موسكو: توقيع معاهدة عسكرية واقتصادية مع اليمن !
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
فبعد الحرب العالمية الثانية 1945م استقطب البحر الأحمر تنافس القوى الكبرى لما يتصف من سمات خاصه كموقع استراتيجي واقتصادي ذو أهمية على مستوى الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية .
وتحولت الدول المطلة عليه من دول حاكمة ومالكه لذلك الطريق البحري والدولي الهام إلى دول محكومة و مملوكة بسياسات لقوى خارجية .
التحكم الاستراتيجي
مع اكتشاف النفط بكميات ضخمة في الخليج العربي والجزيرة العربية وايران مما حول المنطقة بأسرها إلى منطقة قابلة للاشتعال الفوري إذا ما تعرضت مصالح الدول الغربية والصناعية الكبرى للخطر .
فقد اصبحت تلك الدول سواء كانت أوروبية أو امريكية او السوفيت تعد نفسها صاحبه الحق الأول في النفط العربي والايراني .
وصاحبة شركات التنقيب والانتاج والنقل . فضلا عن أن تلك الدول الاستعمارية كانت سوقا للاستهلاك النفطي الذي أصبح يومها يقرر امكانيات الحرب أو السلام الدولي لسنوات طويلة - ومازال لليوم من خلال ما يشهده البحر الأحمر من احداث وتحشد أمريكي وغربي .
وبما ان طريق النفط إلى الغرب وامريكا ينطلق من الخليج العربي عبر مضيق هرمز إلى خليج عدن ثم باب المندب إلى البحر الأحمر ثم قناة السويس إلى البحر المتوسط فقد تحولت نقطة الاختناق الجنوبية الممر الملاحي كله في البحر الأحمر حتى نقطة الاختناق الشمالية عند السويس إلى اخطر مراكز التحكم الاستراتيجي التي تنظر اليها الدول الاوروبية وامريكا والاتحاد السوفيتي سابقا على انها ضرورات أمن يجب حمايتها من اي خطر مضاد او وجود قوي اقليمية قوية تفرض سيطرتها ووجودها في المنطقة كما حدث في مطلع التاريخ الحديث محمد علي باشا في مصر .
فمع وصوله الى مدخل البحر الأحمر الجنوبي باب المندب قامت بريطانيا باحتلال عدن 1839م ، ومن ثم عقد مؤتمر لندن عام 1940م وتم تجريد محمد علي باشا من املاكه في بلاد الشام وسواحل البحر الأحمر الجنوبية والغربية و الحجاز وحصر ملكه في مصر .
ومن ثم قامت بريطانيا باحتلال مصر عام 1882م لأحكام سيطرتها على مدخلي البحر الأحمر جنوبه وشماله لتأمين طريق سفنها نحو الهند ولتأمين ايضا تواجدها سابقا في الخليج العربي.
كذلك مع ثورة مصر في 1952م وتأمين قناة السويس والتواجد المصري في شمال اليمن خشيت بريطانيا. امريكا والكيان الصهيوني من سيطرة مصر على البحر الأحمر وخليج عدن. ووصوله الى الخليج العربي وتطويق مصالح الغرب في المنطقة تم تحريك الكيان الصهيوني بمساعدة بريطانية - امريكية وانظمه رجعية عربية لضرب مطارات مصر بما عرف بنكسة 5 حزيران 1967م ، كل ذلك لمنع تواجد وظهور قوة اقليمية بالمنطقة قادرة على السيطرة على البحر الأحمر .
وما نشهده اليوم من تحالف دولي و تحشد امريكي - غربي - صهيوني الا تأكيد لمطامع الدول والقوى الاستعمارية بالمنطقة تحت ذرائع مختلفة ومبررات تخدم مصالحهم وتشرعن لوجودها بالبحر الأحمر .
