في حالة إدانة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.. ما هو المتوقع من محكمة العدل الدولية؟
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
تتوجه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور، إلى مدينة لاهاي في هولندا، لتكون حاضرة غدا الجمعة عندما تصدر محكمة العدل الدولية حكمها المرتقب للغاية بشأن طلب جنوب إفريقيا إصدار حكم مؤقت في قضية الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم الخميس.
ومن المحتمل أن يأخذ الحكم، إذا صدر، شكل أمر لإسرائيل بإعلان وقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأشارت الصحيفة إلي أن الإعلان عن خطط سفر باندور لا يعني بالضرورة أن جنوب إفريقيا تعلم أن الحكم سيكون في صالحها، ولكنه يعكس ثقة بريتوريا بأن طلبها سيتم تلبيته جزئيا على الأقل.
ولفتت الصحيفة إلي أن الحكم بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بموجب اتفاقية جنيف لعام 1948 قد يستغرق سنوات عديدة، ولكن محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة في الأمم المتحدة، لديها صلاحيات لإصدار ما يعادل أمرا مؤقتا.
ورفضت تل أبيب الدعوي القضائية التي تقدمت بها جنوب إفريقيا ووصفتها بأنها تشهير، ولكن إسرائيل كانت ممثلة أمام المحكمة للدفاع عن نفسها، مما قد يجعل من الصعب على إسرائيل ببساطة رفض أي حكم سلبي.
وقدم ممثلو الدولتين حججهم القانونية في لاهاي يومي 11 و 12 يناير في جلسات الاستماع التي تمت مشاهدتها في جميع أنحاء العالم.
بينما ادعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيانا رسميا يهدف إلى طمأنة المحكمة، أن إسرائيل كانت تتصرف دفاعا عن النفس بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي.
كما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي التلميحات بأن إسرائيل تسعى لطرد الفلسطينيين من غزة.
ونوهت الصحيفة إلي أن النية أمر بالغ الأهمية لقرار المحكمة بشأن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، لذلك سيتطلب الأمر من قضاة محكمة العدل الدولية بطريقة ما النظر إلى ما وراء تصريحات نتنياهو، وإلى تصريحات أخرى للوزراء الإسرائيليين، وتصرفات قوات الدفاع الإسرائيلية، إذا كان لها أن تحكم بأن هناك تهديد بإرتكاب الإبادة الجماعية التي تحتاج إلى المنع.
وأوضحت الصحيفة إن الوقف الفوري لإطلاق النار، أو وقف الأعمال العدائية، هو التدبير المؤقت الرئيسي الذي طلبته جنوب أفريقيا. وفي مثل هذا السيناريو، يمكن للدول وحكوماتها ممارسة الضغط على إسرائيل للامتثال للأمر.
واتخذت مؤخرا تدابير مؤقتة بالنسبة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ومعاملة شعب الروهنجيا في ميانمار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جنوب أفريقيا غزة إسرائيل ابادة جماعية محكمة العدل الدولية محکمة العدل الدولیة جنوب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
منذ أن تقدمت حكومة السودان بشكواها الرسمية ضد دولة الإمارات إلى محكمة العدل الدولية، دخل نازحوا معسكر زمزم في سباق غير متكافئ بين تدوين مليشيا عليهم و بين تمهل القضاة الدوليين في اجراءاتهم. في الوقت الذي ترك فيه القضاة النازحين يواجهون الموت، وكانوا مشغولين بـاستجداء الأمارات علها تعترف بهم، كانت المليشيات المدعومة إماراتيًا في شغل عنهم، كانت تواصل اجتياحها لمعسكر زمزم للنازحين، وكأن حربها تحولت إلى حرب ممنهجة ضد الضعفاء، ضد من فروا من الموت ليجدوه مجددًا في مكان من المفترض أن يكون آمنا و محميا حسب القوانين الدولية.
خلال هذا الزمن الذي يفترض أن يكون مخصصًا لحماية الضحايا، و تأخر القضاة في حمايتهم، حدثت جرائم لا تقل بشاعتها عن الجرائم محل الدعوى أمام القضاة. لقد جلبت الأمارات الأساحة الحديثة التي لم تكن موجودة ومن ثم قامت المليشيا بقصف معسكر زمزم، واجتاحته بقوة السلاح، وعاثت فيه خرابًا وقتلاً دون تمييز، وكأنها تقول للمجتمع الدولي: “فليجتمع القضاة كما يشارون و لكننا سنفعل ما نشاء، ولن يوقفنا أحد”.
لكن المأساة لم تقف عند زمزم. ففي خزان مروي، تعرّضت منشآت توليد الكهرباء للقصف بالمسيرات الانتحارية و الاسترتيجية أكثر من أربع مرات، كما طال القصف محولات الطاقة الكهربائية في عطبرة والدامر، مما أدى إلى انقطاع شامل للكهرباء في ولايات السودان الشمالية و الشرقية و الوسط، لتغرق هذه المناطق في ظلام دامس. وهذا الظلام لم يكن فقط ظلامًا ماديًا، بل كان أيضًا ظلامًا إنسانيًا حقيقيًا، حيث مات المرضى في المستشفيات، خاصة من يعانون من أمراض مستعصية مثل أمراض القلب والكلى والسرطان، بسبب توقف أجهزة التنفس والتغذية والعلاج.
ألم يكن هذا وحده كافيًا لأن تتحرك المحكمة فورًا؟ أن تعقد جلسة طارئة، أو أن تصدر أمرًا وقتيًا يوقف حمام الدم هذا؟ أين كانت العدالة حين انتزعت المليشيات أجهزة العلاج من أجساد المرضى كما يُنتزع الروح من الجسد؟ لماذا بقي القضاة في أبراجهم العاجية، يتحسسون أوراق القوانين بينما يموت الأبرياء كل ساعة؟ المجزرة التي ارتكبتها المليشيا ضد النازحين في معسكر زمزم شملت كل الكادر الطبي للمعسكر و على رأسه الطبيبة د. هنادي النور، و مدير إذاعة ولاية شمال دارفور و بلغ عدد القتلى والجرحى أكثر من 500. أرواح هؤلاء جميعا معلقة في رقاب قضاة محكمة العدل الدولية لا تقل مسؤوليتهم عن مسؤولية الأمارات ولا عن مسؤولية الجندي منفذ الجريمة.
إن التأخر في رد الفعل، والصمت المريب الذي ساد قاعات المحكمة، لم يعد يُفسّر بـ “الحياد القضائي” بل صار يُقرأ كخذلان، كتحيّز لصالح الجلاد على حساب الضحية. والأخطر من ذلك، أن هذا الصمت الدولي يرسل رسالة قاتلة: بإمكان المعتدي أن يستمر كما يشاء، فلا عقاب ينتظره.
اليوم، يحق لنا أن نسأل: ما هو الدور الحقيقي لمحكمة العدل الدولية إن لم يكن حماية الأبرياء في وجه جرائم الإبادة المنظمة المستمرة؟ وإن كانت المحكمة لا ترى أن ما يجري يستحق موقفًا واضحًا وحازمًا، و أن واجبها ايقاف هذه الجرائم فورا و انقاذ هؤلاء المواطنين، فمتى إذًا ستتحرك؟ نعم أظنها سوف تتحرك، ولكن بعد أن يُباد من تبقى.
العدالة التي لا تُنصف الضحية في وقتها، تتحول إلى سلاح إضافي في يد الجلاد. ومن هنا تأتي شراكة القضاة.
د. محمد عثمان عوض الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب