هذه أبرز جرائم التجويع المنظمة خلال الحروب.. الملايين فقدوا حياتهم
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
يعد التجويع المتعمد للمدنيين في الحروب، أحد الجرام والانتهاكات للأعراف الحربية الدولية، وبندا للملاحقة الجزائية في حال ارتكابه من قبل أحد الأطراف.
ومنذ 111 يوما، تقوم قوات الاحتلال، بعملية تجويع ممنهجة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، خاصة في المناطق الشمالية من القطاع، عبر منع إدخال كافة أنواع المساعدات الغذائية والمياه الصالحة للشرب.
وتدهورت الحالة الإنسانية شمال القطاع، إلى درجة لجوء الفلسطينيين، إلى طحن الأعلاف المخصصة للحيوانات، من أجل صناعة الخبز لسد جوعهم، وسط تعنت الاحتلال في إدخال المواد الغذائية الأساسية للقطاع.
ووفقا لتقرير لجنة المسؤوليات التي أنشئت في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فقد نص على أن "تعمد تجويع المدنيين" يشكل انتهاكا لقوانين وأعراف الحرب.
وبحسب نشرات الصليب الأحمر لجرائم الحروب، فإن مهاجمة الأعيان التي لا غنى عنها، لبقاء السكان المدنيين وعدم تسهيل مرور الإغاثة الإنسانية وتعمد عرقلتها، أو تقييد حرية الحركة للأفراد العاملين فيها، يعد انتهاكا لقواعد القانون الدولي، وجميع تلك الأفعال ارتكبها الاحتلال في غزة.
لكن على مدار التاريخ، استخدم الجوع في العديد من الحروب، سلاحا لإخضاع الخصوم وتدميرهم، وأودى بحياة الملايين في عدد من الحروب، كان أغلبهم من المدنيين في شكل من أشكال العقاب الجماعي، والإبادة.
ونستعرض في التقرير التالي، عددا من الحروب التي استخدم فيها التجويع سلاحا، للفتك بالخصوم:
حرب الثلاثين عاما
تفجر صراع مدمر في أوروبا، بين الامبراطورية الرومانية، والبوهيميين البروتستانت، عام 1618، وانتشر القتال على امتداد الولايات الألمانية والدنمارك والسود وفرنسا، و
ورغم أن الصراع كان يأخذ شكلا دينيا، إلا أن طول فترة الصراع، تسبب في تمزيق النسيج الاجتماعي بأوروبا، ومن أجل تمويل الحملات العسكرية فرضت الضرائب وأجبر الفلاحون على توفير الأغذية للجيوش المقاتلة، وفي حال عجزهم عن تقديم المطلوب منهم، كان الجنود يعمدون إلى تدمير محاصيلهم، وسرقة مواشيهم، إتلاف الطعام المتوفر لديهم لتجويعهم عقابا لهم.
وتسبب الصراع الذي امتد إلى 30 عاما، في مقتل 8 ملايين شخص، والذين شكلوا 8 بالمئة من سكان أوروبا في ذلك الوقت، بعد أن عمت المجاعة نتيجة عقوبات الجيوش للمدنيين، وحرمانهم من زراعة أراضيهم واتلاف محاصيلهم.
تجويع هولودومور
تعد المجاعة الأوكرانية، واحدة من فظائع التجويع العالمية، والتي وقعت على يد الاتحاد السوفيتي، حين عوقب الأوكرانيون، في الفترة ما بين 1932-1933.
وكان الرئيس السوفيتي جوزيف ستالين، أصدر قرارا بتحويل الزراعة لعمل جماعي، وهو ما يعني تخلي الفلاحين عن مزارعهم، والانضمام للمزارع الجماعية الكبيرة التي أطلق عليها "كولخوزي" آنذاك.