سياسة الاستقطاب
لذلك اصبح الممر النفطي عبر البحر الأحمر نقطة الاستقطاب الدولي ومراكز لصراع القوى الكبرى ، وتحولت الدول على طول ذلك الطريق من دول حاكمة ومالكه لذلك الطريق الحيوي الدولي إلى دول محكومة مملوكة لقوى خارجية مارست بذكاء سياسة الاستقطاب او الاحتواء المزدوج في دول البحر الأحمر وتلك السياسة مازالت متبعه الى اليوم .
وقد برزت تلك السياسة بعد الحرب العالمية الثانية عندما خرجت فرنسا وبريطانيا وضعيفتين اقتصاديا وعسكريا وبروز امريكا والاتحاد السوفيتي قوتين عظيمتين على الساحة الدولية . لتندفع كل منهما للحصول على مراكز نفوذ في البحر الاحمر .
فأمريكا سعت في اثناء ذلك إلى خلق كتلة تضرب طوقا حول الاتحاد السوفيتي من اجل ابعاده عن المناطق الاستراتيجية في الخليج العربي والبحر الأحمر والمحيط الهندي من خلال عقد الاتفاقيات والاتحادات الثنائية الاقليمية وتجهيزها بالمساعدات وتوفير الحماية لها .
- التواجد الامريكي
اتجهت واشنطن في خمسينيات القرن المنصرم نحو اثيوبيا فعقدت معها اتفاقية عام 1951م بموجبها حصلت امريكا على قواعد عسكرية في اريتيريا ومحطات رادار في جزيرة دهلك في البحر الاحمر مقابل دعم امريكا لأثيوبيا ضد ثوار اريتريا .
واستمرت امريكا بدعم اثيوبيا بمختلف المعدات العسكرية والمادية والتي بلغت خلال الفترة 1953- 1971م قرابه 170 مليون دولار على شكل مساعدات عسكرية ومع حدوث انقلاب 1974م واعلان الانقلابيون على هيلاسلاسي التحول للنهج الاشتراكي غادرت امريكا من اثيوبيا لتنقل ثقلها العسكري الى السعودية على الضفة الأخرى من البحر الأحمر وان كانت متواجدة منذ ما قبل من خلال العلاقات الاقتصادية وشركات النفط ومن ثم انشاء قاعده الظهران العسكرية والتي قادت الى خلق صراعات في المنطقة خدمة لمصالحها ضد الاتحاد السوفيتي آنذاك ومازالت.
لليوم الحليف الاستراتيجي في المنطقة لواشنطن الى جانب الكيان الصهيوني ودويلة الامارات .
-اتفاقيات عسكرية - اقتصادية
تمكن الاتحاد السوفيتي من الدخول الى البحر الاحمر عقب انتصار الثورة المصرية عام 1952م .
وفيما يخص اليمن فقد وصل السوفيت لليمن الشمالي جاء بعد أن وقع الاتحاد السوفيتي مع ولى العهد الإمام محمد البدر عام 1957م اتفاقية للتعاون الاقتصادي والعسكري بعد اعتراف موسكو بحكومة صنعاء عام 1928م .
وبموجب هذه المعاهدة شارك السوفيت في تنميه الزراعة والصناعة وتعميقها لميناء الحديدة وتعبيد الطرق.
وعند اندلاع ثوره 26 سبتمبر 1962م وقفت موسكو بجانب الجمهوريين ضد الملكيين واستمر الوجود السوفيتي في اليمن الشمالي حتى عام 1968م .
إلا ان التغيير الذي اصاب السياسة الخارجية لليمن الشمالي في آنذاك والتي من خلالها ارتبطت بعلاقات مع السعودية والدول الغربية التي قدمت مساعدات لها لإخراجها من الفلك السوفيتي كان لذلك آثر في قطع العلاقة السوفيتية باليمن الشمالي , واتجهت موسكو لتعزيز نفوذها في اليمن الجنوبي لأهميته الاستراتيجية بحكم موقعه من باب المندب .
