لماذا أرسلت الهند سفنها الحربية إلى بحر العرب؟
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
أرسلت الهند 10 سفن حربية إلى شمال ووسط بحر العرب، بعدما كانت لديها اثنتان فقط تتمركزان عادة في المنطقة، لمواجهة هجمات محتملة قد تنفذها جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، رغم أنها لم تنضم للجهود الأميركية في الصدد.
وتساءل تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" حول دافع نشر الهند لتلك السفن، إن كان إرادة لصد تحركات الحوثي، أم مجرد عرض للعضلات" على اعتبار علاقاتها مع إيران، الراعية للجماعة اليمنية المتمردة.
ونشرت الهند عددا متزايدا من السفن الحربية لمواجهة أي اعتداء على السفن التجارية التي تبحر حول الشرق الأوسط، بينما تتجنب الانضمام إلى القوة التي تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر "لحماية علاقاتها مع إيران" وفق تعبير الصحيفة.
وجماعة الحوثي مصنفة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية للولايات المتحدة.
وعلى مدى أسابيع، هاجم المتمردون الحوثيون في اليمن السفن المارة من وإلى قناة السويس المصرية، وهو طريق تجاري حيوي بالنسبة لواردات الهند من النفط الخام.
وقال الحوثيون، وهم ميليشيا مدعومة من إيران، إنهم يستهدفون السفن ردا على الحرب التي تشنها إسرائيل على حماس في غزة.
وأدت هجمات جماعة الحوثي إلى إعاقة حركة الشحن العالمية وتوسيع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.
وفي الأيام الأخيرة، بعد الضربات الأميركية والبريطانية على الحوثيين، حوّل المتمردون استهدافهم إلى السفن الأميركية.
وتقوم السفن الحربية الهندية بمراقبة السفن التي ترفع علم الهند، ولكنها كانت أيضًا أول المستجيبين في عدد من الحوادث الأخيرة.
في الأسبوع الماضي، استجابت مدمرة الصواريخ الموجهة الهندية "آي إن إس فيساخاباتنام" لنداء استغاثة من شركةٍ نقل البضائع "جينكو بيكاردي"، المملوكة للولايات المتحدة، بعد أن تعرضت لهجوم بطائرة بدون طيار قرب خليج عدن.
تعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي، حسن منيمنة، إن جماعة الحوثي كانت تقول إنها تستهدف السفن الإسرائيلية أو المتهجة لإسرائيل فقط، قبل أن تضيف على أهدافها السفن الأميركية والبريطانية، لكن "تدخل" الهند الآن يثبت بأن المتمردين يستهدفون جميع السفن.
وفي اتصال مع موقع الحرة، شدد منيمنة على أن "الولايات المتحدة لطالما أكدت أن الخطر في البحر الأحمر يهدد الملاحة الدولية بأسرها" وهو سر دعوتها لتحالف دولي لدرء الهجمات على السفن.
وتابع "إقدام الهند على هذه الخطوة إشارة إلى أنها تؤيد مبدأ حرية الملاحة"، خصوصا وأن التهديد الحوثي في البحر الأحمر يمس سفنها ويعيق حركية تجارتها.
ثم أردف قائلا إن نشرها لسفن حربية إضافية يشير إلى أنها تريد عرض إمكاناتها العسكرية، وبذات المناسبة، تحذير الحوثي من مغبة مهاجمة سفنها.
وأضاف "لكنها في ذات الوقت، تريد ألا تنجر إلى مواجهة إقليمية تضعها في موقف معادٍ لشريك وحليف إقليمي، هو إيران".
في السياق، نقلت "وول ستريت جورنال" عن الباحث في مؤسسة "أوبزرفر" للأبحاث، هارش بانت، قوله إن "الانضمام إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة يعني النظر إلى الصراع من خلال منظور الولايات المتحدة، التي ترى بأن ما يحصل تحريض إيراني".
وتابع "سعت الهند منذ فترة طويلة إلى إظهار استقلالها عن تأثير القوى الكبرى في تعاملاتها في السياسة الخارجية".
والأسبوع الماضي، أثار وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار مخاوف بشأن الهجمات على السفن التجارية في طهران خلال زيارة جاءت بعد أيام من شن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية على أهداف الحوثيين.
ويقول مسؤولون، وفق "وول ستريت جورنال" إنه رغم عدم انضمام الهند للولايات المتحدة بصفة رسمية، إلا أن عملياتها البحرية تعكس التعاون المتزايد معها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة الصين.
وقالت الصحيفة الأميركية إن من شأن صفقة الهند المرتقبة مع الولايات المتحدة لشراء 31 طائرة بدون طيار من طراز بريداتور، نصفها مخصص للبحرية، والتي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، أن تعمل على تعزيز قدرات الهند.
في الصدد، قال القائد السابق في القيادة البحرية الشرقية الهندية، بيسواجيت داسغوبتا، إن "جميع قنوات الاتصال مفتوحة مع واشنطن.. هناك بالفعل تنسيق كاف مع الولايات المتحدة والدول الأخرى ذات التفكير المماثل على الجبهة البحرية".
قطر للطاقة: الصراع بالبحر الأحمر قد يؤثر على بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال قالت شركة قطر للطاقة إن الصراع في البحر الأحمر ربما يؤثر على تسليم بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال لأنها ستسلك طرقا بديلة، بالرغم من أن الشحنات تدار بالتنسيق مع المشترين، وفق وكالة الأنباء القطرية "قنا".وكانت البحرية الهندية أفادت في وقت سابق من هذا الشهر بأنها أنقذت 21 فرداً من طاقم سفينة في بحر العرب وجّهوا نداء استغاثة إثر تعرض سفينتهم لمحاولة خطف.
يذكر أن جايشانكار (الوزير الهندي) أوضح، الخميس الماضي، أنه ناقش مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن "التحديات التي ينطوي عليها الأمن البحري، خصوصاً في منطقة البحر الأحمر".
وفي ديسمبر الماضي، استهدف هجوم بطائرة مسيرة ناقلة النفط "ام في شيم بلوتو" (MV Chem Pluto) على بعد 200 ميل بحري (370 كيلومترا) قبالة سواحل الهند، عزته واشنطن إلى إيران.
والعمليات الهندية التي تستهدف القراصنة ليست جديدة، فبحريتها تنتشر بشكل مستمر قبالة الصومال منذ عام 2008 مع تصاعد أعمال القرصنة، حيث قصف رجال البحرية وأغرقوا سفنًا رئيسية للقراصنة في مناطق تمتد من سواحل الهند إلى خليج عدن، ونزلوا إليها بطائرات هليكوبتر وألقوا القبض على عشرات المسلحين، وفق فرانس برس.
لكن نشر البحرية الهندية منذ ديسمبر قوة أكبر بكثير، بما في ذلك ثلاث مدمرات مزودة بصواريخ موجهة وطائرات استطلاع من طراز P-8I "للحفاظ على وجود رادع" بعد سلسلة من الهجمات على السفن، يمثل تعزيزًا سريعًا للقوات.
وكان وزير الدفاع الهندي، راجناث سينغ، تعهد بحماية طرق الشحن "من البحر إلى أعالي السماء"، خلال تدشين أحدث سفينة حربية صنعتها الهند لتنضم إلى أسطول يضم حاملة طائرات وغواصات محلية الصنع كذلك.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر على السفن
إقرأ أيضاً:
ما سر ذكر طرابلس في نشيد البحرية الأمريكية؟ (شاهد)
يعد نشيد "The Marines' Hymn" من أشهر الأناشيد العسكرية في تاريخ الولايات المتحدة، ويُعتبر النشيد الرسمي لقوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، والملفت في الأمر أنه من بين أبرز أجزاء هذا النشيد هو ذكر "شواطئ طرابلس" في البيت الأول من الأغنية.
