موقع النيلين:
2025-03-09@23:51:32 GMT

تطوير التصنيع الدفاعي الذكي

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT


التصنيع الذكي هو مصطلح يشير إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والإنترنت الصناعي للأشياء والحوسبة السحابية والتعلم الآلي وغيرها من الحلول الابتكارية لتحويل عمليات التصنيع وجعلها أكثر ذكاءً ومرونة وموثوقية واستدامة، وهذا يساعد في تحقيق عدة فوائد؛ كزيادة الإنتاجية والجودة والسلامة والابتكار وخفض التكاليف والنفايات والانبعاثات والمخاطر، وفي مجال الصناعات الدفاعية يمكن للتصنيع الذكي أن يساهم في تطوير منتجات وخدمات أكثر تقدمًا وفعالية، سواء كانوا من القوات المسلحة أو الأمنية أو المدنية، ويمكن أن يعزز قدرة الصناعات الدفاعية على التكيف مع التغيرات السريعة في البيئة الاستراتيجية والسياسية والتكنولوجية، والاستفادة من الفرص الجديدة ومواجهة التحديات والتهديدات.

تسعى المملكة العربية السعودية لتطوير قدراتها الصناعية الدفاعية الخاصة، وذلك في إطار رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وفي هذا السياق تلعب التقنيات الذكية دورًا مهمًا في تحسين جودة وكفاءة وتنافسية الصناعات الدفاعية السعودية، وتمكينها من مواكبة التطورات العالمية في هذا المجال من خلال تنفيذ عدة مبادرات ومشاريع وشراكات؛ ففي عام 2017 تم إطلاق الهيئة العامة للصناعات العسكرية GAMI والتي تعمل كالجهة المنظمة والمشرفة والمحفزة للقطاع الدفاعي السعودي. وفي عام 2019 تم إطلاق استراتيجية الصناعات العسكرية الوطنية؛ التي تحدد الرؤية والأهداف والمحاور والمبادئ والمؤشرات والمبادرات الرئيسة لتطوير القطاع الدفاعي السعودي، وتستهدف تحقيق 50% من الإنفاق العسكري المحلي بحلول عام 2030، وتوفير 40 ألف فرصة عمل مباشرة و100 ألف فرصة عمل غير مباشرة، وزيادة حصة الصادرات الدفاعية إلى 5% من إجمالي الصادرات السعودية.

في عام 2020 تم إطلاق برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية؛ والذي يهدف إلى تنظيم وتشجيع وتسهيل دخول الشركات المحلية والدولية إلى السوق الدفاعي السعودي، وتعزيز التعاون والتكامل بينها، وقد تم منح 91 شركة محلية ودولية 142 ترخيصًا تأسيسيًا حتى الآن. وفي عام 2017 تم إنشاء شركة سامي السعودية للصناعات العسكرية؛ التي تعمل كشركة حكومية متخصصة في تصميم وتطوير وتصنيع وتوريد ودعم وصيانة المنتجات والخدمات الدفاعية والأمنية والطيرانية، وتهدف إلى أن تكون واحدة من أفضل 25 شركة دفاعية في العالم بحلول عام 2030.

وفي عام 2019 تم إنشاء شركة الزاهد للصناعات الدفاعية والأمنية Zahid Defense، والتي تعمل كشركة خاصة تقدم حلولًا متكاملة في مجالات الدفاع والأمن والطيران والفضاء والتدريب والتعليم والخدمات اللوجستية. وفي عام 2020 تم إنشاء مدينة الملك عبدالله للصناعات الدفاعية والأمنية KADIS والتي تعتبر أكبر مجمع صناعي دفاعي وأمني في المنطقة، وتقع على مساحة 50 كيلومترًا مربعًا في مدينة الرياض.

