جناح الأزهر بمعرض الكتاب يحتفي بأطروحات الدكتور زقزوق في تجديد الفكر الإسلامي
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
نظم جناح الأزهر الشريف، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، اليوم الخميس، أولى ندواته التثقيفية بعنوان "أطروحات التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر (د. محمود زقزوق أنموذجًا"، حاضر فيها الدكتور محمد يسري، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف، الدكتور رضا الدقيقي، أستاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر الشريف، وأدار الندوة الإذاعي القدير سعد المطعني، مدير إذاعة القرآن الكريم سابقًا، حيث ناقش المحاضرون أطروحات التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر، وملامح المشروع الفكري التجديدي للدكتور زقزوق.
من جانبه، بينّ الدكتور محمد يسري، أستاذ العقيدة والفلسفة، بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف، أن الدكتور حمدي زقزوق طوال تاريخيه لم يترك الدرس الفلسفي والكلامي في كلية أصول الدين، وهو ما يؤكد أصالته وانتمائه للأزهر الشريف وعلومه الوسطية، وأنه كان مهمومًا بقضايا الأمة الإسلامية، واعتبر أن بناء المجتمع الإسلامي على العلم وقضية المقاصد هي منطلق التجديد، كما أنه توجه إلى الفرائض الغائبة، والتي من أهمها الاجتهاد في الأمور الشرعية، والتفكير الدائم والمستمر، وأيقظ الدكتور زقزوق همم المسلمين نحو الحضارة الإسلامية، وفريضة العلم بمختلف أنواعه التجريبي والتكنولوجي والفلسفي، كما رفض زقزوق فكرة اجترار الماضي والتركيز عليه فقط دون اجتهاد أو تجديد؛ بل أوصى بضرورة الأخذ من الماضي ما يحفزنا للعمل والتجديد لأن الإسلام دين إنساني عالمي للماضي والحاضر والمستقبل.
من جانبه أوضح الدكتور رضا الدقيقي، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الدكتور زقزوق اتخذ مشروعًا ملهمًا للتجديد الفكري، واستطاع طيلة سنوات أن يجمع بين التراث والحضارة، ومن أهم معالم مشروعه الفكري: رفض الجمود الفكري إزاء التراث، والتأكيد على التعامل النقدي الواعي، وقبول المشترك الإنساني العام، والبحث عن نقاط الالتقاء مع الآخر، والنظر للتاريخ الإسلامي نظرة نقدية واعية باعتبار أن القرآن والسنة هما الركيزة والفكر الإسلامي ليس فكرًا معصومًا، كما أن باب الاجتهاد لم يغلق، ولا يوجد تناقض بين الدين والعقل والعلم والمدنية؛ كما نوه الدقيقي، إلى أن الدكتور زقزوق لم يغفل وجود تيارات تريد اقتلاعنا من جذورنا التراثية، ويطالبون بالتركيز على الحضارة المعاصرة، ودعا في مشروعه إلى ضرورة وجود تفاعل بين الفكر الثقافي والفكر الإنساني والتنوير، وقدم مشروعًا للتجديد يقوم على الأصول والثوابت، كما قدم للعالم قضايا فكرية ونهضوية وتنويرية في إصداراته العلمية، وأنجز أعمال علمية وموسوعات متخصصة، ونقل العمل الدعوي الإسلامي من دوائر الفردية والهواية، إلى الدوائر الأكاديمية والمؤسسية،
ويحتفي الأزهر هذا العام بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بالفيلسوف والمفكر الإسلامي الراحل محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء السابق، ووزير الأوقاف الأسبق، أحد أبرز علماء الأزهر الذين جمعوا من علوم الشرق والغرب؛ ليكون «شخصية الجناح» هذا العام، تقديرًا لجهوده وإسهاماته العلمية والأكاديمية في مجال الفلسفة والتجديد في الفكر الإسلامي.
ويشارك الأزهر الشريف – للعام الثامن على التوالي - بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام، ويقع جناح الأزهر في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس بقاعة التراث رقم (4)، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، يضم فيها العديد من الأركان المتميزة، كركن الفتوى، ومجلة نور، والخط العربى، والطفل والأنشطة الفنية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر جناح الأزهر معرض القاهرة الدولي للكتاب جامعة الأزهر التجديد في الفكر الإسلامي الأزهر الشریف
إقرأ أيضاً:
هل نحتاج الكتاب اليوم؟