وكان لرحيل بريطانيا عن عدن عام 1967م , وسيطرة الجناح اليساري على الحكم في اليمن الجنوبي أثره في تثبيت الوجود السوفيتي في اليمن الجنوبي والتي حصلت من السوفيت على مساعدات كبيرة من الناحية الاقتصادية والعسكرية بلغت في عام 1974م حوالي 114 مليون دولار .
وتوجت العلاقة بين الطرفين بتوقيع معاهدة صداقة عام 1979م نصت على التعاون الاقتصادي والعسكري وبموجبها حصل السوفيت على تسهيلات بحرية في ميناء عدن والمكلا وتسهيلات جوية في مطار خور مكسر .
-جزيرة سقطرى
أن اتخاذ انتقال الوجود السوفيتي إلى ما حول جزيرة سقطرى بعد خروجه من الصومال مقابل التواجد الامريكي في جزيرة دييغوغارسيا بالمحيط الهندي .
جعلت موسكو من جزيرة سقطرى اليمنية قاعدة لتحركاته في المحيط الهندي والقرن الافريقي وذلك بهدف اتخاد موسكو جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي رأس حربة لإغلاق البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب ضد أية تحركات تحد من اندفاع امتداده إلى عالم الشرق الاوسط والمحيط الهندي والبحر الأحمر ولمسانده تواجد اساطيلها في البحر الابيض المتوسط وخروجها إلى البحار الدافئة .
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الاتحاد السوفیتی الخلیج العربی البحر الأحمر جزیرة سقطرى باب المندب فی المنطقة فی البحر فی الیمن من خلال
إقرأ أيضاً:
نذر حرب في اليمن بتحركات عسكرية ولافتات متعددة والحوثي يستبق الإجراءات (تحليل)
تتجه الأحداث في اليمن إلى حالة التأزم من جديد، وهذه المرة تأخذ منحى عسكري، وفقا للعديد من المؤشرات الراهنة.
فخلال الأيام الماضية تواصلت المواقف وتواترت المعلومات عن تحركات لعدة دول، وسط تصاعد وتيرة الأحداث في البحر الأحمر، واستمرار هجمات الحوثيين، وتراجع الموقف الأمريكي المحبط.
بريطانيا
تحضر بريطانيا كأحد أبرز الأطراف الفاعلة حاليا، وذلك من خلال الإمداد العسكري الذي تقدمه للحكومة اليمنية المقيمة في عدن، والذي تركز على مكافحة القرصنة البحرية، ودعم قوات خفر السواحل بزوارق سريعة، وتقديم دعم لوجيستي في مجال التدريب والمساعدة، وهي الخطوة التي أعلنت عنها السفارة البريطانية، وأشاد بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
ويشير الدعم المقدم لقوات خفر السواحل من قبل بريطانيا، إلى أن الوضع البحري يهيمن على المباحثات بين الحكومة ولندن، التي تشارك في تحالف عسكري بجوار أمريكا في اليمن منذ أكثر من عام، وسبق أن تحركت في هذا المضمار كثيرا.
أمريكا
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فتشعر بالإحباط تجاه هجمات الحوثيين، خاصة مع التطورات الأخيرة، وإعلان الجماعة توجيه ضربات لحاملة الطائرات الأمريكية، إبراهام لينكولين، والتي سحبتها واشنطن لاحقا، لتخلو المنطقة من حاملة الطائرات الأمريكية، للمرة الثانية منذ اندلاع المواجهات البحرية.
واشنطن بدت في وضعية التأسف، وذلك من خلال تصريحات الخارجية الأمريكية التي قالت إن رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب منذ صعود ترمب للسلطة كان بغرض إحلال السلام في اليمن، وهي إشارة إلى أن إزالتهم لم يكن قرارا موفقا، متهمة إيران والحوثيين بافشال مساعي السلام في اليمن.
