في وضع مُزرٍ يوصف بـ "الكارثي"، يلجأ سكان غزة إلى استخدام العلف الحيواني المطحون كبديل للدقيق، ما يسلط الضوء على أزمة الجوع الحادة التي يعاني منها القطاع، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة أكشن إيد. وتشير المؤسسة الخيرية إلى أن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يواجهون مستويات الجوع المصنفة على أنها "أزمة أو ما هو أسوأ".

وتحذر منظمة أكشن إيد من مجاعة وشيكة، مع وجود جيوب مجاعة مشتبه بها بالفعل في الشمال، حيث يواجه توصيل المساعدات تحديات كبيرة. 

أصدر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيرا محزنا، ذكر فيه أنه لا يوجد أي طفل في غزة يحصل على التغذية الكافية، ما يعرضهم لخطر توقف النمو ومضاعفات صحية مدى الحياة.

يمتد الوضع المزري إلى الأمهات الجدد اللاتي، بسبب سوء التغذية الحاد، غير قادرات على إنتاج ما يكفي من الحليب لأطفالهن الرضع. ومع وجود 15 مخبزاً فقط من أصل 97 مخبزاً في غزة عاملة، وعدم وجود أي منها عاملاً في الشمال الذي مزقته الحرب، فإن توفر الغذاء محدود للغاية.

وأفاد نازحون، مثل عبير، وهي أم لسبعة أطفال تبلغ من العمر 47 عاماً، أنهم يلجأون إلى تناول العدس في كل وجبة، على الرغم من عدم توفره بكميات كبيرة. وأدت ندرة الغذاء إلى مشاكل صحية، بما في ذلك الإسهال وآلام في المعدة وآلام في البطن بين الأطفال.

تؤكد منظمة أكشن إيد أن ما يقرب من 100 شاحنة مساعدات تدخل المنطقة يوميًا "غير كافية على الإطلاق"، حيث لا تصل المواد الأساسية إلى المحتاجين. 

تؤكد ريهام الجعفري، منسقة المناصرة والاتصالات في منظمة أكشن إيد فلسطين، على الطبيعة التي يمكن تجنبها لأزمة الجوع الحادة، مشددة على الحاجة الملحة لزيادة توصيل المساعدات لتجنب مجاعة واسعة النطاق في غزة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: منظمة أکشن إید

إقرأ أيضاً:

الجنديّ الذي أساء معاملة الضفدع

«المتّهم قام بتعذيب وإساءة معاملة الضفدع بطريقة أدت إلى موته، كل من يقسو ويسيء إلى الحيوانات سينتهي به الأمر إلى إيذاء البشر أيضا». لم ينطق بهذا الكلام الذي ينضح بالعدالة والرفق بالحيوان، سيدُنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي أقسم أنه لو عثرتْ بغلة في العراق لخاف أن يسأله الله عنها: «لِمَ لمْ تصلح لها الطريق يا عُمر؟»، ولم يفُهْ به غاندي الذي أخبرنا أنه «بوسعنا أن نحكم على عظمة أمة ومدى رقيِّها الأخلاقي إذا نظرنا إلى الطريقة التي تعامل بها حيواناتها»، وإنما هو كلام صادر عن قضاة المحكمة العسكرية الإسرائيلية! نعم « صدِّقْ أو لا تصدِّق » هكذا نطقوا وهم يُعلنون حكمهم الصارم على جندي إسرائيلي قتل ضفدعًا، بالسجن أربعة أشهر، وتأدية الخدمة الاجتماعية ودفع غرامة قدرها 1500 شيكل.

تعود حكاية الضفدع المسكين إلى شهر مارس من عام 2023م (أي قبل طوفان الأقصى بسبعة أشهر) عندما عثر الجنديّ الإسرائيلي على هذا الضفدع سيء الحظّ بالقرب من مقرّ وحدته العسكرية، ويبدو أنه كان يشعر بالملل؛ لأنه لم يقتل فلسطينيًّا منذ فترة، فقرر أن يتسلى بوضع الضفدع في الميكروويف. كانت عشر ثوانٍ فقط قبل أن يطلب منه صديقه التوقف عن هذا الفعل المُشين، لكنها كانت كافية لقتل الضفدع.

صدر الحكم بمعاقبة الجندي يوم الأربعاء الماضي (26 يونيو 2024). ولا بد أن بيرس مورجان؛ الإعلامي البريطاني الشهير صاحب السؤالِ «العِلكة» لكل ضيف يمثّل فلسطين وقضيتها: «هل تدين حماس؟»، ومَنْ لَفَّ لفَّه من إعلاميي وسياسيي الغرب الإنساني «الكيوت»، وصهاينة العرب المبجلين، لا بدّ أنهم سعداء الآن بهذا الحكم ويهللون لــ«إنسانية» إسرائيل التي فاضت على البشر فانتقلت إلى الحيوانات والضفادع، يحق لهم ذلك لولا أن الحكم جاء بعد أكثر من 250 يومًا من حرب الكيان الصهيوني على البشر والشجر والحيوانات والحجر في غزة، والتي أزهق فيها حتى لحظة كتابة هذه السطور أكثر من سبعة وثلاثين ألف روح، ولولا أنه جاء أيضًا بعد يوم واحد فقط من بث قناة الجزيرة - يوم الثلاثاء الماضي - مشاهد لاعتداء كلب بوليسي أطلقته قوات الاحتلال بلا رحمة على سيدة فلسطينية مسنّة رفضت ترك بيتها في مخيم جباليا بقطاع غزة، مسببًا لها إصابة خطيرة.

هذا الاعتداء يذكرنا بعشرات الحوادث المماثلة التي استُخدِمتْ فيها الكلاب المدرَّبة، لتعذيب الفلسطينيين الآمنين وترويعهم، والتي من ضمنها حادثة اعتقال الأسير الفلسطيني السابق مبروك جرار من منزله فجر يوم 3 فبراير 2018، فعندما بلغ الجنود الإسرائيليون منزل جرار، توقفوا عند الباب؛ لا مراعاة لحرمة البيوت، ولكن خوفًا من أن يكون جرار مسلَّحًا، وأطلقوا الكلب نيابة عنهم إلى داخل المنزل، الذي جرَّ الرجل بعنف أمام زوجته وأطفاله، ولم تفلح محاولاته لتخليص نفسه من بين أنيابه لقوة العضة، وقد نهش الكلب أجزاء عدة من جسمه. سحب الكلب مبروك جرار إلى خارج المنزل حيث كان بانتظاره الجنود الذين انهالوا عليه ضربا على وجهه، مما أدى إلى كسر أنفه قبل أن يسقط مغشيًّا عليه والكلب يواصل قضم يده. أوثقوا قيده وهو ينزف واقتادوه لآلية الاعتقال ومن ثم إلى معسكر إسرائيلي، وهناك ظل ينزف دون علاج نحو ثلاث ساعات أمام الجنود الذين كانوا منهمِكين في التقاط صور السِلفي معه ضاحكين وساخرين!

