بوابة الوفد:
2025-02-07@07:43:47 GMT

الثقافة للأمم المتحضرة كالماء والهواء

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT

لا شك أن معرض الكتاب السنوى يعد عرسا وملتقى ثقافيا بامتياز، حيث الكتب والكُتّاب، والمفكرون والمثقفون، ودور النشر الوطنية والعالمية، والندوات والمتلقيات الفكرية، ومن تفوته زيارة المعرض فى أى عام يفوته قسط ثقافى كبير، إذ يحرص المثقف دائما على الوقوف على أحدث ما نشر فى مجال اهتمامه، وهو ما لا غنى عنه لباحث جاد، فضلا عن مثقف واعٍ، فحيث يتوقف الإنسان عن تطوير ذاته يسبقه الزمن ويسبقه الآخرون، فالزمن لا ينتظر أحدا.

 

الثقافة لنا كالماء والهواء، لا قدرة لنا على العيش أو مواجهة تحديات الحياة بدونها، والثقافة الرشيدة من أهم مفاتيح الفكر الرشيد والتفكير السديد، وهى كما عرَّفها إدوارد تايلور 1871م: ذلك الكلّ المركَّب الذى يشمل المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعادات، وكل المقومات الأخرى التى يكتسبها الإنسان بوصفه عضوًا فى المجتمع، فهى تشمل مجموع النشاط الفكرى والفنى بمعنيهما الواسع، وما يتصل بهما من المهارات وما يعين عليهما من الوسائل، وكلما اتسعت المدارك الثقافية للإنسان أهَّلته للحكم الدقيق على الأشياء، إذ يقرر علماء النفس أن المعلومات الوافدة على الذهن تفسَّر فى ضوء المخزون فيه، فكلما كان المخزون الثقافى كبيرًا سهل على العقل فهم واستيعاب وتفسير الوافد الفكرى ورؤيته بمقياس أدق، ومن ثمَّ فإن النشاط الذهنى الثقافى يوسع المدارك ويعين على الفهم الصحيح للأشياء وحسن التقدير للأمور.

ولعل من أيسر التعاريف لمفهوم الثقافة والمثقف هو أنه من يعرف كل شيء عن شيء وشيئًا عن كل شيء، وقد يتسع أو يضيق هذا الشيء على قدر قربه من التخصص الدقيق للإنسان ومدى الحاجة إليه فى خدمة المجتمع والحياة العامة، مع تأكيدنا أن الثقافة ليست أمرًا هامشيًّا أو ثانويًّا فى حياة الأمم والشعوب، إنما هى مكون رئيس فى حياتها، وأن الثقافة التى ننشدها ونعض عليها بالنواجذ هى ثقافة النور فى مواجهة ثقافة الظلام، هى الثقافة التى تبنى ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، وهى أحد أهم عوامل مواجهة التحديات، وفك شفراتها، والتعامل بمنهجية معها، بل إن كثيرًا من المشكلات التى تعانى منها كثير من المجتمعات ترجع فى بعض جوانبها إلى ضيق الأفق الثقافي، أو ضعفه، أو محدوديته، أو انغلاقه، أو حتى انسداد شرايينه؛ فالثقافة قضية حياة.

وإذا كانت الثقافة أمرًا تراكميًّا، وكلما كانت المعلومات المتراكمة عبر الزمن أكثر كانت الثقافة أغزر وأعمق؛ فإن الثقافة الإسلامية تتميز بأنها تجمع بين التأصيل الشرعى والوعى الواقعى بتاريخ الأمة وحاضرها ومستقبلها، وما يواجهها من تحديات وما يتاح لها من فرص، وعرض ذلك كله بما يتسق وروح العصر، حيث عرَّفها بعض المفكرين والكتاب بأنها: معرفة مقومات الأمة الإسلامية العامة بتفاعلاتها فى الماضى والحاضر.

والثقافة الإسلامية بوصفها مجموعة المعارف والمعلومات النظرية والخبرات العملية والتطبيقية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرَّفة، هى الهوية الراسخة لتكوين الشخصية الإسلامية المتميزة فى معارفها، المطَّلعة على ثقافة عصرها المتبنِّية لقضاياه، وهى التى يكتسبها الإنسان ويحدد فى ضوئها طريقة تفكيره ومنهج سلوكه فى الحياة.

ولا شك أن خطابًا ثقافيًّا وسطيًّا سمحًا رشيدًا منضبطًا يسهم وبقوة فى قضايا البناء والتعمير وتحقيق الأمن المجتمعى والأمن النفسي، كما يسهم فى تحسين مناخ العلاقات الإنسانية فى المجتمع، وتحقيق وسائل الاندماج وقبول الآخر وفقه العيش المشترك بين أبنائه، وهو مطلب دينى ووطنى وإنساني.