وكانت الأراضي الأوكرانية، تعد الأكبر ضمن الاتحاد السوفيتي، في إنتاج الحبوب، وأدت قرارات ستالين، إلى ثورة مسلحة من قبل المزارعين، الأمر الذي دفع الرئيس السوفيتي، إلى الانتقام منهم بإجراءات صارمة للغاية.
ومن بين القرارات التي اتخذت خلال المجاعة الكبرى "هولودومور"، إدراج القرى الأوكرانية والمزارعين على القائمة السوداء، لحظر الحصول على الغذاء، ومنع الفلاحون من مغادرة مناطقهم للبحث عن طعام.
كما صدرت أوامر بمنع تقديم كميات كافية من الطعام للمناطق المحاصرة، ما أدى إلى عقاب تجويع هائل للمدنيين، أفضى إلى موت ما بين 7-10 ملايين جوعا بين الأوكرانيين.
حصار لينينغراد
يعد حصار لينينغراد "سانت بطرسبرغ" حاليا، من أطول الحصارات التي جرت تاريخيا، حيث فرضت القوات الألمانية، حصارا على المدنية في الحرب العالمية الثانية، بحق إبادة السكان، والسيطرة على المدنية بالكامل.
وعمدت القوات الألمانية، عام 1941، إلى قصف جوي، لمستودعات إمدادات الغذاء للمدينة، وقطع كافة خطوط المواصلات مع المدينة، لمنع وصول أي إمدادات حياتية.
وفي أواخر أيلول/سبتمبر، أصدر هتلر مذكرة يأمر فيها، بتسوية لينينغراد بالأرض، عبر القصف المدفعي، من أجل دفع السكان للتضور جوعا، والاستيلاء على ما تبقى من أغذية وتحويلها للقوات المحاصرة للمدينة.
ورغم إجلاء 650 ألف مدني من المدينة، قبل اشتداد الحصار عليها، إلا أن 2 مليون من سكانها، علقوا تحت حصار قاس، وكان يجري إلقاء رزم من الإمدادات في بحرية لاغودا، ليصل إلى الحد الأدنى من الطعام.
وبحلول كانون ثاني/ديسمبر 1941، ضربت المجاعة سكان لينينغراد وتحول السكان إلى هياكل عظيمة بسبب شدة الجوع، وسجلت السلطات السوفيتية، ظهور ما بين ألف إلى ألفين، من أكلة لحوم البشر، نتيجة الجوع الشديد.
وقضى الحصار الشديد على لينيغراد، على أكثر من 1 مليون شخص، والذين قدروا حينها بنحو 40 من سكان المدينة بسبب الجوع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية التجويع الاحتلال غزة ستالين موت غزة الاحتلال موت تجويع ستالين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
صناع الأمل.. قصص إنسانية وأثر لا يمحى من حياة وذاكرة الملايين
دبي: «الخليج»
قدمت مبادرة «صناع الأمل» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في العام 2017، عشرات الآلاف من القصص الإنسانية الملهمة، وسلطت الضوء على نماذج عربية تحتذى في العطاء والتفاني والإحساس بمعاناة الآخرين، وإنكار الذات، والرغبة الصادقة في تغيير واقع المجتمعات نحو الأفضل عبر مشاريع ومبادرات تطوعية مبتكرة، تركت أثراً لا ينمحي من حياة وذاكرة ملايين البشر.
عاماً بعد عام، تزداد مبادرة «صناع الأمل» رسوخاً في مشهد العمل الإنساني في الوطن العربي، وتكشف في كل نسخة جديدة عن أبطال في البذل كرسوا وقتهم وجهدهم لإطلاق وتنفيذ مبادرات الخير وحشد الجهود المجتمعية لإعلاء القيم النبيلة ومساندة كل من يحتاج إلى عون.
وفي الوقت الذي يترقب فيه العالم العربي تتويج أوائل صناع الأمل في ختام النسخة الخامسة من المبادرة العربية الأكبر من نوعها المخصصة للاحتفاء بأصحاب العطاء في الوطن العربي يوم 23 فبراير الجاري في دبي، تبقى قصص الفائزين في النسخ الماضية، وآخرها تلك التي كتبها أبطال النسخة الرابعة، حاضرة في الذاكرة، وملهمة عطاء لأجيال جديدة من شباب العرب.
