أصبح الزواج اليوم، من بين العلاقات المعقدة، بالرغم من أنه من أقدس العلاقات، لأنه علاقة بنيت على كتاب الله وسنته كما يقال، لكن رغم هذا، نشهد اليوم الكثير من حالات الطلاق، حتى إن بعض الأزواج تطلقوا بعد شهرين فقط من الزواج، وهي ظاهرة وجب الوقوف عليها، لكن في المقابل نجد العلاقات الزوجية في الماضي كانت أغلبها ناجحة، عكس ما نراه اليوم.

يتساءل الكثير من الناس اليوم، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، عن سر نجاح الزواج في الماضي حتى إن حالات الطلاق تكون نادرة، بل محسوبة على أصابع اليد، وإن كانت تكون بسبب مشاكل كبيرة، لذا، كان من الواجب حينها الطلاق نتيجة لاستحالة استمرار العلاقة بين الزوجين، أما اليوم، فيقع الطلاق لأتفه الأشياء حتى إنه في بعض الأحيان يحدث الانفصال لمجرد سؤال أو نظرة أو شك من دون يقين.

للمقارنة بين العلاقات الزوجية في ما مضى واليوم، وسر نجاح أغلبها في وقت سابق.. أما اليوم، فالكثير منها وصلت للطلاق، وجب ذكر الكثير من الأشياء التي قامت عليها هذه العلاقة قديما واليوم، فنجد مثلا أنه في علاقات الزواج في الماضي، ليس من الضروري معرفة الزوج لزوجته المستقبلية.. فلو تسأل مثلا شخصا من ذلك الجيل، يقول لك: لم أعرفها حتى وجدتها في البيت، أو العائلة اختارت لي الزوجة دون أن أعرف، وربما فرضت عليه حتى ولو رفض الزواج بها، بالإضافة إلى هذا، كانت الأعراس في تلك الفترة، تقوم على البساطة والتفاهم ورضا الطرفين، دون الاحتكام إلى المادة، وربما العديد من العائلات تعاونت في ما بينها من أجل إتمام هذه العلاقة المقدسة، وبالرغم أنه كذلك، في الكثير من الأحيان، كانت الحياة صعبة وقاسية على الأزواج، لكن الزوجات صبرن على الغياب وعلى الفقر والعوز، دون تأفف، وإن كان كذلك لم يكن علنا كما نراه اليوم، وهذا من أجل الحفاظ على هذه العلاقة، مهما كانت الظروف، ولعل الشيء الأهم في تلك الفترة، أنه إذا حدث هناك سوء تفاهم أو خصام، يطلب حكم من أهلها وحكم من أهله، من أجل الإصلاح ليس من أجل ذكر عيوب الطرفين ونادرا ما تصل الأمور إلى حدود عدم الرجوع، لأن الأصل في الاجتماع كان من أجل الصلح.

في المقابل، اليوم، تجد أنه على علاقة بها منذ سنوات قبل الزواج وبعد الخطوبة، لكن حين الزواج، ربما يطلقها في شهرين أو أقل، بدعوى أنها ليست تلك التي كنت أعرف، والعكس بالنسبة للمرأة، كما أن الأعراس اليوم تقام من أجل قول “عرس فلان”، ويذكر بين الخلائق، وليس فرحا وسعادة بهذا العقد المقدس، وكذا التركيز على فتات الأشياء في الزواج، على غرار الشكل والمال والسلطان، دون البحث عن الأصل والفصل، والمسؤولية، والصبر على هذه العلاقة في الشدة والرخاء، ولو يحدث هناك نزاع صغير مباشرة الذهاب إلى المحاكم من أجل الطلاق، دون تردد، سواء بالنسبة للمرأة أم الرجل، وتذهب بذلك العلاقة الزوجية التي بنيت على الحب كما يدعي أهله، في مهب الريح.

ليس في الزواج فحسب، بل في الكثير من الأمور التي تغيرت في المجتمع، واتجهت الحياة من الأحسن إلى الأسوإ وهذا بما كسبت أيدينا.

صالح عزوز – الشروق الجزائرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: هذه العلاقة الکثیر من من أجل

إقرأ أيضاً:

الحب في زمن التوباكو (4)

 

 

 

مُزنة المسافر

 

إنني أعيشُ في قنينةٍ من الخوف والخرف يا جوليتا، أنا والتوباكو نعرف جيدًا أننا لا ننفع أحدًا الآن، لقد سرقوني، سلبوا كل شيء، لم يتركوا لي غير التبغ يشتعل في ألم عظيم.

جوليتا: من هم يا عمتي؟

ماتيلدا: أعدائي، لقد جاءوا ليلًا حين كنتُ نائمة، لقد سرقوا المسرح، لقد سرقوا صندوق النقود، لم أعد احتمل الكذب والسلب، نحن شرفاء يا ابنة أخي لكننا نُسرق ونُنهب لماذا؟

افعلي شيئًا من أجل عمتك الضائعة، لا أرغب أن أضيع أكثر، إننا نأكل جيدًا كل ليلة من المال الذي نجنيه من هذا المسرح، يا خيبتي، يا لحظي العائر، وقلبي الثائر، دعيهم يرحلون عني.

لقد كبرت، لا أستطيع الركض خلف اللصوص، لقد أشهروا سكينًا في وجهي يا جوليتا.

