أكد د. طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن الدعوى القضائية التى أقامتها دولة «جنوب أفريقيا» ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية لها أثر سياسى كبير، يتمثل فى فضح إسرائيل والتأثير على سمعتها الدولية ونزع الشرعية عنها فى المحافل الدولية، متوقعاً أن تلجأ دول أخرى لرفع دعاوى قضائية مشابهة ضد إسرائيل تتعلق بانتهاكها اتفاقيات أخرى وقعت عليها، مثل اتفاقيتى «التمييز العنصرى»، و«عدم استخدام العنف ضد المدنيين».

. وإلى تفاصيل الحوار:

ما التداعيات السياسية للدعوى القضائية ضد إسرائيل؟

- الدعوى القضائية لها دلالات رمزية وسياسية بصرف النظر عن الحكم الذى قد يتأخر لبعض الوقت، لكن المذكرة التفسيرية وجهت اتهامات مباشرة لإسرائيل وطالبتها بأشياء، منها وقف إطلاق النار، ووقف الحرب، والمواجهات والانتهاكات التى تقوم بها، وهناك إجراءات مباشرة فى هذا الإطار، أعتقد أنه من المهم أن تتم فى هذا السياق. والنقطة الأهم فى تقديرى مرتبطة بالأثر السياسى، فالأثر السياسى لهذه القضية يتمثل فى نزع شرعية إسرائيل فى المحافل الدولية، وربطها بأطر سياسية واستراتيجية فى هذا الإطار، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون له تبعات كبيرة فى الفترة المقبلة.

هل يمكن اعتبار هذه الدعوى «نقلة نوعية» فى التعامل مع الكيان الصهيونى؟

- لأول مرة إسرائيل تمثل أمام القضاء الدولى، وهذا سيتيح لدول أخرى رفع قضايا مشابهة فى الفترة المقبلة، تتعلق باتفاقيات وقعت عليها إسرائيل، ومنها «التمييز العنصرى»، و«عدم استخدام العنف ضد المدنيين»، وهناك عشرات من الاتفاقيات إسرائيل وقعت عليها، وإذا فشلت جنوب أفريقيا ستكون هناك دول أخرى ربما سترفع دعاوى قضائية أخرى، خصوصاً أن إسرائيل حشدت نفسها للدفاع عن نفسها فى إطار محاولة لتجميل وجهها فى المحافل الدولية.

وبالتالى هى نقلة نوعية تتطلب جهداً عربياً وإسلامياً ودولياً فى مواجهة هذا، وضرورة مخاطبة إسرائيل فى المحافل الدولية، ويجب أن نتذكر أن إسرائيل لم تتم 100 سنة فى الإقليم، وبالتالى هناك مخاوف داخل إسرائيل من أن يتم نزع شرعية إسرائيل فى المحافل الإقليمية والدولية، بما لذلك من آثار مباشرة فى هذا الإطار.

ماذا عن البعد السياسى للقضية؟

- هذه الدعوى ليس لها بعد قانونى فقط، ولكن لها أبعاد أخرى مرتبطة بالموقف السياسى، والدلالات السياسية أخطر، لأن إسرائيل تتخوف مما هو قادم، بما فى ذلك ملاحقة عناصرها، واتهام الدولة باعتبار أن «العدل الدولية» محكمة معنية بالدول وليس الأفراد، كما هو الحال فى المحكمة الجنائية الدولية، التى تعتبر محكمة معنية بالأفراد وتلاحق أسماء قادة، وهذا أمر سيكون واقعاً أيضاً وسيحدث، وفى تقديرى أن الاتهامات التى تم توجيهها لإسرائيل فى محكمة العدل الدولية لم تجرؤ أى دولة من قبل على توجيه مثلها لإسرائيل، وبالتالى فإنها فضحت بالفعل الممارسات والانتهاكات التى قامت بها إسرائيل فى حرب غزة، وحددت دورها فى هذا الإطار.

إلى أى حد تعتقد أن الدعوى القضائية ستؤثر على وضع إسرائيل؟

- طبعاً ستؤثر على مكانة إسرائيل فى العالم، وعلى دورها وحضورها فى العالم، خصوصاً أن إسرائيل ستتم ملاحقتها فى قضايا عديدة، لأن اتفاقية الإبادة الجماعية منذ سنة 48، وبالتالى ستتأثر سمعة إسرائيل الدولية باعتبارها دولة لم تنفذ القانون، وهى الدولة الوحيدة فى العالم التى تم إنشاؤها بنص القرار 181 لسنة 1947 والقاضى بإعلان دولتين على أرض فلسطين، دولة يهودية وأخرى عربية، وفى كل الأحوال سمعة إسرائيل فى المحافل الدولية ستتأثر، وسيكون لذلك تأثير كبير.

يجب تعرية ممارسات الاحتلال دولياً.. وسيتم رفع قضايا مشابهة تتعلق بانتهاكها لاتفاقيات أخرى

هل تشير هذه القضية لأهمية النضال القانونى ضد إسرائيل فى المرحلة المقبلة؟

- طبعاً.. ولكن ليس نفس تعبير «النضال القانونى».. ولكن يمكن أن نسميها المواجهات القائمة على دحض الشائعات الإسرائيلية، ومحاولة تعرية إسرائيل أمام المحافل الدولية، والتأكيد بطبيعة الحال على أن إسرائيل دولة مارقة واخترقت قواعد القانون الدولى، والقانون الإنسانى، وأن نؤكد أننا لا نعيش فى غابة سياسية كبيرة، ولا بد من التعامل مع إسرائيل كدولة مارقة فى هذا الإطار.

وبالتالى علينا أن نُحدد الأسس التى يمكن التعامل معها بصورة أو بأخرى، وفى تقديرى أن مواجهة إسرائيل بالحقائق والأدلة أمر مهم، من الآن فصاعداً فإن تعرية إسرائيل فى العالم أمر مهم، لأنه لأول مرة تمثل إسرائيل أمام القضاء الدولى، وهذه نقطة مهمة، وفى المحكمة الجنائية ذهبنا أكثر من مرة، وهناك مذكرات توقيف لعدد كبير من قادة إسرائيل لكنها لم تكن مؤثرة بالشكل الكبير، وفى كل الأحوال إسرائيل تتعرض الآن لاستهداف، واستهداف قانونى ودولى وإنسانى، وأعتقد أن الممارسات الإجرامية التى تقوم بها فى حق الشعب الفلسطينى يجب التعامل معها بجدية.

وينصح المفكرون فى إسرائيل بضرورة الالتزام بنصوص القانون ووقف العنف ووقف الاحتلال، والخروج من الأراضى العربية وتنفيذ قواعد القانون الدولى، وإلا فإن إسرائيل لن يكمل عمرها 100 عام فى الإقليم.

مستقبل الصراع

الصراع الآن يواجه باعتبارات جديدة، فهناك من يدعو فى إسرائيل لضرورة التزام إسرائيل بقواعد القانون وإيقاف هذه الممارسات الإجرامية، ويقول إن إسرائيل لن يكون لها مستقبل فى المنطقة إذا لم تلتزم بهذا، وهذا أمر واضح جداً فى هذه الفترة، وبالتالى هناك تحذيرات من هذا الأمر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محاكمة إسرائيل جرائم الاحتلال دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائیل أن إسرائیل فى العالم

إقرأ أيضاً:

مرصد حقوقي: إسرائيل تنفذ تهجيرا قسريا للفلسطينيين بغزة وسط صمت دولي

شدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بلغت ذروة مشروعها الاستعماري في قطاع غزة، لافتا إلى شروع الاحتلال بتهجير الفلسطينيين بشكل قسري خارج أرضهم تحت ذريعة "الهجرة الطوعية".

وقال المرصد في تقرير نشره عبر موقع الإلكتروني الرسمي، إن "المشروع الإسرائيلي في قطاع غزة بلغ ذروته الكاشفة، إذ لم تَعُد إسرائيل تُخفي نواياها بشأن خطتها لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، بل باتت تعلنها بصراحة وبخطاب رسمي من أعلى المستويات".

