يوم كان الشعب سيد الموقف.. كيف أشعلت ثورة 25 يناير جذوة التغيير في مصر؟.. أصوات وهتافات في كل مكان، الناس عطشى لذاك المفهوم الساري في القلوب، ينظر الجميع – وقتئذ – عبر الشاشات، جموع غفيرة، والميادين ملآنة، وأصوات تطالب بحقوق لا أكثر. يطالبون بما هو مشروع جدًا، ثلاث كلمات "عيش حرية عدالة اجتماعية"، كانت نداءات الشعب.

. الشباب.. الناس، كانت نداء ثورة 25 يناير.

لا ينكر أحد أهمية أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير التي اندلعت في ذات التوقيت من العام 2011، والتي جاءت عقبى لثورة الياسمين في تونس. لقد كانت هذه الليالي محاولة وصرخة أطلقها الصادقون من أبناء هذا الشعب؛ احتجاجًا وأملًا في أن تنصلح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي انحدرت، وكانت تسير من سيء إلى أسوأ.

تسترجع "الفجر" الذكرى مع قرَّائها الذي عاشوا هذه الحقبة، وكذلك الذين سمعوا بها، ذكرى أيَّام نداءات الميدان الطاهرة التي انقشعت له ظلمات القاهرة ومصر كلَّها، ذكرىثورة 25 يناير 2011. 

جديرة بالذكرى

إنَّ الأحداث التي مرَّت عليها السنون الثلاثة عشر، لم تزل جديرة بالذكر والذكرى والتذكير، وكما قال الشاعر أبو القاسم الشابي: "إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر"، كانت يناير 2011 من ميدان التحرير بمدينة القاهرة، رسالة إلى ضمير العالم بأنَّ هناك شعبًا جسورًا، لم يزل قادرًا على النطق، بصيرًا بالحقيقة، وأنَّ عواقب الصمت يمكن أن تكون وخيمة، وأنَّ الصبر له حدود، وأنَّ مارد التغيير لن يظل قيد العجز.

كانت يناير وكان معها كل جميل، وكانت وداعًا لكل شهيد سالت دماه من أجل أن ترى مصر أنوارًا، لا سيما نور الحرية الذي كاد ان ينساه أبناء هذا الشعب، ولكن هيهات، فإن درس التاريخ علَّمنا بأنَّ الأيام دُوَل وأنَّ شواهد العصر تظل باقية، وأنَّ التاريخ ذاته لا ينسى، وربما لا يغفرُ الزلَّة، وهذا ما كانت عليه ثورة 25 يناير 2011.

التجاوز والانتهاك.. حكاية الشاب خالد سعيد

قالت التحقيقات النهائية، إن "خالد محمد سعيد صبحي قاسم" شاب مصري من مدينة الإسكندرية، قتل بالضرب على يد أفراد من مخبري الشرطة المصرية. يبدو أن الشرطيين - اللذين ارتديا ملابس مدنية وقت وقوع الجريمة - أرادا تفتيش خالد بما اعتقدا أنه سلطة مخولة لهما بموجب قانون الطوارئ، المتواجد حينها، والذين  أيَّدت محكمة النقض حكمًا نهائيا ضدهما بالسجن عشر سنوات في العام 2015.

كان مقتل خالد سعيد جذوة من نيران الغضب التي أشعلت نار التمُّرد

كان مقتل خالد سعيد جذوة من نيران الغضب التي أشعلت نار التمُّرد لدى هذا الشعب المسالم العظيم، الذي يعشق القائد العادل، ويكره الظلم، وبخاصة بعد ان كان هناك تضاربًا في الأقوال حول سبب مقتله.  

كيف قام التواصل الاجتماعي بتحريك الأحداث؟

تم إنشاء صفحة على فيسبوك لتعبير عن التضامن مع الحادث، وقد تجاوزت هذه الصفحة حاجز الـ4000 عضو في أقل من ساعة واحدة (184000 خلال 10 أيام) من إعلان الحدث، مما يعكس حالة الغضب التي انتابت الشعب وتصاعدت عبر منصة فيسبوك كمظهر للاحتجاج ضد جريمة قتل الشاب خالد محمد سعيد، الذي فارق الحياة بعد تعرضه للتعذيب من قبل مخبرين في قسم سيدي جابر.

شهدت تعليقات الأعضاء تفاعلًا كبيرًا واحتجاجات قوية، حيث اعتبر النشطاء أن مأساة خالد تعتبر دليلًا جديدًا على ضرورة إلغاء قانون الطوارئ الذي فتح الباب أمام مثل هذه الممارسات اللا إنسانية.

