سردية واشنطن المثقوبة : المطلوب عزل صنعاء
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
الجديد برس:
بعد ممانعة معظم دول العالم الوازنة المشاركة في تحالف «حارس الازدهار»، لعدم اقتناعها بالدوافع الأمريكية لتشكيله، تسعى الولايات المتحدة إلى تدويل الأحداث في البحر الأحمر، بما يناسب ادعاءها وجود صفة دولية للأضرار الناتجة من العمليات العسكرية اليمنية الجارية هناك.
كما تؤشر الخطط الأمريكية المتداولة، في هذا السياق، إلى وجود نية لتوسيع العدوان على اليمن بما يخدم أيضاً أهدافاً أبعد من تلك المعلَنة، وهو ما بدأ يُترجَم بالفعل بالقصف الأعنف الذي استهدف عدداً من المحافظات اليمنية ليل الإثنين – الثلاثاء.
ولإنجاح خططها، تعمل واشنطن على خطَّين متوازيَين: – الأول: الزعم أن اليمن يسعى إلى خنق الاقتصاد والتجارة العالميَّين عبر استهدافه سفن الشحن العابرة باب المندب والبحر الأحمر نحو الغرب، فيما يغيب عن السردية الأمريكية – عمداً – الهدف اليمني من العمليات، والمقتصر على السفن والمصالح الإسرائيلية دون غيرها، قبل أن تضاف إليه أخيراً سفن الدول التي تعتدي على اليمن، أي الولايات المتحدة وبريطانيا.
على أن هذه السردية الأميركية تُواجَه بالرفض من قبل أكثر دول العالم؛ فاليمن قدّم وجهة نظره حول الأحداث، وربط ما يقوم به بوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه، وأجرى عدداً من الاتصالات الإقليمية والدولية ووجد تفهُّماً كبيراً من قِبَل بعض الأطراف، ومنها أطراف أوروبية، وفقاً لما أكده نائب مدير التوجيه المعنوي في صنعاء، العميد عبد الله بن عامر، بالقول إن «دولاً أوروبية تواصلت مع صنعاء، وأكدت تفهمها الموقف اليمني، وتأييدها وقفاً لإطلاق النار في غزة، للحيلولة دون تصاعد الوضع في البحر الأحمر».
غير أن ثمة رأياً وازناً يقول إن الهدف الأمريكي من العدوان على اليمن بات يتعدى حماية الممرات المائية، إلى أغراض ذات علاقة بالحفاظ على مكانة الولايات المتحدة في العالم. وعبرت عما تقدّم، صحيفة «فايننشال تايمز»، بالقول إن «الوضع الراهن يؤكد أن العمل الأمريكي في حماية سلاسل الإمداد هو ضمن الأوضاع الجيوسياسية والعسكرية المعقّدة. لكن أهدافه ذات طابع إستراتيجي أكثر من كونها اقتصادية، وهذا ما يجعل إجراءات واشنطن مفيدة بشكل غامض وخاضعة للتحولات السياسية».
– ثانياً: ربْط القدرات اليمنية بالجانب الإيراني، والتركيز على أن البلدَين مستمران في التنسيق والعمل المشترك لإيصال السلاح النوعي إلى اليمن. وفي هذا الإطار، استفاضت وسائل الإعلام الغربية، في الأسابيع الأخيرة، في نشر مواد إخبارية واستخباراتية حول الدعم التسليحي الإيراني لليمنيين. وتشير هذه التقارير إلى أن ترسانة صنعاء باتت تضم أسلحة متنوعة، منها صواريخ قديمة يعمل الخبراء اليمنيون على الاستفادة من أجزائها ودمجها بمكونات حديثة؛ ومنها ما هو حديث ويتم تطويره بالاستفادة من التكتيكات الحالية، ولا سيما في البحر الأحمر؛ ومنها ما هو حديث ونوعي، ولم يحن بعد وقت استخدامه. كذلك، تصنف التقارير، اليمن حالياً باعتباره أفضل بكثير من دول متقدمة في مجال الأسلحة البحرية، فيما تعترف الدوائر الاستخباراتية بأن بعض أنواع تلك الأسلحة كان موجوداً منذ عهد النظام السابق، وتم تطويره محلياً عبر الاستفادة من خبرات محور المقاومة، بينما بعضها الآخر يُصنع كلياً بجهود محلية.
ثمة رأي وازن يقول إن الهدف الأمريكي في البحر الأحمر تعدى حماية الممرات المائيةوفي هذا السياق أيضاً، أفادت البحرية الأمريكية، بداية الشهر الجاري، بأنها «اعترضت شحنة أسلحة إيرانية»، قالت إنها كانت «متّجهة إلى اليمن»، وصادرت قارباً صغيراً يحمل مكونات صواريخ «كروز»، وأخرى باليستية إيرانية الصُنع.