الدور الأمريكي بدا متخبطا، وينتظر الخطوات القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، لكنه في نفس الوقت واصل تحميل عدة أطراف المسؤولية، ففي حين يتهم إيران بافشال المفاوضات، يذهب أيضا لاتهام روسيا بتقديم الإمدادات للحوثيين، بما يعزز قدراتهم البحرية.
السعودية
في المقابل تتحرك السعودية في العديد من المسارات، فقد التقت الصين وإيران على طاولة واحدة، وخرجا ببيان موحد حول العديد من القضايا، وبنفس الوقت بعثت الروح في الكيانات المحلية التابعة لها، عبر إحياء الأحزاب السياسية، وتقديمها للواجهة من جيد، كالتكتل الوطني للأحزاب، وكذلك مساعيها في إعادة الروح لمجلس النواب، والتنسيق لعودة جلساته من جديد.
وواصلت الرياض الدفع بأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي للقاء العديد من السفراء الأجانب في الرياض، وكان النصيب الأكبر لعضو المجلس عيدروس الزبيدي، الذي كثف لقاءاته مع عدة سفراء، أبزرهم سفراء السعودية، والإمارات، والهند، واليونان، وروسيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، وفرنسا، والصين.
الإمارات
الإمارات العربية المتحدة من جهتها كان لها حضورها اللافت، اتضح ذلك من خلال ما تردد عن مقترح تقدمت به، لتشكيل قوات دولية تؤمن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، بخليط من قوات عربية، ودولية، وهو ما لم تكشف عنه أبوظبي رسميا.
لكن تحركاتها العسكرية تشير إلى تواجدها في صدارة هذه الأحداث، وتؤكد المعلومات وصول طائرة عسكرية إماراتية إلى مطار عتق المحلي، بمحافظة شبوة، على متنها مسؤولين إماراتيين، فيما قال وزير النقل السابق صالح الجبواني إن الطائرة كانت تحمل على متنها أسلحة ومعدات عسكرية.
وتستخدم الإمارات أيضا الأدوات التابعة لها، وظهر نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح المقيم في أبوظبي، مع محافظ شبوة عوض بن الوزير في لقاء جمعهما، بينما عاد ممثل الإمارات في أبوظبي خلفان المزروعي إلى جزيرة سقطرى، بعد خروجها منها في العام 2019 بموجب اتفاق سعودي إماراتي على مغادرته.
جماعة الحوثي
بالنسبة للحوثيين، فقد واصلوا عملياتهم العسكرية في البحرين الأحمر والعربي، وأعلنوا تنفيذ عدة عمليات هجومية مؤخرا، أبرزها عملية استهدفت سفينة تابعة لتركيا، وهو ما دفع بأنقرة للتنديد، فيما سارع عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي محمد علي الحوثي، لاستدارك الموقف، والتأكيد على الدور المحوري لتركيا في نصرة فلسطين.
وتستشعر جماعة الحوثي هذه التحركات، وتواصل إزائها في مواصلة الاستعدادات، خاصة في محافظة الحديدة، إذ تكشف المعلومات عن إجبار الجماعة لست قرى سكنية في مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة، تحسباً لمعركة قادمة في الساحل الغربي لليمن، وهو ما دفع بالسلطة المحلية التابعة للحكومة في عدن للتنديد بهذه الخطوة، وإعلان رفضها.
خريطة الصراع
تتضح من هذه التحركات أن خارطة جديدة للصراع تتشكل في اليمن، وهي مناطق تماس، بين الحكومة وجماعة الحوثي، سواء كانت برية أم بحرية، وجميعها تشير إلى أن الصراع يتجه نحو الصدام المسلح من جديد، فيما تغيب الجهود الدبلوماسية والأممية، عن لجم هذه التحركات، بل إن مجلس الأمن اعتمد مؤخرا القرار الأممي الذي يمدد حالة حظر السلاح عن الحوثيين، وسبق له التنديد بالهجمات البحرية التي ينفذونها.