يواجه التصنيع الذكي في الصناعات الدفاعية السعودية بعض التحديات التي تحتاج إلى حلول واستراتيجيات فعالة؛ حيث يتطلب استخدام كميات كبيرة من البيانات المتعلقة بالتصميم والإنتاج والتسويق والصيانة والدعم والتصدير وغيرها من العمليات الدفاعية، ولابد أن تكون هذه البيانات دقيقة وموثوقة ومتاحة ومتنوعة ومتوازنة وممثلة للواقع والاحتياجات، ويتطلب كذلك استخدام تقنيات متقدمة تحتاج إلى قدرات حاسوبية عالية الأداء وموارد طاقة كبيرة لتشغيلها وتحديثها وصيانتها.

إن تطوير التصنيع الدفاعي الذكي هو ركيزة أساسية للتقدم العسكري والأمن الوطني، ويمثل تزاوجًا بين التكنولوجيا والتحديات الأمنية، وهو يعزز القدرة على الدفاع والردع في عصر الابتكار السريع، ويحقق توازنا بين القوة العسكرية والتكلفة والاستدامة، ويعزز قدرة الدولة على تلبية التحديات الأمنية بفاعلية، ويعكس التحول الرقمي في القطاع العسكري، ويمكنه تحسين القدرة على التنبؤ والاستجابة السريعة في العمليات العسكرية، ويعمل كمحفز للابتكار التكنولوجي وتطوير صناعات متعددة، مما يعزز التنافسية الاقتصادية ويدعم التنمية الصناعية، ويدعم الاستقلالية العسكرية والقدرة على تلبية الاحتياجات الأمنية الوطنية بدون الاعتماد الكامل على المصادر الخارجية، ويعزز التعاون الدولي وتبادل المعرفة والتكنولوجيا، مما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار العالميين.

محمد الحمزة – جريدة الرياض

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الصناعات الدفاعیة وفی عام فی عام

إقرأ أيضاً:

أثر النهضة الصناعية الصينية على الاقتصاد العالمي

 

 

 

د. هلال بن عبدالله الهنائي **

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا هائلًا في الاقتصاد العالمي بفعل النهضة الصناعية الصينية، التي أعادت تشكيل العديد من الصناعات العالمية. لقد دخلت الصين بقوة إلى سوق التصنيع الدولي، ما أسهم في تغيير هيكل التجارة العالمية. لكن، في الوقت نفسه، فرض هذا التغير تحديات كبيرة على الدول الصناعية الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا، التي وجدت نفسها أمام منافسة قوية. في هذا السياق، تنشأ أسئلة جوهرية حول كيفية التعايش مع هذه الثورة الصناعية وضمان استمرار قوة اقتصاداتنا الوطنية.

كيف أثرت النهضة الصناعية الصينية على الاقتصادات العالمية؟

من خلال استغلال القوى العاملة الرخيصة وزيادة الإنتاجية، تمكنت الصين من أن تصبح مصنعًا عالميًا. هذا التحول أسهم في تعزيز الاقتصاد الصيني، لكنه ألحق ضررًا كبيرًا ببعض الصناعات في الدول الصناعية الكبرى التي لم تستطع المنافسة مع الأسعار المنخفضة. الصناعات التقليدية مثل المنسوجات والصلب في الولايات المتحدة وأوروبا تأثرت بشكل كبير، مما دفع الكثير من المصانع إلى الإغلاق.

هل استفادت الدول الصناعية من النهضة الصينية؟

نعم، بعض الدول الصناعية استفادت من انخفاض تكاليف الإنتاج في الصين، ما ساعد الشركات الغربية على تقديم منتجات بأسعار منافسة. الشركات مثل "أبل" و"جنرال موتورز" نقلت جزءًا من إنتاجها إلى الصين، مما قلل من التكاليف وزيَّن هامش الربح. ومع ذلك، لم يكن هذا التحول خاليًا من التحديات، حيث بدأنا نرى أن هذه الشركات الغربية تعتمد بشكل متزايد على التصنيع الخارجي.