واعتبرت البحرية الأمريكية أن تكلفة المهمة كانت عالية بالنظر إلى فقدان اثنين من البحارة الأمريكيين أثناء محاولتهما الصعود على متن قارب صومالي، فيما وضع الإعلام الأمريكي، الحادثة في سياق التطورات الأخيرة في البحرين العربي والأحمر، مشيراً إلى أن الشحنة المصادرة جاءت لتحل محل تلك التي خسرها اليمن في الضربات الجوية التي بدأت في 11 كانون الثاني/يناير الجاري.
ورغم الادعاءات المتكررة من قبل البحرية الأمريكية باعتراض شحنات أسلحة مهربة إلى اليمن طوال الأعوام الماضية، وتشكيل «الفرقة 153» التابعة للأسطول الأمريكي الخامس، ومقره البحرين، لهذه الغاية، تقر أوساط أمريكية بفشل تلك المهمة؛ إذ تَعتبر أن اعتراض الأسلحة الإيرانية أثناء شحنها إلى اليمن هو أمر بالغ الصعوبة. ووفقاً لمسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، فإن عمليات الكوماندوز، من مثل التي جرت هذا الشهر، عادةً ما تكون معقدة، وتشارك فيها قوات خاصة على متن قوارب قتالية، وقناصة، وطائرات مسيَّرة، وطائرات هليكوبتر للمراقبة، بالإضافة إلى قوات البحرية، بحسب مجلة «بوليتيكو». ويقول هؤلاء إن «تأثير الدعم الإيراني على المنطقة لا يحظى بالتقدير المناسب في كثير من الأحيان، إذ تتمّ الاستهانة بالجهد الإيراني المتواصل».
ووفقاً لمعلومات استخباراتية غربية، فإن واشنطن ولندن درستا، في الأسابيع الماضية، كيفية التصدي للتعاون اليمني – الإيراني حول تبادل المعلومات عن حركة مرور سفن إسرائيل والدول الداعمة لها، فضلاً عن التعاون الاستخباراتي في إطار محور المقاومة، ومواجهة التعاون التسليحي وتبادل الخبرات.
وكشفت وكالة «بلومبرغ»، في هذا الجانب، أن العاصمتين تدرسان أشكالاً من عمليات عسكرية لعرقلة جهود طهران لإعادة إمداد صنعاء بالسلاح. وفي السياق ذاته، وضع مراقبون زيارة مدير «سي آي إي»، وليام بيرنز، إلى الصومال، ولا سيما أنها جاءت بعد الإعلان عن فقدان الجنديين الأميركيين ثم مقتلهما.
وفي رأي خبراء عسكريين أمريكيين، فإن خطط بلادهم في مواجهة اليمن لم تعد صالحة في البحر الأحمر، وأنها بحاجة إلى إصلاح وتحديث، وذلك يستدعي الابتعاد عن التكتيكات القديمة، وفقاً لما عبر عنه مسؤول أمريكي بالقول: «هذا هو تخصصنا. أن نكون قادرين على العمل في المجال البحري بشكل سري، وملاحقة الأهداف الصعبة عبر التخفي».
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر إلى الیمن فی هذا
إقرأ أيضاً:
العمليات اليمنية في البحر الأحمر.. جحيم لحاملات الطائرات الأمريكية
يمانيون../
تكتب القوات المسلحة اليمنية مع نهاية عام 2024م الفصول الأخيرة لنهاية حاملات الطائرات الأمريكية.
ما حدث خلال عام واحد، شيء لا يصدق، كما يقول الأمريكيون، فاليمنيون الذين خرجوا من ركام حرب مدمرة لعشر سنوات، يظهرون قوة عسكرية تذهل العالم، وتجعل الكثير من الخبراء والمحللين العسكريين في حيرة من أمرهم، وكأن المارد قد خرج من القمم.
في البداية، كانت حاملة الطائرات الأمريكية (يو اس اس ايزنهاور) تجوب البحار، والمحيطات، وتستعرض من خلالها واشنطن قوتها، وهيمنتها على الدول، بما فيها الدول العربية المغلوبة على أمرها، وترسل أكثر من رسالة للعالم، مفادها بأن عليه أن يسكت ويصمت ولا يحرك ساكناً تجاه ما يحدث من جرائم إبادة صهيونية في قطاع غزة، ما لم فإنها لن تتردد في تأديب كل المخالفين.
ومع استعراض هذه القوة، فضل الكثير من الحكام العرب والمسلمين، التزام الصمت، وبلع الكثير منهم ألسنتهم، لكن بلداً عربياً خرج عن المألوف، وأعلن بالفم المليان وقوفه مع غزة، والمساندة للمظلومية الفلسطينية، بالوسائل والطرق المتاحة، بما فيها الفعل العسكري، من هنا ظهر اليمن كلاعب رئيس، وقوة إقليمية في المنطقة.
