الوفد.. صفحة ناصعة فى تاريخ مصر الحديث
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
حزب الوفد أعرق الأحزاب المصرية على الإطلاق، وصاحب التاريخ العظيم فى الحركة الوطنية، حيث لعب الوفديون دورًا مهمًا فى المشهد السياسى المصرى على مدار المائة عام الأخيرة، تشكّل حزب الوفد عام 1918 فى أعقاب اعتراض المندوب السامى على مطالبة سعد زغلول باستقلال مصر بدعوى أن سعد زغلول لا يحمل تفويضًا من الأمة المصرية، فرأى سعد زغلول أن خير وسيلة هى تشكيل «وفد» للتفاوض مع الإنجليز، وجمع توقيعات المصريين على نطاق واسع، وهكذا نشأ حزب الوفد المصرى.
ويُعد «الوفد» الحزب السياسى الحقيقى فى تاريخ مصر الحديث، حيث تمكّن من التمدّد والتشعّب بلجانه فى طول البلاد وعرضها، بحَضَرها وريفها، وتمثّلت نقطة قوّته الرئيسية فى أن تأسيسه لم يكن بقرار سلطوى، أو نخبوى منعزل عن الشعب، وإنّما استجابة لرغبة شعبية ووطنية جارفة، كما أنه كان بمثابة «جبهة وطنية»، ضمّت شتّى القوى السياسية والاجتماعية التى شاركت فى ثورة 1919، وعكست تشكيل الأمّة المصرية بأسرها، فقد ضمّت صفوفه المسلمين والأقباط، وكبار الملّاك من الباشوات إلى جانب العمّال، والفلّاحين.
ولا ننسى دور زعيم الأمة، سعد زغلول.. قائد الحركة الوطنية فى مصر، فهو زعيم الأمة وملهم ثورة 1919 التى تُعد واحدة من أبرز الثورات فى تاريخ مصر الحديث، قدّمت نموذجًا رائعًا للتلاحم الشعبى الذى جمع المصريين على اختلاف عقائدهم، وطبقاتهم، وفئاتهم، وأجيالهم، كما كانت مثالاً بديعاً ومُلهِماً لدول العالم التى ترزح تحت نيّر الاستعمار، ومثالاً يُحتذى للثورة الشعبية التى رفعت راية التحرّر الوطنى فى وجه الاحتلال الأجنبى مطالبة بتحقيق الاستقلال التام.
وقد تمّخضت ثورة 1919 عن قيادة ثورية ممثّلة فى الوفد، وزعامة شعبية حقيقية، ممثّلة فى الزعيم الوطنى سعد باشا زغلول، ليظل واحدًا من أهم الشخصيات التى أسست تاريخ مصر وأسهمت فى بناء نهضتها الحديثة، ويبقى اسمه محفورًا فى تاريخ الوطن، وذكراه نبراسًا ودربًا من الوطنية تسير عليه الأجيال القادمة.
وبرز سعد زغلول كزعيم للأمة المصرية مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، وطالب بتشكيل وفد من المصريين لحضور مؤتمر الصلح فى باريس لعرض قضية استقلال مصر، فرفضت سلطات الاحتلال البريطانى ذلك واعتقلته ونفته فى 8 مارس 1919 إلى خارج البلاد فى جزيرة مالطا فانفجرت الثورة التى كرست لزعامة سعد زغلول والتمكين لحزب الوفد، وكانت سببًا فى الإفراج عن سعد وصحبه وبعد تزايد حماس الناس ومقاطعتهم للبضائع الإنجليزية تم القبض عليه مرة أخرى، ونفى إلى جزيرة سيشيل فازدادت الثورة اشتعالًا حاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، ولكنها فشلت.
وكانت الحرب العالمية الأولى قد اندلعت ولم تنته بعد، غير أن السير البريطانى وينجت أشار فى حديثه إلى أن الرؤى المطروحة مجرد أفكار نخبوية لا تنم عن ضمير جموع المصريين وأن الرموز الثلاثة لا يمثلون الأمة المصرية، حيث أبلغ حسين رشدى باشا وزير الداخلية ورئيس الوزراء الأقطاب الثلاثة بأن السير وينجت أبلغه بأنه مندهش، لأن ثلاثة رجال حضروا إليه يتحدثون عن أمر أمة بأكملها دون أن يكون لديهم ما يخولهم لذلك والتحدث باسم الأمة، لتولد بعد هذا اللقاء الفاصل فكرة الوفد المصرى.
وكان الاتفاق على تأسيس هيئة شعبية بزعامة سعد زغلول باشا، حيث أجمع عليه مؤسسو الوفد المصرى بعد لقاء وينجت المتعجرف، وبحضور أعضاء الوفد المقترح، فى 13 نوفمبر 1918، إضافة إلى تكوين وفد للمفاوضات، ورئاسة سعد زغلول للوفد، حيث نصت مواد الاتفاق على تأليف وفد من سعد زغلول باشا، رئيسًا، وعلى شعراوى باشا، وعبدالعزيز بك فهمى، ومحمد على علوبة، وعبداللطيف المكباتى، وأحمد لطفى السيد، وإسماعيل صدقى، ومحمد محمود، وسينوت حنا، ومحمد أبوالنصر، وحمد الباسل، وجورج خياط، ومصطفى النحاس، والدكتور حافظ عفيفى.
وكانت المهمة الوطنية الكبرى للوفد السعى سلميًا لاستقلال مصر استقلالًا تامًا، انطلاقًا من رغبة جموع المصريين التى استمد الوفد منها قوته، وعبر عنها الشعب وأناب الوفد عنهم بشكل مباشر وبالهيئات النيابية، وعين الوفد لجنة سُميت باللجنة المركزية لجمع التبرعات ومراسلة الوفد بما يهم من شئونه. هنا تجدر الإشارة إلى استكمال الصورة الوطنية بـ«بيت الأمة»، حيث اعترض بعض أعضاء الحزب الوطنى على الصيغة الأولى للتوكيل.
وفى إطار المساعى لتأكيد نص الاستقلال التام، توجه أربعة من أعضاء الحزب الوطنى إلى منزل سعد زغلول وهم عبدالمقصود متولى ومصطفى الشوربجى ومحمد زكى ومحمد عبدالمجيد العبد، وراجعوه فى شأن الصياغة الأولية للتوكيل، وبعد جدلٍ قصير قال محمد زكى إنهم يعتبرون أنفسهم فى بيت الأمة لا فى بيت سعد باشا الخاص، فأُعجب بهذه التسمية، ليظل بيت سعد منذ ذلك الحين بيتًا للأمة. وتم الاتفاق على صيغة التوكيل النهائية، وجاء نصها: نحن الموقعين على هذا، قد أنبنا عنا أعضاء الوفد، فى أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعى سبيلًا لاستقلال مصر استقلالًا تمامًا.
كما تم طبع الصيغة وتوزيعها وراحت التوكيلات تنهال عليه بمعنويات مرتفعة من الشعب الذى أُيقظت فى نفسه الروح الوطنية التى اتفقت أحلامها وتطلعاتها مع مساعى الوفد الوطنية بدءًا من الاستقلال فى أول حكومة ومرورًا بالقضايا الوطنية والمصيرية المختلفة فى الحكومات المتعاقبة، وليبقى الوفد ولا يزال بكل هذا التاريخ سندًا أصيلا وراسخًا للوطن ولأبناء وطنه فى كفاحهم واستقلالهم وتعليمهم وعملهم.
أفرزت ثورة 1919 دور سعد زغلول كزعيم وطنى لمصر ارتضته وحددت مواصفاته، لخوض ميدان الزعامة الرحب، وليصبح من أكثر زعماء مصر الحديثة شعبية ونفوذًا.. وعزز سعد زعامته باللجوء للجماهير بمطالبته بتوكيلها له، فقد أرادت مصر زعيمًا واختارت سعد، وكان سعد واعيًا بذلك الاختيار وهذه الأمانة.
وكانت صفية زغلول.. أم المصريين، التى مثلت نموذجًا نسائيًا رفيعًا للمصريات وقد ساهمت بشكل فعال فى تحرير المرأة المصرية إلى جانب هدى شعراوى، فهى رمز من رموز ثورة 1919، دعت النساء للخروج لـ«الشوارع»، عرفت بـصفية زغلول نسبة إلى زوجها سعد زغلول، كما لقبت بـ«أم المصريين»، وسلكت صفية طريقًا غير تقليدى فى حياتها عندما تزوجت وهى ابنة مصطفى باشا فهمى، رئيس وزراء مصر وقتها رجلًا من عامة الشعب وهو سعد زغلول، كما فاجأت الجميع عندما خلعت «اليشمك» عام 1921 وتقدمت صفوف الثوار المصريين أثناء حياة زوجها وبعد وفاته، فقد كانت مشاركة النساء فى ثورة 1919 مع الرجال لأول مرة مطالبات باستقلال البلاد ملمح شهير لتلك الثورة التى كان الزعيم سعد زغلول ملهمها، ولكنه لم يقدها بنفسه فقد كان فى المنفى، حيث خرجت على رأس مظاهرة نسائية فى ثورة 1919، من أجل المطالبة بالاستقلال وبسبب عطائها من أجل القضية الوطنية حين حملت لواء الثورة عقب نفى زوجها الزعيم سعد زغلول.
