في أول أيام الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، انطلقت ندوة تحت عنوان "نجيب محفوظ" في إطار فعاليات محور مشروعات السرد العربي بالصالون الثقافي في المعرض.

شارك في هذه الندوة الكاتب الدكتور حسين حمودة، أستاذ النقد الأدبي في كلية الآداب بجامعة القاهرة، بالإضافة إلى الكتّاب أحمد صبري أبو الفتوح، وعزت القمحاوي، وإبراهيم عبد العزيز.

تم قيادة الندوة بشكل محترف من قبل الكاتب مصطفى عبد الله.

من جهته، أعرب الناقد الكبير الدكتور حسين حمودة عن تقديره لتعدد المجالات التي امتدت فيها الأعمال الأدبية للكاتب نجيب محفوظ. أشار حمودة إلى أن نجيب قام بتأليف روايات، قصص، ونصوص درامية، فضلاً عن كتابته في ميدان الفلسفة، وحتى قيامه بترجمة بعض الأعمال. وقال إنه كان يتباهى، في فترة دراسته الثانوية، بكونه أول طالب دخل الجامعة وكان يحمل في جيبه كتابًا.

وأوضح حمودة أن مشروع نجيب محفوظ الأدبي يتسم بتعدد الزوايا التي يمكن من خلالها التفكير فيه. وركز على مجموعة من القيم أو المرتكزات التي أسس عليها نجيب محفوظ في أعماله. وأشار إلى قيمة المغامرة الإبداعية التي تجلى في تجريبه لحدود الأنواع الأدبية، مثل روايته "الحرافيش" التي اختبر فيها حدود الرواية والملحمة.

وأضاف حمودة أن نجيب محفوظ استمر في تحقيق قيمة المغامرة الإبداعية في روايته "حيث الصباح والمساء"، حيث اعتمد شكل الروبورتاج الصحفي في كتابتها.

وتابع حمودة بالحديث عن قيمة الامتلاء الزمني في أعمال نجيب محفوظ، حيث أظهر اهتمامه بتفاصيل الزمن المرجع والأحداث التاريخية مثل ثورة 1919 والحروب العالمية الأولى والثانية.

وأشار حمودة إلى أن مشروع نجيب محفوظ يرتكز أيضًا على مناقشة القضايا الكبرى التي تتناول مسائل الوجود والحياة، العدالة، والحرية، وعلاقة الفرد بالجماعة، وقال إن هذه القضايا كان لها حضور مهم في أعمال الكاتب.

وختم حمودة حديثه بتساؤلات لازالت مستمرة حول نجيب محفوظ، حيث قفز إلى قضايا إشكالية يمكن فحصها من زوايا متعددة، مما منح أعماله حرية واسعة في التأويل وأدى إلى تعدد التفسيرات والتأويلات لأعماله.

فيما أكد عزت القمحاوي أن نجيب محفوظ يعد من كتّاب الإنسانية الكبار، حيث أشار إلى أنه لم يكن يشغل نفسه بالتنظير في الرواية أو الكشف عن أسرار عملية كتابتها. فقد استخدم تيارًا فلسفيًا دون أن يوضح للنقاد أي توجه فلسفي معين.

وفي سياق آخر، ركز عزت القمحاوي على اللغة المتنوعة في أعمال نجيب محفوظ، حيث أوضح أن الكاتب لم يتبنى لغة واحدة وإنما اعتمد على لغات متعددة. وأشار إلى أن كل رواية تعكس لغة جديدة، وفي بعض الأحيان يمكن رؤية استخدام لغات متعددة في نفس الرواية.

وأوضح القمحاوي أن في رواية "الحرافيش" على سبيل المثال، نجد بدايةً شعرية جداً، تمثل مدخلاً يفتح أمام القارئ أفقًا يتوقع فيه زمنًا غير محدودٍ. ومن ثم ينتقل إلى لغة أقل شعرية، حيث تكون وظيفتها الأساسية هي سرد الحكاية. وأشار إلى تأثر الرواية بالفارسية من خلال الغزليات التي ضمها نجيب محفوظ في الرواية، وكذلك تأثرها بالكتاب المقدس.

