايات المتحدة للحفاظ على الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ولكن قبل أن تتمكن من المشاركة في الملاحة الرئيسية في تلك المنطقة، يجب عليها أولاً أن تكون القوة المهيمنة في المنطقة المجاورة لها.

وذكر التحليل أن الهند ومنذ استقلالها كانت منشغلة بالتهديدات الموجودة على جانبيها الغربي والشمالي، مما منعها من بسط نفوذها البحري على طول جناحها الجنوبي الشاسع.

ورغم أن باكستان، المنافس التاريخي للهند، أصبحت تشكل تحدياً أمنياً أقل مما كانت عليه من قبل، إلا أن الصين زادت على مدى العقد الماضي من ضغوطها العسكرية على الهند على طول حدودهما المشتركة في منطقة الهيمالايا.

والغرض الصيني من ذلك، وفقا للتحليل هو إرغام الهند على تحويل مواردها إلى حدودها الشمالية، وبالتالي الحد من مدى قدرة نيودلهي على بناء قدراتها البحرية، وخاصة وسط النكسات التي منيت بها الصين في حوض المحيط الهندي.

وفي العام الماضي فقط، وكجزء من عملية إصلاح شاملة لقواتها المسلحة، أعلنت الهند عن خطط لتطوير قواتها البحرية بشكل جدي، ومن المتوقع أن يستغرق تطوير هذا الأمر بعض الوقت وأن تركز الحكومة بشكل أساسي على شراء أجهزة جديدة.

ورأي الموقع أن الصراع في الشرق الأوسط، وخاصة هجمات الحوثيين على الشحن البحري، يمنح الهند فرصة ذهبية لتطوير مساعيها الرامية لكي تكون قوة بحرية.

ومن غير المستغرب أن تنشر الهند في الأسابيع الأخيرة عدة سفن وطائرات استطلاع في بحر العرب وخليج عدن، حتى أنها استجابت لنداء استغاثة من سفينة كانت مستهدفة من قبل الحوثيين.

ومن المهم أن الهند لا تقف فقط إلى جانب الولايات المتحدة ضد إيران، إذ أنه تمشيا مع خط سياستها الخارجية المستقلة، لم تنضم الهند إلى التحالف متعدد الجنسيات الذي تقوده الولايات المتحدة والذي أعلنته واشنطن الشهر الماضي لحماية الشحن الدولي.

ولم تكن نيودلهي مستعدة أبدًا لدعم الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين، وبدلاً من ذلك، تحاول الهند وضع نفسها كمزود أمني مستقل في بحر العرب.

ومن بين الآثار المهمة لذلك أن الهند سوف تكون قادرة على اكتساب ميزة على الصين، التي تحاول تعزيز مصالحها في مواجهة الصين، كما يتضح من تطويرها لميناء جوادار الباكستاني وانتخاب حكومة مؤيدة لبكين في جزر المالديف في مواجهة الهند.

ولكن إذا نجحت الهند في أن تصبح لاعباً رئيسياً في بحر العرب الأوسع، فيتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار مصالح إيران ــ وعلى وجه التحديد جهودها الرامية إلى تغيير البنية الأمنية في المنطقة، وسوف تتعارض ضرورات الأمن القومي للهند مع طموح إيران إلى التحول إلى القوة الإقليمية المهيمنة.

ولفت إلى أن الهند تتمتع بعلاقة وثيقة للغاية مع دول الخليج العربية الغنية بالطاقة وإسرائيل؛ وستجد نيودلهي صعوبة في التعامل مع الجهود الإيرانية لتعزيز مجال نفوذها، الأمر الذي سيأتي بالضرورة على حساب الإسرائيليين والعرب.

اقرأ أيضاً

زعيم الحوثيين: أطلقنا 200 مسيرة و50 صاروخا في معركتنا بالبحر الأحمر

 

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الهند هجمات الحوثي الولایات المتحدة أن الهند

إقرأ أيضاً:

قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال سابقاً: لا تستخفوا بالتهديدات الإيرانية

الجديد برس:

حذر قائد “المنطقة الوسطى وفرقة غزة” في جيش الاحتلال الإسرائيلي سابقاً اللواء غادي شامني من التهديدات التي أطلقتها بعثة إيران لدى الأمم المتحدة بشأن أي عدوان عسكري إسرائيلي شامل على لبنان.

وفي حديثه مع إذاعة “103FM” الإسرائيلية قال شامني إنه “لا يمكن الاستخفاف بالتهديد الإيراني أو بأي إيراني”، مضيفاً أن “الجيش الإسرائيلي وحكومة إسرائيل يجب عليهما أخذ هذا الكلام بجدية”.

وأشار شامني في كلامه إلى ما سماه اتساع “الفجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة”، في إشارة إلى زيادة اتكالية الاحتلال على واشنطن، مشدداً على أن الحرب كانت لتكون أصعب على “إسرائيل” لو لم تكن الولايات المتحدة حليفاً لها.

وقال: “لو لم تكن الولايات المتحدة معنا، من خلفنا، لكان الأمر صعباً علينا جداً. أيضاً الأمريكيون يفهمون ذلك”، مضيفاً :”جزء كبير من جرأتهم وتهديدنا بهذه الطريقة، لأنهم يدركون أن الفجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة آخذة في الاتساع في السنوات الأخيرة”.

وكانت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أكدت في بيان نشرته عبر منصة” إكس”، قبل يومين، أن “المشاركة الكاملة لمحور المقاومة هي أحد الخيارات المطروحة في حال اندلاع حرب شاملة ضد لبنان”.

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن إيران تعد الأخبار التي يبثها الاحتلال حول عزمه شن هجوم واسع على لبنان، ليست أكثر من دعاية وحرب نفسية، فإنها في الوقت عينه تؤكد أنه إذا شرعت “إسرائيل” في عدوان عسكري شامل على لبنان فسوف تندلع حرب قاسية.

من جهتها أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن “كابينت الحرب” الإسرائيلي (الذي حل بعد استقالة الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت منه) يخشى حرباً شاملةً مع حزب الله، التي ستجلب كارثة رهيبة على “إسرائيل”.

مقالات مشابهة

  • النفط يصعد مدعوما ببيانات عن انخفاض كبير في مخزونات الخام الأمريكية
  • بدعم إيران.. دلالات إعلان الحوثيين عن أسلحة جديدة في هجماتهم البحرية؟
  • أبين تستعر.. القبائل تحشد رجالها وسلطة وقوات المحافظة تخلي مسؤوليتها
  • هجمات الحوثي على التجارة الدولية تعمّق معاناة اليمن وتؤثر على العالم
  • قبل قمة بوتين ـ مودي المنتظرة بموسكو.. العلاقات الروسية الهندية وتأثيره على التجارة الدولية بالأرقام
  • هجمات 7 أكتوبر.. دعوى قضائية على 3 دول
  • إيران تشكر السعودية على السماح لحجاجها بالتصويت في الانتخابات الرئاسية
  • لحظة انهيار سقف مطار على سيارات في نيودلهي (فيديو)
  • بنك الولايات المتحدة يحذر: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تُعيق سلسلة التوريد وتهدد الاقتصاد الأمريكي
  • قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال سابقاً: لا تستخفوا بالتهديدات الإيرانية