وقد أصدرت صفية زغلول بيانا قرأته سكرتيرتها على الحشد المجتمع أمام بيت الأمة جاء فى بعض منه: «إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعدًا فإن شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها فى نفس المكان الذى وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وإن السيدة صفية فى هذا الموقع تعتبر نفسها أمًا لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية»، وبعد أن ألقت السكرتيرة هذا البيان على المتظاهرين هتف أحد قادة المظاهرة قائلًا: «تحيا أم المصريين»، ومن يومها اكتسبت السيدة صفية زغلول ذلك اللقب الوطنى «أم المصريين».
وتخرج من مدرسة الوفد الوطنية العشرات من الزعماء الذين قلما يجود الزمان بمثلهم، منهم على شعراوى ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وعبدالعزيز فهمى، وهدى شعراوى، وكان الزعيم «مصطفى النحاس»، هو زعيم مصر الأبرز فى الربع الثانى من القرن العشرين، وتحديدا منذ عام 1927، عندما أورثه سعد زغلول قبيل وفاته بعامين رئاسة حزب الوفد، ورث النحاس زعامة الحركة الوطنية الديمقراطية، وعبء تحديث الدولة القومية المصرية.
وعلى الرغم من قصر المدّة التى تولى فيها «الوفد» السلطة، إلا أنها كانت حافلة بالإنجازات، وكان أبرزها: معاهدة 1936 التى حققت استقلالًا مبدئيًا لمصر، وأخرجت قوات الإنجليز من قناة السويس، وحققّت الاستقلال للجيش، وألغت الامتيازات الاجنبية عام 1937، وهو قرار استعاد سيادة مصر، وبسط سيادة الحكومة المصرية على الأجانب فى التشريع، والإدارة، والأمن العام، كما أطلق مصطفى النحّاس باشا، وحكومة الوفد شرارة الكفاح المُسلح ضد الاستعمار البريطانى، بعد إلغائه معاهدة 1936 فى 1951، وبدء معارك الفدائيين ضد الاحتلال فى القناة.
ويُحسب لحكومات الوفد تأسيس جامعة الدول العربية، وتوقيع معاهدة للدفاع المشترك بين الدول العربية، وإنشاء ديوان المحاسبات «الجهاز المركزى للمحاسبات»، ومحكمة النقض، والبنك المركزى، واتحاد العمال، وإصدار عشرات التشريعات المنظمة للحقوق فى مصر، مثل قانون العمال، ومجانية التعليم على مرحلتيْن، للتعليم الابتدائى فى حكومة النحّاس فى 1942، وفى حكومة النحّاس الأخيرة فى 1950 لتمتد إلى التعليم، الثانوى والفنى، بالإضافة إلى قوانين التأمين الإجبارى على العامل، واستقلال القضاء والتعريب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تاريخ مصر الحديث تاريخ مصر الوفد حزب الوفد أم المصریین استقلال مصر تاریخ مصر حزب الوفد استقلال ا سعد زغلول فى تاریخ ثورة 1919 زعیم ا من أجل
إقرأ أيضاً:
زيارة جنبلاط إلى دمشق.. صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية!
لم يكن مستغربًا أن تحظى زيارة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط إلى سوريا، بالحفاوة والاهتمام الكبير الذي شهدته، والذي وصفه البعض بـ"المبالَغ به"، ليس فقط لأنها أول زيارة لمسؤول لبناني بهذا المستوى إلى الشام، ليس منذ سقوط نظام بشار الأسد فحسب، بل منذ سنوات، ولكن بالنظر إلى "الرمزية" التي تنطوي عليها، والتي تجعل منها زيارة "استثنائية" بكل المقاييس والمعايير...لعلّ "رمزية" الزيارة أنّها تأتي بعد "قطيعة طويلة" استمرّت لأكثر من 13 عامًا، غاب عنها وليد جنبلاط عن سوريا، منذ قرّر الوقوف في صف "الثورة السورية" في العام 2011 ضدّ النظام، ونظرية "المؤامرة" التي استند إليها لقمع المظاهرات والاحتجاجات، ولكنّ "الرمزية" التي تحملها الزيارة، تتخطّى هذا التفصيل، لتعود إلى جذورها التاريخية، من بوابة دور نظام الأسد (الأب)، باغتيال والد جنبلاط، الزعيم كمال جنبلاط.