مداواة الألم
تبدلت حياة صانعة الأمل العراقية الدكتورة الصيدلانية تالا الخليل، عندما طلبت منها إحدى الأمهات مساعدتها لإقناع طفلها بتناول طعامه وعلاجه، فبعد أن تعلمت خلال دراستها، خلط المركبات للحصول على دواء يعالج أوجاع البشر، أدركت أنه يتوجب عليها تعلم خلط أنواع أخرى من المركبات التي تعالج أرواح من أطلقت عليهم اسم المحاربين من الأطفال أصحاب الهمم، حيث كتبت معهم فصول قصة ملهمة بدأتها بتأسيس «أكاديمية المحاربين» في البصرة، وهي مؤسسة مجانية لرعاية ومساعدة الأطفال من أصحاب الهمم في العراق.
واستهلت تالا الخليل رحلتها مع عالم صناعة الأمل في عام 2015، عندما خصصت «كرفاناً» في مستشفى الأطفال التخصصي في البصرة لاستقبال مرضى السرطان من الأطفال لغرس الأمل وتجاوز الكثير من التحديات والتي أبرزها عدم قدرتهم على استكمال الدراسة، أو الاندماج في المجتمع.
جاءت فكرة الأكاديمية بعد أن تعرضت صانعة الأمل تالا الخليل لصدمة، نتيجة طلب إحدى الأمهات إقناع طفلها بتناول علاجه، وبعد محاولات عديدة منها دون استجابة، أبلغتها الأم أن طفلها صاحب همة أصم، الأمر الذي سيطر على تفكيرها أنشأت مؤسسة متخصصة لعلاج أصحاب الهمم وكان ذلك في العام 2018، وإعدادهم لمواجهة تحديات الحياة بكل ثقة في النفس.
استعادة الثقة بالنفس
بدأت قصة صانع الأمل العراقي الدكتور محمد النجار، عندما فقد ساقه في عام 2014، لكنه جعل من هذه التجربة الشخصية بادرة أمل لكثير من مبتوري الأطراف في العراق، بعد أن حول المستطيل الأخضر، إلى دافع قوي يجدد عبره الأمل ويستعيد به الثقة بالنفس والحلم بحياة جديدة بعد أن وضعت الحرب في العراق أوزارها.
فقد الدكتور محمد النجار ساقه نتيجة تطوعه للقتال ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، حيث أصيب برصاصة في ساقه نتجت عنها مضاعفات عرّضت حياته للخطر، وأدخلته في غيبوبة لأكثر من شهرين، لكنه ما إن استفاق حتى قرر أن يخلق لنفسه فسحة من الأمل مهما ضاقت به الأماكن.
بدأ النجار مرحلة التعافي وعاد إلى عمله في وزارة النفط العراقية، وتمكن من الحصول على بعثة لدراسة الدكتوراه في لندن، بعد أن تكيف مع الطرف الاصطناعي الذي تم تركيبه له وبدأ بالعودة للمشي وأداء أعماله اليومية والاهتمام بأسرته.
ورغم انشغال النجار بدراسة الدكتوراه في القانون في بريطانيا عام 2016، إلا أنه لم يفقد يوماً شغفه بكرة القدم، وانضم إلى فريق لمبتوري الأطراف في مدينة بورتسموث، وشارك معه في الكثير من المباريات على مدار 4 سنوات، ومن هناك حاول وضع نواة لفريق عراقي من مبتوري الساق، لكن هذه الفرصة لم تحِن إلا بعد عودته إلى بغداد.