جمعة الغضب

في 28 يناير، شهدت مدينة الإسكندرية "جمعة الغضب" حيث خرجت آلاف المصريين في مظاهرة احتجاج، للتنديد بما وصفوه بـ "عمليات تعذيب منظمة" للمعتقلين في أقسام الشرطة، رفعوا لافتات لافتات تحمل شعارات مثل "تسقط الدولة البوليسية، يسقط قانون الطوارئ، كلنا خالد سعيد، يسقط نظام الاستبداد"، في تعبير عن رفضهم للممارسات القمعية ودعمهم للحقوق والحريات.

لم يكن يومًا سهلًا، فقد واجهت مصر أكبر كارثة، يوم أن تم اقتحام السجون على أيدي الذي أرادوا خراب هذا البلد، والذين كانوا لا يريدون أمنًا ولا أمانًا لها.

حين احتضر الفاسدون.. موقعة الجمل

كانت هذه ليست جولة مثمرة في ميدان التحرير، بل كانت تاريخية باسم "موقعة الجمل" يوم 2 فبراير 2011. في هذا اليوم المشؤوم، توجه أنصار مبارك مرتبطين على ظهور الخيول والجمال نحو الميدان، ليشنوا هجومًا عنيفًا على المتظاهرين باستخدام السيوف والسياط.

كان هذا اليوم أليمًا ومفزعًا للغاية

كان هذا اليوم أليمًا ومفزعًا للغاية، حيث كانت العدسات تلتقط وتسجل لحظات المأساة والجرحى، في أجواء حاول فيها الهمجيون سحق طموح الشعب والشباب.

تاريخيًا، كانت هذه واحدة من أسوأ حوادث الانتفاضة ضد نظام مبارك، وأسفرت عن فقدان حياة ما يقرب من عشرة أشخاص، مما أضفى على تلك الفترة طابعًا مؤلمًا ومأساويًا.

يوم أن تنازل مبارك.. خطاب التنحي 

في11 فبراير 2011، ظهر اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، على شاشات التليفزيون ليعلن تنحي الرئيس حسني مبارك وتكليف المجلس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.

خطاب التنحي تداعيات وآثار ثورة 25 يناير 

كانت آثار ونتائج الخامس والعشرين من يناير عديدة، وكتب فيها الساسة والباحثون، ويمكن إجمالها فيما يلي:

تحقيق مطالب مشروعة لم تخرج عن الحق الاقتصادي والمجال السياسي والمجال العام، بنداءات عيش حرية عدالة اجتماعية، وبهذا تم ترسيخ ثقافة احتجاجية لدى الشعب وعودة بعض أشكالها.اسقاط تحالف رجال المال والسلطة في عهد ما قبل 2011، عبر إقصائهم من المشاركة في الحكومة الانتقالية وقتئذ، وبداية محاكمة رموز النظام السياسي.تعاظم وتزايد الدور السياسي والحقوقي، وبروز تأثيره، وأنّ الاحتجاج ليس مقصورًا على فئة معينة، وليست مجرَّد طموحات وآمال.القضاء على مبدأ التوريث، والذي كان يروَّج له قبل قيام الثورة.إسقاط فعالية الحزب الحاكم "الوطني الديمقراطي"، عبر تقديم قياداته إلى الحاكمة.إتاحة المجال العام أمام القوى السياسية المختلف للمشاركة في الحياة السياسية، كما ظهرت أحزاب جديدة.إقرار مبدأ المواطنة لاعتبارها مصدرًا للحقوق والحريات والواجبات، من خلال إشراك الغالبية العُظمى في الصورة من اداء ممارسات دستورية، دون إقصاء أو تهميش، كما بدا الاهتمام بها.

يوم كان الشعب سيد الموقف.. كيف أشعلت ثورة 25 يناير جذوة التغيير في مصر؟.. بزغت الشمس وانقشع الظلام وتوالت الأحداث، وأتي الصباح وصباحات متواليات شهدتها مصر من أحداث أخرى وتحديَّات أكبر، ولم تزل الاحدوثة المصرية قائمة، لم تختتم القصة بعد، قصة الشعب العظيم الذي يعيش المحنة والثورة والانتصار.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ثورة 25 يناير ثورة 25 يناير يناير 2011 ثورة 25 يناير 2011 ثورة 25 يناير يناير ثورة يناير أحداث 25 يناير مبارك مصر ميدان التحرير ذكرى ثورة 25 يناير عمر سليمان خالد سعيد ثورة 25 ینایر خالد سعید

إقرأ أيضاً:

"70 عامًا" السيسي يوضح الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن القضية الفلسطينية شهدت ظلمًا تاريخيًا استمر لمدة 70 عامًا، مشيرًا إلى أن ما يحدث في قطاع غزة اليوم هو نتيجة لعدم معالجة جذور المشكلة على مدار سنوات طويلة. وأضاف الرئيس خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكيني، أن الحل الحقيقي لهذه الأزمة يكمن في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وفقًا لحل الدولتين الذي يضمن حقوق الفلسطينيين وأمن المواطنين الإسرائيليين.

موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية

من خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الكيني وليام روتو، نقل الرئيس السيسي رسالة واضحة حول موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية. أكد السيسي أن بلاده لن تتراجع عن دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، طبقًا لقرارات الشرعية الدولية. وأضاف أن مصر ستواصل العمل بشكل حثيث مع الأطراف الدولية لتحقيق هذا الهدف، لافتًا إلى أن أي محاولة لفرض واقع جديد يتعارض مع هذه الحقوق الفلسطينية ستواجه بالرفض.

وأشار السيسي إلى أن مصر تبذل جهودًا كبيرة من أجل الوصول إلى حل شامل وعادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مؤكدًا أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. كما أكد أن مصر لن تتهاون في أي مسألة تتعلق بأمنها القومي، وأنها لن تسمح بفرض أي واقع جديد على الأرض يتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

تأثير تصريحات ترامب على المنطقة

في الوقت نفسه، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي طالب خلالها الأردن والمغرب بإيواء المزيد من اللاجئين الفلسطينيين نتيجة الفوضى التي يشهدها قطاع غزة، لتهز الوضع الإقليمي وتثير تساؤلات عدة حول مستقبل القضية الفلسطينية. وقال ترامب في تصريحاته التي أدلى بها للصحفيين على متن طائرته الرئاسية، إنه طلب من العاهل الأردني استقبال المزيد من الفلسطينيين في وقت تشهد فيه غزة دمارًا غير مسبوق. وأضاف ترامب أنه تحدث مع الرئيس السيسي حول هذا الموضوع في محاولة لتخفيف العبء الناتج عن النزاع في غزة.

ووفقًا لتصريحات ترامب، يرى أن الحل يمكن أن يكون في إقامة مخيمات مؤقتة أو حتى بناء مساكن دائمة في دول مثل الأردن ومصر لإيواء الفلسطينيين. إلا أن هذا الطرح قوبل بانتقادات واسعة في المنطقة، حيث كان هناك قلق من أن هذه التصريحات قد تؤدي إلى تصعيد جديد في النزاع الإقليمي.

التباين بين المواقف الدولية

تعكس هذه التصريحات تباينًا واضحًا في المواقف الدولية تجاه كيفية التعامل مع أزمة اللاجئين الفلسطينيين. في حين ترى الإدارة الأمريكية السابقة أن نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى قد يكون حلًا مؤقتًا، يعارض قادة الدول العربية، مثل الرئيس السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، هذا الطرح بشدة. فقد حذر السيسي في وقت سابق من أن عملية تهجير الفلسطينيين من غزة قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي، حيث من الممكن أن يتسبب ذلك في حدوث أزمة مماثلة في الضفة الغربية.

أما الملك عبد الله الثاني فقد وصف في وقت قريب فكرة نقل اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن أو مصر بأنها "خط أحمر"، مؤكدًا أن الأردن لا يمكنه تحمل المزيد من اللاجئين في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها. وأضاف أن بلاده تستضيف بالفعل أكثر من 2.39 مليون لاجئ فلسطيني وفقًا للأمم المتحدة، وأن استضافة المزيد منهم سيكون أمرًا غير ممكن في المستقبل القريب.

الواقع في غزة: دمار وانهيار

من جهة أخرى، تستمر الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة في التدهور بشكل خطير. فبعد 15 شهرًا من الحرب بين إسرائيل وحماس، تحول جزء كبير من غزة إلى أنقاض، حيث تم تدمير نحو 60% من المباني بما في ذلك المدارس والمستشفيات. كما نزح ما يقرب من 90% من سكان القطاع، مع استمرار موجات النزوح القسري التي جعلت الكثير من السكان يهربون أكثر من مرة.

خاتمة: التحديات المستمرة

تبدو تصريحات ترامب المتعلقة بنقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة بمثابة محاولة لتغيير الواقع في المنطقة بطريقة قد تتناقض مع الأسس التي قامت عليها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لعقود. بينما تواصل مصر والأردن التأكيد على موقفهما الرافض لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى خارج أرضهم، يبقى السؤال الأبرز: هل ستتمكن المنطقة من التوصل إلى حل شامل يضمن حقوق الفلسطينيين ويحقق الاستقرار الدائم؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها الدول العربية والمجتمع الدولي في هذا الشأن.

مقالات مشابهة

  • خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج «فيديو»
  •  الداعية خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج «فيديو»
  • الشيخ خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج
  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • نزار العقيلي: (هل هي معركة كرامة حقاً ؟؟)
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • "70 عامًا" السيسي يوضح الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني
  • "نفسي أغمض عيني وأفتحها ألاقي نفسي مع ربنا".. آخر كلمات نبيل الحلفاوي قبل وفاته
  • المخرج خالد الحلفاوي يكشف اللحظات الأخيرة في حياة والده
  • ثورة ديسمبر !!