وأبعد من هذه "الرمزية"، ثمّة من اعتبر أنّ أهمية الزيارة تكمن في كونها "تأسيسية"، فهي تفتح الباب أمام فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا، صفحة يقول كثيرون إنّ أساسها سيكون الاحترام المتبادل، بعيدًا عن نهج الوصاية والتدخّل الذي اعتمده النظام السابق، فأيّ انعكاسات محتملة للزيارة على هذا المستوى، وإلى أيّ مدى تبدو هذه "الصفحة الجديدة" واردة فعلاً، في ظلّ التغيّرات التي تشهدها سوريا هذه الأيام؟
زيارة "شخصية".. وعامة
تكتسب زيارة جنبلاط إلى سوريا أهمية "شخصية" بالنسبة إلى وليد جنبلاط، الرجل الذي لطالما عنَت له سوريا، وهو الذي كان من أوائل من أيّدوا "ثورتها" منذ أشهرها الأولى في العام 2011، وبقي "ثابتًا" على موقفه رغم كلّ ما يُحكى عن "انعطافاته" المتكرّرة في السياسة، مع مراعاته لمصلحة أبناء طائفته، بعكس ما فعله الكثيرون من خصومه، الذين زايدوا على النظام في الدفاع عنه، قبل أن "ينقلبوا" عليه في لحظة سقوطه، من دون أيّ حَرَج.
ويقول العارفون إنّ البعد "الشخصي" للزيارة يكتسب أهمية أيضًا، ببعده "التاريخي" المرتبط باغتيال الزعيم كمال جنبلاط، وكأنّ "البيك" الذي حطّ في دمشق بعدها غادرها الأسد، شعر بـ"ثأر تاريخي" ربما، وهو ما عبّر عنه بصورة أو بأخرى حين قال إنّه جاء "ليهنئ" الشعب السوري بأسره من أقصاه إلى أقصاه، واعتبر أن "شمس الحرية تشرق على كل الشعب السوري"، ولكن من خلاله أيضًا "على لبنان".
وهنا يكمن البعد "العام" للزيارة وفق العارفين، باعتبار أنّ جنبلاط أراد أن تكون زيارته، التي جاء توقيتها معبّرًا في ظلّ الحراك الدبلوماسي الذي تشهده العاصمة السورية منذ أسبوعين، والذي بلغ ذروته في الأيام الأخيرة، على المستويين العربي والغربي، أن تكون "فاتحة" على زيارات يقوم بها مسؤولون آخرون في الأيام المقبلة، لإعادة ترتيب العلاقات اللبنانية السورية، وفق أسُس جديدة، مختلفة عن كلّ ما كان سائدًا سابقًا.
عناوين "يُبنى عليها"
بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ زيارة جنبلاط إلى سوريا يمكن أن تكون فعلاً "تأسيسية"، ولا سيما أنّها شكّلت فرصة للحديث الصريح بالكثير من العناوين التي "يُبنى عليها"، حيث يلفت العارفون إلى أنّ قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع أبدى حرصًا على "الفصل" مع النظام القديم، وعلى الحديث عن علاقات احترام متبادل، بعيدًا عن النهج السابق، حين كانت سوريا "مصدر قلق وإزعاج، وكان تدخلها في الشأن اللبناني سلبيًا"، وفق قوله.
وإذا كان الشرع، وفق العارفين، أبدى إيجابية بالحديث عن العلاقة اللبنانية السورية المستقبلية، سواء لجهة قوله إنها يجب أن تكون قائمة على التعاون المشترك والاستقرار المتبادل، أو تأكيده على الوقوف "على مسافة واحدة ن الجميع"، فضلاً عن احترام سيادة لبنان واستقراره الأمني، فإنّه كان حريصًا أيضًا على "تأجيل" البحث بالملفات الإشكالية العالقة، بما في ذلك موضوع مزارع شبعا وترسيم الحدود، وملف النازحين، وغيره.
ويقول العارفون إنّ مثل هذا الأمر طبيعي، فهو لا يمكن أن يُحسَم من خلال مؤتمر صحافي، بل يتطلب عملاً جادًا ومسؤولاً من قبل حكومتي البلدين، علمًا أنّ أولويات الإدارة السورية تبقى حاليًا في مكان آخر، وتحديدًا في مجالي الأمن والاقتصاد، إضافة إلى الحوار الداخلي الذي يفترض أن يؤسّس لـ"سوريا الجديدة"، ولو أنّ الجميع يدرك أنّ تمتين العلاقات بين لبنان وسوريا تندرج في إطار "تحصين" البلدين، وهو ما يتناغم مع الأولويات المطروحة.
صحيح أنّ اللبنانيين انقسموا منذ اللحظة الأولى لسقوط النظام السوري، بين "مهلّل" للحدث التاريخي والاستثنائي، ومن اختار "الاحتفاء" بالقيادة الجديدة "البديلة"، في مقابل من لجأ إلى "التخويف" من هذه القيادة، والتصويب عليها، استنادًا إلى تاريخها، رغم التحوّل في خطابها. إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ مثل هذه الانطباعات تبقى آنيّة، بانتظار فتح الملفات العالقة جدّيًا، وهو ما يأمل كثيرون أن تكون زيارة جنبلاط قد فتحت الباب واسعًا أمامه...