حكاية أخرى عن «رفق» إسرائيل بالحيوانات حدثت في 9 أغسطس 2022م، عندما قُتِلَ كلبٌ تابع للجيش الإسرائيلي اسمه «زيلي» في عملية اقتحام لمدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، أسفرت عن استشهاد ثلاثة مقاوِمين فلسطينيين أحدهم إبراهيم النابلسي القيادي في كتائب «شهداء الأقصى» الجناح المسلح في حركة فتح (والآخران هما إسلام صبوح وحسين جمال طه)، هذا عدا إصابة العشرات. قبل ذلك بخمسة أيام فقط (أي في 5 أغسطس 2022) قَتَلتْ إسرائيل بدم بارد الطفلة الفلسطينية آلاء قدوم في غارة جوية على غزة بينما كانت تلهو أمام منزلها في حيّ الشجاعية شرق القطاع. وفي تغطيتها للخبرَيْن لم تذكر وسائلُ الإعلام الإسرائيليةُ الطفلةَ الفلسطينية بحرف، لكنها أقامتْ في المقابل مَناحة كبيرة على الكلب، ونصبت صوان عزاء، إلى درجة أن مدرِّب الكلاب العسكرية الإسرائيلية السابق «بين زيلبرشتاين» الذي سُمِّيَ على اسمه الكلب النافق «زيلي»، عبّر عن غضبه في منشور على صفحته في «فيسبوك»، قائلًا بالحرف: «قَتْل الكلب حظي بتغطية إعلامية أكثر بكثير من التغطية الإعلامية لمقتل طفلة فلسطينية في غزة لم تتجاوز خمسة أعوام»!

ولكي لا يُفهم مقالي هذا خطأ أقول إن هذه ليست دعوة لأذية الحيوانات أو الضفادع -لا سمح الله- ولا استهانة بحمايتها من التعذيب أو ظلم الإنسان، فمن نافل القول إن الرفق بالحيوان هو ما تدعو له كل الأديان والشرائع السماوية والأرضية، وإنما هو فقط تذكير بأن هذا النفاق الفاقع، وازدواجية المعايير، ليسا جديدَيْن على إسرائيل ولا على داعميها في الولايات المتحدة وأوروبا، الذين يأنَفون أن يُعذَّبَ ضفدع، وينوحُون على كلب قُتِل في ساحة معركة، ويحزنون على الحيوانات والطيور وربما الصراصير، ويسعون لحمايتها بكل ما أوتُوا من «إنسانية» مفرِطة، لكنهم لا يأنفون، ولا يحزنون، ولا يرفّ لهم جفن، ولا تدمع لهم عين، ولا يتحرك لهم ضمير، عندما يُقتَلُ بدمٍ بارد آلافٌ مؤلفة من الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، رغم أن هؤلاء عَدَّهم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت «حيوانات بشرية»! وإنه لمن المثير للسخرية حقًّا أن قضاة المحكمة العسكرية في إسرائيل كتبوا أيضًا في حيثيات حكمهم على الجنديِّ قاتلِ الضفدع: «إن التعامل مع معاناة الحيوانات ليس صراعًا من أجل مصالح الحيوانات وحدها، بل هو تعبير عن الكرامة الإنسانية، ومراعاة مشاعر الآخرين الذين يرغبون في حماية الحيوان والأمن وقدسية الحياة بشكل عام».

إنهم يُقدسون الحياة يا سادة، و«بشكل عام»! ولكنْ حياة من؟ الضفادع والكلاب والحيوانات بدون أي استثناء، ويقدسون أيضًا حياة البشر، بشرط أن يكونوا إسرائيليين، وليسوا من «الأغيار»!.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

مقالات مشابهة

  • مجاعة غزة وحصار شعب أبي طالب
  • الجنديّ الذي أساء معاملة الضفدع
  • لقطة من حديقة الحيوانات بالرياض في الستينات الميلادية
  • حرب وجوع وأمراض.. تفاصيل تسمم عشرات الأطفال في مركز إيواء شمالي غزة
  • تجدد الاشتباكات بالفاشر وتحذيرات من مجاعة كارثية بالسودان
  • منظمة الصحة العالمية: ربع سكان العالم يعانون الكسل
  • الجوع ونقص الدواء يهددان حياة غزة والاحتلال يواصل الإبادة
  • تحذيرات من مجاعة وشيكة في وسط وجنوب قطاع غزة
  • "الفاو" تدق ناقوس الخطر لارتفاع مؤشرات حدوث مجاعة في غزة
  • الصحة العالمية: 755 ألف سوداني يواجهون مستويات انعدام أمن غذائي كارثية