قصص أليمة ومآسٍ شتى خلفتها الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي "المصنفة في قائمة الإرهاب"، وما زالت تتربص بالمدنيين في مختلف المحافظات اليمنية منذ بدء الحرب، في ظل تماهي وتواطؤ أممي مريب.

وحصدت الألغام والعبوات غير المنفجرة التي زرعتها المليشيا الحوثية خلال التسع سنوات الماضية بشكل عشوائي في الطرقات والمزارع وحول المنازل وآبار مياه الشرب، وفي المراعي والهضاب، بمختلف المناطق التي تسيطر عليها قبل دحرها منها آلاف الضحايا أغلبهم نساء وأطفال، وتسببت في إعاقات دائمة.

وتشكل الألغام الحوثية خطرا محدقا ومقلقا يهدد الأمن الإنساني والغذائي والبيئي، ويعيق عودة النازحين وتوصيل المساعدات الإنسانية، حيث تعد أحد أبرز الانتهاكات لقوانين الحرب الدولية، وتعتبر من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ويتعمد الحوثيون تكثيف زراعة الألغام في البر والبحر لإلحاق أكبر قدر من الضرر والأذى باليمنيين، مدنيين وعسكريين، ونفوق المواشي، بالإضافة إلى تكبيدهم خسائر مادية فادحة.

معاناة طفلة

ذكرى محمد أحمد داوود عكيش، طفلة من مديرية حيس تبلغ من العمر 14 عامًا، تعرضت لانفجار لغم أرضي من مخلفات مليشيا الحوثي، حينما كانت رفقة والدتها بالقرب من بئر للمياه أثناء بحثهما عن أعلاف القصب بغرض جمعها وتقديمها للأغنام ما أدى الى فقدان ساقيها.

وتجرعت "ذكرى" آلام المعاناة، جراء وقوعها في اكتئاب شديد وظهور نوبات هستيرية بعد الحادثة المأساوية كواحدة من آلاف القصص المأساوية للضحايا من الأطفال والنساء الذين تساقطوا خلال سنوات الحرب جراء الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران (المصنفة على قائمة الإرهاب).

وقدم مركز الملك سلمان للإغاثة في مدينة تعز للطفلة ذكرى أطرافا صناعية لمساعدتها للتغلب على إعاقتها قبل ثلاثة أشهر، ثم ترددت على مركز تابع لمنظمة "هانديكاب انترناشونال" بمدينة الخوخة العاصمة المؤقتة لمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، وبدوره قدم لها الدعم النفسي والعلاج الطبيعي، وبعد عدة جلسات لدى المركز تحسنت حالتها النفسية وأصبحت تعتمد على نفسها بشكل أكبر.

قالت ذكرى إنها تحب زيارة مركز "هانديكاب" إذ يساعدها على تطوير مهاراتها، كما تعتبر موظفة المركز أختها الكبرى.

زراعة الموت

هكذا بذرت المليشيا الموت في الطرقات والأحياء والأودية وحول المنازل وآبار المياه في البلاد، ومديريات الساحل الغربي تعد من أكثر المناطق الخطرة والملوثة بالألغام حيث باتت تهدد أجيال اليمنيين لعقود قادمة.

وذكرت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "أونمها"، في تقرير لها، أن انفجارات الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب أوقعت 161 ضحية مدنية بين قتيل وجريح في محافظة الحديدة خلال العام الماضي2023م.

وأضافت، إن عدد القتلى المدنيين بسبب انفجارات الألغام والمتفجرات في المحافظة بلغ 71 شخصاً خلال الفترة، فيما بلغ عدد الجرحى 90 شخصاً.

وأشار البيان التوضيحي للمنظمة الأممية إلى أن أغلب الضحايا من الرجال بنسبة (57) بالمئة، والأطفال (37%)، ثم النساء (6%).

وبحسب الإحصائية الأممية، فإن شهر ديسمبر الماضي سجل أدنى إحصائية ضحايا في العام بواقع سبع حالات (قتيلان)، و(5 جرحى)، فيما كان شهر يناير 2023م أكثر الأشهر دموية مع تسجيل 23 ضحية توزعت بين (6 قتلى)، و(17 جريحاً).

وذكر تقرير أممي ان خمسة ملايين يمني، أي 15% من سكان البلاد، يعيشون حالة من الإعاقة الناجمة عن الحرب الدائرة منذ تسع سنوات.

وأوضح التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) أن هذا الرقم قد يكون أكبر بكثير في ظل تفاقم آثار الصراع، مثل انتشار الألغام والمتفجرات الباقية من الحرب.

وتشير تقارير دولية إلى أن هناك أكثر من مليوني لغم أرضي زرعتها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، في أكثر من 15 محافظة يمنية.

وأفادت التقارير أن الألغام الحوثية المزروعة من جميع الأنواع "مضادة للمركبات والأفراد والألغام البحرية"، لافتة إلى أن معظمها محلية الصنع أو مستوردة وتم تطويرها محليًا، لتنفجر مع أقل وزن.

تخادم حوثي- أممي

في السياق، اتهمت مصادر عدة الأمم المتحدة بالتخادم مع مليشيا الحوثي، لا سيما بعد إيقافها تمويل المركز الوطني لنزع الألغام التابع للحكومة الشرعية، ويتخذ من مدينة عدن مقرا له.

وقالت المصادر، إن البرنامج الإنمائي (UNDP) قطع تمويلات ضئيلة كان يقدمها للبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام، وبرنامج نزع الألغام، والمجلس التنسيقي للألغام، منذ سبعة أشهر.