كيف أثرت هذه التحولات على العمالة المحلية؟

بينما استفادت الشركات من خفض التكاليف، كان العمال في العديد من البلدان الصناعية يتأثرون بشكل سلبي. فقد أدت أسعار المنتجات الصينية المنخفضة إلى إغلاق العديد من المصانع المحلية، ما أثر بشكل مُباشر على مستوى البطالة. هذه التناقضات بين مصالح الشركات الكبرى من جهة، وحاجة الطبقات العاملة لحماية وظائفهم من جهة أخرى، أبرزت التحديات الاقتصادية الكبرى.

كيف تميزت شركات مثل "هواوي" و"لينوفو" في هذا العصر؟

رغم المنافسة الشديدة، استطاعت شركات صينية مثل “هواوي” و”لينوفو” أن تحقق نجاحًا عالميًا في مجالات التكنولوجيا. “هواوي” استطاعت أن تنافس “آبل” و”سامسونج” في سوق الهواتف الذكية، بينما سيطرت “لينوفو” على سوق الحواسيب الشخصية. ورغم نجاحها، تعرضت هذه الشركات لعدة تحديات سياسية، خاصة في الولايات المتحدة، التي فرضت عليها قيودًا لاحتواء انتشارها.

هل يمكن للدول الصناعية التعايش مع هذه الثورة ومنع تدهور صناعاتها؟

التعايش مع الثورة الصناعية الصينية يتطلب استراتيجيات مرنة وابتكارية. على الدول الصناعية أن تتبع سياسات موجهة للحفاظ على قدرتها التنافسية على المدى الطويل، بدلاً من التمسك بالطرق التقليدية. لن يكون الحفاظ على الصناعات التقليدية ممكنًا إلا إذا تم تبني أساليب جديدة تتماشى مع التغيرات السريعة في السوق.

كيف يمكن للدول الصناعية التكيف مع هذا التغيير؟

1. الابتكار وتطوير التكنولوجيا المتقدمة:

من خلال الاستثمار في البحث والتطوير، يمكن للدول الصناعية أن تحافظ على مكانتها في الأسواق العالمية. التوجه نحو تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد يمكن أن يعزز القدرة التنافسية ويعطي فرصة للدول للحفاظ على صناعاتها المحلية.

مثال: الشركات الأمريكية مثل “تسلا” التي تقود صناعة السيارات الكهربائية، والعديد من الشركات الأوروبية التي تتفوق في مجال الطاقة المتجددة، أظهرت أهمية الابتكار في صناعة المستقبل.

2. الاستثمار في رأس المال البشري:

من الضروري أن تركز الدول على التعليم والتدريب على المهارات المتقدمة. هذا يساعد في خلق قوة عاملة قادرة على التعامل مع التحديات التي تطرأ بفعل التقنيات الجديدة، مما يساهم في بقاء الصناعات المحلية قوية.

مثال: في ألمانيا، يعتبر التعليم الفني المتقدم جزءًا أساسيًا من الاقتصاد، حيث يتم تدريب العمال على تقنيات التصنيع الذكي مما يمنحهم القدرة على المنافسة في صناعة عالية التقنية.

3. استخدام السياسات الحكومية لدعم الصناعات المحلية:

يمكن للحكومات أن تلعب دورًا كبيرًا من خلال فرض سياسات تحمي الصناعات المحلية، مثل الرسوم الجمركية أو الدعم المالي للمصانع المحلية. وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون هذه السياسات مرنة بحيث لا تُعزل الاقتصادات عن العالم الخارجي.

مثال: الولايات المتحدة فرضت رسومًا جمركية على المنتجات الصينية في إطار الحرب التجارية مع الصين، ولكنها في نفس الوقت حاولت الحفاظ على توازن يسمح للشركات بالاستمرار في التجارة.

4. تعزيز التكامل الصناعي في سلاسل التوريد العالمية:

من خلال التعاون بين الدول الصناعية والدول الأخرى، يمكن تعزيز سلاسل التوريد، مما يسمح بتقليل الاعتماد على الصين أو أي مصدر واحد. هذه الاستراتيجية تساعد في الحفاظ على مرونة الاقتصادات الوطنية.

