قصف وجوع ومطر .. نازحون غزيون يقاومون تحت الخيام
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
سرايا - فاقم منخفض جوي مصحوب بأمطار غزيرة ورياح شديدة، مأساة مئات آلاف النازحين في الخيام الكثيفة في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، حيث يقيم أكثر من مليون نازح، يمثلون نحو نصف سكان القطاع.
وطوال الليلة الماضية لم يعرف النوم طريقه إلى عيون النازحين، ومنهم أم أحمد علوش النازحة مع أسرتها من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة إلى منطقة المواصي غرب مدينة رفح.
تقيم أم أحمد في خيمة عبثت بها الأمطار والرياح، تقول للجزيرة نت "غرقنا جوا (داخل) الخيمة.. والله تعبنا، وحتى في حرب روسيا وأوكرانيا ما صار اللي بيصير فينا (الذي يحدث لنا) بغزة".
ومن المتوقع أن تنحسر مع حلول ساعات مساء اليوم موجة التساقطات، غير أن النازحين يخشون من منخفض جوي آخر، يوم الجمعة المقبل، قد يكون أكثر قسوة.
في مهب الريح
تقول أم أحمد، وقد اقتلعت الرياح خيمتها، التي تقيم بها مع بناتها الثلاث وزوجها، وغمرتها مياه الأمطار: "نتعرض لحرب إبادة إسرائيلية تستهدف كل الفلسطينيين".
وبعينين دامعتين حزنا على حالها وأسرتها، كانت أم أحمد تحاول إصلاح ما أفسدته الأمطار والرياح، وهي ترتجف من البرد الشديد، وتعيد من جديد تثبيت الخيمة، التي لا تتمنى أن يطول المقام بها، وأن تعود إلى منزلها في مدينة غزة.
وتعد أم أحمد التي تبلغ من العمر 50 عاما واحدة من أغلب اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم حوالي 1.9 مليون شخص وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ويمثلون 85% من سكان القطاع الذين اضطروا للنزوح من منازلهم ومناطق إقامتهم؛ بسبب الحرب العنيفة التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووسط أجواء عاصفة، تتواصل موجات النزوح إلى مدينة رفح على الحدود مع مصر، خاصة من مدينة خان يونس المجاورة، التي تشهد جرائم إسرائيلية مروعة مع استمرار العملية البرية، المصحوبة بقصف جوي وبري.
ولم يعد متسعا في ملاجئ أونروا، أو في المدارس والمرافق الحكومية، وحتى الشوارع أصبحت مكتظة بالنازحين المقيمين في خيام لا تقوى على مواجهة ظروف الطقس الصعبة.
الحرب والطقس
وببضع كلمات وصف محمد نصر الله النازح من شمال القطاع، للجزيرة نت، الليلة العصيبة التي قضاها مع أسرته في خيمة قريبة من الحدود مع مصر، غرب مدينة رفح، بالقول "قصف وجوع ورعب ومطر".
ويعيش سكان رفح والنازحون إليها على أصوات انفجارات ضخمة تُسمع على مسافات بعيدة من مدينة خان يونس، والمسافة بينهما نحو 11 كيلومترا.
ويقول محمد، ويقيم مع أفراد أسرته الخمسة ووالدة زوجته في خيمة صغيرة منذ أن اضطر إلى النزوح من جباليا في شمال القطاع إلى رفح، قبل نحو 3 أشهر، "كانت ليلة صعبة للغاية، واختلطت فيها أصوات الرعد والبرق والرياح مع انفجارات الصواريخ والقذائف".
ويكرر محمد "حياتنا مأساة"، ويقول "والله الحرب كرهتني في المطر والشتاء أجمل فصول السنة (..) يكفي والله حرام هيك".
وتزداد خشية محمد على أطفاله من إصابتهم بالأمراض، نتيجة الأمطار والبرد الشديد، وعدم توفر الفراش والأغطية المناسبة.
وحذرت الأمم المتحدة من كارثة صحية عامة في القطاع، ومن انتشار الأمراض الفتاكة والأوبئة بين سكانه، كما اعترفت وكالة إغاثة تابعة لها بأن سكان غزة يواجهون القصف والحرمان والأمراض والجوع "في مساحة تتقلص باستمرار".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: مدینة رفح أم أحمد
إقرأ أيضاً:
ثَبَتُ فَلَج ذي نَيْم.. وثيقة من القرن الخامس الهجري
كانت الزيادة على متون الكتب عند العمانيين أمرًا سائغًا ومنتشرًا اشترك فيه الخاصة والعامة، ولذلك نرى في كتب المتقدّمين عبارات تفيد الزيادة نحو قولهم: «ومن غيره»، أو «ومن الزيادة المضافة» أو نحوها، ثم يعقبها نص من غير كلام المؤلف في الكتاب. وثمة من يرى أن الزيادات مما ابتلي به التراث العماني لِما ترتب عليها من خلط بين نصوص المؤلفين وغيرها، بيد أن تلك الزيادات - من الزاوية المضيئة – حفظت لنا نصوصًا كثيرة من مصادر مفقودة أو مما كاد أن يُفقَد لولا أنه مما زِيدَ على كتاب.
يحفل كتاب (بيان الشرع) لأبي عبدالله محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي السمدي النزوي (ت:508هـ) بوثائق كثيرة يصدق على بعضها حكم الزيادات على متن الكتاب، ويحتمل أن البعض الآخر من أصل الكتاب. ولمّا كانت الزيادات على هذا الكتاب قد لبثت قرونًا متطاولة، فإنه ليس عجيبًا أن نقف في كثير من نُسَخ أجزاءه على وثائق ضمن الزيادات، وهي إما تخللت متن الكتاب أو زيدت عليه بعد الخاتمة. ومن بين تلك الوثائق ما يرجع إلى العصور الإسلامية قبل زمان المؤلف أو في عصره، أو مما زيد على الكتاب بعد المؤلف حتى زمان متأخر عنه بقرون.
ونتعرض في هذه السلسلة لعدد من الوثائق التي نُقِلت في الكتاب، ابتداءً بوثيقة مؤرخة سنة 428هـ أي قبل وفاة المؤلف بنحو ثمانين سنة، وهي ضمن مجموعة من الوثائق التي وردت في الجزء التاسع والثلاثين من الكتاب وموضوعه فقه الأفلاج. ولفقه الأفلاج أثر بالغ في نقل الصورة الحضارية لحياة القرى وإعمار الأرض العمانية طوال عصر التأليف.
تصدّرت نقل الوثيقة عبارة «قال غير المؤلف للكتاب والمضيف إليه: وهذه مسألة وجدتها في أوّل صفح ورقة من الورق المبيض، لأوّل الكتاب، فكتبتها في هذا الباب وهي هذه: في فلج ذي نيم عن أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم بن سليمان الكندي –رحمه الله-، وصلتُ إلى أبي بكر أحمد بن محمد بن الحسن السعالي، وسألتُه عن ثَبَتٍ كان أثبته والده في أمر فلج ذي نيم، فأحضره، فإذا هو مكتوب....» ثم نقل نص الوثيقة: «بسم الله الرحمن الرحيم. حضرنا يوم الأحد لعشر خَلونَ من ربيع الأوّل سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، إلى حيث يخرج فلج ذي نيم، ورأيناه له شريحًا مغربًا من حدّ القلعتين اللتين يخرج الماء شرقي ساقيته إلى المغرب، نحو خمسة وثلاثين ذراعًا مختلطًا بالساقية الشرقية. وكتب ذلك محمّد بن أحمد بخطّه، بمحضر من ولده أحمد بن محمّد بن عبد الله المعلّم. وقال أبو بكر أحمد بن محمّد: إنّ محمّد بن عبد الله المعلّم هو جدّ محمّد وعمر ابني عبد الله بن محمّد بن عبد الله، وكان اليوم الذي وصلت فيه إلى أبي بكر أحمد بن محمّد، وسألته عن هذه الثَّبَت يوم الاثنين لسبع ليال بقين من ذي الحجّة، من سنة تسع وسبعين وأربعمائة»، ويتبع هذا النقل تأكيد له بنقله من مصدر آخر، وعلق على ذلك الناقل بقوله: «وهذه مسألة نفسها وجدتها في آثار المسلمين فأعدتُ كتابتها لزيادة وثائق فيها عما قد كتبتُ، فأعدتُها كذلك» وعبارته صريحة في أن النقل الثاني فيه ما ليس في الأول، وقد جاء في آخر النقل: «ووجدتُ هذا الثبت في كتاب لمحمد بن المفدى، ومكتوب فيه أحسب أنه بخط أحمد بن محمد بن صالح: قال أبو عبدالله محمد بن موسى بن سليمان: إن هذا الثَّبَت الذي في هذا الصفح بخط أبي عبدالله محمد بن إبراهيم بن سليمان، وكان قوله هذا بمحضر من أبي علي موسى بن أحمد المنحي، وأحمد بن محمد بن صالح، وكتب أحمد بن محمد بن صالح هذا في سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وكتب أحمد بن محمد بن موسى بن سليمان هذا الثبت عشية الاثنين لتسع بقين من شهر شعبان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة». والمتأمل في تأريخ الوثيقة التي سُمِّيت بـ «الثَّبَت» يجد فيها أخبارًا قد تنقدح في ذهنه بشأنها تساؤلات عدة، منها أن مؤلف كتاب بيان الشرع هو من وصل إلى أبي بكر أحمد بن محمد بن الحسن السعالي وسأله عن «الثَّبَت» الذي كتبه والده، ثم إنه بين تأريخ الوثيقة وسؤاله عنها نحو نصف قرن من الزمن، إذ سؤاله عنها كان سنة 477 أو 479هـ ثم وردت تواريخ أخرى في النقل التالي برواية فيها بعض الاختلاف، أولها تعليق أحمد بن محمد بن صالح سنة 527هـ، وكتابة أحمد بن محمد بن موسى بن سليمان هذا الثبت نقلًا سنة 533هـ، أي أن النظر في تلك الوثيقة وتداولها بين أولئك الفقهاء وفق هذه النصوص لبث نحو قرن من الزمن. أما استخلاص ما يتصل بالأعلام من أخبار، والألفاظ الحضارية ومعانيها ودلالاتها، والأماكن وما يرتبط بها فإن المقام به يطول، غير أنه مما قد يتبادر في شأن محمد بن الحسن السعالي الذي حُكِي أنه شيخ أبي سعيد محمد بن سعيد الكدمي (ق4هـ) ألا يكون هو المذكور هنا، والرواية الأخرى في أحد هذه النقول أن المسؤول أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن السعالي، ولعل ذلك أقرب بقرائن الأزمنة والأحوال. وفي الوثيقة من الألفاظ الحضارية: الشريح، والساقية، وهما من مصطلحات الأفلاج، فالساقية معروفة، والشريح - فيما أحسب- يُطلَق عليه في بعض البلدان: الشَّرَح، وهو الساقية المكشوفة خارج الأموال على مقربة من شريعة الفلج.