من جهة أخرى، قال الروائي أحمد صبري أبو الفتوح إن المحادثات حول نجيب محفوظ تبدو وكأنها تتجاهل جانبًا كبيرًا من مشروعه السردي في الرواية العربية، حيث يظهر أن مساهمته قد تم استعراضها بشكل شامل من قبل الباحثين والنقاد والأدباء والكتّاب.

وأضاف أبو الفتوح: "ما أقصده هو أن هناك تناقضات في أدب نجيب محفوظ صاغت هذا النصب الأدبي الرائع، حيث تظهر هذه التناقضات بدون إجابات. فهو يظهر كمناصر للدولة المصرية، ومع ذلك يظهر كعلم من أعلام القومية العربية."

وأكمل أبو الفتوح قائلاً: "نجيب محفوظ كان يعاني بشكل كبير من واقع مجتمعه، وكان ينتقل في عمق الحياة في الأحياء المصرية، وكان قد تأثر بالفكر الاشتراكي، وتبنى منطق الجدل الاجتماعي ليسجل حياة الناس وما وراءها، متأثرًا بتجاربه الفكرية المتنوعة."

وأثناء حديث الكاتب إبراهيم عبد العزيز عن تجربته مع نجيب محفوظ، أكد بشكل قاطع أن نجيب كان له تأثير كبير في إنقاذه من الكآبة عندما بدأت حياته الصحفية في وسط يهتم بالواسطة.

وفي سياق الحديث، أشار إبراهيم إلى أنه اتصل بنجيب محفوظ وتم تحديد موعد للقاء، وعندما التقى به، لم يجعله يشعر بأنه صحفي تحت التدريب. بل رحَّب به بكل انفتاح وأجاب على أسئلته بكل ود، حيث قضى معه ساعة كاملة في عام 1983.

وتابع إبراهيم: ولم أكن قد طلبت منه حديثاً أو تعليقًا صحفيًا إلا وكان يجيب بكل أريحية، حتى عندما حاز على جائزة نوبل، حيث قضيت معه ساعتين كاملتين في حديث متواصل.

وختم إبراهيم عبد العزيز بالقول: "كنت أجلس معه كل يوم سبت، وكان يشارك معي ذكرياته حول أساتذته، حتى خرجنا بكتاب بعنوان 'أساتذتي'".

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: انطلاق مشروعات معرض الكتاب نجيب محفوظ نجیب محفوظ أبو الفتوح أن نجیب إلى أن

إقرأ أيضاً:

انطلاق المنتدى الإقليمي العربي السادس للحد من مخاطر الكوارث بالكويت غدًا

تنطلق غدًا أعمال المنتدى الإقليمي العربي السادس للحد من مخاطر الكوارث، والذي يعقد مدة أربعة أيام في دولة الكويت، تحت شعار “بناء مجتمعات عربية قادرة على الصمود: من الفهم إلى العمل”.

ويسعى المنتدى إلى أن يكون منصة بارزة تعكس التزام الدول العربية بتعزيز التعاون لمواجهة التحديات المتزايدة المرتبطة بالمخاطر الطبيعية والبشرية.

وتركز محاور وأهداف المنتدى على التكامل بين الحد من المخاطر وتغير المناخ والتنمية المستدامة وتبادل الخبرات والممارسات الناجحة بين الدول العربية.

مقالات مشابهة

  • محلل سياسي فلسطيني: الموقف العربي الموحد مهم والبيانات التي تصدر «ذكية»
  • الكابتن نجيب الجوفي نائبا لرئيس الاتحاد العربي لبناء الاجسام
  • كيف ربحت صنعاء حرب الرواية ضد واشنطن؟
  • محمد صبحي في مدينة زويل على هامش افتتاح معرض الكتاب .. صور
  • الفنان محمد صبحي يفتتح معرض الكتاب في مدينة زويل
  • محافظ أسيوط ورئيس الجامعة يفتتحان معرض مشروعات Capstone لطلاب برنامج STEM
  • التراث الفلسطينى محفوظ بأبنائه وأيادى المصريين في «معرض حيفا»
  • جائزة الكتاب العربي تكرم الفائزين في دورتها الثانية
  • لغة الكتاب العربي.. مناقشات أكاديمية حول اللسان والفلسفة والمنطق
  • انطلاق المنتدى الإقليمي العربي السادس للحد من مخاطر الكوارث بالكويت غدًا