مثال: اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP) تشمل تعاونًا بين عدة دول من أجل تعزيز التكامل الاقتصادي العالمي وتقليل الاعتماد على الصين.

5. التركيز على الاقتصاد الأخضر والصناعات المستدامة:

الدول الصناعية يجب أن تركز على الصناعات التي تضمن استدامة البيئة، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الصديقة للبيئة. هذه الصناعات لن تساعد في الحفاظ على مكانتها الاقتصادية فحسب، بل ستفتح فرصًا جديدة للنمو.

مثال: دول مثل السويد والدنمارك تعتبر رائدة في مجال الطاقة المتجددة والصناعات المستدامة، مما يعطيها ميزة كبيرة في المستقبل.

كيف يمكن تطبيق استراتيجيات Red Sea Ocean وBlue Sea Ocean؟

• Red Sea Ocean: هذه الاستراتيجية تشير إلى الأسوق المزدحمة حيث تتنافس الشركات على نفس الحصة السوقية، مما يؤدي إلى تراجع الأرباح. الصناعات التي تواجه منافسة شديدة مثل التصنيع التقليدي في الصين يمكن أن تُعتبر جزءًا من “Red Sea Ocean”.

• Blue Sea Ocean: في هذه الاستراتيجية، تبحث الشركات عن أسواق جديدة وفرص غير مستكشفة، مما يفتح لها مجالات للابتكار والنمو بعيدًا عن المنافسة التقليدية. استثمارات في مجالات جديدة مثل السيارات الكهربائية، الطاقة المتجددة، والصناعات التكنولوجية المتقدمة، يمكن أن تساعد الدول الصناعية على النجاح في هذه البيئة التنافسية.

وفي الختام.. يمكن للدول الصناعية أن تعيش في عصر الثورة الصناعية الصينية إذا تمكنت من التكيف والتطور بشكل مستمر. من خلال تبني استراتيجيات مثل الابتكار، الاستثمار في رأس المال البشري، والتوجه نحو الصناعات المستدامة، يمكن أن تحافظ هذه الدول على مكانتها في ظل التحديات المتزايدة. استخدام استراتيجيات Red Sea Ocean وBlue Sea Ocean سيسمح لهذه الدول بالبحث عن الفرص المتاحة في الأسواق الجديدة، وتجاوز التحديات في الأسواق المزدحمة.

** رئيس مجلس إدارة جمعية الصناعيين العُمانية

مقالات مشابهة

  • إنجاز مصري عالمي.. علياء يونس تحصد جائزة "هيتاشي" العالمية للتمويل الأخضر الذكي
  • أبل تواجه تحديات في تطوير سيري الذكي أمام المنافسين
  • ألمانيا تطلب إدراج تركيا ضمن الموازنة الدفاعية للاتحاد الأوروبي
  • الصحافة الفرنسية تعلن عن ذهولها من الصناعات الدفاعية في تركيا
  • أثر النهضة الصناعية الصينية على الاقتصاد العالمي
  • السلع التموينية: خصم 25% من حصة المخابز غير الملتزمة بسداد فروق التصنيع
  • السيسي يطلع على أنشطة الأكاديمية العسكرية ويشيد بانضباط الطلبة وحرصهم على تطوير مهاراتهم
  • توطين أدوية الأورام بين ساندوز العالمية وسيديكو| هيئة الدواء: سيتم نقل تكنولوجيا التصنيع وتحقق الاكتفاء الذاتي لـ5 مستحضرات للمرضى.. الحق في الدواء: تسهم في تأمين المستحضرات الحيوية والأمن الدوائي
  • قمة بروكسل.. الاتحاد الأوروبي يقر تعزيز قدراته الدفاعية
  • رئيس المجلس الأوروبي: نتقدّم بخطى ثابتة نحو تعزيز قدراتنا الدفاعية