عثمان جلال: ثم ماذا بعد تواتر الإدانات الدولية لمليشيا آل دقلو؟؟
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
(١). وفق تقرير لجنة الخبراء المستقلين الدوليين والذي أفاد بأن مليشيا آل دقلو الارهابية ارتكبت جرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي ضد شعب المساليت في ولاية غرب دارفور ، وتزامن التقرير الأممي مع تحركات المحكمة الجنائية الدولية لجمع المعلومات من شهود جرائم المليشيا في الجنينة واردمتا بغية توجيه اتهامات جنائية لقيادات المليشيا الارهابية وحتما ستطال زعيمها المتمرد حميدتي ، وسبق ذلك تقرير المخابرات المركزية الامريكية الذي رفعته للرئيس جو بايدن وابانت فيه تزويد دولة الامارات العربية المليشيا بالسلاح والمال واللوجستيات والمرتزقة مما يعد خرقا لقرار مجلس الامن رقم ١٥٩١ عام ٢٠٠٥ والقاضي بحظر السلاح في دارفور ، واوضح التقرير المخاطر المحلية والاقليمية والدولية المترتبة على أيلولة الحكم في السودان لعصابة ال دقلو .
لكن قبل أن تترجم هذه التحركات الدولية الى افعال ومذكرات توقيف جنائية ضد قادة المليشيا سارعت الامارات عبر رقيق السياسة والمرتشين في منظمة الايغاد وبعض القادة الافارقة لتسويق المجرم حميدتي افريقيا ،للضغط على الفريق البرهان لابرام صفقة سياسية تعيد تدوير آل دقلو وقحت المجلس المركزي في السلطة في قنان جديدة ، ولكن هيهات فالكرة الان في يد المقاومة الشعبية الشاملة المسلحة تحت إمرة الجيش السوداني والتي ستحقق الانتصار في ميدان النزال العسكري وستصنع النموذج الديمقراطي المستدام الذي يحتكر العنف القانوني في يد المؤسسة العسكرية الموحدة والمهنية. وعبرة التجارب التاريخية تنبئنا ان ارادة الشعوب لا تقهر.
(٢)
عودا على بدء فما هي التأثيرات المحلية والاقليمية والدولية لسيطرة مليشيا ال دقلو على الدولة السودانية ؟؟
كما تعلمون فقد صرح المتمرد حميدتي لحلفائه في قحت المركزي باستحالة السيطرة على عصابته المجرمة والتي تضم خليط من مرتزقة عربان الشتات الوافدين من الخارج، وعصابات الكسابة وام باغة وعتاة اللصوص والمجرمين وبالتالي اذا استتب حكم السودان لهذه العصابة الاجرامية المتناقضة في مصالحها والمتنافرة في تركيبتها يعني سيادة حالة اللادولة وحرب الكل ضد الكل وتفكك السودان الى دويلات متناحرة على اسس هوياتية.
(٣).
ان مشروع أسرة آل دقلو يحمل في جيناته ذات الافكار القومية النازية التي اججت النزعات الهوياتية في اوربا ،وأدت الى اشعال الحرب الكونية الثانية بكل مآسيها ومخازيها على الانسانية والطبيعة والاقتصاد لذلك فان تمكن هذه الأسرة من السيطرة على السودان سيغري النازي حميدتي الى تعميم نموذج دولة العطاوة الى دول شرق افريقيا خاصة تشاد والنيجر وافريقيا الوسطى ، مما سيقود الى اشعال الحروب الهوياتية والقومية في هذه الدول ذات الهشاشة السياسية والاقتصادية والاثنية، وستعود مخازي الابادة الجماعية الى الذاكرة الافريقية
كذلك ستتفاقم موجات الهجرة غير الشرعية من غرب وشرق افريقيا الى منطقة الشرق الاوسط ، عابرة البحر الابيض المتوسط الى اوربا.
كذلك ستعم حالة الفوضى الخلاقة في منطقة القرن الافريقي مما سيؤدي الى
اضطراب حركة التجارة العالمية العابرة من هذه المنطقة الاستراتيجية والتي تشكل نسبة ٢٠٪ من النشاط الاقتصادي الدولي ، في ظل حالة من الانكماش والركود تضرب بأطنابها الاقتصاد الدولي وفجوة غذائية بسبب الحرب الروسية الاوكرانية.