ولم يكن الأمر سهلاً ولم يستطع أي من التحديات إيقاف النجار عن خططه، حيث حاول ولأكثر من سنة مع الفريق الذي كانت تتراوح أعمار لاعبيه بين 14 و40 عاماً، المشاركة في مباريات ودية دولية عديدة، رغم عدم اعتراف الجهات المعنية في العراق بالفريق في بادئ الأمر، لكن حصوله على اعتراف الاتحاد الدولي لكرة قدم مبتوري الأطراف سهّل المهمة.
ولم يكتفِ النجار ببث الحماس بين فريق العراق، بل تكفّل في بداية الأمر بنفقات الفريق من تأجير ملاعب، وشراء الزي الرسمي.
إصرار على النجاح
في سعيه لتحسين نوعية الحياة والارتقاء بالمستوى المعيشي للأسر الأقل حظاً في بلاده، حول صانع الأمل المغربي أمين إمنير حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى بوابة جديدة للعطاء، ورغم إيمانه بأن هذا الطريق ليس سهلاً، لكنه لم ييأس وأصر على مواصلة صناعة الأمل، حيث يؤكد دوماً بأنه نذر حياته لمساعدة أبناء بلده.
وتبنّى صانع الأمل المغربي رئيس جمعية أفتاس للتنمية والتعاون، الكثير من المبادرات والحملات الإنسانية التي تسعى إلى التخفيف من معاناة أبناء وطنه، حيث يقوم بتنظيم العديد من الحملات الإغاثية لتوزيع المساعدات على المحتاجين في المملكة المغربية، إذ تشمل هذه المساعدات الإغاثية توزيع الأضاحي والسلال الغذائية وحفر الآبار وبناء الجسور وغيرها من أعمال الخير.
لا يكلّ صانع الأمل أمين إمنير ولا يمل في العمل على توفير المساعدات المالية من فاعلي الخير في كافة أنحاء البلاد، ويحرص إمنير على توثيق كافة نشاطاته الإنسانية عبر قناته «فيسبوكي» على يوتيوب، من أجل تحفيز الآخرين للسير على دروب العطاء.
رعاية الأمل
تعتبر المصرية فتحية المحمود الملقبة ب«أم اليتيمات» و«ماما فتحية»، نموذجاً ملهماً لاحتضان الأمل وتنشئته في مراحل تكوينه الأولى، من منطلق إيمانها بأن تعهد رعاية صناعة الأمل منذ مرحلة الطفولة يثمر عطاء في الكِبر، الأمر الذي دفعها لاستقبال عشرات اليتيمات في بيتها، لتكتب منذ العام 2005 فصول قصة سيدة ملهمة، ونموذجاً لجنود الخير الذين وهبوا حياتهم لخدمة الفئات الأقل حظاً.
بدأت حكاية «ماما فتحية» التي أسست جمعية لمسة أمل لرعاية الأيتام، للاعتناء بالفتيات، أثناء وجودها في عزاء صديقتها، حيث شاهدت ابنتها وهي تجتهد في الدعاء لها، وهنا تبادر إلى ذهنها سؤال «من سيدعو لي بعد وفاتي؟!»، فوجدت أن هناك الكثير من الأطفال الأيتام بلا مأوى، ولا توجد دور كافية تحتويهم وتعتني بهم، وتمنحهم الاهتمام اللازم والحضن الدافئ لتخرج من داخلهم مواهب وطاقات تجعلهم مميزين بين أقرانهم في المجتمع، وتحقق لهم التوازن بين حالتهم النفسية والاجتماعية، فقررت البحث عن أطفال لكي تتبنّاهم.
ورغم أن مسؤولية تربية عشرات الفتيات بعضهن وصل إلى مرحلة سنية تحتاج إلى رعاية خاصة، أمر ليس بالهين ويحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، إلا أنها تجد في تلك المسؤولية الثقيلة متعة خاصة، وتؤمن «ماما فتحية» بأن كل جهد شخصي يبذل في العطاء وفعل الخير، سيحدث فرقاً كبيراً في حياة المجتمعات.