فى إطار المقارنة بين ميدان الدين وميدان الفلسفة يأتى الاستقلال الفكرى العقلى فى الفلسفة لا يجور، ولا ينبغى له أن يجور، على خصوصيّة الدين وطبيعته كونه يسمح بالانتقال بالإنسان من حياة إلى حياة، ويوجّه توجهاته الدنيوية ناحية الآخرة، مستقره الأخير.
والاقتصارُ على مثل هذا الاستقلال وحده عائقٌ للعقل البشرى لفهم ملكات أعلى منه وأمضى، مهما حاول العقليون أن يقيّدوا طاقاته العقليّة بقيود من حديد نحو ما يفهمون منه ونحو ما يدركون.
وليس معنى عجزى عن الإدراك عن مسائل بعينها، إنها غير موجودة بل عجزى هو الذى صوّر لى سلفاً إنها معدومة؛ فلو كنت من القادرين على إدراكها لأصبح وجودها أسبق عندى من تصور العدم. عجز العقل عن الإدراك ليس معناه العدم، ولكن معناه إنّ ما لا أدركه بعقلى المحدود قد يدركه بباصرته غيرى ويقتدر عليه.
هذا هو الإنصاف المطلوب فى كل حال.
إنْ أردت التى لا لوم فيها : فلتبحث معى عن ملكة التعلّق: فيما عَسَاكَ توجهها؟ أفى شغل دائم لا ينقطع بعلم الأسباب، أم فى شغل العلم بالله؟
فلئن كانت الثانية، فقد صارت بعيدة بعيدة بعد أن كانت قريبة. ولئن كانت الحالة الأولى؛ فلقد أورثت صدأً على وجه القلب؛ فكانت مانعاً كثيفاً من تجلى الحق فيه؛ فانقطع.
الغريب فى الأمر، إنّ قبول مجلى تجلى الحق أو عدمه يرجع إلى القلب؛ فلو كان على القلب صدأٌ لم يعد يقبل جهة الحق .. لماذا؟ لأنه ببساطة شديدة كان قبل غيرها فاستغرقته بالكليّة، أى قبل الاشتغال بالأسباب فاستغرقت طاقة النور القلبى لديه بكليّتها؛ فحُجِب.
والاشتغال بالأسباب صدأُ قلبي. بالتعبير القرآنى البديع هو (الكنّ، والقفل، والعمى، والرّان). فإن قلت : فما بالُ العقل؟ ألم يُعْرَف الحق بالعقل؟
أقول لك: مدارك العقل محدودة بحدود ما يدرك من الأمور على جهات أربع : جهة الجوهر، وجهة الطبع، وجهة الحالة، وجهة الهيئة. ولا يدرك العقل شيئاً لا توجد فيه هذه الأشياء.
هذه الأشياء لا توجد فى الله تعالى، فلا يعلمه العقل أصلاً من حيث هو ناظر وباحث؛ لأن نظر العقل من حيث برهانه الذى يستند إليه هو الحسّ أو الضرورة أو التجربة الحسيّة. وكلمة الضرورة تعنى من حيث ما يُعلم لدى العقل بالضرورة، وهذا لا يكون إلاّ لوقائع عينيّة مشهودة.
يقدح الدليل العقلى فى العلم بالله، ويعجب المرء حين يرى الفلاسفة المسلمين يقدّمون أدلة عقليّة على وجود الله. ألم يقرأوا حديث رسول الله، صلوات الله عليه : إنّ القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد … وفيه : إنّ جلاءها ذكر الله وتلاوة القرآن. ثم هل خلت أنظار الفلاسفة من قلوب تعقل، فى أنفسها، عن الله دليله؟
أيحتاج وجود الله إلى دليل غيره؟
أتحتاج معرفة الله إلى دليل سواه؟ كيف وهو الحق الواضح بذاته، وهو الحجة على كل شيء.
الله هو الذى يبرهن على الوجود ولا يصح أن نتخذ من الوجود برهاناً على الله تماماً كما نقول إن النور يبرهن على النهار، ونعكس الآية لو قلنا إن النهار يبرهن على النور.
والله يقول فى حديث قدسى :»أنا من يستدل بي، أنا لا يستدل عليّ».
شَغَلَ الفلاسفة أنفسهم، وشغلونا من بعدهم، بحُجب الأدلة العقلية، ولم يتحققوا قيد أنملة إنّ معرفة الحق مُتجلاّه على الدوام بغير انقطاع لا يُتصوّر فى حقها حجاب عنّا، غير أنّ مجلاها القلب الصافى عن لوثات التكدير، الخالى من ظلمة حُجُب الأسباب. وعلى الله وحده، توفيقه ورعايته، يكون جلاء القلوب حين تصدأ من كزازة الدنيا ومعاطب الأسباب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كيف نعرف ميدان الدين
إقرأ أيضاً:
نجم بيراميدز: نعرف جيدًا كيفية التعامل مع مباراة أورلاندو
قال مصطفى فتحي لاعب فريق نادي بيراميدز إن المباراة أمام أورلاندو بايرتس الجنوب أفريقي في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا، ستكون صعبة، ولكن اللاعبون يعلمون جيدا كيف سيتعاملون معها، وضرورة الخروج بنتيجة إيجابية من اللقاء الأول، وعدم التسرع، خاصة وأن هناك مباراة إياب بعد أسبوع في القاهرة في ملعبنا لحسم التأهل للمباراة النهائية.
ويحل بيراميدز ضيفا على أورلاندو بايرتس في السادسة من مساء اليوم على استاد سوكر سيتي في مدينة جوهانسبرج، في إطار ذهاب الدور نصف النهائي من بطولة دوري أبطال إفريقيا.
أضاف مصطفى فتحي، بأن فريق بيراميدز واللاعبين في قمة تركيزهم في ظل مرحلة رائعة وصل إليها الفريق متصدر بجدول الدوري ويسير بخطى جيدة نحو اللقب، وكذلك التواجد في نهائي كأس مصر، وبلوغ نصف نهائي دوري الأبطال أمر رائع ولا بد ألا يؤثر اللعب في أكثر من بطولة على تركيز اللاعبين، والكل حاليا لا يفكر سوى في دوري الأبطال وضرورة عبور أورلاندو نحو النهائي القاري.
حصاد الأسبوع.. ثلاثي المربع الذهبي خارج كأس العاصمة والحزن يقتحم أروقة الزمالك الأهلي يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة صن داونز..ومارسيل كولر يكشف خطة الانتصارشدد نجم بيراميدز، على أن لاعبي بيراميدز رجال بمعنى الكلمة، وسواء المصريين أو المحترفين يمتلكون خبرة اللعب في الأدوار النهائية بالبطولات الكبرى، ولديهم ثقة كبيرة وطموح لمواصلة الموسم الرائع حتى التتويج بالبطولات.