ولجأ البرنامج الأممي، الذي قدم تمويلات بملايين الدولارات لمليشيا الحوثي بمبرر نزع الألغام، إلى قطع تمويلات لوجيستية لنزع الألغام بعد صدور تقارير تثبت تورطه بدعم زراعة الألغام عبر مليشيا الحوثي.

وقال عبدالقادر الخراز من حملة "وين الفلوس، لن نصمت" إن شكاوى عدة رفعت بحق البرنامج للنائب العام بالوثائق لتورطه في دعم مليشيا الحوثي، لكن النائب العام في عدن القاضي قاهر مصطفى رفض إكمال التحقيق مع البرنامج، مبرراّ ذلك باتفاقيات موقعة مع الأمم المتحدة.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

مليشيا الحوثي والسعي لتفكيك القبيلة اليمنية وإضعافها

ارتكبت مليشيا الحوثي (المصنفة على قائمة الإرهاب)، أفظع الجرائم بحق القبيلة اليمنية، حيث استهدفت القبيلة منذ اليوم الأول لتمردها في صعدة عام 2004.

ونكّلت مليشيا الحوثي بالقبيلة أشد تنكيل، ساعية إلى تفكيكها وضرب بنيتها الاجتماعية لإخلاء الساحة من أي قوة قد تردعها وتتصدى لمشروعها الطائفي الإجرامي.

وعلى امتداد مسيرتها الإجرامية، ارتكبت مليشيا الحوثي -وما تزال- كل الجرائم التي تحرمها القبيلة وتصنفها "عيباً أسود" لشناعتها، كالتعدي على النساء وقتلهن وسجنهن، واقتحام البيوت ونهبها والاعتداء على الصغار والمسنين، وقطع الطرقات، وتشريد الأبرياء.

يقول خبراء سياسيون لوكالة "خبر"، إن مليشيا الحوثي استهدفت القبيلة اليمنية منذ تمردها في 2004 فمارست ضدها التنكيل والجرائم البشعة، محاولة تفكيك بنيتها وإضعاف قوتها.

وبحسب الخبراء، فإن مليشيا الحوثي سعت لضرب القبيلة لأنها تشكل عائقاً أمام مشروعها الطائفي، مستخدمة العنف والقهر لإخضاعها وإفراغها من دورها الفاعل.

وأضافوا، بأن مليشيا الحوثي ارتكبت خلال السنوات الماضية جرائم تصنفها القبيلة "عيباً أسود"، كقتل النساء وسجنهن، وانتهاك الحرمات، ونهب الممتلكات.

ووفقا للخبراء، فإن الأطفال والمسنين لم يسلموا من بطش الحوثيين، فتعرضوا للقتل والتشريد مع اقتحام المنازل ونهبها بوحشية دون رادع أخلاقي.

كما عملت مليشيا الحوثي على تعميق معاناة القبائل من خلال قطع الطرقات وعزل المناطق، ما تسبب بمآس إنسانية، كما شردت الأبرياء وفجرت البيوت على رؤوس ساكنيها، في انتهاك صارخ لكل القيم والأعراف.

ورأى الخبراء، بأن القبيلة ما تزال صامدة بوجه مليشيا الحوثي رغم العنف وما تدفعه من ثمن باهظ جراء رفضها، متشبثة بعاداتها ودورها في مقاومة المشروع الطائفي.

وشددوا على أن القبيلة قد تكون الخيار البديل لإسقاط مليشيات الحوثي في حال فشلت الشرعية اليمنية عن القيام بهذه المهمة، ويمكنها سحب البساط من تحت الشرعية المتعثرة وتعيد ترتيب المعادلة الوطنية.

ولفتوا إلى أن دور القبيلة في مواجهة مليشيات الحوثي سيكون من خلال التعبئة المجتمعية وتنظيم الجبهات المحلية والضغط السياسي والاجتماعي والدعم اللوجستي والبشري.

وطبقا للخبراء والمراقبين، فإن القبيلة تحتاج للقيام بهذه الأدوار لتأسيس قيادة موحدة تتجاوز فيها الانقسامات الداخلية، ومد جسر التعاون مع الأطراف الدولية والإقليمية، وإعلان خارطة طريق وطنية تمثل رؤية وطنية بديلة تشمل استعادة الدولة ومحاسبة الأطراف التي عجزت عن تحقيق ذلك.

وبحسب الخبراء، فإن التفاف بعض القبائل حول الحوثي سينقلب فجأة، كما انقلبوا مراراً من قبل، موضحين بأن القبائل هم أذكى كتلة يمنية إذا جاز التعبير، فالعقل الجمعي للقبيلة هو أذكى بكثير مما يتصوره البعض، فهم لا يصدقون شعارات أحد لا مسيرة الحوثي ولا غيرها.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تتلقى تمويلاً إضافياً لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن
  • مليشيا الحوثي والسعي لتفكيك القبيلة اليمنية وإضعافها
  • تقرير أممي: أكثر من 20 ألف مهاجر أفريقي وصلوا اليمن خلال ديسمبر الماضي
  • الأمم المتحدة تكثف من جهود الإغاثة في غزة مع تزايد خطر الألغام غير المنفجرة
  • الأمم المتحدة: أكثر من ٤٢٣ ألف نازح عادوا إلى شمال غزة
  • الأمم المتحدة: أكثر من 423 ألف نازح عادوا إلى شمال قطاع غزة
  • ضباط أمريكيون: المعركة البحرية مع اليمن أكثر كثافة وخطورة منذ الحرب العالمية الثانية
  • وزير الخارجية يلتقي منسق الشئون الانسانية في اليمن
  • الأمم المتحدة: ‎اليمن يعاني واحدة من أعلى معدلات وفيات الأمهات
  • الإدارة السورية تبحث مع وفد أممي انسحاب القوات الإسرائيلية