وذكر طرابلس في النشيد يثير العديد من التساؤلات حول العلاقة بين الولايات المتحدة ومدينة طرابلس، خصوصا في سياق تاريخي بعيد، ولتفسير هذا الأمر، يجب العودة إلى القرن التاسع عشر، حيث شهدت الولايات المتحدة صراعا مع دول شمال أفريقيا، خصوصا طرابلس، بسبب سياساتها العسكرية والاقتصادية التي كانت تُعتبر انتهاكًا للحقوق والسيادة.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
خلفية الحرب البربرية
في القرن الثامن عشر، كانت الولايات المتحدة، بعد أن نالت استقلالها حديثا عن بريطانيا، تعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، وفي الوقت الذي فقط فيه أمريكا الحماية البريطانية، كانت دول شمال أفريقيا، بما فيها طرابلس، تفرض على السفن التجارية الغربية "جزية" مقابل ضمان مرورها بأمان في البحر الأبيض المتوسط.
ومع بداية القرن التاسع عشر، بدأت الولايات المتحدة تشعر بأن هذه الجزية تعيق تجارتها، مما دفعها إلى اتخاذ قرار بعدم الخضوع لمطالبات تلك الدول.
وفي عام 1801، بدأ الصراع العسكري بين الولايات المتحدة ودول البربر بسبب مطالبات هذه الدول بالجزية من السفن الأمريكية، مقابل حماية المرور الآمن عبر المياه الإقليمية.
حادثة السفينة "فيلادلفيا"
في 31 أكتوبر 1803، كانت السفينة الحربية الأمريكية "فيلادلفيا" التي كانت تشارك في مهمة بحرية في البحر الأبيض المتوسط على رأس أسطول أمريكي يحاول تأمين التجارة الأمريكية.
ولكن السفينة "فيلادلفيا"، التي كانت تعد من أكبر السفن الحربية الأمريكية في ذلك الوقت، تم السيطرة عليها من قبل قوات طرابلس بعد أن رست في المياه قبالة المدينة.
وكانت تلك الحادثة بمثابة ضربة قاسية للولايات المتحدة في حربها ضد قوات طرابلس، حيث أصبحت "فيلادلفيا" التي كان على متنها حوالي 300 جندي أمريكي في يد قوات طرابلس وأصبحت تستخدم كرهينة.
استعادة السفينة والرد الأمريكي
بمجرد أن سيطرت طرابلس على السفينة "فيلادلفيا"، كانت الولايات المتحدة في حالة من الصدمة وحاولت الرد بسرعة. رغم فشل المحاولات الأولى، قرر القائد الأمريكي ويليام إيتون أن يتخذ إجراءات غير تقليدية لاستعادة السفينة.
أحد أبرز التكتيكات التي استخدمها الأمريكيون كانت إرسال جواسيس وقاموا بإحراق السفينة "فيلادلفيا" في 1804، مما أدى إلى تدميرها بالكامل حتى لا تُستخدم ضدهم. كانت هذه الخطوة محاولة يائسة لإبطال التهديد الذي شكلته السفينة الأسيرة.
التعاون مع دول أخرى وطلب العون
بعد فشل الولايات المتحدة في استعادة السفينة "فيلادلفيا"، عادت من جديد للحرب من باب الخيانة لقائد القوات إلا أن طرابلس طلبت الدعم من تونس والجزائر والمغرب لمواصلة مقاومتها ضد العدوان الأمريكي لتفرض هزيمة جديدة على القوات الأمريكية
وبالرغم من أن الولايات المتحدة كانت تسعى لإنهاء الحرب بسرعة، فإن هذه الدول قامت بتوحيد جهودها لدعم طرابلس في مواجهة الاعتداء الأمريكي. كانت الحرب بمثابة صراع على الهيمنة في البحر الأبيض المتوسط،
التوصل إلى معاهدة السلام
مع تصاعد الصراع، وجدت الولايات المتحدة نفسها في مأزق، حيث كانت الحرب لا تزال مستمرة ولم تكن تحرز تقدمًا حاسمًا، وبعد سلسلة من المعارك الدبلوماسية والعسكرية، تم التوصل إلى معاهدة بين الولايات المتحدة وطرابلس في عام 1805، التي انتهت بحل النزاع ولكن دون انتصار الولايات المتحدة.
لكن على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تحقق انتصارًا حاسمًا في هذا الصراع، فقد كان الاتفاق الذي تم التوصل إليه يعني نهاية الحرب مع طرابلس. هذه المعاهدة لم تمثل انتصارًا قاطعًا للأمريكيين، لكنها سمحت لهم بالحفاظ على مصالحهم التجارية في البحر الأبيض المتوسط.