(٤).
ان السيناريو الاخطر لسيطرة آل دقلو على الحكم في السودان ان تؤدي حالة الفوضى الخلاقة في السودان والدول الافريقية التي ستمتد اليها الصراعات والحروب الهوياتية والعرقية الى صناعة دول فاشلة تشكل بيئات جاذبة وحاضنة للتنظيمات الارهابية مثل جماعات بوكو حرام وداعش وحركة الشباب الصومالية ، مما يعني تهديد الامن التجاري في مناطق البحر الاحمر ومضيق باب المندب والقرن الافريقي.
وتهديد السلم والامن في دول مصر ، وليبيا، ودول الخليج العربي، ودول المغرب العربي. ومن ثم عبور النشاط الارهابي الى اوربا.
وإن كان ذلك كذلك فما هو دور المجتمع الاقليمي والدولي في اجهاض مشروع أسرة آل دقلو الشرير والاجرامي ؟؟
وفق مفهوم نظرية الأمن الجماعي في العلاقات الدولية والتي تأسست على هواديها وسيقانها منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية فإن هذه المآلات الكارثية تؤكد ان اختطاف مليشيا آل دقلو للحكم في السودان يمثل التهديد الوجودي الأخطر للدولة السودانية منذ الاستقلال في يناير ١٩٥٦م، ويمثل كذلك تهديد استراتيجي للسلم والامن الاقليمي والدولي.
ان إزالة هذا المهدد الاستراتيجي يتطلب من المجتمع الإقليمي والدولي تصنيف مليشيا آل دقلو منظمة إرهابية، ومن ثم يجب ممارسة الضغط على دولة الامارات العربية لايقاف تدفقات المرتزقة والسلاح والمال واللوجستيات عن المليشيا الارهابية، وتكثيف الدعم المالي والعسكري واللوجستي للجيش السوداني لتمكينه من استئصال شافة المليشيا الارهابية من جذورها.
عثمان جلال
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیشیا آل دقلو فی السودان
إقرأ أيضاً:
د.ابراهيم الصديق علي يكتب: المليشيا فى الخرطوم: موت بلا نعوش
فى العمل العسكري ، فإن المحافظة على الموقع ومغادرته قرار عسكري ، و يخضع لتقديرات كثيرة ، وتفاصيل ، ليس من بينها ، (الهوشة) و (الهيجان).. وفى كل الأحوال فإن القائد يتحمل مسؤولية قراره ويتحسب لنتائجه وابعاده..
فبماذا سيبرر قائد مليشيا الدعم السريع بقاء شرازم من قواته فى الخرطوم ، والموت يحاصرهم من كل ناحية ؟..
لا يمكن لقائد ما ، بكامل قواه العقلية حشر نفسه من نقطة إلى اخرى وقواته تفقد كل يوم العتاد والذخائر والعربات القتالية والعناصر ، بينما الطرف الآخر يزداد زخماً وفاعلية ، فما هى الحكمة من البقاء فى كماشة تزداد عليك كل يوم قبضة وانت عاجز عن الفكاك وبإمكانك الهروب ؟..
إنها عدة عوامل متضافرة :
اولها: الرعونة العسكرية استناداً لمناورات نفذتها المليشيا أول اسابيع الحرب ، كثافة النيران والمناورة والفزع ، ولكنها خطة فشلت فى جبل مويه وسنجة وام القرى والجزيرة كلها والمصفاة وحتى القطينة ، وفى كل أحياء أمدرمان وبحري وشرق النيل.. ليس ذلك فحسب ، بل الجيش امتلك زمام المبادرة وقواته تزداد قوة وفاعلية وتسليحاً ومشاة وتكتيك حربي..