وأضاف أن دولة الاحتلال تنفذ مشروعها "عبر سلسلة من الإجراءات الميدانية والمؤسسية التي تُعيد صياغة الجريمة وتُقدّمها على أنّها هجرة طوعية، مستغلة صمتا دوليا مطبقا وفر لها بيئة آمنة لمواصلة ارتكاب الجريمة، وبلوغ هذا المستوى من الإفلات من العقاب دون رادع أو مساءلة".


وحسب المرصد، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تمضي قدما في تنفيذ المرحلة النهائية من جريمتها وهدفها الأصلي؛ وهو الطرد الجماعي للفلسطينيين خارج فلسطين، تحديدا خارج قطاع غزة، بعدما أمضت عاما ونصف في ارتكاب جرائم إبادة جماعية".

وأشار المرصد إلى أن التهجير القسري يعد جريمة مستقلة بموجب القانون الدولي، وتتمثل في طرد الأشخاص من المناطق التي يوجدون فيها بشكل شرعي، باستخدام القوة أو التهديد بها، أو من خلال وسائل قسرية أخرى، دون مبررات قانونية معترف بها.

وقالت مديرة الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، ليما بسطامي، إن "إسرائيل ارتكبت بالفعل جريمة التهجير القسري بحق سكان قطاع غزة، حين دفعتهم قسرا إلى النزوح داخل القطاع دون أي مسوغات قانونية، وفي ظروف تتعارض كليًا مع استثناءات القانون الدولي التي لا تُجيز الإخلاء إلا بصورة مؤقتة، ولأسباب عسكرية قاهرة، ومع ضمان مناطق آمنة تحفظ الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وهو ما لم يحدث على الإطلاق".

وأضافت أن "إسرائيل وظفت هذا النمط الوحشي، والمتكرر، وواسع النطاق من التهجير كإحدى أدوات الإبادة الجماعية، بهدف تدمير السكان وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة".

ولفتت بسطامي إلى أنه "رغم أن الجريمة اكتملت من الناحية القانونية، إلا أن إسرائيل ماضية في تصعيدها إلى مستوى أشد فتكا بالشعب الفلسطيني، يُجسّد منطقها الاستعماري الاستيطاني القائم على الطرد والإحلال، من خلال تنفيذ المرحلة الثانية من التهجير القسري خارج حدود الوطن".

وأوضحت أن دولة الاحتلال "تحاول تسويق هذه الجريمة على أنها هجرة طوعية، في خداع مكشوف لا ينطلي إلا على مجتمع دولي اختار التواطؤ بدلا من المواجهة، والصمت بدلا من المساءلة".

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ في 25 كانون الثاني /يناير الماضي في الترويج لمخطط تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.


وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.

وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.

وتقول منظمات إغاثة إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الإنساني الدولي.

مقالات مشابهة

  • أستاذ اقتصاد: الانقسام السياسي يؤخر الإصلاحات ويضغط على العملة الليبية
  • أعراضه خطيرة .. فيروس قاتـ.ل يضرب تل أبيب في إسرائيل
  • الشيباني: سوريا لن تمثل تهديدا لأي دولة بما فيها إسرائيل
  • رفض الجنائية الدولية تعليق أمر اعتقال نتنياهو وغالانت يغضب إسرائيل
  • المحكمة الجنائية الدولية تحاصر قادة إسرائيل | رفض تعليق مذكرات الاعتقال ينذر بمحاسبة تاريخية
  • رد صادم من المحكمة الجنائية الدولية على طلب إسرائيل
  • حرائق إسرائيل تقضي على 2500 فدان في دولة الاحتلال
  • تل أبيب في مواجهة اللهيب.. حصيلة خسائر إسرائيل من حرائق الغابات
  • الدبيبة: سنرفع راية ليبيا في المحافل الدولية عبر كرة القدم
  • مرصد حقوقي: إسرائيل تنفذ تهجيرا قسريا للفلسطينيين بغزة وسط صمت دولي