عمتك تبكي، وتشكو ضعفها، إنني قد صرتُ في القاع، هل عليَّ الانصياع؟

كنتُ حافية القدمين، كنت ناقمة على الحياة، وجعلوا من عمتك أضحوكة، بحثوا في أدراجي، وفي خزائن حياتي، كدت أموت، كدت اختفي، كدت انجلي، والآن اعتلي عرش اليأس، وقد دخل في حياتي باب النحس طبعًا، أنقذيني، أوقدي شمعة في فؤادي، وقولي لي شيئًا ينادي بالسكينة.

جوليتا: كوني صلبة يا عمتي، لقد كنتي ودودة، ولم تكوني عدوة لدودة لهم.

وجيوبهم فارغة من الرحمة والمال، إنهم قد سرقوا الأشياء لكن لم يسرقوا ذكرياتك وآمالك المعلقة حول عنق الحياة.

ماتيلدا: لم يتمكنوا من أن يأخذوا ذكرياتي وأغنياتي بالتأكيد، تعرفين يا جوليتا أنك دون أحلام لن تكوني إلّا من يخلق الوهم، وليس النغم واللحن الحلو اللذيذ الذي يلهبُ كل الأخيلة التي قد ترتسم على جدران قديمة لأجساد وأرجل راقصة، قانصة للحظة النعيم.

جوليتا: لكنني لا أستطيع غناء شيء تحبينه، إنك لا تتركيني أضع علامة بائنة لموهبتي، وأمنح نفسي النجومية المطلوبة.

ماتيلدا: ببساطة لأنك لا تملكين الذكريات والقصص يا جوليتا، عليك قول القصص وإخبارها باستعلاء كبير، وكأنه لم يعشها أحد غيرك في هذا الكون. أتعرفين؟ كان لي قصة رائعة، وكوني لها الآن سامعة.

إنها قصة رجل القطار الذي غاب عن جعبتي سنوات طويلة، أتذكره كثيرًا في هذه الأيام، لقد أراد أن يحبني حبًا إغريقيًا، إنه شاب قد دخل قطارًا بطيئًا للغاية، كنت أنا بحقيبة سفر قديمة كانت لجدتي، وكان لي فستان قرمزي يقتفي آثار جسدي جيدًا، ولا يترك أي مجال للآخرين أن لا يميزوا اللون المختلف الذي كنت ألبسه، وجاء الشاب، ودخل المقطورة وقدم لي كعكة فراولة شهية، وجاء بكوب قهوة.

وقدمه لي، هل تعرفين حين تقولين إنه شاب نبيل يا جوليتا، لقد انقرض النبلاء من الرجال في هذا الزمن البائس يا ابنة أخي، غابوا ورحلوا لكنه كان رجلًا نزيهًا، لطيفًا أثرت شفقته بلهجتي الرعناء، وصوتي الغريب.

وحين كنتُ أرددُ أغنيةً، وأسعى أن أكتب واحدةً، ردَّدَ هو أن صوتي جميل للغاية، وكانت المرة الأولى التي أعرف أن لي صوتٌ جميلٌ للغاية، وأنه يدغدغ المشاعر، وأن قلبي الشاعر يقدر على قول القصائد ويأتي بالمصائد التي يفرضها على من يأتي للمسرح ليسمعني، ورغم حركة الناس، كانت المقطورة مفطورة عن باقي المقطورات في ذاك القطار البطيء للغاية.

وكأن الزمن لم يتحرك تلك اللحظة التي كان يحدثني فيها حوارًا مُسلِّيًا وأحيانًا رومانسيًا، سألني من أنا، وماذا أكون؟ وكيف هي حياة المرء حين يُقرر أن يستقل قطارًا بطيئًا وهو وحيد.

وسألني سؤالًا غير معتاد أبدًا من رجال هذا الزمن: كيف هي أن تكون امرأة بهذا الجمال وحيدة؟ وحينها فقط عرفت أنني جميلة، وأن عيناي تشع بالحب.

وأن هناك شيئًا أُحبُهُ أكثر من الغناء، وشعرت للمرة الأولى بالسناء، وكان هو هذا اللقاء الأجمل على الإطلاق والأبهى بين كل الأشياء التي رأيتها في القطار، قلبي قفز، ورقص، وعيناي رأت الحب لأول مرة، وشعرتُ به أكثر حين كرَّر زياراته للمسرح، وكل مرة كان بقبعة زاهية وملابس باهية وسلوك لبق ومزاج رائق.

جوليتا: وأين هو الآن؟!

مقالات مشابهة

  • برج الثور .. حظك اليوم الخميس 17 أبريل 2025: مجهود صادق
  • الأونروا: الكثير من الخدمات في غزة منهارة ونقترب من المجاعة
  • الحب في زمن التوباكو (4)
  • وداعًا للتعليم التقليدي.. ذكاء اصطناعي يُفكر نيابةً عنك
  • شاهد بالفيديو.. طفل سوداني يفاجئ المطربة عشة الجبل ويرمي عليها أموال النقطة أعلى المسرح الذي كانت تغني فيه وساخرون: (المشكلة بعد الحفلة تنتهي يبكي يقول عاوز قروشي)
  • الجامعة المصرية الصينية تطلق المنتدى الصيني الدولي للطب التقليدي
  • شوبير: أسعار اللاعبين أصبح فيها الكثير من الاستفزاز.. والجمهور السبب
  • اليوم.. محاكمة المتهمة بسرقة راغبى الزواج بها فى قصر النيل
  • محاكمة المتهمة بسرقة راغبى الزواج بها فى قصر النيل اليوم
  • بعد طول انتظار| زفاف نادية ويوسف في الـ80 يخطف القلوب