رئيس الوزراء الفلسطيني: نأمل أن يتضمن قرار محكمة العدل الدولية وقفا فوريا للعدوان
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، عن أمله في أن يتضمن قرار محكمة العدل الدولية غدا إجراء فوريا بوقف العدوان والإبادة الجماعية في قطاع غزة لليوم الحادي عشر بعد المئة، وتدفقا سريعا للمساعدات الإغاثية لإنقاذ الجوعى والجرحى والمرضى من خطر الموت البطيء الذي يتهددهم.
وقال اشتية، في بيان عشية إعلان المحكمة عن تدابير فورية في القضية المرفوعة أمامها من قبل دولة جنوب إفريقيا: "نتوقع من المحكمة أن تضطلع بمسؤوليتها القانونية والإنسانية أمام المجتمع الدولي إزاء ما يتعرض له شعبنا من إبادة جماعية لم يحدث مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية، وأن تستكمل المحكمة تحقيقاتها حول ما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية بحق شعبنا في غزة".
يذكر أن محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، أعلنت أنها ستصدر يوم غد الجمعة قرارا تاريخيا في القضية المرفوعة ضد إسرائيل المتهمة بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
ومن الممكن أن تأمر المحكمة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بوقف عدوانها على قطاع غزة، المتواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وكانت محكمة العدل الدولية قد عقدت جلسات استماع علنية، في 11 و12 يناير الجاري، بشأن محاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في قطاع غزة، بناء على دعوى رفعتها دولة جنوب إفريقيا وأيدتها عشرات الدول، في سابقة تاريخية في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
ورفعت جنوب إفريقيا في التاسع والعشرين من شهر ديسمبر الماضي، دعوى ضد إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، على خلفية تورطها في "أعمال إبادة جماعية" في قطاع غزة.
وقدمت جنوب إفريقيا إلى المحكمة ملفا محكما من 84 صفحة، جمعت فيه أدلة على قتل إسرائيل لآلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، وخلق ظروف "مهيئة لإلحاق التدمير الجسدي بهم"، ما يعتبر جريمة "إبادة جماعية" ضدهم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل رئيس الوزراء الفلسطيني العدل الدولية محكمة العدل محکمة العدل الدولیة جنوب إفریقیا إبادة جماعیة فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
دعوى السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية: كسر الصمت أم مواجهة سياسية؟
في تحول لافت في مشهد النزاعات الإقليمية، رفعت الحكومة السودانية دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية في مارس 2025 ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، متهمةً إياها بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
وتستند السودان في هذه الدعوى إلى اتهامات بتقديم الإمارات دعمًا عسكريًا وماليًا لقوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب فظائع واسعة النطاق ذات طابع عرقي في دارفور، ولا سيما ضد قبيلة المساليت.
الدعوى التي وُصفت بأنها جريئة وصادمة في السياق العربي، تجاوزت البعد القانوني لتفتح أبوابًا من الجدل حول الأدوار الإقليمية، والتدخلات الخارجية، وحدود المسؤولية الدولية. فهل هي خطوة قانونية ناجعة أم ورقة ضغط سياسي في معركة أوسع؟
مشروعية الدعوى وحدودها القانونية
السودان استند في دعواه إلى المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، التي تمنح محكمة العدل الدولية اختصاصًا للنظر في النزاعات المتعلقة بتفسير أو تطبيق الاتفاقية. غير أن الإمارات، منذ انضمامها إلى الاتفاقية، أبدت تحفظًا واضحًا على هذه المادة، ما يعني أنها لا تقبل اختصاص المحكمة تلقائيًا.
ورغم أن هذا التحفظ يمثل عقبة قانونية كبرى، إلا أن السودان قد يراهن على مبدأ “القواعد الآمرة” في القانون الدولي، والتي تنص على أن بعض الانتهاكات، كالإبادة الجماعية، لا يمكن التهرب من مساءلتها بتحفظات شكلية.
لكن الاحتمال الأكبر، استنادًا إلى السوابق القضائية، هو أن ترفض المحكمة الدعوى من حيث الاختصاص، كما فعلت سابقًا في قضايا مشابهة (مثل قضية يوغوسلافيا). ومع ذلك، فإن الأثر القانوني ليس كل شيء.
الرسائل السياسية والدلالات الرمزية
ترسل هذه الدعوى رسائل متعددة تتجاوز النصوص القانونية:
أولًا، هي محاولة جريئة لتحميل دولة إقليمية مسؤولية مباشرة عن جرائم ارتُكبت عبر وكلاء محليين، وهي سابقة نادرة في العلاقات العربية. ثانيًا، تمثل الدعوى توثيقًا رسميًا لسردية جديدة حول الحرب في السودان، وتعيد تشكيل فهم المجتمع الدولي لما يحدث في دارفور بوصفه ليس نزاعًا داخليًا فقط، بل نزاعًا مدعومًا خارجيًا. ثالثًا، تُوظَّف الدعوى كأداة لإعادة تدويل الأزمة السودانية، وإعادة التوازن في الخطاب الدبلوماسي، بعد أشهر من هيمنة قوات الدعم السريع على الأرض إعلاميًا ودبلوماسيًا.ضربة لصورة الإمارات ونفوذها الإقليمي
اللافت أن الدعوى، حتى وإن لم تُقبل، قد تُحدث أثرا ملموسا في صورة الإمارات على أكثر من صعيد:
فهي تزعزع سردية “القوة الناعمة” التي روّجت لها الإمارات خلال العقد الأخير، عبر مشاريع التسامح والحوار والتنمية. كما تفتح الباب أمام ملاحقة قانونية أو رمزية لدورها في ملفات أخرى كاليمن وليبيا، خاصة أن الكثير من المنظمات الحقوقية سبق وأن وثّقت تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في تلك البلدان. وقد تُسهم هذه الدعوى في كبح سياسة التمدد في “الفراغات الأمنية”، حيث دأبت أبو ظبي على استغلال هشاشة الدولة لبناء تحالفات مع قوى محلية مسلحة.وربما يكون الأثر الأخطر هو ما تحمله الدعوى من إشارات لدول أخرى في الإقليم، بأن زمن الحصانة المطلقة في التدخلات الخارجية قد يشارف على النهاية، وأن القانون الدولي لم يعد محايدًا في وجه الجرائم الجماعية متى توفرت الإرادة السياسية لمواجهتها.
خاتمة
في النهاية، قد لا تفضي دعوى السودان إلى إدانة مباشرة للإمارات، وقد تُرفض لأسباب إجرائية، لكنها نجحت فعليًا في فتح نقاش واسع حول الأدوار الإقليمية في الحروب الأهلية، وأعادت تسليط الضوء على الفظائع المرتكبة في دارفور، وعلى التحالفات التي سهّلت حدوثها.
إنها دعوى تضع القانون في مواجهة السياسة، وتضع الحضور الإماراتي في إفريقيا أمام مرآة لا تعكس فقط المصالح، بل أيضًا التبعات.