عندما دُعيتُ إلى معرض مسقط للكتاب لتأثيث فعالية على هامش المعرض حول شعر الرَّاحل زاهر الغافري، وقبلها كنتُ في معرض تونس للكتاب، تداعت في ذهني أسئلة تخصُّ منزلة الكتاب والشَّغف به، هل ما زلنا نحتاج الكتاب، وتلك العبارات التي مُلِئْنا بها في صغرنا، واعتمدناها تواقيع في كتبنا، من نوع "رحيق الكتب"، و"خير جليس في الزمان كتاب" "وخير جليس في الأنام كتاب"، وتراكُمٌ من الشعارات سادت زمن العقّاد والرافعي والزيّات وانتشرت في أجيال لاحقة آمنت بما آمنت به من وَفْرَةِ الأصنام التي تداعت عبر الزّمان. تذكّرت مقولات الكتاب والحثّ على القراءة والعمل على امتلاك الكتاب ورقيّا (فلم تكن لدينا بدائل، سوى الامتلاك ليسير الحال، والاستعارة لعسير الحال)، والشَّغف والفرح الذي كان يعترينا عندما نظفر بكتاب، فوجدتُ عملا هائلاً على إعادة مكانة الكتاب، واستعادة أثره، ولكن هنالك أمرين على غاية من الأهميّة في ظنّي، الأمر الأوّل لاحظته في بعض الشباب الذين يهتمّون بالكُتَّاب عمومًا، ويتتبَّعونهم ويعملون على طرح الأسئلة عليهم، ولقد لاحظت اليوم في عينيّ طفلٍ أسئلةً عن التّاريخ وعن عنوان المحاضرة التي سأل فيها الولد الصّغير الدكتور أحمد الرحبي عن عنوان المحاضرة "أوَّل إطلالة أوروبيّة على عُمان" فأبان له الدكتور أحمد الرحبي أنّ الرَحّالة الروسي أفاناسي نيكيتين هو أوّل رحّلة تحدّث عن عُمان وأظهر له أنّ الأستاذ ديمتري ستريشنيف صاحب المحاضرة، هو من المهتمّين بهذا الموضوع ومن متتبِّعيه علميّا، وبدأ من ذلك حديث عن التاريخ ومنزلته وقيمته، ولعلَّ أهمّ ما في هذا الأمر غير شغف الولد وقدرتَه وحبَّه المعرفيّ، أنَّ أباه هو الذي تعهَّده وشجّعه على سؤال مدير الجلسة، وأنّه هو الذي طلب برفق السّؤال، ثمَّ ترك ابنه وانصرف، وهذا ملمحٌ رأيته يتعاود مع كلّ مبدعٍ أمرُّ معه أو ألتقيه، ترى الأطفال والشبابَ يقفون مع هذا وذاك. قيمة المعرض ليست في إحياء الكتب وتعهُّد القراءة فحسب، بل أيْضًا في تدريب الناشئة على التواصل مع كتّابهم، في مناسبات حفلات التوقيع، أو في المحاضرات، أو في أروقة المعرض. الأمرُ الثاني الذي يُحسَب لمعْرض مسْقَط هو توفير أرضيَّة لتلاقي المبدعين والنُقَّاد والكُتّاب على اختلاف أعمارهم وشرائحهم وأرضيّاتهم وأهوائهم وأمزجتهم، فتجد المستشرق والمستغرب والعربيّ والمستعرب، وتوفَّرت جلسات كانت على هامشها حوارات بنَّاءة ونُظِّمت فعاليّات ونقاشات أثارت الرّاكد وحرَّكت السّاكن، وإن كان يُطلَب أكثر من ذلك، فإنّي أعتقد أنّ الأرضيّة قد تهيَّأت لفعل الأحسن، من مآثِر هذه اللِّقاءات أن التقيت بالمترجمة والمحقّقة الألمانيّة المستعربة كلاوديا أوت، التي أبهرتني بوفرة أسئلتها وبعمق رغبتها في معرفة كلّ ما هو عربيّ، وكانت تسأل بدقّة وتسمع بإنصات ورقّة، لا تتباهى زهْوًا بعلمٍ لها، ولا تبثّ ممكن معرفتها بثَّ مسْتعْرِضٍ، وإنّما تنساب باحثة عن إكمال الصّورة المشهديّة التي تكوِّنها عن الأدب العربيّ، الذي بدأته دارسةً، وانتهت معه مترجمةً، ناقلةً لقسم من أدبنا إلى اللّغة الألمانيّة. هذا الاحتفاء بالعلم والعلماء له تقديرٌ عميقٌ وأثرٌ في الأنفس، وصانعٌ لأجيالٍ تُقَدِّرُ المعرفة، والعلم، وتُجلُّ فعل القراءة، ونحن أمَّةٌ دينُها يدعو إلى القراءة، إلى الاطّلاع، إلى البيان وكشفَ الغمّة. لابدّ أن يُقدِّر أهل الفعل والحزم والعزم والحلّ والعقد أنّ هذه النماذج الأدبيّة والعلميّة تصنع اقتداءً واحتذاءً أفضل بكثير من الفراغ وشطحات الأهواء. لقاءُ أديبٍ أو عالمٍ أو فنّانٍ أو رسّام أو كاتبِ تجربته، هو شعورٌ بامتلاء الذات وبعضٌ من التوازن الذي تحتاج إليه الناشئة والشباب، ويحتاجه الكبار أيضًا لتعميق التواصل ولتقريب الأفكار، يحتاج الكاتب أن يرى ناشره، أن يُعاتبه، أن يذكر له المحاسن والأضداد، والعكس صحيح. يحتاج الصحفيّ والإذاعي أن يجد أرضيَّة ثقافيّة علميّة يُمكن أن ينتعش بها وفيها، يحتاج الأديب والكاتب عامَّة أن يُلاقي وجْهًا من قُرّائه، وأن يُدرك أثره في هذه الذّوات، كلّ هذا يكون في محفلٍ يحتفي بالكتاب مهما كان نوعه، فالبقاء للكتاب، ومزيدًا من الألق والتألُّق لكلّ من أثّثه وساهم في نجاحه. بقي أمرٌ بسيطٌ حتّى لا أغرق في الإطراء، وهو تركيمُ الفعاليّات وتزامنها في الوقت ذاته أحيانًا، وهو أمرٌ أثَّر بنسبة على أعداد الحاضرين، فكانت بعض الندوات شبه فراغ تقريبًا، ولذلك لابدّ من العمل على التفكير في كيفيّة نجاح هذه الفعاليّات على أهمّيتها وضرورة المحافظة عليها، يعني مثلاً، لمَ لا تكون حفلات التوقيع لبعض الكتّاب المتحقّقين مصحوبة بحوارٍ حقيقيّ، ينتهي إلى التوقيع، لمَ لا تُدَارُ نقاشاتٌ عميقة حول بعض الكتب التي ترشِّحها لجان قراءة. من حقّنا أن نزهو بعرْض الكتاب وتعمّقه لندفع ما اتُّهمنا به من أميّة قرائيّة ظالمة!