ابتدأ اليمن عملياته العسكرية بالتدرج، وفي مرحلة متصاعدة، وصولاً إلى المرحلتين الرابعة والخامسة، والتي ظهرت فيها عمليات نوعية، أذهلت العالم، بما فيها استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “ايزنهاور” لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من المكابرة وحجم الإنكار الكبير، وعدم الاعتراف من قبل الأمريكيين بما حدث لهم، إلا أن الكثير من القصص، توالت في وسائل الإعلام الأمريكية، ومن يوم إلى آخر، كانت الفضائح تطفو على السطح، فالرواية اليمنية هي الصادقة، وما يعلنه الأمريكيون هو الكذب بحد ذاته.
وبالتوازي مع كل ما حدث، توارت “ايزنهاور” عن الأنظار، عائدة إلى البلد الأم، ومعها الكثير من الحكايات والقصص التي سيدونها التاريخ في أنصع صفحاته.. عادت إلى حظيرة الصيانة، ويرافقها الإخفاق والفشل الأمريكي، والهزيمة الساحقة أمام القوة اليمنية الناشئة والمتصاعدة.
بيد أن الأمريكيين لم يستفيدوا من درس “ايزنهاور”، معتقدين أن ما حدث قد يكون مجرد صدفة، وشجاعة من جيش لا يخشى شيئاً، لذلك عاودوا الكرة مرة أخرى، مرسلين قطعاً بحرية، وبوارج عسكرية، ومدمرات، وحاملة الطائرات “روزفلت”، لكن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي- يحفظه الله- بطل معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، خرج في خطاب متلفز، معلناً أن “روزفلت” إذا غامرت ودخلت إلى منطقة العمليات في البحر الأحمر، فإنها ستكون قيد الاستهداف للجيش اليمني.
وبالفعل، لم يجرؤا الأمريكي على إدخال “روزفلت” إلى البحر الأحمر، وظلت تمخر في محيطات وبحار بعيدة عن اليمن، حتى ضاق الأمريكيون ذرعاً، وأعلنوا انسحابها من المشهد، لتحتل مكانها “ابراهام لينكولن”، وهذه الحاملة هي الأخرى، لم تجرؤا على دخول البحر الأحمر، وظلت في البحر العربي، ترقب المشهد اليمني بعيون وجلة، وتوجس من بعيد.
اعتقد الأمريكيون أن بإمكانهم المساس بهيبة اليمن، متخذين من حاملة الطائرات الأمريكية “لينكولن” منطلقاً لتنفيذ هجمات نوعية بالطائرات على مواقع متعددة في المحافظات اليمنية، لكن الرد اليمني سريعاً، حيث تم استهداف هذه الحاملة، أثناء محاولتها تنفيذ هجوم واسع على اليمن، فكانت عملية استباقية أفشلت المخطط الأمريكي، وأعاقت خططه.
انتصر اليمنيون في حرب المعلومات، وفي الحرب الاستخباراتية، وفي الجرأة والشجاعة على استهداف “لينكولن”، وجر الأمريكي وراءه الخيبة والهزيمة، باحثاً عن وسيلة أخرى لتحقيق هدفه في اليمن، وإلحاق الهزيمة بالجيش اليمني.
وفي ظل ذروة الأحداث في المنطقة، وتصاعد التوحش الإجرامي الصهيوني في قطاع غزة، والصمت العربي والإسلامي المطبق، جاءت حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس هاري ترومان) إلى البحر الأحمر، في تحد جديد لليمن، ولقواته المسلحة، معتقدين أن اليمنيين سيخضعون هذه المرة، وسيعلنون الاستسلام، لا سيما وأن الأمريكي يسجل نقاطاً في المنطقة العربية، ومنها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
اليوم، جاءت الضربات الموجعة، والصفعة القوية للعدو الأمريكي، بإعلان القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ هجوم واسع، استهدف “ترومان” في البحر الأحمر، بثمانية صواريخ باليستية مجنحة، و17 طائرة مسيرة، في حدث تاريخي استثنائي، رافقه اسقاط مقاتلة أمريكية من نوع f18 .
ستهرب (يو اس اس هاري ترومان)، كما هربت حاملات الطائرات الأمريكية الثلاث “ايزنهاور” و”روزفلت” و”ابراهام لينكولن”، وسيجل التاريخ أن اليمن هو حارس البحر الأحمر، وملكه، ومنه سيعود لليمن مجده، وتاريخه، وسؤدده، فالتاريخ يعلمنا أن البحر الأحمر، كان قديماً يسمى “ببحر اليمن”، وباب المندب كان يسمى “بوابة الدموع”، وأن الغزاة على امتداد التاريخ، كانوا يصطدمون ببأس وصلابة اليمنيين، وجبروتهم، لا سيما عندما تكون كلمتهم واحدة، وموقفهم واحد، وقيادتهم حكيمة، فالتبع اليماني يعود اليوم من جديد، واليمن يصنع التاريخ من جديد، ولا عزاء للخونة، والعملاء، والمنبطحين، والصامتين عن جرائم المتكبرين في فلسطين.
المسيرة – أحمد داوود