ومن منطلق مسئوليتنا الشرعية فى نشر صحيح الثقافة الإسلامية، ثقافة التسامح والسلام، وبيان أوجه الكمال والأدب والجمال فيها، وتأصيل فقه العيش المشترك، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومواجهة التحديات الفكرية نقدم من خلال التعاون مع وزارة الثقافة ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب «موسوعة رؤية» تلك الموسوعة العصرية التجديدية فى الثقافة الإسلامية؛ لتلقى الضوء على بعض الجوانب الرئيسة فيها، بدءًا من ثوابت الإيمان، وأوجه الكمال والجمال فى القرآن الكريم، والأدب مع سيدنا رسول الله، مرورًا ببيان المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، وفلسفة الحرب والسلم والحكم فى الإسلام، ومسئولية الكلمة وأمانتها، مع مقالات فى بيان أهمية التجديد وحتميته فى ضوء مستجدات الواقع والفهم الصحيح له فى إطار الحفاظ على الثوابت الشرعية، وإلقاء الضوء على فن الخطابة عبر العصور الإسلامية بوصفه من الوسائل الرئيسة التى لا غنى عنها فى نشر الثقافة الإسلامية، ثم الحديث عن دلالات ومعانى وبركة أسماء الله الحسنى، والحديث عن فلسفة الحياة والموت، وبيان أن الموت للمؤمن ليس عقدة وليس عائقًا؛ لأن المؤمن يُدرك أنه سيجنى ثمرة عمله إما فى الدنيا وإما فى الآخرة وإما فيهما معًا، فالموت عند المؤمن انتقال لا انتهاء، وختامًا يأتى الحديث عن فن المقدمات والخواتيم الذى لا غنى عنه لباحث أو كاتب.

 

 

وزير الأوقاف 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الثقافة الماء والهواء د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الثقافة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

لقاءات للأطفال ضمن أنشطة ثقافة الفيوم في إجازة نصف العام

شهد فرع ثقافة الفيوم، عددا من اللقاءات التثقيفية والورش الفنية، ضمن برامج الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت إشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة.

يأتي هذا في إطار برامج وزارة الثقافة، التي يتم تنفيذها خلال إجازة نصف العام، تحت إشراف إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي.

خلال ذلك عقدت مكتبة جرفس ورشة حكي لقصة بعنوان "سر الأنف الأحمر" تأليف عفاف الصاوي، قدمتها رضا عبد الحليم، أمينة المكتبة، تناقش القصة أهمية الحفاظ على البيئة، وعدم إلقاء القمامة في الشوارع وسط التجمعات السكنية، تلاها مسابقات ثقافية وترفيهية، أدارتها أسماء أحمد مدير المكتبة.

"طه حسين عميد الأدب العربي".. محاضرة بفرع ثقافة الفيوم 

وعقد نادي المواهب بمكتبة الفيوم العامة، محاضرة بعنوان "طه حسين عميد الأدب العربي"، قدمت فيها فيرونا عبدالله، أخصائي المواهب بالمكتبة، نبذة مختصرة عن حياة الأديب الكبير طه حسين، مولده، نشأته، دراسته، والجوائز التي حصدها، أعقبها ورشة أشغال فنية من الفوم الملون، نفذتها ثناء سيد، أخصائي قسم البيئة بالمكتبة، لتنفيذ فانوس رمضان من الفوم الملون بطريقة سهلة وبسيطة، كما نفذ قسم الفنون التشكيلية بالفرع، مشغولة فنية إسلامية لزينة رمضان، نفذتها إسراء عبد العليم، مسئول الفنون التشكيلية بالفرع، فيما أقامت مكتبة الطفل لقصر ثقافة الفيوم، ورشة فنية عن طريق طي الورق لعمل معلقة صغيرة كديكور لحجرة طفل. 

من جانب آخر، وإستمرارا للفعاليات المقامة بإشراف إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي، وينفذها فرع ثقافة الفيوم بإدارة سماح دياب، عقدت مكتبة منية الحيط محاضرة بعنوان شخصية مصرية - العالم الجغرافى جمال حمدان، تحدث فيها مصطفى محمد محمود، مدير المكتبة، عن العلامة الجغرافي والمفكر الموسوعي الكبير الراحل جمال حمدان، أحد أبرز أعلام الثقافة المصرية والعربية الحديثة، دراسته، أيضا نبذة من مؤلفاته العديدة التي تتناول الجغرافيا من منظور الأدب والتاريخ والتراث الإنساني والأنثروبولوجي بأسلوب أدبي في دروس أدبية مهمة أطلق عليها هو نفسه جغرافيا الحياة، وأشهر أعماله "موسوعة شخصية مصر"، والتي تتكون من أربعة أجزاء، وتعد دراسة في عبقرية المكان، شملت موقع مصر وتاريخها ماضيها وحاضرها ودورها الإستراتيجي الذي لا غنى عنه، وثقافتها وتطورها الاجتماعي. 

مقالات مشابهة

  • السبت.. قصور الثقافة تنظم ورشة لتنمية مهارات العاملين بحلايب والشلاتين
  • قصور الثقافة تختتم "ملتقى كوكب الشرق" بالدقهلية
  • قصور الثقافة تختتم "ملتقى كوكب الشرق" بقرية طماي الزهايرة
  • لقاءات للأطفال ضمن أنشطة ثقافة الفيوم في إجازة نصف العام
  • البحيرة للموسيقى العربية تحيي ذكرى كوكب الشرق بقصر ثقافة دمنهور
  • اللقاء الأسبوعي لنادي ثقافة سوهاج بمكتبة رفاعة الطهطاوي
  • خلال تفقده بيت ثقافة منفلوط.. محافظ أسيوط يؤكد أهمية رفع وعي المواطنين بالقضايا المجتمعية
  • محافظ أسيوط يتفقد بيت ثقافة منفلوط ويؤكد أهمية رفع وعي المواطنين بالقضايا المجتمعية
  • زيارة مفاجئة لمحافظ أسيوط لبيت ثقافة منفلوط اليوم
  • "تعزيز المشاركة المجتمعية" في نقاشات ثقافة المنيا