وافتراض ثاني: توقع وصول إمداد أو دخول متغير (سلاح جديد) أو (قوة عسكرية) أو (فتح ثغرة عسكرية) ، وكل ذلك غير وارد ، فقد انقطعت طرق وسبل الإمداد وجف المورد أصلاً ، سواء من الحواضن الاجتماعية او من مرتزقة غرب افريقيا أو مجموعات العصابات العابرة للحدود ، وقد افترست القوات المشتركة فى محور الصحراء أكبر متحركات المليشيا قبل شهر ، وقوات المليشيا المحاصرة فى الخرطوم هى ذاتها المهزومة والمنسحبة من مناطق اخرى ، مع عتاد متهالك وروح معنوية منهارة..
وخيار ثالث: هو انتظار متغير خارجي (الخريف مثلاً) أو (محادثات أو موقف دولي), وكل ذلك غير وارد ،والمعارك فى الخرطوم غير رهينه بالخرطوم ، وتساقطت غالب مناورات حشد دولي خلف مواقف المليشيا وداعميها ، فما هى دوافع بقاء المليشيا فى الخرطوم..؟
– أمس ، أى 24 فبراير 2025م ، وبعد بسط الجيش وقوات النخبة ودرع السودان سيطرتهم على كبري سوبا شرق ، فإن خيار حركة المليشيا من شرق النيل عبر كبري المنشية ، ويؤدي إلى مزيد من التعقيدات اللوجستية والدخول فى دوامة أشد صعوبة ، لأن المخرج هو كبري جبل اولياء ولا سبيل للوصول اليه بعد أن بسط الجيش انتشاره على اطراف كثيرة بالخرطوم وتقدمت قوات منطقة الشجرة العسكرية إلى مساحة واسعة فى منطقة الخرطوم جنوب.. فما هى خيارات مليشيا آل دقلو الارهابية ؟ ..
إنها فى راي واحدة من ثلاثة افتراضات:
1. – عدم الإكتراث بحياة العناصر ، فلا أحد من قادتهم يأبه لموتهم ، وهذا ما شهدناه فى معاركهم فى المدرعات حيث يتساقطون بالآلاف ويعودون فى اليوم التالي بذات الطريق وكذلك فى الفاشر ، وغيرها شواهد كثيرة ، وسيتم سحب القيادات فى آخر لحظة وترك البقية نعوش أو جثث فى الطرقات.. وهذه طبيعة المليشيا المتوحشة ، وكما إنها تقتل دون حس أو شفقة ، فانها تترك عناصرها دون اعتبار لهم ، مثلهم وبقايا الذخائر والعتاد ، وكثير من الجرحى أحياء فى الطرقات أو بيوت غادرتها المليشيا..
– والافتراض الثاني هو خوف القادة الميدانيين (عثمان عمليات ،وحسن إدريس) من التصفية بمجرد انسحابهم ، ولذلك سيحتفظون بمواقعهم حتى فناء آخر عناصرهم لاقناع قادتهم بالولاء.. خاصة اننا شهدنا هلاك عدد كبير من القادة خلال الايام الفائتة من جلحة وجبلين وعبدالله حسين وآخرين..
– والثالث هو أن القرار لدى طرف مغيب عن الواقع أو ان قراره ليس مستقلاً ، ومن يتابع منشورات المليشيا يتبين فعلاً ان هناك (تغبيش) للوعى وادعاءات لا أساس لها من الصحة..
– وربما الافتراضات الثلاثة بدرجات متفاوتة ، وهو أمر يقتضي من الادارات الاهلية ومن المثقفين دعوة هؤلاء المغيبين لوضع السلاح والتسليم فوراً أو ترك الموقع والانسحاب والعودة للديار.. وخلال فترة محدودة لا تتجاوز الأيام ، وبعد اغلاق جسر جبل اولياء سيصعب اخراج نعوشهم..
وهذه الكماشة الصغيرة فى الخرطوم لها صورة أخرى فى كافة ارجاء الوطن، وهو أمر لا تدركه المليشيا وعناصرها فى غيبوبتهم ، و ستبين لكم الأيام القادمة غشامة التفكير..
حفظ الله البلاد والعباد
د.ابراهيم الصديق على
25 فبراير 2025م..
ملحوظة: الفيديو استكمل ولخص المقال..